في حفلة بلتنم في لبنان، منحكي اللي بدنا ياه!

000042620024

“أنا بحب لبنان لأن منقدر نحكي اللي بدنا ياه”… بهذه الكلمات ينهي شب جديد حفلته في لبنان والتي ضمت فريق بلتنم وهم الناظر وضبور وفوزي بالإضافة إلى شب جديد في AHM على الواجهة البحرية لبيروت. تضمنت الحفلة عروضًا من الفنانين الأربعة، وكان هناك، إلى جانب الغناء والموسيقى، روح شعبوية قوية تحاكي الجمهور وتسرد الأمور كما هي.

ولعل هذا ما يميّز بلتنم، فهناك خطاب غير نظيف واضح يشبه لغة ما نريد أن نعبّر عنه فعلاً. وربما يكون الخطاب السياسي أوضح من غيره، فالسياسة لا تنحصر على المعاناة والنفسية، بل تتخطاها لتشمل آراء واضحة. وحتى لو لم نتفق معها نغنيها ونرقص عليها، لأننا نحب أن نحكي اللي بدنا ياه.

Videos by VICE

BTLNM Beirt
تصوير روني كركر

شخصياً، أنا من أكبر معجبي شب جديد والناظر. وربما اللغة الفلسطينية، التي أشعر بأنها تربطني بالأرض التي ولدت فيها وترعرعت فيها على فكرةاسترجاعها، كانت تقف عائقاً بيني وبين قدرتي على الغناء. أعترف أنّني كنت أردد كلمات شبّ جديد، لكن كنت أبتلع نصفها. كانت الأجواء بطبيعة الأحوال ما احتجنا إليه منذ فترة، وفرّغنا ما حملناه من هم وثقل. شعرنا بوجود فنانين يشبهوننا يغنون الأمور كما هي، ويتواصلون معنا عادي يعني من دون فلتر. استقطب الحفل جمهورًا من جميع الهويات، ومن الرائع أن نرى الراب والموسيقى البديلة تجذب أفراد من جميع الخلفيات. تجمّعت الجماهير قبل بدء الحفل، ورأينا العلم الفلسطيني في كل مكان. بدأ الحفل مع الدي جاي tthd، وهو دي جاي يلعب موسيقى هيب هوب بشكل عام، والذي حضّرنا للحفلة بطريقة حماسية ورائعة. بعد ذلك، دخل فوزي على المسرح وانضم إليه ضبور الذي يبث حماس وروح جميلة في الجمهور. وبدء فوزي عرضه بالقول: “إن شاء الله ينكسر الفلاش إذا ما ضويتو فلاش.” يقول لي أحد الحاضرين أنه، عكس الجميع، حضر الحفل ليشاهد ضبّور، وأعتقد أن الحفل كان عادًلا لأنه سلط الضوء على الفنانين الذين أنضموا إلى بلاتنم مؤخرًا، مثل ضبور وفوزي. 

BLTNM in Beirut
تصوير ياسمينة هلال

أنضم لاحقاً شب جديد على خشبة المسرح بأغنية إن آن التي أشعلت الحفل أكثر مما هو عليه. كان يغني اللجمهور إن آن، الأغنية التي كانت وسيلة لنعبّر عن غضبنا أثناء أحداث الشيخ جراح، مع شباب تحدوا شركات الإنتاج وقدّموا مجموعة بديلة. وهنا لا بدّ من الإشادة بالناظر الذي يعتبر اليوم من أفضل المنتجين الموسيقيين في الساحة البديلة، والذي تكمل موسيقاه الكلمات وتصنع أغنية تامة مثالية. 

BLTNM_Beirut_RonyKarkar-17.jpg
تصوير روني كركر

غنّى شب جديد جميع ما كنّا ننتظره، حتى الأغاني التي نحبّها منه، غناها أكثر من مرة. وأنهى الحفل بأغنية “يا علي” ولربما كانت أول مرة يلعبها في عرض حي. شب جديد، فوق حبنا العظيم لموسيقته وكلماته، هو شخصية فريدة على المسرح تضحكنا وتتحدث معنا. وربما مشاهدته في الحقيقة هي تجربة عليك أن تجربها، ولو مرة واحدة في حياتك، لأنّه شخصية لا تتكرر في المشهد الموسيقي، سواء كان البديل أو الماينستريم. ردد الجمهور جميع اغاني شب جديد، وتواصل شب جديد من قلبه مع الجميع وجذب الحاضرين.

BTLNM in Beirut
تصوير ياسمينة هلال

كما وجه جميع الفنانين الحاضرين رسالة إلى لبنان والشعب بطريقة عفوية مليئة بمشاعر حقيقية. ووجه شب جديد في نهاية أغنية “يا علي” رسالة للشعب اللبناني، وقال “على عيني قدرة تحملكم”، بخطاب يجعلنا نشعر وكأنه زائر عادي يعبّر عما يراه، في زمن سئمنا من تطبيل الفنانين للحكومة أو السياسيين على المسارح وغضب الشعوب إذا لم يفعلوا ذلك.

 يخبرنا ماهر سليمان (٢٥ عامًا): “كان الحفل مليئًا بالحياة ونبض العروبة في زمن “ما بعد” الاستعمار، في زمن شعرنا أن اللغة والحضارة تبعثرت. فقد جمع الفنانون في حفلهم حشدًا ضخمًا تميز بتنوّعه من حيث الأعمار والهويات الاجتماعية، بينما تبيّن وجه الشبه عبر صوت عالٍ وموحّد على تأثير كلمات كل الأغاني. وبالإضافة إلى موهبته الموسيقية، يجدر تحيّة شب جديد” لحضوره الهائل على عتبة المسرح، إذ انّه تمكن من التحدّث مع الجمهور من الصف الأول ألى الآخر وكأنه يسولف (يتحدث) مع الأصدقاء.”

