**خسرت عذريتي ولا أعلم من سيتقبلني في مجتمعنا العربي؟
**عزيزتي، بداية أنت لم تخسري أي شيء –وأتمنى من قلبي أنكِ خضت هذه التجربة الجنسية بكامل رغبتك وموافقتك. “خسارة” كلمة قوية جدًّا وغير دقيقة، فالعذرية أمر يصعب تعريفه بشكلٍ علمي، ويختلف من شخصٍ لآخر، فالبعض يعتبر عدم خوض أي نوع من التجارب العاطفية أو حتى الانجذاب لشخص آخر هو العذرية الحقيقية، والبعض يعتبر العذرية هي عدم الانخراط في أي نشاط له طبيعة جنسية مثل التقبيل والعناق والتلامس أو حتى الإمتاع الذاتي (العادة السرية)، وهناك من يربط العذرية بفقدان غشاء البكارة.
كثير من من النساء يولدن دون غشاء بكارة من الأساس، وإذا وجد فهو ليس ضمانًا للعذرية، وليس ضروريًّا أن تنزف صاحبته عند ممارسة الجنس لأول مرة، كما لا يمكن التأكد من وجوده أو عدمه بأي نوع من الفحوصات. ولكن للأسف ما يزال المجتمع يقيّم النساء بهذا الغشاء، وينتظر منهن قطرة الدم الفظيعة هذه ليحكم عليهن بأنهن طيّبات مقبولات. دعيني أخبركِ أنكِ -وكل النساء- أكبر بكثير من هذا التقييم الظالم.
Videos by VICE
ممارسة الجنس، أو أي نوع من الأنشطة الحميمية هي أمر شديد الخصوصية والذاتية، وشيء لا يحق لأحدٍ أن يسألك عنه أو يحاسبك بخصوصه، وإن كنّا نعيش في مجتمعٍ ذكوري يعتبر النساء ملكيةً عامةً يحق للجميع الحكم عليهن ومسائلتهن، وينصب لهن المشانق على أي تجربة تمر مرور الكرام إذا فعلها رجل، فلا يجب علينا أن نتبنى وجهة النظر هذه، بل أن نكون أكثر إنسانيةً بحق أنفسنا.
ممارستك للجنس من عدمه، تجربة تخصّك وحدك، لا تُدخلي المجتمع فيها، ولا تعيشي متوترة بخصوص من سيتقبلك إذا عرف بها، لأنك لست مديونة لأحدٍ بأن تخبريه بتفاصيل حياتك الجنسية. تابعي حياتك بشكلٍ طبيعي واستمتعي بها. وإذا كان هناك طرفٌ يجب أن يحاكم الآخر فهو أنتِ، أنتِ من تحاكمين المجتمع لتعرفي إذا كنتِ ستقبلينه أم لا، وإذا كانت مبادئه وتصرفاته إنسانية أم لا. هل تتقبلين مجتمعًا يُقيّم أخلاقك، بل وحقك في الحياة ذاتها، مقابل قطرة دم قد تكون أو لا تكون، سواء كنتِ عذراء أم لا؟ عيشي بقناعاتك ولا تلتفتي للخلف، ما دمتِ لا ترتكبين جريمةً قانونية، أو تؤذين صحتك، أو تتعدين على حقوق الآخرين.
قد تفكّرين في زوجك المستقبلي، الشخص الذي ستستقرين معه، هل يجب أن يعرف تاريخك الجنسي كاملاً من منطلق الشفافية والصراحة أم لا؟ الحقيقة أن هذه نقطة شائكة، فالبعض يرى أن ماضيك بالكامل ملكك ومن حقك أن تحكي ما تريدين وتحجبي ما لا تريدين، والبعض يرى أنك مطالبةً أخلاقيًّا بإخباره إذا كان أحد دوافعه للزواج هو اعتقاده بأنكِ عذراء.
