مسلسل The Boys يطرح السؤال الصعب: ماذا لو أصبح الأبطال الخارقين أشرارًا؟

Screen Shot 2019-09-15 at 4

في الثاني من يوليو عام 2019 انتهت المرحلة الثالثة من عالم مارفل السينمائي MCU بعرض فيلم Spider-man Far from Home، والتي يمكن أن نُسميها مرحلة ما بعد موت الرجل الحديدي “آيرون مان” الذي كان قد بدأ الكون السينمائي الأنجح عام 2008 بفيلمه Iron Man إخراج جون فافرو.. فهل سيأتي بطل خارق آخر يحمل نفس الاسم ليُكمل المسيرة؟ لا نعلم، لكن ما نعلمه أن عالم مارفل السينمائي يستعد لإطلاق المرحلة الرابعة بفيلم Black Widow عام 2020 من إخراج كيت شورتلاند.

خلال المراحل الثلاثة من عالم مارفل السينمائي، أنتجت الشركة 23 فيلمًا على مدار 11 عامًا، أفلام كلّفت شركات الإنتاج مليارات الدولارات وأدرّت عليها أضعافها. على الجانب الآخر تحاول شركة دي سي كوميكس ملاحقة عالم مارفل بصعوبة، حيث بدأ عالم دي سي الممتد عام 2013 – بعد 5 سنوات من بداية عالم مارفل – بفيلم Man of Steel من إخراج زاك سنايدر، ثم تتابعت الأفلام داخل هذا العالم لتصل إلى 7 أفلام في 6 سنوات، لكن نجاحهم جميعًا لم يكن بقوة نجاح أفلام عالم مارفل السينمائي، الذي نجحت أفلامه في تحطيم أرقام شباك التذاكر القياسية.

Videos by VICE

أصبحت فكرة الأبطال الخارقين الأكثر إدرارًا للأموال بالنسبة للشركات المنتجة للأفلام والمسلسلات والمجلات المصورة والهزلية، لأنها لم تعد تشمل فقط الجانب الأدبي المذكور، بل تحول الأبطال الخارقين إلى علامات تجارية موضوعة على أرفف المحال التجارية الكبيرة، من ألعاب إلى ملابس إلى أكواب إلى وسائد وغير ذلك. تحولت الفكرة إلى سلعة، وهو أمر جيد بالنسبة للبعض، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة إلى جاريث إنيس وداريك روبرتسون، كتّاب ومصصموا كتب The Boys المصورة، الذين طرحوا بعض الأسئلة حول فكرة الأبطال الخارقين، منها ماذا لو أصبح الأبطال الخارقين أشرارًا؟ ماذا لو تحولوا – هم أنفسهم – إلى سلعة في يد إحدى الشركات الكبرى؟

* ملحوظة: يوجد الكثير من الحرق لأحداث المسلسل بدءًا من السطور التالية.

الأولاد يكرهون الأبطال الخارقين

بدأ إصدار المجلات المصورة عام 2006 وتوقّف الإصدار عام 2012 لكن السلسلة لم تتحوّل إلى مسلسل تليفزيوني إلا عام 2019 عن طريق آمازون برايم تي في، وعُرض يوم 26 يوليو من نفس العام، أي بعد عرض فيلم Spider-man Far from Home بأقل من شهر. وإذا طرح فيلم سبايدرمان ضمن أحداثه سؤال ماذا سنفعل بعد موت آيرون مان؟ فالمسلسل يطرح سؤال هل نحتاج من الأساس إلى وجود “آيرون مان” أو أي من الأبطال الخارقين الآخرين؟.. هل العالم سيصبح أجمل وأفضل بالفعل بوجودهم؟

تأتي الإجابة سريعًا في الدقائق الأولى من بداية المسلسل؛ حيث تتفتت – حرفيًا – حبيبة هيووي كامبل (جاك كويد)، والتي كانت – للمصادفة السيئة – تقف في مسار البطل الخارق “آ-ترين – A-Train” ذي السرعات الخارقة. بهذه الصدمة يبدأ المشاهدون رحلتهم مع المسلسل، وهي الحد الفاصل بالفعل بين التعقّل الذي بدأ به المسلسل، والجنون الذي سوف يأتي فيما بعد على مدار 8 حلقات، مدة الحلقة الواحدة حوالي ساعة، ساعة مليئة بالأحداث التي تتحرك بإيقاع شديد الإنضباط، وهو ما قد يساعد على مشاهدة جميع الحلقات في يوم واحد فقط أو يومين.

