كيف يعالج القلب المكسور القلوب المكسورة؟

IMG_1663

كيف يعالج القلب المكسور القلوب المكسورة؟

أحببت سؤالك، إنه سؤال جميل إجابته بسيطة: “أفضل من يستطيع إنقاذك من حماقاتك هو من سبقك إلى الحماقة ذاتها.” لقد انكسرنا كثيرًا من قبل يا صديقي/صديقتي، وخضنا تجارب لا حصر لها بمنتهى الشجاعة والحماقة، وهذا جعلنا نعيش الكثير من التفاصيل المبهجة والمؤلمة، ومنحنا كثيرًا من المكاسب، والدروس والخبرات، لهذا يمكننا تفهم كل ما يأتينا من قلوبكم المكسورة. إلى جانب هذا لدينا الكثير من الأصدقاء الذين يشاركوننا خبراتهم الحياتية باستمرار، ولا نتوقف عن القراءة والاطلاع في كل المجالات، ونستمتع بفهم النفس الإنسانية وتقلباتها، وما فيها من جمال وقسوة معًا. لهذا نرى اللوحة من بعيد بوضوح، ونعيد ترتيب قطع الأحجية بما يمكننا لتقديم بعض النصائح التي قد تساعدكم على رؤية الأمور بشكل مختلف قليلاً، وتكسبوا وقتًا تستمتعوا فيه بالحياة بدلاً من استنزاف أنفسكم أكثر مما يجب.

Videos by VICE

مرحباً أيها القلب المكسور.. لقد تعرضت لتحرش في صغري وكان من شخص قريب من العائلة واستمر لسنوات. أنا الآن في عمر ٢٢، وأنفر من أي ذكر يتودد إليّ ولا أثق بأحد، وأشعر أن الأمر ما زال يؤثر عليّ حتى الآن، ولم أستطع أن أكون في علاقة عاطفية واحدة، ساعدني.

صديقتي الشجاعة،

أعتذر لك جدًّا نيابة عن عالمنا المتوحش عمّا أصابك في طفولتك. هي تجربة مريرة ومروعة، ويمكنني تفهم ما أورثته فيك من خوف واشمئزاز ونفور. يمكن لصدمة الاعتداء الجنسي في سن الطفولة أن تشكل عقبة أمامنا للاستمتاع بحياة عاطفية طبيعية، ويعاني الأطفال الذين نجوا من التحرش الجنسي من كرب ما بعد الصدمة، ويتمثل في أعراض نفسية مثل القلق والتوتر وانخفاض الثقة بالنفس وقلة تقدير الذات، وأعراض جسدية مثل اضطراب المعدة وزيادة ضربات القلب وصعوبة النوم. وقد تؤثر الصدمة أيضًا في جعلهم عدوانيين، أو انطوائيين وقلقين، ويقتضي هذا الحصول على مساعدة طبية متخصصة.

لن أخبرك أن كل الرجال ليسوا مثل هذا المجرم الذي استغل طفولتك ولن أخبرك أن تندفعي للتجربة العاطفية لعلها تريك الجانب الوردي من الحياة، ولن أخبرك أن تفضحي هذا المعتدي لتحصلي على انتقامٍ يشفي قلبك ويساعدك على التخطي. ستحددين ما هو المناسب لك في طريقك للتعافي، ولكن قبل كل ذلك، من المهم أن تقابلي طبيب نفسيّ في أقرب فرصة، وتتحدثي معه عن تجربتك بكل صراحة، واسمحي له بتشخيص حالتك، ليساعدك على الخطوة الصحيحة التي تقودك إلى التعافي.

أخشى أنك إذا دخلت علاقة عاطفية قبل هذا فربما تتعرضين للاستغلال، أو تكونين دفاعية بشكل عدواني، أو تكونين بالغة الحساسية لأي تصرف من الطرف الآخر، سواء كان تصرفًا عاديًّا أو غير عادي، ما يجعل مشاعرك السلبية تزداد سوءًا بشكل يفاقم معاناتك. سن ٢٢ عامًا سن صغيرة للغاية، فلا تفكري أن شيئًا كبيرًا قد فاتك، ربما أنتِ محظوظة لأن عقلك عمل كجهاز إنذار كي لا تتورطي مع شخص سيئ، وحين تتعافين من مرارة وصعوبة ما تعرضت له، ستكونين مستعدة وراغبة في بناء علاقة عاطفية، لأنك ستكونين قادرة على اختيار من يعاملك بما تستحقين من حب ومودة واحترام. ودائماً تذكري أن تحبي نفسك لأنك تستحقين الأفضل في هذه الحياة الغير عادلة. أرسل لك الكثير من الحب والدعم.