لكن دعيني أخبرك أن الشخص الذي يحبك حقًّا، والذي يتمتع بنظرة أخلاقية للعالم ويرى الأمور على حقيقتها وليس كما بَرمجنا المجتمع، ستكون له تجاربه أيضًا، وسيكون مستوعبًا لأن ممارسة الجنس حق إنساني وليست شيئًا ينتهي بسببه العالم. ابحثي عن شخصٍ يشبهك، يرى العالم كما ترينه، وستكونين على ما يرام. قد تشعرين أن وجود هذا الشخص مستحيل، ولكن هذا ليس صحيحًا. وإذا حدث وحكيتِ لشريكك عن تجاربك السابقة، فليكن هذا من قبيل مشاركة حدوتة قديمة، وليس من منطلق طلب التقبّل والمغفرة لأنك لم تخطئي بحق أحد، وجسدك ملكك وتجاربك ملكك وحياتك لا تخص سواكِ. حان الوقت لنحكم نحن على المجتمع، لا أن نحكم على أنفسنا، ونقسو على أنفسنا، ببقايا أفكار وآراء ذكورية ظالمة وغير منصفة.
**كرجل أسيكشوال Asexual، أو عديم الجنس بمنتصف الثلاثينات، وأعيش ببلدٍ عربي، أعاني من جميع أنواع الضغوطات لدفعي للزواج، لكنني لا أرى أي طريقة للزواج أو لشرح ميولي بهذا العمر. هذا التفكير خلق لديّ شعورًا بعدم الرغبة في الحياة، أو التفكير في المستقبل، فهل سأكون العجوز الأعزب غريب الأطوار، أم سأكون الزوج العاجز الذي لا يرضي زوجته؟ ماذا أكون؟
**عزيري، كرجل أسيكشوال، أو لا جنسي، في مجتمعنا العربي أو في أي مجتمع آخر، أنت لست وحيدًا، ولست غريب الأطوار على الإطلاق. اللاجنسية هي توجه جنسي طبيعي يشعر أصحابه بانخفاض أو انعدام الرغبة الجنسية، كجزء أساسي في طبيعتهم، وليس بسبب مرض أو عجز معين، وتبلغ نسبة اللاجنسيين نحو ١٪ من تعداد البالغين في العالم، فلو فرضنا أن بلدًا يبلغ تعداده ١٠٠ مليون إنسان بالغ، سيكون عدد اللاجنسيين منهم مليون شخص، ما يجعلهم حولنا في كل مكان، بين أصدقائنا ومعارفنا وزملاء العمل.
يمكن أن يكون اللا جنسيين أشخاصًا لا يشعرون نهائيًّا بالانجذاب العاطفي أو الجسدي نحو الآخرين، ويمكن أن يدخلوا في علاقات عاطفية فقط دون أي ممارسة جسدية، ويمكن أن يستمتعوا بالملامسات الحميمية البسيطة من عناق وتقبيل، ومن الممكن أن يمارسوا الجنس بمعدلٍ منتظم لإسعاد شريكتهم/شريكهم، ويمكن أن يمارسوا الجنس لغرض الإنجاب فقط. تختلف هذه الميول من شخصٍ لآخر، ومن علاقةٍ لأخرى، حسب توافق الطرفين واتفاقهما. لكن مجتمعنا -كالعادة- لا يستوعب المختلف، ولا يراعي الحدود الشخصية التي تمنح كل شخص حق تقرير حياته كما يشاء.
أنت طبيعي تمامًا يا صديقي، أمَّا كيف سيكون مستقبلك فهذا مرهون بما تريده، هل أنت ممن لا يرغبون في أي نوعٍ من العلاقات العاطفية أو الجسدية؟ هذا حقك تمامًا، وبناءً عليه يمكنك أن ترتب أمورك وتكتسب أصدقاءً مقربين يكونوا كعائلتك وأكثر. هل ترغب في علاقة عاطفية مع شريك/ة لاجنسي/ة مثلك؟ هذا حقك أيضًا، واللا جنسيين لهم مجتمع كبير الآن يتواصلون معًا، ويتشاركون خبراتهم ومشاعرهم، وقد تجد رفيق/ة رحلتك هناك، وقد تبنيان أسرة عن طريق التبني مثلاً، وقد تميل لشخص يستوعب اختلافك، وتقعان في الحب وتصلان لاتفاقٍ يجعلكما سعيدين في حياة مشتركة. كل شيء ممكن، عش واستكشف الاحتمالات المتاحة من حولك، ولا تشغل بالك بأي شيء آخر، ولا بإرضاء أحد.