يتعرّف هيووي كامبل على بيلي بوتشر – كارل أوربان في أحد أفضل أدواره. يُعرّف بوتشر نفسه على أنه أحد أعضاء المخابرات الأمريكية، وأنه يعمل حاليًا على ملف خاص بالأبطال الخارقين أو مجموعة السبعة. المجموعة التي تُحاكي بسخرية مجموعة العدالة (Justice League)، أول أعضاؤها هو هوملاندر (أنتوني ستار)، مزيج بين كابتن أمريكا وسوبرمان، أقوى من في المجموعة، وأقوى ما فيه عدم معرفة نقطة ضعف له حتى الآن، وهو ما يجعله متفوقًا حتى على كابتن أميركا وسوبرمان.

بقية الأعضاء هم، كويين ميف (دومينيك ماكلجوت) وهي تشبه ووندر وومن، وذا دييب (تشانس كروفورد) شبيه أكوامان والنقطة الأضعف في المجموعة ومثار سخرية الجميع، وبلاك نوار (ناثان ميتشل رغم أننا لا نرى وجهه) شبيه باتمان لكنه أكثر غموضًا، وترانسلوسنت (أليكس هاسل) الذي لا يقابله أحد في مجموعة العدالة لكنه يقتل في الحلقة الثالثة على أي حال، وهناك أيضًا آ-ترين (جيسي أشر) الذي يشبه ذا فلاش ويعتبر هو من بدأ أحداث المسلسل بالفعل، وأخيرًا ستارلايت (إيرن موريارتي)، آخر المنضمين إلى المنظمة وهي تشبه إلى حدٍ ما سوبرجيرل.

على الجانب الآخر هناك الأولاد أو The Boys، المجموعة المُحاربة للأبطال الخارقين، وكما ذكرنا قائدها هو بيلي بوتشر، صاحب الثأر الشخصي من هوملاندر، وهيووي كامبل صاحب الثأر الشخصي من آ-ترين، وفرينشي (تومير كابون) شاب فرنسي مهووس بالتكنولوجيا والأسلحة، وماذرز ميلك (لاز ألونسو) قوي البنية وصاحب القلب الطيب والعقل الهادئ ضمن المجموعة، وآخر المنضمين للمجموعة ذا فيميل (كارين فوكوهارا) الغامضة صاحبة القدرات الخارقة، والخيط الأول إلى فكرة أكبر من مجرد حرب بسيطة مع الأبطال الخارقين.

اكتشاف ذا فيميل أدى إلى اكتشاف مادة تُدعى المركّب في (Compound V)، وهي المادة التي تمنح كل بطل خارق قوته الخارقة، وتعطيها يُشبه تعاطي المواد المُهلوسة والمُخدرة، حيث يصبح البطل الخارق غير متزن ولا يستطيع التحكم في قوته. هذه المادة التي ستُساهم في زيادة حِدة الأحداث، من بداية حادث موت حبيبة هيووي، إلى اكتشاف أن الشركة تحاول إدخال الأبطال الخارقين تحت لواء وزارة الدفاع الأمريكية ليحاربوا معهم، وهو ما يعطيهم قوة أكبر، وسجعلهم قريبين من السُلطة بشكلٍ أوضح.

الشركة أقوى من الأبطال الخارقين

ضمن أحداث المسلسل لا يعمل أي بطلٍ خارق على حِدة، حيث تتحكم فيه شركة تُدعى “Vought International”، الشركة مسؤولة عن الدعايا الخاصة بكل بطل، وعن كيفية تسويقه إلى البشر على أنه المُخلّص، القادم لإنقاذ البشرية من هلاكها، رغم أن أحداث المسلسل تقول عكس ذلك تمامًا، وأنه كلما ازدهرت فكرة وجود أبطال خارقين، كلما حل الدمار وزاد واستشرى.

تقول مادلين ستيلويل (إليزابيث شو) نائب رئيس شركة فوت، إن عالم بلا جريمة هو هدف الشركة، مع تحقيق الحرية والعدالة للجميع. ما نراه في الكثير من مشاهد الأبطال الخارقين لا يدل على هذا، بل يدل بشكلٍ قاطع على أنهم لا يعبأون بالبشر، فقط يهمهم أن تكون صورتهم ناصعة البياض في عيون الجميع، وأن يحبهم الأطفال والكبار ويتطلّعون دائمًا إلى أن يصبحوا مثلهم، وأن يشتري الجميع الملابس والأكواب والملصقات الخاصة بالأبطال، عسى أن يشعروا بالأمان الذي يبحثون عنه، والخلاص الذي يرجونه منهم.