بالنسبة إلى تنظيم الحفل فكان مثالي، من الأضواء إلى الصوت إلى المساحة. على الرغم من أن الحفل كان مكتظًا، إلا أنه لم يكن هناك أي خطر على الحاضرين، فستجد مساحات واسعة للرقص بكل أريحية.

ربما كانت المشكلة الوحيدة في التنظيم هي الـdoor policy، حيث أعرب البعض عن استيائهم بشأن التشديد على الباب. 

وعلى الرغم من عدم وجود مشاكل في الصوت، إلا أن بعض الأشخاص عبروا عن غضبهم من جودة أداء بعض الربارز، حيث ضمن أدأهم بعض الـ lipsyncing والأوتوتيون والبلاي باك، كأنهم لم يكونوا مجهزين للغناء كما يجب لأسباب لا نعلمها. كما أنهم نسوا بعض كلمات أغانيهم خلال أدائهم.

قد يكون هذا النوع من الغناء غير مرحب به لجماهير الراب، فالرابر لا يلجأ إلى البلاي باك إلى في حالات نادرة. وقد عبّر نور فارس، أحد الحاضرين الذي غادر قبل انتهاء الحفل، عن استيائه بسبب هذا الشيء، قائلًا: “كان الأداء بلاي باك ولم يكن الغناء لايف والأغنية الخلفية أعلى من صوت المغني. كما أنّني لم أحب معاملة الرابرز مع الجماهير، وكأنّنا في الحضانة. كان الحفل disappointing لأنّ الراب ليس بلاي باك وحضور الرابر يجب أن يكون أقوى. شعرت أنّنا في رحلة مدرسية، مثل حينما كان يصرخ “ايييهه أوووهه.” الرابر لا يغني lipsync، عليه أن to throw some bars.” 

وفي هذا الصدد، قالت ليا زوين: “أنا كنت disappointed. أفضّل أن أستمع لهم في السيارة أو في غرفتي، فالأداء لم يكن جيدًا، وودت لو لم أكن شاهدة على هذا الأمر. ربما هناك أسباب لا نعرفها. كمستمعة للموسيقى البديلة، الحفل لم يكن حسب التوقعات.”

ضمّ الحفل جنسيات مختلفة، وبالطبع نعلم أنه من صعب نوعًا ما على بعض الأجانب الحصول على تأشيرات دخول أو إقامة في البلاد. وهذا النوع من الأجواء يخلق شعورًا جميلًا، حيث نرى جميع الجنسيات في لبنان متحدة في حب الفنانين. 

BLTNM in Beirut
تصوير روني كركر

وجد البعض أنّ الحفل أكبر من الغناء أو الراب. تقول آية أبي حيدر: “الغناء مش واو، وكان هناك أخطاء لكن كان من الجميل أن نرى شب جديد في لبنان فأنا كنت أظن أنّ هويته أو باسبوره لا تسمح له بالحضور. أنا أشعر بقوة حينما أستمع لموسيقته وكأنّه يبث في داخلي ثقة بالنفس، حتى موسيقى الناظر الحماسية تعطيني دافع. أشعر أنّني أريد أن أضرب أحد. أتفهم أنّ هذه أغاني تحمل هذا الطابع لأنها تأتي من فلسطين، وتعطي الجماهير دافع وتمثل القضية من منظور قوي. وهذه القضية بحاجة لهذه الموسيقى والكلمات. فهناك كلمات لا أتفق معها، لكن أحيانًا أشعر أنّني سعيدة لأنّ هناك من غنّى عن فكرة مثيرة للجدل. هناك قوة معنوية سياسية، وأتفهم الغضب خلف الأغاني. كان الجو والتنظيم رائع بالأخص الإضاءة.”

ويقول الدي جاي هادي الحسيني أنّ التجربة كانت جميلة وكان سعيد برؤية فنانه المفضل لايف، لكن تمنى لو لعبوا أغانٍ أخرى بدلاً من إعادة الأغاني. ويضيف: “مثلًا أغنية إن أن تمّ غناءها ٣ مرات، رغم وجود أغانٍ أخرى نحبها لم يلعبها الفنان. لو غنّوا أغانٍ أخرى بالإضافة إلى ما قدّموه، لكانت التجربة أفضل.”

قد تختلف آراء بعض الناس عن هذه الحفلة، لكن لا يمكن سوى أن نقول أنّ التجربة كانت رائعة. رؤية فنانين من المساحة البديلة أمامنا، كنّا نحلم أن نراهم، هو أمر نضيفه إلى سجلنا في هذه الحياة التي لا تقدّم لنا شيء أصلًا. أن نرى فنانين من رام الله أمامنا غنّوا لفلسطين، هذا كافٍ اليوم لنكون مرتاحين. أنا شخصياً، أحببت الجو، كنت أقفز وأغنّي وكنت سعيدة بأن أرى بلتنم في عرض حي لأول مرة في حياتي. كان هناك عفوية في الحفل وروح شعبوية، حتى مع صعود أحد المعجبين إلى المنصة. علّق شب جديد: “صرنا مثل المشاهير.” كل هذه التفاصيل جعلتني أحب هذا الجو، رغم خيبة أملي من الأداء.