العراق

واحدة من مسيرات الطلبة في ساحة التحرير وسط بغداد

شباب

كيف ردّ العراقيون على دعوة مقتدى الصدر بعدم الإختلاط في التظاهرات؟

إنه إختلاط الدم والوطن والمبدأ وليس إختلاط جنسين فحسب

استيقظ العراقيون هذا الأسبوع على تغريدة نشرها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تضمنت 18 نقطة على المتظاهرين الإلتزام بها لاستمرار التظاهرات، وذكر في النقطة رقم 9: "على المتظاهرين مراعاة القواعد الشرعية والاجتماعية للبلد قدر الإمكان وعدم إختلاط الجنسين في خيام الاعتصام."

رداً على هذه التغريدة التي اعتبرها كثيرون تدخلاً سافراً في شكل المظاهرات التي تشهدها العراق منذ أكتوبر، خرجت جموع طلابية كبيرة في عدد من المحافظات العراقية فضلاً عن العاصمة بغداد، رافضة لهذه المقترحات. تحت هاشتاغ #مقتدى_خائن_الوطن قامت بعض الفتيات بلبس أزياء الرجال للسخرية من هذه التغريدة، وأخريات رفعن لافتات تقول فصل الدين عن الدولة هو أفضل بكثير من فصل الذكور عن الإناث. ومنذ إنطلاق المظاهرات، تصدرت المرأة العراقية الساحة وكن جزءً أساسياً من حركة الإحتجاج، سواء كمتظاهرات أو كمسعفات.

إعلان
1581411749033-

متظاهرة وهي تهتف ضد الفساد والسياسيين في أحد مسيرات ببغداد.

تحدثت مع بعض الطلاب الرافضين لإقتراحات الصدر خاصة في جزئية عدم الاختلاط. محمد قاسم، 23 عامًا، طالب جامعي من بغداد يقول: "لقد أراد الصدر من خلال تغريدته التقليل من زخم التظاهرات، ومنع حضور الطلبة في ساحة الإحتجاج، كما أراد أن يفرق بين الجنسين وبث الرعب بين صفوف المتظاهرين. فكرة عدم الإختلاط هو نفس فكر تنظيم داعش الإرهابي، أنه تفكير إسلامي متطرف. يريدون أن يعيش الشباب العراقي عصور الجاهلية، بينما نحن نريد الانفتاح على العالم، ومواكبة التطور."

أما فاطمة سامي، 22 عامًا، طالبة جامعية فتشير: "مقتدى الصدر والأحزاب الإسلامية لن تستطيع أن تغير طبيعة الفرد العراقي، أو أن تجعل المجتمع العراقي ذات طابع ديني متشدد، لقد حاولوا كثيراً لكنهم فشلوا لأن المجتمع العراقي يكره القمع والتضييق على حرياته الشخصية. ثورتنا لم تكن فقط ثورة ضد الفساد والسياسيين بل ثورة كسرت كثير من القيود المجتمعية ومهدت الطريق لمستقبل أفصل للنساء في العراق. أحلام الصدر الوردية في تكوين دولة داعشية الفكر، لمْ ولن تتحقق. إنه إختلاط الدم والوطن والمبدأ وليس إختلاط جنسين فحسب."

1581410910415-

‎⁨طبيبة شابة وهي تسعف أحد المتظاهرين بعد تعرضه لغاز المسيل للدموع في ساحة الوثبة ببغداد⁩.

1581411665325-

مسعفة تضمد جراح متظاهر بعد إصابته من قبل قوات مكافحة الشغب العراقية في بغداد، ويظهر خلفها عبارة: أريد وطن.

وبالإضافة إلى عدم الاختلاط بين الجنسين في التظاهرات، تضمن الميثاق الذي أعلنه عنه الصدر نقاط أخرى، أهمها هو الدعوة لسحب "القبعات الزرق" (الموالين للصدر) من ساحات التظاهر وتسليم الملف الأمني للقوات الأمنية العراقية. وفي ميثاقه أيضًا، طلب الصدر من المتظاهرين عدم التدخل في أمور سياسية كالتعيينات السياسية والوظائف، وقرر تحديد أماكن للتظاهر بعد الحصول على الموافقات الرسمية. ويترأس الصدر زعامة كتلة سياسية أسمها "تحالف سائرون" التي فازَت في الإنتخابات البرلمانية عام 2018 وحصلت على 54 مقعداً من إجمالي 329 مقعداً في مجلس النواب العراقي.

إعلان

وما ذكره الصدر في ميثاقه، لا يتطابق مع ما طالب به المتظاهرون في ساحات الإحتجاجات منذ انطلاقها في مطلع أكتوبر الماضي (والتي أدت لمقتل 467 متظاهراً وإصابة أكثر من 9،000) بما في ذلك توفير فرص العمل وتحسين الخدمات والبنى التحتية، وتغير الطبقة الحاكمة وتعديل الدستور والذهاب نحو إنتخابات مبكرة.

ليس فقط العراقيون داخل العراق تفاعلوا مع تغريدة الصدر، بل حتى العراقيين المقيمين في أوروبا، ومنهم نور القيسي، 36 عامًا، والتي اشتهرت بفيديو وهي تضع شنباً على وجهها وتقول بسخرية أنها لن تختلط حتى بأخواتها، تحدثنا معها عبر إتصال سكايب وقالت: "بعدما قرأت تغريدة الصدر، رديت عليها عبر عدد من الفيديوهات على تويتر، وبصورة ساخرة. ليس لدي طريقة أخرى أرد به عليها، أعتقد أن مقتدى شخص معتوه. تغريدة الصدر وممارسة ميليشياته تذكرني بممارسات نظام الحسبة في زمن تنظيم داعش." والحسبة هي الشرطة الدينية خلال حكم داعش، وكانت تمنع الإختلاط بين النساء والرجال بالقوة.

1581411595755-

مسعفات عراقيات بالقرب من خطوط الصد للمتظاهرين في بغداد.

القاسم أحمد، 25 عامًا، وهو صحافي ومتظاهر من بغداد، يشير إلى أنه بين حين وآخر يحاول مقتدى الصدر أن يحصر التظاهرات في مفاهيم خاطئة مثل التخريب وقمع التظاهرات، وكان آخرها دعوته إلى منع الإختلاط، "كمحاولة فاشلة لحشر المتظاهرين بخانة الدافع الجنسي لا الوطني،" كما يقول القاسم ويضيف: "دعوات الصدر بالعادة،تُقابل بالرفض من الشارع، والدعوة الأخيرة في منع الإختلاط ردّت عليها المتظاهرات في ساحات التظاهر يداً بيد نساء ورجال. المرأة في التظاهرات هي ثورة لا عورة."

وبينما كان هناك من رفض دعوة الصدر بخصوص منع الاختلاط ، تفاعل آخرون مع دعوته وأطلقوا هاشتاغ #جيب_أختك_للخيمة ينتقدون فيه حضور النساء، والشباب الذين يأتون هم وأخواتهم إلى ساحات التظاهر، وحسب طبيعة المجتمع العراقي، فإن التلفظ باسم الأخت يعد إساءة وتعدي على الخصوصية، ومن خلال التغريدة أراد أنصار الصدر إستفزاز الشباب ممن يدعمون حضور النساء بساحات التظاهر.