عند الحديث عن التغير المناخي، عادة ما يتم الحديث عن الأضرار التي سنتتج عنه على الإنسان والبيئة، ولكن هل جميعنا متساوون في الأضرار بنفس المقياس؟ المؤسسات الدولية لا تهتم بالجندر قدر ما تهتم بالإنسان، وربما يتسائل البعض هل يشكل ذلك أي فرق؟ أليست المرأة أو الطفل هم إنسان وحسب؟
في الحقيقة، التغير المناخي لا يساوي بين الجميع، بل سيضر بالنساء والأطفال أكثر من ضرره على الرجال بشكل عام. وهذا ليس رأياً نسوياً فقط، بل طبقاً لدراسات علمية. النساء بشكل عام، غير ممثلات بشكل كافي في مؤتمرات المناخ -كما هو حالنا داخل مجتمعاتنا- وجود نقص في تمثيل النساء في المؤتمرات المتعلقة بالمناخ؛ أدى بالضرورة إلى تقليص قدرتهن على المساهمة في صنع قرارات متعلقة بهذا الشأن كما أن متخذي القرار لا يهتمون كثيراً بالتأثيرات الجندرية للتغير المناخي.
Videos by VICE
علاقة المرأة بالبيئة أشد ارتباطًا وتأثيرًا مقارنة بالرجل، وهناك عدة أسباب، تتعلق بكونها أم بحاجة إلى وجود أمن غذائي لها ولأطفالها خاصًة في فترتي الحمل والرضاعة، وأسباب اجتماعية ترتبط بتأثيرات التغيرات المناخية. بحسب مفوضية الأمم المتحدة ميشيل باشيليت، خلال حديثها في حلقة نقاش بخصوص حقوق المرأة وتغير المناخ في يوليو 2019، فإن الظواهر المناخية القصوى من المرجح أن تؤدي إلى وفاة عدد كبير من النساء مقارنة بالذكور، ويرجع ذلك إلى وجود اختلافات واضحة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والوصول إلى المعلومات بالنسبة للنساء. النساء الحوامل والمرضعات سيكن أكثر تأثرًا وعرضة لانعدام الأمن الغذائي، كما أن ارتفاع نسبة الملوحة في المياة أو غيرها من التأثيرات المناخية ستؤدي إلى حدوث ولادات مبكرة أو وفاة أطفال حديثي الولادة أو حتى أمهاتهم.
وتشير منظمة الفاو، منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، في أحد تقاريرها عن التأثيرات الزراعية المرتبطة بتغير المناخ، أن المرأة ستكون أكثر تأثيرًا بتلك التغيرات المترتبة على المناخ، التهجير المرتبط بتغير المناخ سيؤدي إلى هجرة النساء بأطفالهن مما سيجعلهن أكثر هشاشة وتأثرًا، وإن حدثت صراعات أو حروب أو تأثيرات قوية في البلدان ستزداد نسبة العنف ضد المرأة.
التأثير الاقتصادي لتغير المناخ سيؤدي إلى فقر في الوظائف الموسمية، وبالتالي سيؤثر على النساء ومشاريعهن الصغيرة
كذلك ستتعرض كثير من الفتيات إلى مشاكل أخرى مثل تزويج القاصرات أو تزويج بالإكراه لدى الأسر المتضررة اقتصاديًا، للتقليل أو التخلص من الأعباء الاقتصادية، بحسب تقرير صادر عن الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، تقوم الأسر في إثيوبيا وجنوب السودان بتزويج الفتيات خلال فترات الجفاف الشديد في مقابل الحصول على مواشي. كما أن الجفاف والتصحر بدول جنوب الكرة الأرضية يؤدي بدوره إلى زيادة تعرض النساء والفتيات للاعتداءات الجنسية، فندرة مصادر المياه تدفع النساء اللواتي يتحملن عادة مسؤولية إحضار المياه للأسرة، للسير لمسافات طويلة في أماكن غير مؤهلة وهو ما يعرضهن للاعتداء. تلك الأخطار تهدد النساء في الدول النامية أكثر من غيرها وهذا يدعونا للتفكير في تلك التأثيرات والأضرار على النساء العرب تحديدًا، خاصًة العاملات بالزراعة.