أنا صراحة شخص فاشل اجتماعيًّا، وكل صداقاتي أحسها سطحية أو سامة، وكلما تعرفت على أشخاص جدد ينتهي بي المطاف بأن أتركهم أو أحاول تجنبهم. أحيانًا، أشعر بالوحدة والغيرة من الأشخاص الذين لديهم دائرة صداقات صحية، وفي أحيان أخرى، أشعر بالحرية وأشوف الناس مزعجين ولا يستحقون وقتي. ولكن في النهاية البشر ‏كائنات اجتماعية، وأنا بشر، وما أدري وش أسوي عشان أغير أسلوب حياتي.

صديقي الغير اجتماعي،

لا تصعب الأمر على نفسك. برأيي أن كل ما في الأمر أنك لم تجد شخصًا أو أشخاصًا تريدهم في حياتك ويعنون لك، وتحب أن تتواجد معهم على الرغم من كونهم مزعجين وعلى الرغم من أنهم في كثير من الأحيان سيقللون من مساحة الحرية التي لديك. ولكن عليك أيضًا أن تتأمل الأمر من وجه نظر الآخرين كذلك، فقد تكون أنت جزءًا من المشكلة في ما يتعلق بما وصفته بالعلاقات السطحية والسامة. فقد ينعكس شعورك بالرفض أو بأنهم عبء ومزعجون ومضيعة للوقت، على سلوكك معهم، فيبتعدون عنك أو يختارون أن يتعاملون معك بشكل سطحي.

البشر كائنات اجتماعية، أنت محق تمامًا، كلنا يحتاج إلى الآخر ولا يمكننا النجاة وحدنا، لهذا أنت بحاجة إلى الناس والناس بحاجة إليك. البشر مزعجون هذا حقيقي، كل منا يزعج الآخرين بشكل ما، لكن المودة والعلاقات الطيبة تجعلنا نراعي بعضنا، ونتحمل بعضنا، بل ونجد هذا الإزعاج محببًا في حال كان من أشخاص نحبهم ونودهم. لدي صديقة سليطة اللسان، كلما فتحت فمها أوشكت أن ألقي نفسي من الشرفة، لكنني لا أتصور الحياة دونها، لأنني أحبها. يبدو أن هناك حاجز بينك وبين من حولك، وقد يكون هذا الحاجز هو شعورك بوجود حاجز.. إنها دائرة مفرغة تحدث أحيانًا، وتحتاج إلى أن تكسرها.

أما إذا كانت هذه الصداقات سامة، وتتعرض للأذى بالكلمات أو الأفعال، ففي هذه الحالة، عليك ايقاف الأذى عند حده، أو اقطع علاقتك بهم ووفر على نفسك وجع الرأس. بخصوص الصداقات السطحية فلم لا تعمّقها قليلاً؟ انتق من أصدقائك أكثر شخص تستريح له وحاول تعميق علاقتك به. إذا تعذر هذا لأي سبب فابدأ في بناء صداقات جديدة مع غرباء، أخرج لأماكن جديدة أو سجل للتدريب في مجال تحبه وتعرف على من يشاركونك الاهتمامات.

كلنا بحاجة لرفقاء درب يشعرون بنا ويحبوننا ويقبلوننا على ما نحن عليه. هي العلاقة الإنسانية الأقدس، لكنها أيضاً تحتاج إلى طرفين، يرغبان في بناء هذه الصداقة. ليس من المطلوب منك أن تصبح اجتماعيًا فجأة، لا تغير من نفسك، بل على العكس تقبل من أنت، وأختر الأشخاص أو الشخص الذين يشعرونك بالراحة والذين تشعر أنك تشبه نفسك معهم. ولكن إذا كان عجزك عن التواصل مع الآخرين أصعب من أن تكسره وحدك، تحدث لطبيب نفسي، فربما يرى مشكلة لا تدركها بنفسك، ويساعدك على تجاوزها بشكل صحي.

كل الحب.