1568552746113-Screen-Shot-2019-09-15-at-45705-PM

من الحلقات الأولى ستكتشف أنه لا يوجد طيبون وأشرار مثل أفلام الأبطال الخارقين الشهيرة، بل في الحقيقة يمكن القول إن الجميع أشرارًا، عدا فقط ستارلايت لأنها ستبقى على قد كبير من السذاجة في أغلب أحداث المسلسل. الجميع يندفع دفعًا لارتكاب الجرائم، الجميع يعمل في الخفاء، الجميع يضرب تحت الحزام، لا توجد حدود، لا وجود لقانون يحكم اللعبة، فقط من يحاول بأي وسيلة ضرورية فليفُز، فكل شيء متاح، بما في ذلك القتل والاغتصاب.

والشركة دورها أن تحافظ على الصورة الجيدة للأبطال، وأن تعمل جاهدةً على وصول هذه الصورة إلى أكبر عدد من البشر، حتى تُضخ المليارات في الحسابات البنكية الخاصة بأصحابها، فليذهب العالم إلى الجحيم وتبقى الشركة نظيفة لا تشوبها شائبة. الصفقات تتم أسفل الطاولة، جرائم الأبطال الخارقين تُنظّف كما يُنظف المرء أرضية منزله، وإذا لم توافق الحكومة على ضم الأبطال الخارقين إلى خطوط الدفاع الرسمية، لا مشكلة، فلنصنع إرهابيّون خارقون ونهدد بهم البشر حتى نصل إلى مبتغانا، لا شيء يهم إلا أن تكون الشركة بخير ومحمية من جميع الجهات.

القوة والمسؤولية

يلعب صُناع المسلسل – والمجلات المصوّرة من قبلهم – على فكرة ذكية، وهي تحوير فكرة العبارة الشهيرة “القوة الكبيرة تأتي بالمسؤولية الكبيرة” (With great power comes great responsibility) التي كتبها ستان لي في إحدى قصص سبايدرمان المصورة، والتي حوّلها المسلسل بذكاء إلى “القورة الكبيرة تأتي بالخراب الكبير”، حيث جعلوا اختيارات الأبطال الخارقين تميل إلى الشر والخراب والدمار دائمًا، عكس الأبطال الخارقين في شركات دي سي ومارفل، الذي يسعون إلى الخير عادةً ويبتعدون عن الخراب، أو على الأقل في أغلب أفلامهم ومسلسلاتهم.

مع ثنائية القوة والمسؤولية نرى الأبطال الخارقين لا يحملون مسؤولية تجاه أي شيء إلا أنفسهم، وهذا بوضوح ضد فكرة الأبطال الخارقين من الأساس، إذ دائمًا ما كانوا يظهرون في موضع من يخاطرون بأنفسهم في سبيل إنقاذ البشرية. خلال الأحداث يشتبك المسلسل مع شركة فوت ومجموعة السبعة باعتبارهم كيانًا اقتصاديًا ودينًا، ويُفكك فكرة أن يتحكم الأبطال الخارقين في عالمنا، ويطرح سؤال هل نحن بحاجة إلى هؤلاء الأبطال كي يحاضروننا في الدين والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية؟

الحرب بين الأبطال الخارقين والأولاد، تشبه الحرب بين الجبابرة والبشر، بين داوود وجالوت، لكن الفارق في هذه القصة أن الطرفين أشرار مستعدون لفعل أي شيء للقضاء على بعضهم البعض. ورغم ذلك لا تنتقص هذه الفكرة من متعة المسلسل الذي شاهدته في يوم واحد فقط.

يختار المسلسل الطريقة الأفضل – من وجهة نظري – لعرض فكرته بجرأة شديدة، جرأة مصحوبة بالكثير من العنف الدموي الصادم، أو كما يقول المصطلح الأمريكي “In your face”، وهذه الطريقة بالفعل ستجعلهم يخسرون المشاهدون الأصغر سنًا، لكنها ستتمكن من إيصال فكرتهم بأفضل شكل ممكن.

المسلسل حصل حتى الآن على تقييم 8.9 على موقع IMDB الشهير، وقيّمه ما يقرب من 80 ألف مشاهد. والآن نحن في انتظار الكشف عن أحداث ما بعد نهاية الجزء الأول التي كانت صادمة وقوية للغاية، حيث سيعرض الجزء الثاني عام 2020، ويُقال إنه سيكون أكثر جنونًا من الجزء الأول، ما يجعل الانتظار أصعب من ذي قبل.