يعتبر الإنجاب عبر الأنابيب أو التلقيح الصناعي من أهم ما توصل إليه العلم في المجال الطبي، وهو سلسلة من التقنيات الحديثة التي تُستخدم لعلاج مشاكل الخصوبة والمساعدة على إنجاب الأطفال عن طريق تخصيب البويضة خارج الجسم في إناء المختبر، وبعدها تُزرع هذه البويضة المُخصّبة داخل رحم الأم. لكن وعلى الرغم من التقدّم العلمي الذي سمح للعديد من العائلات من الإنجاب، إلا أن العملية ككل ليست سهلة، سواءً جسدياً أو نفسياً وحتى مادياً. تحدّثت إلى مجموعة من النساء اللواتي خضعن لعملية الإنجاب عبر الأنابيب، وشاركن معنا تجاربهن وأكثر الأشياء التي تمنين معرفتها قبل الخضوع لهذه التقنية التي اكتشفها العالم لأول مرة في سنة 1978.
الدعم النفسي مهم
“بعد ثلاث محاولات للإنجاب عن طريق الإخصاب، أعترف أنني تمنيت لو أخبروني بأهمية اللجوء إلى طبيب نفسي ليمنحني الدعم الذي أحتاجه خلال تلك المرحلة. يعتقد الكثيرون أن الإنجاب عبر الأنابيب عملية بسيطة، شأنها شأن تناول الحبوب المسكنة أو أخذ حقنة، لكنها منهكة نفسًيا في مختلف مراحلها، خصوصا أثناء التحضير للتلقيح، وانتظار 14 يومًا لمعرفة النتيجة، مدة الانتظار تكون مرهقة لنا كأزواج، إنها أطول أسبوعين في حياتنا، نحسّ خلالها بأننا عاجزون ولا يمكننا فعل أي شيء. من السيئ جداً، أن تكون المرأة وحيدة خلال هذه المرحلة وحتى بعد انقضائها، يكون عليك تقبّل فشل التلقيح وتضطر لسماع تعليقات النساء اللواتي تمكنّ من الحمل سريعًا وتدوين وصفاتهن وأعشابهن السحرية. بل ويحدث أن تُقنع نفسك بفكرة عدم الإنجاب مطلقًا. إنه خليط من الإحباط النفسي والخسارة المادية الذي يجعلك تقع في فخ الاكتئاب والضغط النفسي، أو على الأقل هذا ما حصل معي.” -لطيفة، 38 عامًا
Videos by VICE
عيشوا اللحظة
“أعترف أنه كان عليّ الاستمرار في ممارسة أنشطتي اليومية والمحافظة على توازني النفسي كما لو أنني لم أخضع لأي عملية إخصاب. ذعري من فقدان الجنين، الذي حملت به في المحاولة الثانية، جعلني أحدّ من الأنشطة البدنية بشكل نهائي، كنت أقضي وقتي في التمدّد والنوم، مع أن الطبيب لم يطلب ذلك وأخبرني بأن أستمر ببمارسة حياتي بشكل طبيعي. ولكن لأنني كغيري من النساء كنت سأشعر بالذنب وألقي على نفسي اللوم لو لم يحدث الحمل أو يقع مكروه للجنين بسبب الحركة. عمومًا لم تكتمل فرحتي وفقدت الجنين لأسباب أخرى غير متعلقة أبدًا بالحركة (مشاكل في الدورة الدموية)، لذا أقول لكلّ النساء اللواتي يرغبن في خوض هذه التجربة “عيشوا اللحظة” ودللن أنفسكن خلال هذه الفترة. “اعملو نيولوك أو اتمشو على البحر.. ولا تحبسن أنفسكن بين أربع حيطان، فالمكتوب ما منو هروب.” -سعاد، 35 عامًا
كنت أشعر كدمية الفودو
