عاد الجدل مؤخراً في الجزائر وتونس حول إعادة تطبيق عقوبة الإعدام ضد المجرمين على إثر قتل واغتصاب شابات بطرق بشعة. وانقسم الرأي العام بين مؤيد يرى أنه من الضروري إعدام هؤلاء القتلة لردع البقية، وبين من يرى أن هذا يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان. ويتزامن هذا الجدل مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام حيث جددت منظمات حقوقية وأفراد دعوات بإلغاء عقوبة الإعدام. وقد قام عدد من الدول العربية بتعليق العمل بهذه العقوبة منهم تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، فيما توقفت لبنان عن تنفيذ أحكام الإعدام منذ عام ٢٠٠٤، فيما ألغت جيبوتي عقوبة الإعدام رسمياً، كما صادقت السلطة الفلسطينية، على قانون إلغاء عقوبة الإعدام في القانون الفلسطيني. في المقابل، تحتل الصين وإيران والمملكة العربية السعودية والعراق ومصر -بهذا الترتيب- المراتب الأولى للدول الأكثر تنفيذًا لعقوبة الإعدام في العالم. وحتى أبريل، كانت السعودية تنفذ الإعدام بمرتكبي الجرائم وهم قُصـَّر، قبل أن يتم الإعلان في أبريل عن إنهاء ذلك، واستبدال العقوبة بالسجن.
وبحسب الأرقام التي أعلن عنها التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام فهناك:
Videos by VICE
- 106 دول ألغت عقوبة الإعدام لجميع الجرائم
- 8 دول ألغت عقوبة الإعدام للجرائم العادية فقط·
- 28 دولة ألغت في الممارسة تنفيذ عقوبة الإعدام
- 56 دولة لا تزال تحتفظ بعقوبة الإعدام
كذلك:
- من بين البلدان الصناعية، لا تزال أربعة بلدان فقط تطبق عقوبة الإعدام: الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، سنغافورة وتايوان.
- في السعودية وإيران يتم الإعدام بقطع الرأس بالسيف أو شنقاً أو رجماً بالحجارة أو رمياً بالرصاص في القضايا التي تهدف إلى بث الفساد والفتنة في المجتمع. وفي الولايات المتحدة تتم الإعدامات بالحقنة القاتلة والكرسي الكهربائي، أما في اليابان فيتم الإعدام شنقًا.
ولأن الجدل بشأن هذه العقوبة يشمل كل الدول العربية توجهنا إلى عدد من الشباب، وسألناهم عن موقفهم من تنفيذ حكم الإعدام؟
الإعدام حكم جائر
“الإعدام حكم جائر جدًا لأنه نهائي وغير قابل للتغيير، حتى أنه في حال تعرض أحدهم للظلم أثناء المحاكمة ثم ثبتت براءته فيما بعد لن يكون بوسعنا إعادته للحياة مجدًدا ولهذا فهو ليس العقوبة المناسبة لردع الجناة. كما أن القول بأن تنفيذ الإعدام سيرهب البقية غير مقبول لأن العقوبة تخص مرتكب الجريمة وحده وليس من أهدافها ترهيب من لم يقترف أي جريمة. من المهم أن لا تنجر الدول التي جمدت أو أوقفت الإعدام وراء هذه الموجة الشعبية التي تطالب بإعادة حكم الإعدام، لأن الدولة لا تعالج الأمور على مزاج المواطن. أنا كمواطنة من حقي أحزن وأغضب وأن أشعر بالرغبة في الانتقام عند سماعي لجرائم بشعة، ولكن إذا ما تعاطت الدولة مع هذه القضايا على قياس مشاعري وباتت وتسلط عقوباتها على حسب الإحساس النسبي والمتحول وغير الموضوعي فإنها حتمًا ستظلم الكثيرين وسنصل إلى الحد الذي يمكن أن نقوم بإعدام شخص لمجرد أن لديه وجهة نظر مختلفة أو معارضة لما يراه المجتمع، أنا ضد الإعدام شكلاً ومضموناً.” –سمر، 29 عامًا