تقول د.أمل أمين، الأستاذ المساعد بالمركز القومي للبحوث في مصر ورئيس الشبكة الدولية للمرأة في العلوم: “النساء في الدول النامية هن العائل الرئيسي والمسؤولات عن تأمين الغذاء أو إعالة أسرهن في كثير من الأحيان، ولهذا بجانب التأثير الغذائي للتغيرات المناخية ستوجد تغييرات اقتصادية، فعند حدوث أي ضرر اجتماعي أو عام يتم التخلص من النساء ووظائفهن أول شيء،” وتضيف: “التأثير الاقتصادي لتغير المناخ سيؤدي إلى فقر في الوظائف الموسمية، وبالتالي سيؤثر على النساء ومشاريعهن الصغيرة.”
تضيف دكتورة أمل أن التأثيرات المناخية ستؤدي إلى نقص الغذاء، مما سيؤثر على السلوك الإنساني نفسه الذي سيكون أكثر عدائية، وتضيف: “حين نتحدث عن النساء أو عن أي تأثيرات واقعة عليهن، فنحن نتحدث عن المرأة باعتبارها أخت وزوجة وأم وطفلة لا شخص واحد، ولهذا الحديث عن المرأة كمتضرر من التغيرات المناخية يجب ألا يتم حصره في كونها فرد واحد وحسب، لأنها فعليًا أكثر من ذلك. في أغلب المجتمعات المرأة هي أساس الأسرة أو عضو مشارك من الناحية الاقتصادية.”
إن حاولنا التحدث عن وجود حلول لكل التأثيرات المترتبة على التغير المناخي بالنسبة لنا كنساء فالحل الرئيسي يرجع إلى ضرورة وجود وتمثيل عدالة جندرية جنسانية في سياسات تغير الطاقة والمناخ. من المهم كذك النظر للمرأة والاقتصاد الاجتماعي كواحد من الحلول أيضًا، كما تقول الاقتصادية المصرية ريم سليم: “النساء هن القادرات على المحافظة على البيئة، فنحن الأكثر قدرة على إنتاج وصفات أو إتباع أنظمة صحية ما ينعكس على البيئة بشكل أو بآخر، وبجانب ذلك فنحن من نقوم بإعادة التدوير أيضًا، الذي يعد أحد أنشطة الاقتصاد الأخضر، وهذا يفتح فرص ومصادر للدخل لكثير من النساء.”
هناك بعض المؤسسات الدولية والمحلية التي تشجع هذه الأنشطة، في مصر، هناك مثلًا برنامج المرأة الريفية من البنك الزراعي المصري، وأغلب تلك المشروعات صديقة للبيئة، ويمكنها أن تحسن من الظروف الاجتماعية والاقتصادية للنساء.
بالرغم من أن التلوث الذي نسببه كأفراد له ضرر كبير، ولكن الحلول الفردية لوحدها لا تصنع الكثير من الفرق، الأمر معقد ومترابط جدًا. غازات الاحتباس الحراري هي العامل الأهم والأخطر في تلوث البيئة والتسبب بتغير المناخ، وأكثر القطاعات التي تسبب هذه الغازات هي النقل والكهرباء والزراعة والتصنيع.
الحل في أيدي متخذي القرار بالأساس، يجب وضع ضوابط للتخلص من المخلفات الصناعية، وتوفير مياة نظيفة أو توفير سبل متعددة لاستخدام وصنع الوقود الحيوي، والبلاستيك الحيوي. يجب أن نتكاتف جميعًا ونخلق فرصة لتحسين العالم والتقليل من آثار التأثيرات المناخية. المتضرر الأول والمستفيد الأول، من أي تحسينات بيئية هي المرأة لأنها أساس الأسرة وبالتالي المجتمع.
More
From VICE
-
Credit: Malte Mueller via Getty Images -
Screenshot: SNK OFFICIAL -
Screenshot: Alan Becker -
What a stinker of a law – Credit: Sufiyan Huseen via Getty Images