“رسالة منّي إلي..” توثيق قصص الكويريين/ات بعيونهم وكلماتهم

1 2

رسالة منّي إلي، هو مسلسل وثائقي يأخذنا إلى حياة 7 أشخاص من لبنان ينتمون إلى مجتمع الميم/عين يخبوننا قصصهم بعيونهم وبكلماتهم. هذه الفيديوهات تمثل أفرادها، بدون تغطية وجه أو تغيير صوت، يظهر كل شخص كما هو.

رسالة منّي إلي من إخراج عمر جبرائيل، مخرج لبناني وصانع أفلام، وإنتاج سيريل باسيل، تمّ عرضه للمرة الأولى في 29 سبتمبر على مواقع التواصل الإجتماعي.

Videos by VICE

الشخصيات التي تشارك في هذا الوثائقي تم اختيارها بعناية وهم: فاليري، أم لبنانية فخورة بابنها المثلي الجنس. دومينا، متعددة التوجهات الجنسية، فنانة لبنانية من طريق الجديدة. مو، رجل كوير، فنان لبناني. المناضلة اللبنانية سهى بشارة وابنها خوان روشات (بشارة هي مقاوِمة لبنانية أمضت عشرة أعوام في معتقل الخيام الإسرائيلي قبل أن يُفرَج عنها عام 1988) إيزابيلا، مزدوجة التوجه الجنسي، 24 سنة، مصمّمة ازياء لبنانية. وليا، امرأة عابرة جندرياً لبنانية. والحلقة الأخيرة ستشمل المخرج نفسه. 

تحدثت مع جبرائيل، 28 عاماً، عن تفاصيل هذا الوثائقي وكيفية توثيق الحميمية الإنسانية كوسيلة للتشكيك في الأعراف الاجتماعية، من ضمن رحلاته الفوتوغرافية الأخرى التي تتعلق بالحب والجنس والجندر والجمال والعلاقات الإنسانية المعقدة.

VICE عربية: ما الذي ألهمك للقيام بهذا الوثائقي؟
عمر جبرائيل
: بدأت بالمشروع بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020. يوم الانفجار، كنت قريب جداً من المرفأ، والصدمة التي مررت بها كمعظم اللبنانيين كانت قاسية جداً وحركّت بي فكرة واحدة وهي “لو متّ الآن، ما هو الأمر الذي كنت أريد القيام به قبل الموت” والجواب كان مباشر وواضح: أن أعبّر عن نفسي كفنان من دون خوف، ومن دون تردد.

“رسالة مني إلي” كان طريقة لأدخل إلى عالم أشخاص من مجتمعات مهمشة ولأحتفل بهم/ن مع التأكيد على فكرة أنّنا كلنا ضحايا بشكل أو بآخر، لكن في الوقت نفسه نحن نقوم بكل ما يمكننا القيام به في مسيرة النضج وحب النفس والشفاء كي نخرج من وضعية الضحية.

الهدف من هذا المشروع هو السماح للأفراد الكويريين/ات بالتكلم عن قصصم/ن من وجهة نظرهم/ن في بلد ما زالت الميديا السائدة تعلّب مجتمع الميم عين تحت أفكار نمطية خاطئة. كان من المهم بالنسبة إلي أن يتحدث هؤلاء الأفراد عن قصصهم/ن كما هي، والاحتفال بهذه الهشاشة وترك الذكورية السامة التي تعلّمنا أن نحبس مشاعرنا في داخلنا طوال الوقت.

العمل لا يخفي هوية المشاركين بل يقدم أسمائهم الكاملة، لماذا اخترت هذا المسار؟
لا أتذكر زبداً أنني شاهدت أفلام أو أعمال تحتفل بمسيرة الأشخاص الكويريين/ات بشكل صريح وحقيقي. كنت دائم البحث عن تمثيل أو قصة يمكن أن تشعرني بأنني مرحب بي ضمن المجتمع العربي. أغلب القصص التي تتحدث عن هذه القضايا هي أعمال غربية، وتجاربهم مختلفة تماماً عنا. لهذا، كان لا بدّ أن نقول أنّه حان وقتنا لنخبر قصصنا، ونُقدر هوياتنا واختلافاتنا. حان الوقت لننتقل من سردية أنّنا ضحايا، لسردية أنّنا موجودون/ات بقوة وبجمال.

هل هناك قصة معينة أثرت بك بشكل خاص؟
جميع القصص قريبة من قلبي. ربما الفيديوهات قصيرة، لكنّها تمثل جزء كبير من حياتهم/ن، وهي أمور متعلقة بالمصاعب التي مرّوا بها، علاقاتهم/ن، أجسادهم/ن، الكره والتنمر الذي مرّوا به. كل هذه القصص، تمثل جزءاً مما مررت به أنا شخصياً، وهذا أعطاني الشجاعة لنشر حلقة سابعة عنّ قصتي كصانع أفلام. كنت خائفاً من ردة الفعل حين بدأت المشروع، ولكني استمديت الشجاعة من الأشخاص الذين شاركوا قصصهم معي. في البداية، قدمت لهم المساحة للمشاركة والتعبير، ولكن في نهاية المشروع كان هؤلاء الأشخاص هم من قدموا لي المساحة للمشاركة. 

لماذا سهى بشارة؟
سهى هي أم لرجل ترانس اسمه خوان، أردت أن أظهر جمال حبّها ودعمها له. كون سهى تعيش في سويسرا، لا يعني أن المعاناة أقل مقارنة بلبنان مثلاً، لأنّ الهوموفوبيا والترانس-فوبيا في كل مكان في العالم. هناك أيضاً فكرة أنّ سهى تمثل التحرر، بالنسبة إلي. سهى هي مدافعة عن الأقليات والمقموعين، وهذا يمثل أيضاً مجتمع الكوير. 

ماذا تأمل أن تحقق، تُغير من خلال هذا الفيلم؟
لم أرد أن أضع الكويرية في إطار واحد وثابت، أردت أن يكون التمثيل شاملاً الحب الرومانسي وحب العائلة والعلاقة مع الجسد والأنوثة والذكورة، أي كل أطياف الكويرية. أتمنى أن يتم عرض هذه الفيديوهات في مهرجانات، ومساحات ومراكز اجتماعية كي تفتح النقاش وتبني جسور التواصل بين المجتمعات والأفراد. أعلم أنّ المشروع يتم شمله في المدارس والجامعات أي أصبح جزء من برنامج تعليمي، وهذا أمر يسعدني. المشروع لا يخدم فقط هدف فني، بل أيضاً لديه هدف إنساني وثقافي. 

ماذا تعلّمت من خلال عملك على هذا المشروع؟
اكتشفت أنّنا محاطين بالحب. لقد كبرت ضمن مساحات عنيفة تجاه الكويريين/ات (مجتمع الميم/عين)، لكن من خلال هذا المشروع، ومن خلال التعليقات التي وصلتني اكتشفت أنّ هناك كثير من الحب والدعم، حتى من أشخاص لم يكونوا حلفاء يوماً ما لهذا المجتمع. هذا أعطاني الكثير من الأمل والثقة. العديد من العائلات راسلتني وأخبروني أنّهم بعد مشاهدة الفيديوهات صالحوا أولادهم الكويريين/ات بعد سنوات من الانقطاع عن التواصل، وهناك من أخبرني أنّهم قرروا إخبار عائلاتهم أنّهم كويريين/ات. أتمنى في يوم من الأيام أن ننظر لإنفسنا كبشر فقط، من دون أن نقسم بعض إلى كويري وغير كويري.