هل يمكن أن أكون مسلمة متدينة ومثلية في نفس الوقت؟ نصائح من القلب المكسور

Heartbroken2 2copy

هل يمكن العيش بدون أصدقاء؟ 
طبعاً يمكن.. كل شيء ممكن في هذه الحياة، وفي عصرنا الحالي أصبحت الفردية، والقدرة على الاستغناء عن العلاقات الاجتماعية ممكنة لمن أراد. نحن نعمل من بيوتنا، وتصلنا رواتبنا بمعاملات إلكترونية، ونطلب الطعام دليفري عبر الموبايل، وندفع أونلاين لشراء أي شيء دون أن نلتقي أحداً أو نلمسه -شكراً للكورونا اللي أتممت روعة حياتنا- يمكن أن ننعزل طويلاً دون أصدقاء. السؤال هو: لماذاتفعل هذا لأنفسنا؟ نحن كبشر نحتاج إلى العلاقات الاجتماعية لنستطيع تحمل دراما الحياة، والصداقة تأتي على قمة أقوى الصلات الإنسانية وأقدسها، وتمنحنا دعماً عظيماً يعيننا على قسوة عالمنا.

تشير دراسات علمية إلى أن الصداقة تقدم لنا الكثير من الفوائد النفسية والعاطفية، فالأشخاص الذين يملكون أصدقاءً لديهم مستويات أعلى من هرمونات الإندورفين والأوكسيتوسين والدوبامين، وهي الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالسعادة والارتياح والاستقرار النفسي، والتي تعمق من روابطهم العاطفية نحو أصحابهم، وتعزز مشاعرهم الإيجابية نحو أنفسهم. كذلك تنمي الصداقة شعورنا بالتعاطف، واستيعاب مشاعر الآخرين، الأمر الذي يجعلنا أشخاصاً أفضل وألطف مع العالم كله. وفي دراسة علمية لطيفة أخرى، تعرَّض بعض الأشخاص لصدمات كهربية، ثم تم تعريض أصدقائهم للصدمات كذلك، فسجَّل الباحثون أن أمخاخ هؤلاء الأشخاص أصدرت نفس الاستجابة للألم عندما تعرض أصدقاؤهم للكهرباء. هذا التعاطف العميق الذي يجعلنا نشعر بأصحابنا، ونتألم لألمهم، ونرجو لهم كل خير مثلما نرجوه لأنفسنا، من أعظم مكاسبنا الإنسانية.

Videos by VICE

يمكنك أن تعيش بدون أصدقاء، ولكن جودة حياتك ستنخفض بشكلٍ مروع. في غياب الأصدقاء ستواجه/ين الحياة دون دعم أصحابك في المواقف الصعبة، واحتفالهم بك في المناسبات الجميلة، غياب هذه الرابطة يمكن أن يجعلك تعاني/ين من الوحدة والعزلة والألم النفسي، وهي مشاعر لها تأثير سلبي كبير على الصحة النفسية والجسدية. الصداقة تجعل الحياة أخف وأجمل- مهما كانوا مزعجين أحياناً.

إذا كنت تواجه/ين صعوبات في عقد الصداقة، فربما بإمكانك التركيز على حل هذه المشكلة بدلاً من التأقلم معها. الصداقات ليست سهلة، مثل الحب تماماً، وكل العلاقات الحقيقية الصادقة تقتضي وقتاً وتجارب لتحظى بها، لهذا لا تعزل/ي نفسك عن العالم، وحتى إن كنت تختار/ين الوحدة لفترة، نأمل أن تأخذ/ي ما يكفيك من وقتٍ ومساحة نفسية لتجاوز هذا الشعور بسلام، ثم تمنح/ي الصداقة فرصة أخرى. لا تدر/تديري ظهرك لكل الفرص والعلاقات الجميلة والذكريات التي نقوم بصنعها مع أصدقائنا.

تربيت في عائلة محافظة. درست في مدارس تحفيظ القرآن، وتخرجت من المتوسطة وأنا حافظة القرآن كله عن ظهر غيب. مقتنعة بديني تماماً وأحب ما أنا عليه. لكن أنا ليزبيان. من صغري لا ألعب إلا مع الأولاد ولا أحب لبس الفساتين أبداً وأكره الباربي. أمي كانت تحاول تلبسني فساتين أكثر ومنحي ألعاب بنات، حاولت كثيراً. كبرتُ الآن وعندي صراع وتائهة ولا أعرف التصرف الصحيح، أحب بنتاً حبّاً كبيراً جداً وهي ليست أول بنت أدخل معها في علاقة. أقرأ القرآن، أحب أهلي جداً ومنهكة جداً. نصائح؟

ماذا يقول الدين عن المثلية الجنسية؟ إنه سؤال شائك وقديم، تداوله كثير من المؤمنين المثليين عبر التاريخ، محاولين الوصول إلى معادلة تمنحهم السلام وراحة الضمير، وتوفّق بين ميولهم الجنسية وتدينهم وعلاقتهم بالرب.. حسناً، لم تكن رحلتهم سهلة في القرون الماضية، لكننا الآن نملك كثيراً من مصادر المعرفة التي تؤهلنا لصياغة إجابة مرضية. فلنبدأ بالعلم. عُرِفت المثلية الجنسية على مدار التاريخ، رُسمت على جدران المعابد العريقة، وذكرتها الكتب القديمة لكثير من الحضارات، وهي الميل العاطفي والجنسي للإنسان تجاه أفراد من نفس جنسه (امرأة-امرأة) أو (رجل-رجل)، وقد اختلف موقف الحضارات القديمة منها بين مؤيد ومعارض، مثلما هو الحال اليوم.

