تعتبر الإمارات الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي بادرت بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية للحفاظ على البيئة. وضعت حكومة أبوظبي سياسة خاصة لخفض استخدام الأكياس البلاستيكية بشكل تدريجي حتى تم حظر استخدامها نهائيًا في عام 2022، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تم فرض عقوبات على من يخالف ذلك القرار.
أعلنت مراكز التسوق عن عدم مجانية الأكياس البلاستيكية بعد الآن وسوف يتم استبدالها بأخرى تكون مناسبة للاستخدام وفي نفس الوقت صديقة للبيئة سعرها ثلاثة دراهم حسب الحجم والجودة. وتم حظر استخدام الأكياس البلاستيكية التي لا يمكن إعادة استخدامها في أبوظبي، وعملت منافذ البيع بالتجزئة على تحصيل 50 فلساً من الجمهور على الأكياس البلاستيكية متعددة الاستخدام.
Videos by VICE
تستهلك الإمارات في العام الواحد ما يقرب من 11 مليار كيس، ويستهلك الفرد الواحد سنوياً 1.184 كيس، بينما بلغ الحد المتوسط العالمي لاستخدام الفرد الكيس البلاستيك نحو 307 كيس. هذه الخطوات نحو تقليل استخدام الأكياس البلاستيكية هدفها حماية البيئة والكائنات الحية من البلاستيك الذي لا يتحلل إلا بعد قرون سواء كان مدفوناً في قاع البحر أو المحيط أو في بطن حيوان ما. ولكن هل حظر أكياس التسوق البلاستيكية هو الحل؟
**خطورة البلاستيك على الإنسان والبيئة
**الأكياس البلاستيكية التي يقدر استهلاكها بنحو 160،000 كيس بلاستيكي في الثانية حول العالم، لها تأثيرات سلبية عدة على البيئة. وتظهر الإحصائيات أنه يتم إعادة تدوير 9٪ فقط من البلاستيك، وينتهي المطاف بالكثير من الباقي في المحيط، أو تأكلها الحيوانات، كما أن إنتاج الأكياس البلاستيكية ينتج كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الذي يسبب الاحتباس الحراري.
ومن أكثر الأضرار التي ليست شائعة إعلاميًا استقرار جزيئات دقيقة من البلاستيك في جسد الإنسان، فعلى سبيل المثال المياه المعدنية المعبأة في زجاجات، قد تتراكم جزيئات البلاستيك الدقيقة داخل الزجاجة وتختلط بالمياه التي يشربها الإنسان.
تشكل الأكياس البلاستيكية 70 % من النفايات التي تسبب التلوث البيئي في البحار والمحيطات، الأمر الذي يضر بالحياة البحرية. بسبب تلك النفايات يتعرض أكثر من مليون حيوان بحري للضرر، وكذلك تضرر الحيوانات الثديية فهناك ما يقارب 100 ألف حيوان معرض لابتلاع قطع البلاستيك. تشير التقديرات إلى أن حوالي 13 مليون طن من البلاستيك تدخل محيطات العالم كل عام، وفي المحيط الهادي هناك رقعة كبيرة من القمامة، وصفت بأنها قارة القمامة، إذ أنها تغطي ما يقدر بنحو 1.6 مليون كيلومتر مربع، وهي مساحة تبلغ ضعف مساحة تكساس أو ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا.
على عمق 11 ألف متر تقريباً، في وسط غرب المحيط الهادئ، عثر علماء على كيس بلاستيك ويعتقد أن تلك القطعة هي أعمق قطعة نفايات بلاستيكية تم العثور عليها حتى الآن، وأشارت تقديرات إلى أن تفكك هذه القطعة يستغرق من 400 إلى 1،000 عام.
يهدد البلاستيك حياة الشعاب المرجانية كذلك، والتي تعد مصدر غذائي لمجموعة كبيرة من الكائنات الحية، كما أنها تحمي أكثر من 150،000 كيلومتر من الشواطئ في 100 دولة وإقليم، وتحمي المجتمعات الساحلية من العواصف الشديدة والرياح والأمواج. الأمر لا يتوقف عند ابتلاع طائر أو حيوان بحري لقطعة بلاستيك، إذ رصدت دراسات أن البلاستيك حينما يتلامس مع الشعاب المرجانية، فإن احتمالية إصابة الشعاب بالأمراض ترتفع من 4 في المئة إلى 89 في المئة.
وتتسبب تلك النفايات البلاستيكية في قتل الحيوانات على مستوى العالم وخاصة الحيتان والدلافين والسلاحف. في 2018، عثر فريق من الباحثين على حوت نافق، يبلغ طوله حوالي 9.5 متر، دفعته الأمواج إلى شواطئ إندونيسيا، وكان يحتوي على 7.5 كيلو تقريبًا من القمامة في معدته، بما في ذلك 115 كوبًا بلاستيكيًا.
