عشرة أسئلة أردت دوماً طرحها على شخص “مخاوي جنّ” 

jr-korpa-tzQkuviIuHU-unsplash

كان لوالدي صديق يزعم أنّه “مخاوي جنّ.” الأمر لم يقنعني أبداً، ولكن والدي كان يصدقه لأنّه ساعده على حلّ مسائل كثيرة، وكان يعلم الكثير من الخبايا. كنت أظن أنّ هذا الصديق يعاني من اضطراب ما، ربما كان من الأسهل عليه أن يصدق بأنّ لديه قرين ما على أن يرى طبيب نفسي. من فترة قصيرة، أخبرني صديقي أنّه “مخاوي قرين” أو جنّ.” ولكن هذه المرة، كان عليّ أن أصدقه، لأنّني أثق بهذا الصديق أكثر من صديق والدي. هو بالنسبة إلي شخص منطقي، صادق، ومثقف بالأمور المتعلقة بالصحة النفسية.

حتى اقتراح هذا المقال، كانت المرة الأولى التي أسأله به عن قرينه. لم تكن المقابلة سهلة، فأنا أملك جانب جبان، وأملك جانب لا يؤمن. وبما أنّ هذه “الكائنات” موجودة مع الشخص طوال الوقت، طلب مني أن أتحدث “عنهم” باحترام وألّا أشكك أبداً بما يقوله.

بحسب الدين الإسلامي، لكل إنسان رفيق دائم (قرين) من الجن، وأن هذا القرين هو الشيطان الموكَّل بكل إنسان لإغوائه وإضلاله، كما في سورة ق.”لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29).

وفي الحديث الصحيح يقال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك؟ قال: وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير.”
(رواه مسلم وأحمد).

Videos by VICE

بعيداً عن الرأي الديني، يربط العلم “الهلوسة” بمرض الشيزوفرينيا، ويعتبر أنّ كل من يهلوس بأمور خارجة عن الطبيعة يمكن أن يكون يعاني من الشيزوفرينيا. الهلوسات عند مرضى الشيزوفرينيا ليست متشابهة، وقد تنعكس بأمور عدة منها الشخصيات خارجية أو حتى فكرة أنّك ملبوس بشيطان أو جنّ وهو يتحكم بحياتك. من المحتمل أن يؤثر السياق الديني لحياة المرضى على الأعراض، والهلوسة بأمور دينية قد تكون محتملة لأنّها تحمل تفسيرات معينة ومقنعة بالنسبة إليهم.

لأعطيكم لمحة سريعة، الشخص الذي أقابله وسأطلق عليه اسم مستعار (مجد) هو صديق مقرب لأحد أشقائي، يبلغ من العمر 21، وعرفته منذ كان في الـ14 من عمره تقريباً. أي أنّه مقرب من العائلة كثيراً، ولهذا كانت هذه المقابلة غريبة بالنسبة إلي. 

VICE عربية: متى علمت أن لديك قرين؟
مجد:
كنت في الـ14 من عمري، كنت أغسل وجهي بشكل طبيعي ورأيت شيء لونه أبيض جميل جداً يظهر في المغسلة. كان جميلاً جداً، لا يمكنني أن أصف شكله، يشبه طاقة جميلة. منذ ذلك الحين، بدأ يظهر دائماً بأشكال أخرى، وبدأت أعتاد على الفكرة. لم أعلم أنّ هناك شيء اسمه قرين، حتى شرح لي شخص مقرب من أمّي ولديه قرينه أيضاً. لم يكن رجل دين، لكنّه وصف ما أراه بشكل صحيح، وشعرت أنّ شرحه حقيقي لأنّه يعكس حالتي. جميعنا لدينا قرين، لكن قد يكون غير ظاهر أو غير قوي. هي لعبة قوة. هناك قرين أقوى من الإنسان قد يظهر له، وهناك قرين ضعيف مسالم لا يظهر. أحياناً قد يظهر القرين بسبب التعرض لصدمات كثيرة، أي في لحظات ضعف. وأحياناً لا يظهر أبداً. وجود القرين قد يؤثر على حياتك من دون أن يظهر، قد يدمر علاقة عاطفية، يؤثر على قراراتك، يوسوس لك أمور من دون أن تشعري بوجوده.

هل ترى قرين غيرك؟
كلا! ولكن قريني يشعر بوجود قرين شخص آخر، وهكذا أعلم بوجود قرين عند الشخص الآخر. لكن، لديّ أصدقاء استثمروا بهذا الأمر وهم يمارسون السحر من خلال قرينهم، ولهذا يمكنني أن أعرف أمور أخرى من خلالهم، فهم يتواصلون مع قرينهم بشكل مكثف. البعض يعترف بأنّه يرى قرينه، منهم من يرونه في الحلم كشكل معين، وهناك من يظهر القرين لهم بشكل ما، وهناك من يلجأ إلى أسلوب السحر ليستحضره.