“كانت عملية التلقيح الصناعي واحدة من أكثر التجارب المنهِكة لجسدي، كنت أشعر طوال الوقت كدمية الفودو التي تُغرز بها الدبابيس من كل جانب. في الحقيقة، لم يخبرني أحد أن بطني سيصبح مليئاً بالبقع البنفسجية وثقوب الإبر اليومية المحفزة للمبيضين، وسيمتصّ جرعات كبيرة من هرمون البروجيسترون، كمُكل لتحسين فرص الإخصاب. اضطررت لمواجهة التقلبات المزاجية، والتأرجح بين السعادة والضحك، والصراخ والغضب الذي يغمرني فجأة. رغم كل هذا فأنا لست نادمة، لدي تؤام بنات وأنا سعيدة بهما، ولو عاد بي الزمان إلى الوراء لأعدت الكرّة.” -أمينة، 41 عامًا
تذكري أن نسبة الفشل كبيرة
“كنت أتمنى لو علمت أن عملية التلقيح الصناعي هي كأي عملية أخرى، قابلة للفشل لكنت راجعت طبيبًا آخر. خلال زيارتنا للطبيب، كان يتحدّث فقط عن نسبة نجاح العملية، جعل الأمر يبدو كأنه صفقة ناجحة ورابحة مائة بالمائة، علمًا أن نسبة نجاح عمليات الإخصاب في المتوسط لا تزيد عن 35٪ لكن كان لدينا يقين تام بأن العملية ستنجح لا محالة. لو أخبروني فقط في البداية أن هناك نسبة كبيرة للفشل، لفكرت مليًا في الأمر ولجرّبت وسائل وطرق أخرى للحمل قبل أن ألجأ لهذه التقنية، لكنها في النهاية تجربة إنسانية (على الرغم من أنها لم تنجح) جعلتني أكتشف شخصيتي من جديد، وأنني أقوى مما تخيلت.” –دعاء، 29 عامًا
البروجسترون ثم البروجسترون
“أتمنى لو أخبروني خلال المحاولة الأولى بأهمية البروجيستيرون لنجاح التلقيح، لأنه بمجرّد أن تنسيْ أو تتناسيْ تناوله مرة واحدة “خلاص” ينتهي الأمر (اسأل مجرب). في المحاولة الثانية، حرصت على ضبط منبه في هاتفي حتى أجبر نفسي على أخذه كل 12 ساعة كما جاء في وصفة الطبيب، كما صرت أتّبع كلام الممرضة التي نصحتني بالتمدد لمدة ثلاثين دقيقة بعد أخذ الحقن للاستفادة من كل فوائدها. لذا فنصيحتي للمقبلات على عملية الإخصاب في المختبر: “البروجسترون، ثم البروجسترون ثم البروجسترون.” –فاطمة الزهراء، 31 عامًا
الخوف دمر علاقتي الزوجية
“هوسي بالحصول على طفل جعلني أهمل علاقتي بزوجي، كرّست كل وقتي وجهدي وطاقتي لإنجاح عملية التلقيح، فيما ركنت زوجي جانبًا كما لو لم يكن جزء في هذه العلاقة، وانطبق عليّ المثل القائل “الشيء إذا زاد عن حد انقلب إلى ضده.” خلال فترة التحضير للتلقيح وانتظار النتيجة وطوال أشهر الحمل، امتنعت نهائيًا عن مشاركة الفراش مع زوجي وممارسة الجنس معه، ظنا مني أن انقباضات الرحم خلال النشوة الجنسية لها تأثير سلبي على الجنين أو قد تُلحق الضرر به. تمنيت لو علمت أن هذا الخوف المبالغ فيه سيدمّر علاقتنا الزوجية إلى الأبد. واليوم بعد نجاحي بالحمل والانجاب، بتنا نعيش معا كالغرباء، أوزّع وقتي بين العمل والاهتمام بصغيري، فيما يقضي هو ليالٍ طويلة بعيدا عن البيت.” -إلهام، 32 عامًا