قد تكون الحرب الأخيرة قد انتهت على غزة، ولكن الحصار المستمر منذ خمسة عشر عامًا لم ينته. قامت إسرائيل بفرض حصار مشدد على قطاع غزة منذ عام 2007 أعقاب تولي حركة المقاومة الإسلامية حماس الحكم. طال الحصار حركة الأفراد وأيضاً حركة البضائع والنقل بفرض شروط صارمة على كل من معبر إيرز ومعبر كرم أبو سالم، وتتغير هذه التقييدات بالتخفيف الطفيف أو التشديد بين الفترة والأخرى، حيث تسبب الحصار بـ إغلاق 80% من المصانع في القطاع إثر حظر إسرائيل دخول مواد خام ضرورية.
قبل يومين فقط، صادرت إسرائيل 23 طنًا من ألواح الشكولاتة التي كانت في طريقها إلى غزة بداعي أنها كانت ستستخدم لدعم حركة حماس. قبل ذلك، اشترط الاحتلال الإسرائيلي إزالة قمعة البندورة “العنق” للسماح بتصديرها من غزة للضفة الغربية.
Videos by VICE
ولا يزال من الصعب نسيان وثيقة “استهلاك الغذاء في قطاع غزة – الخطوط الحمراء” التي تم إعدادها في عام 2008، والتي خاضت منظمة مسلك الإسرائيلية لحقوق الإنسان معركة قضائية طويلة من أجل الحصول عليها إلى أن تم الكشف عنها عام 2012. وقدرت الوثيقة الحد الأدنى من السعرات الحرارية التي يحتاجها الفرد في القطاع بـ 2279 سعرة حرارية بناء على نموذج أعدته وزارة الصحة الإسرائيلية بما يتلاءم مع متوسط الاستهلاك الإسرائيلي، وذلك للاعتماد عليه في تحديد عدد الشاحنات المسموح دخولها للقطاع بما فيها الكميات. وأفاد أعضاء مسلك أن إسرائيل حسبت احتياجات السعرات الحرارية لسكان غزة من أجل تقييد كمية الطعام التي تسمح بدخولها. كان الهدف الأساسي وراء هذه السياسة هو شن حرب اقتصادية من شأنها شل اقتصاد القطاع، وممارسة الضغط على حكومة حماس.
وادعت الحكومة الإسرائيلية حينها أن الدراسة كانت مجرد مسودة، ولم تستخدم لتحديد أية سياسة قط، ومع ذلك اعترف مسؤول إسرائيلي لبي بي سي بأن بعض القرارات التي تتعلق بـ المسموحات والممنوعات، لم تكن عقلانية أبدًا. وقال ليغال بالمور، رئيس المكتب الصحفي في وزارة الخارجية الإسرائيلية من 2008 حتى 2014:” لم نفهم أبدًا لماذا منعت وزارة الدفاع دخول الكزبرة إلى غزة؟”
الحصار الإسرائيلي على غزة ليس فقط مجرم وغير قانوني ولكنه أيضاً غير إنساني وعنصري. إليكم قوائم الممنوعات خلال الأعوام السابقة:
النصف الثاني من عام 2007: تم الإبلاغ عن نقص في ورق التواليت، والفوط الصحية للنساء.
عام 2009: تم منع الكتب، والشموع، وأقلام التلوين، والملابس، والأكواب، وأدوات المائدة، والأواني الفخارية، والنظارات، والإبر، والشراشف، والبطانيات، والأحذية، والمراتب، والخيوط، وقطع الغيار للسيارات، والأجهزة الكهربائية كالثلاجات والغسالات، والمصابيح الكهربائية والمعدات الموسيقية. وفي ذات العام، تم السماح بدخول المعكرونة، بعدما أعرب السيناتور الأمريكي جون كيري عن دهشته لحظرها، بينما ظل الشاي، والقهوة، والنقانق، والسميد، ومنتجات الألبان في عبوات كبيرة، وبذور السمسم، والمكسرات، ومعظم منتجات الخبز، ممنوعة. كما كان يُسمح فيما قبل بإدخال الخشب للأثاث المنزلي فقط، وليس النوافذ أو الأبواب، ليعاود الاحتلال فرض الحظر على الخشب الخاص بالأثاث.