على المجرمين دفع الثمن
“إلى متى سنكتفي بإحصاء عدد الأمهات والآباء الذين يكتوون بنيران فقدان فلذات أكبادهم الذين قضوا على مجموعة من المجرمين أخفقت الدولة في التصدي لهم. لا بد من تطبيق هذا الحكم الصارم لأنه سيكون عبرة لهؤلاء المنفلتين ليدركوا أن هناك ثمًنا سيدفعونه يعادل جرائمهم. لم يعد هناك أحد منا بمنأى عن الخطر وما حدث مع رحمة في تونس (التي تم اغتصابها وقتلها وإلقاء جثتها على حافة الطريق) ومع الكثيرات والكثيرين قد يطالني أو يطال أحد أفراد عائلتي أو أصدقائي، والجميع دون استثناء في أي وقت وفي أي مكان. بتنا ننام ونستيقظ على وقع جرائم مروعة تحدث في وضح النهار، آن الأوان لنضع حدا لكل هذا ولن يكون الحل سوى تطبيق الإعدام ضد هؤلاء الذين يقتلون وينكلون بدماء باردة.” –فداء 30 عاماً
الإعدام عنوان توحش
“من المخجل أننا مازلنا في عالمنا العربي نناقش حتى الآن مسألة مثل عقوبة الإعدام في الوقت الذي يجدر بنا أن نبحث عن آليات تجعلنا متماهين مع المنظومة الحقوقية العالمية وأسس الدولة المدنية. لقد انتقدنا في السابق، الكثير من القوانين التي تؤدي إلى قمع الحريات والحقوق الإنسانية بما في ذلك الحق في الحياة، فكيف نقبل إذا تسليط عقوبة الإعدام على أشخاص حتى وإن كانوا مجرمين، كيف نمنح أحدهم حتى وإن كانت الدولة الحق في إنهاء حياة أحدهم؟ العقوبة عند ارتكاب الجرائم لازمة، لكن الإعدام ليس خياراً، ولا يجب أن يكون، الإعدام عنوان توحش ولا أرى أنه من الصواب مواجهة البشاعة ببشاعة أكبر منها، وإلا فإننا سنكون بهذا قد عدنا للعمل وفق قواعد متطرفة يفترض أنه قد تجاوزها الزمن. والأهم أنه لا يمكن أن نتجاهل أن الإعدام هو العقوبة الوحيدة التي لا يمكن للقضاء التدارك فيها في حال اتضحت براءة متهم نفذ فيه هذا الحكم. –أحمد، 30 عامًا
العين بالعين يجعل العالم كله أعمى
“لم يكن لدي موقف معين من عقوبة الإعدام حتى شاهدت فيلم Dead Man Walking من بطولة سوزان ساراندون وشون بن، تأكدت حينها أن الإعدام لا يمكن أن يكون حلاً للقضاء على الجرائم، كل شخص في هذا العالم يستحق فرصة ثانية إن لم تكن ثالثة ورابعة. لا يجب أن يكون لدى أي حكومة في هذا العالم سلطة لإنهاء حياة أي إنسان، مهما كانت جريمته. جريمة الإعدام توازي إن لم تكن أكبر من أي جريمة قد يرتكبها الفرد. الشر موجود في البشر، وهذا لا شيء تستطيع عقوبة الإعدام تغييره. عقوبة الإعدام هي انتهاك صريح حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي الواقع وبحسب الدراسات، لا يوجد أي دليل يؤكد بأن هذه العقوبة قد أدت إلى تقليل معدلات الجريمة. فما الهدف من تنفيذها؟ كما يقول المهاتما غاندي “مبدأ العين بالعين يجعل العالم كله أعمى.” –سهى، ٢٢ عامًا
