ظهر هذا المقال بالأصل VICE.
علمت VICE News أن هناك استياءً متصاعدًا بين بعض المسؤولين الأمريكيين بشأن الهجوم العسكري الإسرائيلي، مع إثارة مخاوف في إدارات متعددة، بما في ذلك وزارة الدفاع، نقلت من خلالها تحذيرات الخبراء إلى البيت الأبيض من أن الأوامر الإسرائيلية بإجلاء السكان عن منازلهم تجازف بارتكاب جريمة حرب.
Videos by VICE
حافظت الولايات المتحدة إلى حد كبير على دعمها العلني الثابت للعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ هجوم حماس في ٧ أكتوبر (على الرغم من أنها خففت من حدة لهجتها في الأيام الأخيرة)، حيث أثارت بعض المنظمات، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، مخاوف من أن إسرائيل ربما تنتهك القوانين الدولية المتعلقة بالحرب. وقالت سيندي ماكين، رئيسة برنامج الأغذية العالمي، يوم السبت، إن قدرتهم على إيصال المساعدات “متجمدة” بعد أن قطعت إسرائيل الاتصالات مع غزة وسط أكبر هجوم لها حتى الآن.
في ١٢ أكتوبر، قبل الهجوم البري المتوقع، أمرت إسرائيل بإجلاء ١.١ مليون من السكان في شمال غزة، وطالبتهم بالتحرك جنوبًا، وهو الأمر الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه “مستحيل” ووصفته منظمة هيومن رايتس ووتش بأنه يثير “قضايا قانونية وإنسانية جسيمة وخطيرة”، وأشارت إلى أن النزوح القسري قد يشكل انتهاكًا لاتفاقيات جنيف. ودافع متحدث باسم البيت الأبيض عن الأمر قائلًا إن إسرائيل تحاول عزل السكان المدنيين عن مقاتلي حماس.
ولكن بما أن الرئيس جو بايدن، إلى جانب الحلفاء الرئيسيين مثل المملكة المتحدة، حافظوا علنًا على دعم قوي لسرائيل منذ أن بدأت قصفها لغزة، فقد أعرب بعض المسؤولين الدبلوماسيين الأمريكيين عن مخاوف جدية بشأن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
وفي برقية دبلوماسية غير سرية، اطلعت عليها VICE News حصريًا، حذر المكتب الأمريكي لشؤون الفلسطينيين في القدس- والذي يرفع تقاريره مباشرة إلى وزارة الخارجية بشأن القضايا الفلسطينية- البيت الأبيض من الوضع القاسي والخطير الذي يواجه الفلسطينيين في غزة وأكّد على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية من أجل “إنقاذ حياة عشرات الآلاف من الأشخاص.”
وتحدد البرقية تدابير واضحة “من أجل التنفيذ الفوري لإجراءات من شأنها تخفيف المعاناة الإنسانية.” ودعت الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل لإعادة خدمات المياه، والسماح لقوافل المساعدات بتوصيل الوقود، وتوفير السلامة لعمال الاتصالات في غزة لاستعادة خدمات الهاتف المحمول. وفي حين أن البرقية لا تعارض صراحة موقف البيت الأبيض بشأن إسرائيل، فإن مثل هذه التوصيات شديدة اللهجة نادرة نسبيًا وتشير إلى وجود بعض الاستياء بين المسؤولين الدبلوماسيين.
وتكشف البرقية عن قلق داخلي يحيط بالعملية العسكرية التي اتخذتها إسرائيل على غزة منذ هجوم حماس في ٧ أكتوبر. وقالت إسرائيل إن هدفها هو هزيمة حماس وإلحاق أضرار جسيمة بالقطاع المحاصر. وأعلن البيت الأبيض علنًا دعمه لإسرائيل، ورفض الدعوة إلى وقف إطلاق النار. وتعرض الرئيس بايدن مؤخرًا لانتقادات من المدافعين عن حقوق الفلسطينيين بعد أن شكك في حصيلة القتلى الواردة من القطاع لأن وزارة الصحة تدار من قبل حركة حماس.
ونظرًا لتصريحات الرئيس بايدن، نشرت وزارة الصحة قائمة من ٢١٢ صفحة بأسماء القتلى وأعمارهم وأجنسهم وأرقام بطاقات هويتهم.وقالت الوزارة أنه حتى يوم الإثنين ٦ نوفمبر، قُتل أكثر من ١٠ ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من ٣٠٠٠ طفل، خلال العشرين يومًا في حين أن حماس قتلت ١٤٠٠ إسرائيلي واحتجزت أكثر من ٢٠٠ رهينة.
