سألنا شباب قاموا بالاحتفال بليلة رأس السنة،هل يشعرون بالندم الآن؟

GettyImages-1230388252

مع نهاية عام ٢٠٢٠ وفي الوقت الذي عادت بعض الدول لفرض الإغلاق بعد ظهور سلالة جديدة، أسرع انتشاراً من فيروس كورونا، سمحت الحكومة اللبنانية للمطاعم والحانات بفتح أبوابها، وبإحياء ليلة رأس السنة في محاولة لإنعاش الاقتصاد المتداعي -مع الإقفال من الثالثة فجراً حتى الخامسة صباحاً، ومنع الرقص تماماً.  طبعاً، كثير من السهرات لم تنتهِ عند الثالثة فجراً بل استمرت حتى الساعة 2 بعد الظهر خاصة تلك الحفلات الخاصة التي أُقيمت بين مجموعات مغلقة. 

كان هناك أخبار متفرقة عن شراء المغتربين لنتائج فحص PCR مزيفة، وحفلات خاصة للأشخاص الذين أتى فحصهم إيجابي، مثل حفلة عيد الميلاد التي أقامتها الإعلامية جيسيكا عازار لأصدقائها المصابين بالفيروس، وادعت أن الطبيب نصحها بحجر نفسها مع أصدقائها. لكن طالت عازار انتقادات عدة لأنها في موقع مسؤول حيث لا يجب أن تشجع الآخرين على الإختلاط حتى لو كانوا مصابين، خاصة أن تأثير الفيروس مختلف بين شخص وآخر.

Videos by VICE

الأمر لم يتوقف على حفلة جيسيكا، بل امتلأ لبنان بحفلات متفرقة بينها raves في الجبال ومختلف الصالات والملاهي وحفلات موسيقية لفنانين كعاصي الحلاني إلى جانب ملحم زين ونادر الأتات حيث أحيا الثلاثي حفلة في فندق الهيلتون في بيروت وسط حضور جماهيري كثيف وبدون أي احتياطات أو اعتبارات للتباعد. ورغم الإنتقادات والحديث عن تسبب الحفل بعدد من الإصابات، قال الحلاني أنه أصرّ على اقامة الحفلة من “أجل إسعاد اللبنانيين وعدم إحباطهم.”

استيقظنا في اليوم الأول من يناير 2021 على انهيار صحي ومستشفيات مكتظة بالمصابين منذ بداية موسم الأعياد، ومناشدات من وزير الصحة حمد حسن والجهات الطبية بالإلتزام في المنزل بسبب اكتظاظ المستشفيات وعدم توفر الأسرة لمرضى كورونا، مع انغماس الشعب اللبناني في مشاحنة حول المسؤول الحقيقي خلف هذه الكارثة الصحية.

بعد تسجيل معدل إصابات كبير بفيروس كورونا وصل لـ ٣ آلاف حالة في اليوم وتوقعات بأن ترتفع الأرقام، عاد لبنان لفرض الإغلاق العام، حيث سيبدأ الإغلاق اعتبارًا من يوم الخميس حتى الأول من فبراير المقبل، حيث سيتم فرض حظر التجول “من الساعة السادسة مساء حتى الساعة الخامسة صباحًا” إضافة إلى تقليص نسبة الوافدين عبر مطار بيروت خلال هذه الفترة. بعد هذا كله، هل يا ترى يشعر الأشخاص الذين اختاروا الاحتفال بالذنب بعد سهرتهم! سألنا عدد من الشباب وإليكم اجاباتهم.

أشعر بتأنيب الضمير لأنني زرت جدي بعد السهرة
“لقد التزمت بالحجر المنزلي وبكافة الإجراءات الوقائية طوال العام، لأن زوجي لديه ربو، وكنت قلقة عليه طوال الوقت. ولكن على الرغم من شعوري بالقلق من إمكانية الإصابة بالمرض، قررت الخروج مع أصدقائي في ليلة رأس السنة، وتسكعنا في شارع الحمرا حتى الثالثة صباحاً، قضينا وقتاً رائعاً، وكان من الجميل مقابلة بعض من أصدقائي المغتربين الذين عادوا إلى لبنان للاحتفال برأس السنة.