الزواج عامود واحد ضمن عشرات الأعمدة التي تقوم عليها حياتنا وتجعلنا سعداء ومتحققين وراضين عن أنفسنا. عدم الزواج لا يعني دائمًا الوحدة، فكثير من المتزوجين وحيدين رغم وجودهم مع شريكٍ تحت سقفٍ واحد، وكثير من العُزاب يستمتعون بحياتهم.
أتفهم تمامًا الضغط الواقع عليك، لكنك لست مطالبًا بشرح ميولك لأحد، باستثناء الشخص الذي قد تشعر بالميل العاطفي نحوه، أو احتمالية بناء حياة مشتركة معه. أمَّا العائلة والأصدقاء والمعارف فتكفيهم كلمة “سأتزوج إذا وجدت العلاقة التي تناسبني” وانتهى الأمر. هكذا بشكل قاطع لا يسمح لهم بتجاوز حدودهم، وكن صارمًا في ذلك. أحيانًا يكون الصدام هو الطريقة الوحيدة لكسب حريتك في وجه مجتمع لا يفهم الخصوصية. امنح نفسك وقتًا للتفكير والتقبل، وتحدث مع أشخاص مثلك لأن هذا قد يخفف من شعورك بالوحدة. وربما يفيدك التحدث مع طبيب نفسي لتتجاوز شعورك بالضغط الاجتماعي، أو يرشدك لكيفية التواصل مع من حولك. تذكر دومًا أنك إنسان طبيعي له توجه جنسي مختلف لا أكثر، لست عاجزًا لأن عزوفك عن الجنس سببه عدم الرغبة وليس عدم القدرة، وما تمليه عليه مشاعرك ورغباتك هو فقط ما سيكون.
**أنا بنت مصرية عمري ١٨ سنة، أحب شابًّا في الجامعة، وهو بيبادلني نفس الشعور. في الحقيقة احنا في phase الاستهبال. ولأني أكره هذه المرحلة سألته هل هو هيعترفلي؟ قالي: “آه بحبك، بس مش عايز ندخل في علاقة”. في الواقع دلوقتي بنتكلم كل يوم، وبنغير على بعض، وبنعمل كل حاجات المتصاحبين بس احنا مش متصاحبين. أحيانا بكون عايزة أسمع كلمة بحبك منه بس هو مش بيقولها. أعمل ايه؟
**عزيزتي، الحب تجربة شعورية جميلة، ولكل مرحلة فيه جاذبيتها، ومرحلة الاستهبال و”حلاوة البدايات” جزءً من مراحل الحب، وبالنسبة للبعض تكون الأكثر إثارة. أحيانًا يرغب المتحابون في إطالة هذا “الاستهبال” لأطول فترة ممكنة، لأن كل شيء سيتغير بعد كلمة “أحبك” وهذا شيء جميل أحيانًا، ولكن في أحيانٍ أخرى يتخذ البعض من مرحلة الاستهبال حجةً للاستهبال الحقيقي، وهذا ما أظنه يحدث معك.
العلاقات غير المُعرفة نوع خطير للغاية من العلاقات العاطفية، هي أكثر بكثير من الصداقة، وأقل قليلاً من الارتباط، ويخوضها الطرفان دون تعريف واضح لما يفعلان، وخطورة هذا النوع من العلاقات أنها تضع احتياجات أحد الطرفين (وهو الطرف غير الراغب في تعريف العلاقة)، على حساب الطرف الآخر الذي يرغب في معرفة موقفه بالضبط، وكلما واجهته تهرَّب، وإذا نفد صبرك وصارحته بأنك تريدين تعريفًا واضحًا لما بينكما فربما لن تجدي إجابة مُرضية، بل من الممكن أن يتنصل منك بعبارات من نوعية (أنا غير جاهز الآن، أحب وجودك ولا أريد شيء آخر، أخشى الالتزام، مش متأكد، أنا لم أعدك بشيء.. )، لتظلي عالقة في صنارته لأطول فترةٍ ممكنة على أمل أن يتغير ويدرك مشاعره نحوك. يؤسفني القول إن هذا لن يحدث.
