قد يعتبر البعض الأشخاص الذين يجمعون بين شعبين وثقافتين كونهم أبناء لأب وأم من جنسيات مختلفة يحصلون على ميزة إضافية بالاطلاع على عادات بلد آخر وتعلم لغته وربما الحصول على جنسيته، إلا أنهم قد يواجهون في المقابل مشاكل من نوع آخر تتعلق بالعنصرية والتنمر والأذى النفسي والجسدي، كما يعاني الأبناء في بعض الحالات بسبب عدم قدرتهم على الحصول على جنسية الوالدين. يمثل العرب الآسيويين تجربة ثرية في البلدان العربية، وتحتل دول الخليج النسبة الأكبر لتوافد الآسيويين للعمل بشكل أساسي مما يتيح فرصة أكبر لحالات الارتباط بينهم وبين العرب لينتج جيل جديد يجمع بين الثقافتين.
منذ انتشار فيروس كوورنا، عانى الآسيويين من الممارسات العنصرية، وظهر مصطلح جديد “الكورونوفوبيا” لتجسيد حالة الخوف، من كل ذوي الملامح الآسيوية، في خلط واضح بين المكان الذي انتشر منه فيروس كورونا وهو الصين، وكل من هو صيني، أو يحمل ملامح آسيوية. وتناولت مواقع التواصل الاجتماعي منشورات متعددة تظهر تعرض النساء والأطفال في المدارس والعمال في أماكن العمل للتنمر بسبب ملامحهم الآسيوية في جميع أنحاء العالم. وتم تسجيل مئات الحوادث ضد آسيويين في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا تضمنت اعتداءات جسدية والسعال أو البصق على الضحايا وتحرش لفظي.
Videos by VICE
تعرض الآسيويين لحوادث عنصرية مشابهة في عدد من البلدان العربية. في الأردن ولبنان ومصر والمغرب، تم الإبلاغ عن حوادث ضرب واعتداء وممارسات عنصرية ضد عمال وطلاب آسيويين. واشتد الخطاب العنصري المستمر في الخطاب العام ضد العمال الأجانب بعد تفشي فيروس كورونا في مناطق منعزلة ومكتظة بالعمال الأجانب، ومعظمهم من الآسيويين في بلدان الخليج. وفي حالات معينة تم الاستغناء عن خدماتهم أو طلب منهم البقاء في منازلهم بدون أجر أو تم تخفيض رواتبهم واستثنائهم من تدابير الحماية الاجتماعية.
فهيمة هق، 22 عاماً، بحرينية بنغلاديشية، تعيش في البحرين وهي مؤثرة في مجال الموضة والجمال، تقول لـ VICE عربية أن الآسيويين في البحرين عانوا من التعليقات العنصرية والمضايقات في الشارع وعلى الإنترنت بعد انتشار فيروس كورونا، ولكنها تشير إلى أن “أغلب المضايقات لم يكن من البحرينيين، ولكن من أجانب.” وتضيف: “أعيش في البحرين منذ أكثر من 15 عامًا، انتقلت إلى هنا مع عائلتي عندما كنت في السادسة من عمري تقريبًا، ولذلك فإن ثقافة البلدين متواجدة في داخلي بالتساوي. خلال نشأتي، تعرضت لتعليقات عنصرية بسبب ملامحي من أشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة، والأمر يخف حدة ويزداد حسب الظرف العام.”
تشير فهيمة: “أسوأ ما واجهناه أنه في وقت معين ازدادت العنصرية بسبب زيادة معدلات الجريمة من قبل الآسيويين المقيمين في البحرين، وبالتالي تم تعميم العنصرية على كل الآسيويين وانتشرت التعليقات العنصرية بشكل كبير على منصات إخبارية وإعلامية مختلفة تطالبنا بالعودة إلى بلادنا.” وتضيف: “من المشكلات التي يواجهها العرب الآسيويين أيضًا هو التمييز في مكان العمل، توجد فروق في ساعات العمل وأيام العطلات وأوقات الراحة وعدد وبالطبع الرواتب.”