ولكن ما خفت منه حصل، وأنا الآن أشعر بنزلة برد قليلة وحجرت نفسي في المنزل حتى يمر أسبوع وأقوم بإجراء الفحص. المشكلة ليست في إصابتي بالمرض، في حال تأكد ذلك، ولكنني أشعر بتأنيب الضمير لأنني زرت جدي بعدما سهرت مع أصدقائي ونسيت أنني قد ألتقط الفيروس وأنقله له. أنا اليوم أعيش حالة من القلق عليه وأطمئن عليه يومياً، وأشعر أنني بلهاء لأنني زرته بدون تفكير وعرضت حياته للخطر. عايشة على أعصابي بانتظار النتيجة كي أطمئن على جدي.” –دانا، ٢٧ عاماً

 أردت فقط أن أنهي العام بحفلة مع من أحب
“في الفترة الأخيرة كنت أعاني من العديد من الأزمات النفسية. اشتقت للسهر والاحتفال، ولم أستطع تخيل إنتهاء هذا العام بدون “بارتي.” اخترت الذهاب لحفلة خاصة، تضمنت حوالي 50 شخصاً في مكان يتسع لـ 150 – 200. يعني أخذنا التباعد الاجتماعي بالحسبان، وإن كان العدد كبير، ومهما حاولت تبرير الأمر، لن أتمكن من إيجاد مبررات مقنعة. لقد كانت سنة سيئة، كنت بجانب المرفأ عند حدوث الانفجار وعانيت من مشاكل عاطفية ومادية ونفسية. أردت فقط أن أنهي العام بحفلة مع من أحب. قد ترون أنّه أمر سطحي، لكن هذا ما كنت بحاجة إليه. صحتي العقلية والنفسية تطلبت هذه الحفلة. ولا أشعر بالندم لأنّني قمت بذلك. لن أختلط مع أهلي طبعاً أو مع أي شخص يعاني من مشاكل صحية. ولكن في حال أصبت بالمرض أو متت، هذا قراري وأنا أتحمل مسؤوليته.” –لارا، 23 عاماً

تم فصلي من العمل  
“قضيت ليلة رأس السنة في أحد الفنادق مع مجموعة من أصدقائي. كانت ليلة رائعة وجامحة. في اليوم التالي، شعرت باحتقان في حلقي ووجع في الرأس. اعتقدت أنها نزلة برد عادية، لكن الأمر استمر وارتفعت حرارتي. كان علي العودة للعمل، أخبرت مديري أنني أشعر بتوعك، وسأجري فحص pcr وطلب مني عدم القدوم للشركة. ولكن كان هذا أول عمل لي وأنا لا أزال في الفترة التجريبية ولم أرد أن أغيب عن العمل، وأخذت قراراً غير مسؤول بالذهاب للشركة. خاف الموظفون مني وابتعدوا عني، كنت متأكدة أنها نزلة برد عادية، ولكن ظهرت نتيجة فحصي بعد ذلك وتبين أنني ايجابية. بعد أن أخبرت شركتي بالنتيجة، أرسل لي المدير رسالة بريد يخبرني أن عملي لم يناسب شركتهم وأنهم سيدفعون مستحقاتي كاملاً ومن ضمن ذلك أيام الحجر. لقد أفسدت الأمر بقلة مسؤوليتي وتعاملي مع الفيروس. وأنا أشعر بالندم الشديد واللوم كله علي.” -رولا، ٢٣ عاماً

لم أحجر نفسي بعد الحفل
“لقد حجزت طاولة مع أصدقائي لأحتفل بليلة رأس السنة ووضعت الكمامة طوال السهرة، كنت أعتقد أنني آمن وأن الليلة مرت على خير، حتى أخبرني أحد الشبان الذي كان معنا في السهرة، أنه أجرى الفحص بعد أيام من ليلة رأس السنة وتبين أنه إيجابي. لم أحجر نفسي بعد الحفل، ولا أشعر بتأنيب الضمير أو الندم، ذهبت إلى العمل بشكل عادي لكنني أجريت الفحص وحالياً أنا أنتظر النتيجة. أعرف أن عَلي حجر نفسي بانتظار النتيجة، ولكن من يقوم بذلك حقاً؟ أعرف الكثير من الحالات التي لم تحجر نفسها رغم أنها تعرف جيداً أنها خالطت شخصاً معين أو أن نتيجة فحصها ما زالت في المختبر، وأنا منهم.” -جوني، 30 عاماً