تتحول العلاقات غير المُعرَّفة إلى علاقات سامة، لأنك ستنفقين طاقتك ومشاعرك على شخص يستغلك للشعور بالدعم العاطفي والرومانسية، أو -في أفضل الأحوال- على شخص غير ناضج، لا يعرف ماذا يريد لكن مشاعرك ترضيه وتشعره بأنه جذاب ومحبوب. وكلما أمضيت وقتًا في علاقةٍ من طرفٍ واحد كهذه، تتشوه رؤيتك لنفسك وشعورك باستحقاق الحب.
لكي تخرجي بسلامٍ من علاقةٍ غير معرفة، أو تنجحي في تحويلها لعلاقة مفهومة قد تقبل التطور، عليك أن تسألي نفسك أولاً: ماذا أريد؟ هذا هو السؤال الأول لننجو من فخ عدم الوضوح والمماطلة، اعرفي ماذا تريدين من هذه العلاقة، بعدها تحدثي مع حبيبك بوضوح وبشكلٍ مباشر، إن أصر على استمرار العلاقة بهذا الشكل الغامض فنصيحتي هي تركه، وإذا فكّرت أن تتحملي لفترة وتقدمي له كل عاطفة وحب ممكن ليتغير ويحبك فعلاً، فهو لن يفعل. القاعدة الأولى في العلاقات غير المُعرَّفة هي: من لا يريدك الآن لن يريدك لاحقاً.
هناك تفصيلة إضافية مهمة في مشكلتك أنتِ خصوصًا. لقد سألتك ماذا تريدين من هذه العلاقة، وهو سؤال فارق للغاية في حياتك العاطفية عمومًا. إذا كنتِ تريدين الحب وعلاقة رومانسية لطيفة كاجوال أو “حُب الكلية” فخذي من الحب الطاقة الحلوة التي تملؤنا بالحيوية وحب الحياة دون أي خطط ضخمة تثقل كاهلك. أمَّا إذا كنت تريدين من هذه العلاقة أن تتطور لمشاريع أكبر كالخطبة والزواج، فدعيني أخبرك أن تتروي. أنتِ بعد في الثامنة عشر من عمرك، أمامك مستقبل ثري بالاحتمالات والفرص. كل ما تدركينه عن الحب، وكل ما تريدينه من الحب اليوم سيتغير تمامًا بعد عامين أو أكثر، وسيتغير مرةً أخرى بعد خمسة أعوامٍ أخرى، ومواصفات الرجل الذي تريدينه أن يشاركك حياتك ستكون مختلفةً تمامًا. الزواج ليس حلمًا مستحيلاً ولا جائزة تتلهفي عليها، بل مسؤولية ومشوار طويل صعب، وتكلفته عليك كامرأة أكبر بكثير من الرجل.
الحب قوة كاسحة جارفة تجعلنا نغيّر العالم، لكنه مع الشخص غير المناسب وفي الظروف غير المناسبة، يمكن أن ترتد هذه القوة الكاسحة في صدورنا لتقتلنا، لهذا انتظري وركزي علي نفسك. لا تقبلي بعلاقة لا تُرضيك، أو تلعبي دور المُنقذة التي تصلح رجلاً ما حتى يصبح شريكًا حقيقيًّا.. لأنه ببساطة مش شغلك، ولأنه لن يتغير.
كل الحب والحرية.
More
From VICE
-
tadamichi / Getty Images -
Screenshot: XSEED Games -
Screenshot: Decafesoft -
Dmytro Buianskyi/Getty Images