يجب إلغاء هذه العقوبة في الدول الدكتاتورية
“أنا أرفض تطبيق حكم الإعدام من منطلق الحالة المصرية حصراً، التي تعتمد هذا الحكم ليس لمواجهة الإجرام أو للقصاص من أشخاص أفسدوا وأجرموا بقدر ما هي تصفية لأناس يتعارضون في أفكارهم وتصوراتهم مع مزاج النظام القائم. في بلادي يعدم كثيرون ضمن أحكام ظالمة وغير صحيحة وبتهم ملفقة في كثير من الأحيان، ولهذا أرفض الإعدام. ندرك جميعًا براءة الكثيرين مما قضوا بهذه العقوبة، ولكن حتى في حال تم تبرئتهم في وقت لاحق، لا نستطيع إعادتهم إلى الحياة لمواجهة من ظلمهم. وفي هذه الحالة تبقى أي عقوبة أخرى عدا الإعدام تحمل بعض الأمل بأن يأتي اليوم الذي يمكن للمظلوم أن يحصل على العدالة التي يستحق. كل ما آمله هو يجري إلغاء هذه العقوبة خاصة في الدول الدكتاتورية التي لا سلطة فيها للقانون.” – هشام، 31 عامًا
المغتصبون لا يستحقون العيش
“برأيي، يجب تطبيق عقوبة الإعدام في جرائم معينة مثل أولئك الذين يقترفون جرائم بشعة كالقتل مع التنكيل والاغتصاب لأن هؤلاء يشكلون خطرًا على المجتمع ولا يستحقون العيش. الحياة هبة جميلة من الله، ولكن دون أن يتحول إلى وحش يسلب حياة الآخرين بل ويتلذذ بذلك. هؤلاء يستحقون الإعدام عشرات المرات حتى يكونوا عبرة لأصحاب النفوس الشريرة التي تميل إلى هذا النوع من التوحش. يجب أن لا ننسى أن القصاص مشروع حتى في النص القرآني ولا أحسب أن تشريعه من الله اعتباطي بل فيه حكمة بينة وهي أن من قتل عمداً لا بد أن يقتل.” –ياسر، 27 عامًا
أدعم الإعدام حسب طبيعة الجرم والمجرمين
“لا أدري إذا كنت مع تنفيذ حكم الإعدام أو لا فعندما أرى وأسمع عن الجرائم التي تقترف من حين إلى آخر ضد بعض النساء من طرف أزواجهن وآبائهن وأخواتهن والأحكام القضائية المخففة التي يحصلون عليها أشعر بالغضب وتنتابني الرغبة في أن يحاكموا بالإعدام شنقًا دون رحمة، لأنهم أقدموا على فعلتهم عامدين ضد طرف ضعيف، وغالبًا ما يكون غير قادر عن الدفاع عن نفسه -وأحيانا غدرًا أيضًا. وفي مناسبات أخرى عندما أسمع عن إصدار هذا الحكم ضد شخص أقدم على جريمة تحت تأثير ظروف ما غالبًا لا تتم مراعاتها عند الحكم، ولا سيما إذا كان المذنب ينتمي لبيئة فقيرة، أشفق على المتهم وأود لو أن القاضي يعدل عن إعدامه. بمعنى أنني أدعم هذا الحكم حسب طبيعة الجرم والمجرمين. هناك من يقترفون أعمالهم الوحشية عن سابق إصرار ومن منطلق رغبة في إنهاء حياة شخص آخر وإلحاق أذية كبيرة به وهؤلاء يستحقون أن يعدموا. وهناك من يجدون أنفسهم أحيانًا أمام خيارات ضيقة وظروف صعبة تدفعهم لارتكاب أخطاء جسيمة، وهؤلاء ليس من العدل أن نسقطهم في خانة المجرمين المتوحشين مباشرة ونسلط عليهم هذه العقوبة.” –أدريس، 25 عامًا