تمثل العمالة الوافدة في البحرين حوالي ثلث عدد السكان البالغ حدود المليون نسمة. وبحسب احصائيات، هناك أكثر من 458 ألف عامل أجنبي في البحرين يُشكِّلون حوالي 77% من القوى العاملة للبلاد، ومعظمهم قادمين من جنوب شرق آسيا لاسيّما من الهند وبنغلادش وسيريلانكا والفلبين.
تظهر العنصرية كذلك في حال الارتباط والزواج بين عرب وآسيويين، فلا تزال كثير من العائلات تنظر بدونية للعلاقات العاطفية مع غير العرب. خالد، 33 عاماً، مهندس مصري يعمل بأحد دول الخليج ومتزوج من فلبينية، يقول أن عائلته رفضت ارتباطه ولم تتقبل زوجته: “تعرفت على زوجتي في مكان عملي منذ 4 سنوات وقررنا الزواج بعدها بعام. لم يلق الأمر قبولاً لدى عائلتي وحاولوا أن يقنعونني بإنهاء العلاقة. عندما زرنا مصر للمرة الأولى بعد الزواج، واجهت زوجتي الكثير من التعليقات السخيفة من العائلة وبعض الأصدقاء مثل أن أطفالي سيكونون قصار القامة وذوي عيون ضيقة، وأنهم سيأخذون عادات أمهم وثقافتها وسيفقدون هويتهم العربية. حمدت الله على أنها لا تجيد العربية حتى لا تتأثر بمثل هذا الكلام.”
يضيف خالد، الذي لديه الآن طفل عمره سنتين: “لا أفهم أبداً فكرة تفضيل جنسية على آخرى، هذه نظرة محدودة ولا تخلو من العنصرية. أتمنى أن يتغير هذا الفكر في العالم العربي حتى لا يواجه ابني الصغير مثل هذه المواقف عندما يكبر.”
يأتي كثير من الآسيويين للعمل والدراسة في مصر، وخاصة الراغبين بدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في الأزهر. وهناك 11 ألف ماليزي من الباحثين والدارسين في الجامعات المصرية. وتعتبر الصين رابع أكبر مصدر للسياح إلى مصر منذ بداية العام 2017، كما بدأت مصر بتدريس اللغة الصينية في المدارس الإعدادية (المرحلة المتوسطة) هذا العام.
بشكل عام، لا توجد أحداث كبرى شكلت أزمة في العلاقة بين المصريين والوافدين من آسيا، إلا أن الأمر لم يخلو من بعض المواقف كان أبرزها واقعة تنمر على شاب صيني مع بداية انتشار جائحة كورونا. تم القبض على الفاعلين وتقديم اعتذار رسمي وشعبي للشاب الصيني وتم تداول القصة إعلامًيا آنذاك بكثافة للتنديد بالتنمر بشكل عام.
سارة، 20 عاماً، طالبة جامعية لأب مصري وأم أندونيسية تعيش في القاهرة، تقول أنها تعرضت للكثير من المواقف السيئة والجيدة: “ملامحي التي تجمع بين الطابع العربي والآسيوي سهلت علي عقد صداقات في الواقع وفتح أحاديث مع غرباء، وفي العادة يبدأ الحديث من فكرة أنني آسيوية وأتيت لمصر للدراسة في الجامعة، وأنني لا أتحدث العربية. وتكون المفاجأة عندما يكتشفون أنني مصرية مثلهم. وحدث في كثير من المرات أن طُلب مني إبراز هويتي للتأكد من أنني مصرية كما أدعي، يحدث ذلك في بعض الأماكن السياحية والأثرية حيث يدفع الأجنبي قيمة أكبر للتذكرة فيها عن المصري على سبيل المثال.”
تشير سارة إلى أنها أنها عانت من التنمر بسبب ملامحها الآسيوية إلا أنها لم تجعل الأمر يؤثر عليها: “كثير من أصدقائي تعرضوا للتنمر والمضايقات دون أن يكونوا من العرب الآسيويين، هناك ثقافة تنمر عامة تشمل كل الأشخاص المختلفين شكلاً عن السائد ومن بينهم الآسيويين.”
رفض خالد وسارة إضافة اسمهم الكامل لأسباب شخصية.