 هل هناك قرين جيد وقرين سيء؟
في حالة الذين يعملون بالسحر والشعوذة، يمكنهم أن يعلموا خبايا النفس من خلال القرين واستخدامه لأذى الآخرين. يمكنهم أن يؤثروا على قرارات غيرهم من خلال ما يوجهه القرين للشخص، أي هناك طريقة يمكنك أن تغيري بها تصرفات شخص ما أو قراراته من خلال ما يوسوس له قرينه. كل هذا طبعاً يأتي بخدمات وتنازلات يجب تقديمها للقرين. نحن هنا نتكلم سحر وشعوذة وهو أمر لا أقوم به. القرين سيء بطبيعة الأحوال، لكن قوته وقدرته على السيطرة على الشخص هي المهمة. لا يوجد قرين جيد، لكن يوجد قرين مسالم -كما في حالتي.

هل هو معك طوال الوقت؟
نعم هو هنا طوال الوقت، لكن أحياناً يمكنني ألّا أنظر إليه، يمكنني أن أغض النظر عن وجوده، وألّا أتواصل معه، لكن أعلم أنّه موجود. هو الآن يجلس بجانبك.

هل يمكن أن تشرح ماذا ترى، هل لديهم جندر مثلاً؟ 
هذا أمر صعب. هم كائنات موجودة. يتغير شكله في كل مرة، أحياناً هو صغير، وأحياناً هو كبير جداً. هو لا يشبهنا، أي لا يمكنني القول أنّه بشر. لا أرى نفس الشيء دائماً ومن الصعب فعلاُ أن أشرح لك ما أرى، وهذا أفضل لخصوصيتهم. نعم هناك جندر. قريني رجل وأتحدث عنه بالجمع لأنّ شكله يتغير دائماً. من الأفضل ألّا نقارنهم بالبشر، هم مختلفون. ولا يمكنني شرح شكلهم.

كيف تتواصلون؟ 
هو يفهم كل شيء، أنا فقط أفهم من تعابيره. لكن علاقتي بقريني ليست قوية. أنا لا أقدم له خدمات. نسمع بأشخاص يعرفون المستقبل، ويمكنهم أن يسيطروا على قرينهم ومعرفة خبايا النفس. هذا غير موجود في حالتي. بنيت مع قريني علاقة حيادية، نحن لا نقدّم الخدمات لبعضنا البعض، ولهذا هو لا يتدخل في حياتي. 

هل هناك قرين يعرف المستقبل؟  
لا أحب أن أقول المستقبل، لكن قد يعرف مصير الأمور وأسرارها. مثلاً، يمكنني أن أرسل قريني إلى قرينك، ويسأله عن أمر مثل “هل تنصح بأن تترك وظيفتها؟” وهنا يخبره القرين إن كان الأمر جيد أم لا، فقرينك يعلم بأمور أنت لا تعلمين بها بطبيعة الأحوال. ويمكن القول أنّ هناك من يتعلم طرق للتبصير مثل “المندل” وهكذا يكون القرين يساعده في معرفة مآل الأمور. لكن في حالتي، لم أتعلم ذلك ولم أقم بذلك أبداً لأنّ هذا يعني أنّ أقدم خدمات له، وأن أنخرط بعالم لا أريد أن أكون جزءً منه. 

هل لديهم مبادئ؟ 
بالطبع. هم يعلمون أنّهم سيتحاسبون عند الله مثلنا ولهذا قد يغضبهم أي فعل ضدّ الله والدين. من الأفضل ألّا تشككي بهم وبما يؤمنون به. من الأفضل ألّا أقوم بالمحرمات أمامهم.

هل فكرت مثلاً بالذهاب لطبيب نفسي لمعرفة ما الذي يحدث معك؟
أنا لم أؤمن يوماً بهذه الأمور حتى رأيتها أمام عيني. من الصعب أن تفهمي حتى يحصل الأمر معك. أكد لي العديد من رجال الدين أنّ لدي قرين. لن أذهب إلى طبيب نفسي لأنّني أؤمن بما أراه، وأنا مؤمن بوجودهم ومن الأفضل ألّا أشكك بوجودهم لأنهم سينزعجون. (رفض الإجابة على أي سؤال يشكك بقرينه). 

هل تود لو يمكنك التخلص من قرينك؟ 
نعم، أنا أتوتر كثيراً بسببه، أشعر أنّ هناك شخص معي طوال الوقت. أحاول الآن على التخلص منه بشكل جدّي ونهائي. لا يمكنني أن أتحدث كثيراً عن الطريقة، فهي عملية طويلة أقوم بها مع رجل دين متخصص في هذا المجال. أريد أن أغادر البلد، أنا أحاول السفر منذ كنت في الـ12 من عمري، ولا أنجح يوماً ودائماً هناك عراقيل ومشاكل في طريقي من رفض التأشيرة أكثر من مرة وضياع ملفاتي باستمرار. قد لا تكون هذه العراقيل مرتبطة بوجود القرين، لكن أنا أشعر أنّ وجوده يضرني، ولهذا لا أريده بعد الآن.