وتكشف البرقية الدبلوماسية الأمريكية الداخلية، والتي تحققت منها VICE News، عن اختلاف في الرأي بين المسؤولين الأمريكيين حول خطورة الوضع الإنساني في غزة.
تحمل البرقية المؤرخة في ٢٤ أكتوبر عنوان “ما يحتاجه الناس الآن للبقاء على قيد الحياة: المياه لإنقاذ الأرواح، والوقود لتوفير المياه والرعاية الصحية والنقل”. وتعرض البرقية النقاط الرئيسية المتعلقة بالوضع الذي يواجهه الفلسطينيون على الأرض بالإضافة إلى التوصيات.
في عشر نقاط، وتحت عنوان “حساسة، ولكنها غير سرية”، تسلط البرقية الضوء على المخاوف التي تشتمل على نقص المياه والوقود والمساعدات، وتكشف أن الأشخاص الموجودين داخل “ملاجئ غزة لا يحصلون على سوى نصف لتر من مياه الشرب الصالحة للاستخدام الآدمي يوميًا.” وتضيف أن نقص المياه يهدد الأرواح وأن “٥٢ ألف امرأة حامل معرضة لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة أو الموت بسبب شربهن للمياه الآسنة. وتواصل البرقية التأكيد على أن أزمة المياه “تخطت كل المستويات على كافة الأصعدة” وأن “الوفيات التي يمكن تفاديها ستأتي من ملوحة المياه والأمراض، وليس من العطش والجفاف.”
ومن الأمور الأخرى التي تركز عليها البرقية نقص الوقود، الذي “استنفدت إمداداته بالكامل.” وتوضح العديد من النقاط بالتفصيل كيف يؤثر ذلك على إمكانية الحصول على المياه، وعمليات المساعدات التي تقوم بها الأمم المتحدة، والمعدات الطبية المنقذة للحياة. وتشير البرقية إلى أنه “لم يدخل أي وقود إلى غزة منذ بداية النزاع وأن إمدادات الوقود الحالية تخضع لرقابة مشددة من قبل الأمم المتحدة أو أنها موجودة داخل محطات الوقود” وأن “الجيش الإسرائيلي قام بحظر – تحت التهديد بالقصف- أي نقل للوقود إلى غزة.”
ولم تتمكن وزارة الخارجية ولا وزارة الدفاع من تقديم أي تعليق قبل النشر.
وذكرت البرقية أيضًا أن مصر يمكن أن تساعد في توفير الكهرباء من خلال تشغيل خط غير نشط إلى غزة مقابل أقل من ٥ ملايين دولار من المساعدات.
وتختتم البرقية بذكر تقديرات من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والتي تشير إلى أن هناك ما يقدر بنحو ١.٤ مليون نازح داخليا في غزة، مع حوالي ٥٩٠ ألف منهم يقيمون في ١٥٠ ملجأً مكتظًا حددته الأمم المتحدة. النقطة الأخيرة في البرقية جاءت بعنوان: “إذا استمرت هذه الظروف أسبوعًا إضافيًا، فسيكون الأمر كارثيًا لا يمكن الرجوع عنه.” وتنتهي البرقية بالقول: “وصف مسؤول في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الوضع بأنه وصل إلى “الدمار العميق”، وطلبت من الولايات المتحدة أن “تعطي الأولوية” للاستجابة الإنسانية بشكل عاجل.”
ظهرت بعض المعارضة الداخلية داخل إدارة بايدن إلى النور الأسبوع الماضي بعد استقالة دبلوماسي أمريكي بسبب دعم أمريكا المُطلق للهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة. كان جوش بول مديرًا للشؤون العامة والكونغرس في مكتب وزارة الخارجية المسؤول عن عمليات نقل الأسلحة والمساعدة الأمنية للحكومات الأجنبية. وفي رسالة نُشرت على موقع LinkedIn، قال بول: “لا أستطيع العمل لدعم مجموعة من القرارات السياسية الكبرى، بما في ذلك الدفع بمزيد من الأسلحة إلى أحد جانبي الصراع، والتي أعتقد أنها تتسم بقصر النظر والتخريب والدمار والإجحاف والظلم الجائر، ومتناقضة مع القيم ذاتها التي نعتنقها في العلن.”