تتفق عدد من الديانات، من بينها الإسلام والمسيحية، على أن هناك حياة أخرى بعد الموت، تبدأ بعد يوم البعث والحساب أو الدينونة، فإما جحيم للأشرار أو نعيم للأبرار. وعلى الرغم من التفسير الذي يقدمه القرآن والإنجيل، إلا أن مسألة “الوجود بعد الموت” كانت دومًا محط تساؤلات كثيرة، خصوصًا لدى الملحدين أو اللادينيين وممن يتخذون العلم منهجًا في حياتهم. فكيف يرى الملحدون مسألة الموت والحياة بعده؟ سألت عدد من الشباب من دول عربية عن نظرتهم للموت، والحياة الأبدية.
الجنة والنار والعقاب والثواب هي قصص طفولية
“لا يوجد حياة بعد الموت. الجنة والنار والعقاب والثواب هي قصص “طفولية” برأيي تهدف للفصل بين الخير والشر، وهذا ينطبق على كل تفاصيل الحياة ما بعد الموت كما ذكرت في الكتب الدينية. بالنسبة لي، الموت موت. لا يوجد شيء بعده، ولا تهيم أرواحنا بانتظار يوم القيامة. لا شيء بعد الموت سوى العدم.. هي فكرة مريحة ومنطقية جداً بالنسبة لي، لأنني أعلم تماماً أنني لم أوذ أحداً في حياتي هذه. وهذا كل ما يهم. الحياة الآن. الموت حين يأتي.” -ميسلون، ٢٨ عاماً، كاتبة
لا أهاب الموت
“لا أهاب الموت لأنه ببساطة، جزء من دورة الحياة. أرى أنّ لا فرق بين موتي وموت أي كائن آخر على وجه الأرض، كالحيوانات والنباتات، فجميعنا سنموت في النهاية. لهذا، قررت أن أعيش حياتي بالطول والعرض وأستمتع بكل لحظة أقضيها برفقة عائلتي وأصدقائي، أستمتع باللحظات التي أشعر فيها أنني حيّ وأتنفس. دعيني أسألك، أين كنا قبل ملايين السنين؟ وأين كنتُ قبل ثلاث وثلاثين سنة؟ لا نتذكر أي شيء عن هذه المرحلة، صحيح؟ ربما كنت ميتًا من قبل، وربما سيتكرر نفس الشيء بعد رحيلي، وفي النهاية سأعود إلى “اللا شيء” سأعود حيث كنت قبل أن أكون، إذن لا داعي للقلق والخوف من الموت، لأنه النهاية.” –سليم، 33 عاماً، معلم لغة فرنسية
الموت يشبه النوم بدون أحلام
“شخصيًا، أعتقد أنه ليس من السهل التخلص تمامًا من فكرة العقاب في القبر ووجود حياة أخرى، رغم أنني تخليت عن ديني مند أكثر من عشر سنوات، ولكني نشأتُ على شرائط “كاسيت” عذاب القبر والأفعى الضخمة المرسومة على غلافها، والتي كانت تحرص والدتي على تشغيلها كل يوم جمعة. ولكن في النهاية، هي مجرد أفكار لا تراودني إلا أحيانًا لبضع دقائق قبل النوم، قبل أن أعود وأعقّل نفسي بالقول: لماذا قد أخشى من فترة لن أكون فيها واعية بشيء من حولي؟ الموت يشبه الساعات التي نقضيها في النوم، بلا أحلام طبعًا، أو بالوقت الذي نقضيه ونحن تحت تأثير التخدير الكامل في عملية جراحية ما، وأيضا بمرحلة ما قبل الولادة التي لا نعلم عنها شيًئا.” –هدى، 27 عاماً، مدققة لغوية
Videos by VICE
سأكون حاضراً في ذاكرة الأحياء
“أظن أن فكرة الخلود بعد الموت مريحة لأن البشر بطبعهم يخافون المجهول، وبالتالي فهم يعملون على إقناع نفسهم بقصص وتفسيرات اخترعتها الأديان عن مرحلة ما بعد الموت، بما أنه لا يزال ظاهرة عصية على الفهم والتفسير. أظن أن مرحلة “ما بعد الحياة” موجودة فعلاً لكن في ذاكرة الأحياء، الأشخاص الذين عاشروني فقط، سأكون حاضراً فيها بالأثر الطيب الذي سأتركه فيهم بعد موتي. بمجرد أن يتوقف عقلي عن العمل ويتحلل جسدي تحت التراب، ستختفي معه كل أفكاري وتجاربي وذكرياتي ومشاعري الشخصية.” –جواد، 29 عاماً، موظف عمومي
هناك مكان تجتمع فيه أرواحنا
“أنا ملحد، ولكن هذا لا يعني أنني أنفي وجود حياة بعد الموت. بالاستناد إلى روايات الأشخاص الذين عاشوا تجارب الموت الوشيك، يقول معظمهم إنهم غادروا أجسادهم وشاهدوها من الأعلى، فيما رأى آخرون أنهم دخلوا نفقًا مضيًئا ثم استيقظوا بعدها، وكلّ هذا يدلّ على أن شيئا ما يحدث بعد الموت. صحيح أنني لا أؤمن بالجنة أو النار، ولكنني متيقن من أن هناك مكان تجتمع فيه أرواحنا، لست قادراً على تصوره في ذهني وتخيّل ما قد نفعله أو إلى متى سنلبث هناك ولمني. أؤمن أن هناك شيء يحدث بعد موتنا بعيداً عن القصص التي تحكيها لنا الديانات.” –جمال، 31 عاماً، مبرمج تطبيقات
لا وجود للحياة بعد الموت
“لا يوجد دليل علمي واحد يثبت وجود حياة بعد الموت، فالموت يعني توقف خلايا الجسم عن العمل، وبما أننا مخلوقات عضوية فلا مكان هنا للأمور الغيبية. وعينا وادراكنا مرتبط بخلايا الدماغ، تتكوّن معها وستنتهي بانتهائها وبتحللها تحت التراب. بدأت مؤخراً في البحث عن مسألة تناسخ الأرواح وأعتقد أنني أميل إلى هذا الطرح الفلسفي شيئا ما، أي أن الروح، بعد تحللّ الجسد، ترحل لتتقمص في جسد آخر، قد يكون إنسانًا أو حيوانًا، دون أن تنقل معها الذكريات أو أيّ مشاعر وأحاسيس أخرى من الجسد الأول.”
–جيهان، 26 عاماً، طالبة دكتوراه
-فضل المشاركون عدم الكشف عن اسمهم الكامل.