**هل حظر البلاستيك مفيد حقاً للبيئة؟
**عقب الحديث عن أضرار الأكياس البلاستيكية، السؤال هو هل حظرها مفيد للبيئة فعلاً؟ هذا الأمر ما يزال مطرحًا ويؤخذ ويرد عليه من قبل أنصار استخدام البلاستيك وحُماة البيئة.
استبدال البلاستيك بمواد صالحة للبيئة أمر نظري قد يكون بسيطًا، إلا أنه أعقد من ذلك بكثير، بعض النقاشات حول هذا الأمر تطرقت إلى أن البديل الأكثر شيوعًا، ستكون الأكياس القطنية التي يعاد استخدامها مرارًا وتكرارًا، إلا أن هذا الخيار قد يكون سيئًا هو الأخر.
الأكياس الورقية والحقائب القطنية قابلة للتحلل ويسهل إعادة تدويرها. لكن إنتاجها بكميات يتطلب الكثير من الماء والوقود والأشجار. وعادة لا يتم تصنيعها من مواد معاد تدويرها. وأشارت دراسة أسترالية إلى أن الحقيبة القطنية لها آثار بيئية كبيرة، حتى إنتاجها سيتم استخدام كمية من المبيدات الحشرية، كما يتطلب زراعة رطل من القطن أكثر من 5،000 جالون من الماء في المتوسط، وهو استهلاك كبير.
وفي ٢٠١١ أصدرت وكالة البيئة في المملكة المتحدة تقريرًا، يوضح أن تأثير الكربون للأكياس الورقية والبلاستيكية القابلة لإعادة الاستخدام والقطن tote أعلى من الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد عند التفكير في إنتاج كل منها واستخدامها والتخلص منها، وفقًا للتقرير، يجب استخدام كيس قطني 131 مرة ليكون له تأثير أقل على المناخ.
تتطلب الأكياس الورقية كذلك طاقة أكثر بنسبة 400٪ ناهيك عن حصاد الأشجار واستخدام المواد الكيميائية الضارة في الإنتاج. كما وجدت دراسة نشرتها وكالة حكومية أسترالية في عام 2007 أن الأكياس الورقية لها بصمة كربونية أعلى من البلاستيك بسبب الحاجة إلى مزيد من الطاقة لإنتاج الأكياس الورقية ونقلها.
تُظهر الأدلة أن وضع قيود على استخدام الأكياس البلاستيكية يقلل من استخدامها، ولكنه يؤدي أحيانًا إلى مزيد من الضرر البيئي إذا تحول الناس إلى مواد أخرى ذات آثار موارد أكبر. قد يكون من المدهش معرفة أن الأكياس القابلة للتحلل البيولوجي “الخيار الأسوأ” حيث أنها تنتج بالفعل كميات أكبر من التلوث نتيجة لاستخدام المبيدات الحشرية والأسمدة وتلوث المياه والانبعاثات السامة.
كما وجدت دراسة حديثة أن الأكياس القابلة للتحلل البيولوجي لا تتحلل بسرعة وبشكل كامل في البيئة كما قد يوحي المصطلح، حيث كشفت دراسة حديثة أن هذه المواد البلاستيكية القابلة للتحلل الحيوي يمكنها في الواقع أن تعيش لثلاث سنوات في بيئات مختلفة دون تحلل كامل. باختصار، لمجرد أن بعض هذه الأكياس مصنوع من النباتات أو لديه القدرة على التحلل البيولوجي في ظل ظروف محدودة ، فلا يمكن وصفها بأنها “آمنة على كوكب الأرض.” كل البلاستيك قابل للتحلل، حتى البلاستيك التقليدي. في الواقع، بعض المواد المضافة إلى البلاستيك التقليدي تجعلها تتحلل بسرعة أكبر عند تعرضه للحرارة والضوء.
بصرف النظر عن السمعة السيئة، فإن الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد لها أقل بصمة كربونية، ولكن الأهم هو كيف نستخدم هذه الأكياس. وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن استخدام كيس من القماش ما بين 50 و 150 مرة سيكون له تأثير مناخي أقل من كيس بلاستيكي يستخدم مرة واحدة.
أكبر إيجابيات الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام هي أن استخدامها يقلل من كمية القمامة على الأرض وفي المحيطات. ولكن بحسب الخبراء، كل المواد لها بصمة بيئية والتحول إلى الأكياس الورقية هو حل خاطئ لأزمة التلوث. بدلاً من الاتجاه إلى بديل يبدو صديقًا للبيئة -وهو فقط ينقل المشكلة نفسها لمكان آخر- فمن الأفضل الاستمرار في إعادة استخدام الأكياس التي لديك بالفعل سواء بلاستيكية أو قطنية أو غيرها مرات عديدة.
الخلاصة هنا، لا يوجد خيار خالي من التأثير على البيئة، سواء كان ذلك يساهم في تغير المناخ، أو تلوث المحيطات، أو استخدام مبيدات الحشرية. أفعالنا هي التي تشكل الفرق- وليس الحقيبة أو الكيس نفسه.