GettyImages-1230377741.jpg
ANWAR AMRO/AFP via Getty Images

سعيدة بإلتقاط الفيروس بعد الحفلة وليس قبلها
“أُصبت بالفيروس بعد حفلة رأس السنة مباشرة، وإن سألتني إذا ندمت على حضور الحفلة سأقول لا.. لأنها كانت اجمل حفلة حضرتها في الـ 2020. الندم هو آخر ما فكرت فيه صراحة، لدرجة أنني سعيدة بإلتقاط الفيروس بعد الحفلة وليس قبلها. كنت بحاجة للإحتفال قبل أن يقفلوا البلد مرة أخرى. لست متأكدة إذا التقطت الفيروس من الحفل لكنني تخالطت فيه مع صديقة لي تبيّن أنها إيجابية. لا أشعر بأنني غير مسؤولة لقيامي بالاحتفال، لقد حجرت نفسي مباشرة بعد الحفل ولم أختلط بأي شخص، وعندما شعرت ببعض العوارض، أجريت الفحص وتبين أنني مصابة. إنا في الحجر المنزلي منذ ذلك الوقت، ولم أختلط بأي أحد.” -سيلين، 26 عاماً 

أشعر أنني جزئياً مسؤولة
“أُصبت بالفيروس منذ ثلاثة أشهر، بعد 7 أشهر من الإنتباه والحذر. ومنذ أن شفيت وأنا أحضر الحفلات وأخرج بشكل عادي. علمياً لا يوجد ما يؤكد أنني لن أصاب مرة أخرى، مع أنه يقال أنني لدي 3-6 أشهر مناعة ضد الفيروس، ولكن ذلك غير مؤكد. لقد حضرت حفلتين: الأولى قبل عيد الميلاد والثانية خلال حفلة رأس السنة. الأولى كانت عبارة عن حفل للموسيقى الإلكترونية وكان المكان مكتظاً ولم يلتزم أحد بالسلامة العامة. كانت الملاهي تقفل عند الساعة الثالثة صباحاً حسب شروط وزارة الداخلية التي تفرض حظر التجول من الساعة الثالثة للخامسة صباحاً.  لكننا كنا نجد ملاهٍ أخرى تفتتح أبوابها عند الخامسة صباحاً ونستكمل الحفل. سهرت في ليلة رأس السنة في مكان احتوى على 30 شخص فقط ويتسع لـ 150 شخص. فيه تباعد يعني. كانت من أجمل الحفلات في حياتي، ولا يمكنني أن أقول أنني نادمة أو فكرت بأنني تسببت أذى، حتى انتشرت أخبار اكتظاظ المستشفيات. الآن أشعر أنني جزئياً مسؤولة عن عدم الالتزام بشروط السلامة. ” –سامية، 26 عاماً 

هناك  حالة نكران أن الفيروس قد يصيبهم
“لا يوجد رقابة فعلية في لبنان على ما إذا كان الأفراد يقومون بحجر أنفسهم أم لا. الأمر يعتمد على وعي الشعب. ووعي الشعب في طبيعة الأحوال فشل الاختبار مع ازدياد الحالات، لأن الناس لا يُريدون حجر أنفسهم، إما لأنهم في حالة نكران أن الفيروس قد يصيبهم أو في حالات FOMO- لا يريدون أن تضيع عليهم أي حفلة. الوضع الاقتصادي صعب، والحالة النفسية سيئة. لم نعد قادرين على تقبل العزلة أو الحجر بعدما تقبلنا الإنهيار الإقتصادي، والفشل في تغيير النظام، والإنفجار الذي أخذ حياة رفاقنا بلمحة بصر. أحاول فهم أسباب قيامي وغيري بالخروج على الرغم من المخاطر الصحية، ولكن هل أشعر بالندم؟ ربما قليلاً. نحن خسرنا كل شيء وما زلنا نخسر، والدولة لم تقدم أي مساعدة حقيقية.” -يارا، 26 عاماً