عام 2016: تم تصنيف الكزبرة، والشوكولاتة، وألعاب الأطفال، وبعض الفواكه، وورق المرحاض، والدفاتر على أنها “كماليات” وعليه منع دخولها إلى القطاع. بالإضافة إلى كل من الأسمدة، وزيت الخروع، وأجهزة التصوير بالأشعة السينية، والبطاريات، والألواح الخشبية، وأجهزة الـ UPS التي تحمي الأجهزة الكهربائية من الانقطاع المستمر.
عام 2018: بسبب الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، تم منع مواد ومنتجات أساسية من الدخول إلى القطاع كحفاضات الأطفال، والصابون، والرضاعات، وفساتين الزفاف.
عام 2021: تمت مصادرة شحنة كبيرة من الملابس المستوردة من تركيا بحجة “محاولة تهريب أحذية تكتيكية” حيث رأى ممثلو وزارة “الأمن” الإسرائيلية في معبر كرم أبو سالم أن هذه الأحذية – 140 زوج – مصممة على الطراز العسكري، وتضمنت هذه الشحنة كذلك تنانير وفساتين وبناطيل وبيجامات وملابس داخلية.بعد اعتراضات قانونية، وإعادة فحص الشحنة يدويًا وأمنيًا، تمت الموافقة عليها بحسب شروط الاحتلال.
طبقًا لـ مكتب الأمم المتحدة، فإنه في فترات متفاوتة منعت إسرائيل استخدام مواد مثل الكراسي المتحركة، والمواد الغذائية الجافة، وأقلام التلوين والآلات الموسيقية، وكرات القدم. كما قيدت استيراد العدس، ومعجون الطماطم. وبحسب مسلك، تم منع حبال وقضبان الصيد، وورق A4، والزنجبيل. وذُكر أيضًا أنه في فترة ما تم حظر المشروبات الغازية، والتوابل، وكريم الحلاقة، والبسكويت، والحلوى، والقهوة الفورية والحلاوة الطحينية.
هناك قائمة أخرى تضم بضائعًا صنفها الاحتلال “ثنائية الاستخدام” وهي بضائع يُفرض تقييدات على دخولها للقطاع أو الضفة الغربية بحجة إمكانية استغلالها لأغراض عسكرية تشمل معدات الاتصال، ومنتجات البناء، والفولاذ، ومعدات الحفر، والأسمدة، والكيماويات، وخزانات الغاز، وزيت الخروع، وبعض المعدات الطبية وغيرها.
ماذا عن صادرات القطاع؟
صادرات القطاع إلى الخارج والتسويق لها، فلم تسلم هي أيضًا من قيود الاحتلال الإسرائيلي، فمنذ صيف 2007، منع الاحتلال القطاع تسويق بضائعه إلى الضفة الغربية، إلى أن أعلنت إسرائيل في نهاية عام 2014 إلغاء هذا القرار، وتم تسويق الأثاث والملابس والمنتجات الزراعية مثل البندورة، والخيار، والفلفل، والباذنجان، والكوسا، والبطاطا الحلوة، والتوت الأرضي، والملفوف، والقرنبيط، والتمر، ورغم إدراج البصل ضمنها إلا أنه لا يسمح بتسويقه إلى الضفة الغربية. كما يمنع الاحتلال تسويق العجوة رغم أنه يسمح بتسويق التمور الطازجة، وذلك كونها من ضمن الأغذية المصنعة الممنوع تسويقها للخارج. بالطبع كل ما تم منعه أو السماح به سواء بالواردات والصادرات لم يكن ثابتًا خلال الأعوام المنصرمة، فما قد يكون مسموحًا العام قد يتم منعه العام الذي يليه ودواليك.
وفيما يتعلق بأسباب المنع والسماح، يؤكد الأستاذ رامي أبو الريش، مدير عام التجارة والمعابر في وزارة الاقتصاد الفلسطيني في غزة في حديثه لـ VICE عربية، أن “الاحتلال الإسرائيلي لا يقدم أية مبررات أو أسباب لذلك.”