استلهمت المصممة الأردنية أسيل قواسمة، 28 عاماً، فكرة مجموعتها الجديدة بعنوان Notes from Hana أو “رسائل من هَنا” بعد قيامها بتقديم ورشة عمل في تصميم الأزياء في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ما تميزت فيه هذه المجموعة هي إضافة ملاحظات مكتوبة بخط يد سيدة سورية أسمها “هَنا”. أسيل، تحدثنا مع أسيل عن رسالتها من هذه المجموعة الجديدة.

VICE عربية: أولاً، من هي هَنا؟
أسيل قواسمة: هَنا هي صديقتي من قبل عملي على هذا المشروع بكثير، فقد تعرفت عليها في بوتيك صغير كانت هَنا تعمل فيه في إربد. نحن أصدقاء منذ سنوات وبالطبع كان لصداقتنا أثر ودور في قراري لصنع هذه المجموعة. هَنا في الأربعينيات من عمرها وأمٌ لأربع ولاجئة سورية تعيش في مخيم الزعتري في الأردن منذ عام 2012. رحلت هَنا من مدينتها درعا بعد أن أصيب زوجها في سيارة مفخخة أولاَ، ومن ثم تم اعتقاله وحبسه ولا تعرف عنه شيئاً حتى اليوم.
Videos by VICE
ما الذي أردت قوله من خلال هذه المجموعة؟
أطلقت هذه المجموعة في صيف 2018 بعد عدة أشهر من تقديم ورشة عمل في تصميم الأزياء في مخيم الزعتري. من هنا ازداد فضولي وتعاطفي مع القصص التي روتها السيدات لي وأردت أخذ المشروع الى أبعاد أخرى. فمن خلال قصة هَنا وغيرها من القصص التي سمعتها خلال ورشة العمل، أردت أن أوثق هذه القصص كعربون تقدير واحترام للاجئ أولاً. أنا مؤمنة بأننا جميعنا أتينا على كوكب الأرض كلاجئين مؤقتين، لا أحد منا باق هنا الى الأبد، كلنا فانون. لهذا أحببت أن أوصل الرسالة والصراع بشكل ملموس بهيئة ملابس تم تصميم معظمها باستخدام القماش السوري التقليدي، لأننا بهذه القطع نستطيع حمل قضية اللاجئ على أجسادنا وتبقى قصصهم في ذاكرتنا.

“رسائل من هَنا” هو أيضا اسم القطعة الأكثر مبيعا لديك، فما هي قصة الجاكيت؟
قصة هذا الجاكيت مستوحاة من رسائل خطتها السيدة هَنا بخط يدها. هذه الرسائل تحمل بعض تفاصيل الرحلة والمعاناة التي عانتها هنا منذ أن تفجرت الحرب في سوريا. أخذت الورق الذي سردت فيه هنا قصتها بخط يدها كما هو بدون اجراء أية تعديلات، ومن ثم طبعته على قماش ليشكل البطانة الداخلية لجاكيت أبيض أنيق يحمل صور مأخوذة للمخيم مطبوعة على خارجه. لقد صممت هذا الجاكيت بهدف واحد هو نقل فكرة معينة للعالم ألا وهي أن المرأة العربية بشكل عام، وبالتحديد النساء السوريات مثل هَنا، بالرغم من جميع الظروف الصعبة التي يمررن بها، تكمن داخلهن قوة استثنائية. هؤلاء النساء لا يظهرن للعالم ما بداخلهن من مرارة، بل يخبئنها بداخلهن، كما الجاكيت يخبئ في باطنه حكايا وعبارات.

ماذا عن القميص الأبيض؟
القميص الأبيض يمثل الهوية التي، للأسف، أصبحنا نُعرف اللاجئ بها. هذا القميص يحمل من الأمام رقم تسلسلي كالرقم المسجل على الوثيقة التي تعينها الأمم المتحدة لكل لاجئ وتصبح بمثابة هوية تعريف للفرد الذي يحملها. فكل فرد يسجل كلاجئ معترف به عند المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يتلقى الخدمات تبعاً لذلك. أما من الخلف فطبعت العبارة التي تضعها المنظمة في وثيقة اللاجئ، وهي بمثابة شهادة بأنه لاجئ وتلزم بمعاملته وفقا لذلك والتي تقول: هذا للإقرار بأن الشخص المذكور أعلاه هو طالب لجوء يطالب بإعتباره لاجئاً ويجب أن يتمتع بالحماية الخاصة من الإعادة القسرية إلى بلد يزعم أنه يواجه فيه تهديدات على حياته أو حريته.
هل هناك طلب على هذه القطع؟
المشترين بالأغلب هم السوريون المقيمون بالخارج والأفراد المتعاطفين مع القضية السورية.
هل يذهب جزء من الأرباح كتبرعات للمخيمات السورية؟
لا، لقد تقصدت عدم تخصيص تبرعات للاجئين لأنني لم أرد أن يحمل المشروع شيء من الشفقة تجاههم، بل أردت معاملتهم كنّد لي وبمساواة، لأنني أنظر إليهم كأبطال ولا يجب أن يتم وضعهم في صورة من يحتاج للمال بل هم أكبر من ذلك بكثير.

ماذا تردين على من يرى أن هناك نوع من الاستغلال للاجئين من خلال استخدامهم كوسيلة تسويق؟
لقد إكتشفت بنفسي حجم تأثير الحرب على اللاجئين السوريين الذين هربوا بحثاً عن الأمان والحماية. تجربتي معهم في مخيم الزعتري كانت تطوعية وخيار شخصي وبالتأكيد ساعدتني بمعرفتهم أكثر. فالموضوع شخصي بالنسبة لي هو يُعبر عني. أنا ضد من يقوم باستغلال وتغليب الجانب المادي لأزمة اللاجئين على الجانب الإنساني واستغلال معاناتهم لأغراض شخصية. قيمنا وعاداتنا تحتم علينا تقديم ما نقدر عليه من الدعم والمساندة، استغلال بعض الشركات الخاصة لأزمة اللاجئين لكسب المزيد من المال دون تقديم مقابل مناسب أمر مخز وغير مقبول.
بالنسبة لي، لو أردت أن يكون لهذا العمل أي ربح مادي أو استغلال غير إنساني، لقمت بربط المردود بشكل أو بآخر بجهات إنسانية، فقد تلقيت أكثر من عرض من أكثر من جهة لتعاون قد يبدو “خيرياً” ولكني أردت أن تكون مجموعتي بعيدة عن أي جهة. ارتباطي بهذه التصميمات هو ارتباط الفنان بفنه. الفن يفقد معناه السامي عندما يقدم ويُقولب بغية تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح المادي. أنا لا أرى انه ما قمت به عمل بطولي بالعكس، هو واجب إنساني. أنا فخورة بهذه المجموعة وسعيدة لردة فعل الناس الإيجابية. أتمنى أن أكون قد نجحت بتسليط القليل من الضوء على كارثة إنسانية قد يكون الإعلام تجاهلها ومَل منها.

جميع الصور من مجموعة “رسائل من هَنا” مقدمة من أسيل قواسمة.
More
From VICE
-
Screenshot: Cyborn BV -
Cancer Bats/Bandcamp