في أواخر ثمانينيات القرن الماضي تغيرت نظرة العلماء للمثلية الجنسية بعد سنوات من البحث، حتى حذفتها الجمعية الأمريكية للطب النفسي من قائمة الأمراض النفسية والاضطرابات الجنسية، واليوم يُنظر للمثلية باعتبارها توجه جنسي طبيعي، تبحث الدراسات الطبية أسبابها الجينية المحتملة، بينما يسلط العلماء الضوء على وجود المثلية الجنسية في نحو ١،٥٠٠ فصيلة حيوانية، ما يجعلها ممارسة شائعة بين الكائنات الحية، وليست كما يتصورها البعض “شذوذاً” ضد الطبيعة.

دينيّاً، ترى الأغلبية أن المثلية الجنسية محرمة، ويردد رجال الدين أنهم يشكلون خطراً على المجتمع، ويمارسون شيئاً ضد الطبيعة لأنه “لا ينتج” ذرية. ولكن كالعادة، هناك رأي ورأي آخر. رغم الخصومة الشديدة التي يوجهها المتدينون التقليديون نحو المثليين، يرى متدينون آخرون أن النصوص الدينية التي يُحتج بها لتحريمها قد أسيء تفسيرها، وأن كل ما ذكر عن المثليين في الكتب المقدسة، مثل أحداث سدوم وعمورة، كانت تهاجم كونهم معتدين جنسيّاً، ومغتصبين، ويستغلون الفتيان الأصغر سنّاً لمتعتهم كرجال ناضجين -وهو ما نجرّمه في عصرنا الحالي تحت مسمى البيدوفيليا، لأنه اعتداء جنسي على الأطفال وليس لأنهم مثليين. بينما يرى آخرون أن التحريم يقتضي نصّاً صريحاً واضحاً قاطعاً، وتقدم بعض المصادر تفاسير مختلفة أكثر تسامحاً، للنصوص الدينية الموجودة.

تاريخيّاً، عاش المثليون بشكل علني في الجزيرة العربية لقرون، وأنشدوا الشعر معبرين عن مشاعرهم ورغباتهم بجرأة، ويرى مسلمون متدينون، منهم أئمة مساجد، أن عداوة المسلمين المعاصرين للمثلية الجنسية ترجع لعصور حديثة بسبب الاستعمار، إذ جاء الأوروبيون إلى الشرق الأوسط حاملين رفضاً تامّاً للممارسات الجنسية المثلية، فرضوه على السكان الأصليين، وحين انقشع الاستعمار، وتغيرت نظرة الغرب للمثليين، كانت الوصمة قد استقرت في بلادنا بشكلٍ عميق، لتهدد كل من يجرؤ على التفكير بشكلٍ مختلف.

الدين شديد الخصوصية، لكنه -في صورته المجردة- فلسفة للتأقلم مع الحياة، والعثور على السلام النفسي والاتساق، والعيش بسعادة ودون ضغينة مع العالم. لهذا لا يمكن لأحدٍ أن يقدم لك إجابات نموذجية يا صديقتي، وليس من حق أحد أن يفرض عليك رأياً أو قراراً، أيّاً كان هذا القرار، كل شيء متروك لك، ولديك مصادر مختلفة للبحث ستساعدك على التفكير والتأمل، واختيار طريقك.

لكل منا نسخته الخاصة من الإيمان، لأن الدين علاقة فردية بينك وبين ربك، وليست بينك وبين الناس، وليست قوالب جاهزة ينفذها الجميع بشكلٍ آلي وتصلح للكل. هذا أبعد ما يكون عن الدين والعقل والإنسانية. اقرئي كثيراً، وفكّري، وحاولي الوصول إلى إجابتك الخاصة. وأؤكد لك أنك ستعرفينها حين تصلين إليها، لأنها الإجابة الوحيدة التي ستشعرك بالتصالح مع نفسك وميولك والعالم، وتجعلك أكثر اتساقاً مع ذاتك، دون مشاعر سامة تلتهمه وتلتهم الآخرين، ودون قسوة على نفسك، أو نقمة على قناعاتك.

إزاي نعرف إننا متعلقين بشخص تعلقاً مرضيّاً؟
في المسلسل الدرامي الشهير Grey’s Anatomy، خاضت البطلة شجاراً كبيراً مع زوجها، وافترقا لفترة، وحين جلسا للصلح قالت له: “أنا أستطيع أن أعيش بدونك، لكنني لا أريد أن أفعل هذا.” أعتقد أن هذه نقطة انطلاق تجعلنا نفهم جانباً من التعلق المرضي. التعلق المرضي هو اضطراب نفسي فيه يشعر الشخص بالحاجة الشديدة لإنقاذ الآخرين أو إصلاح شأنهم، وقد يلومهم على مشاعرهم وأخطائهم، كما يجد صعوبةً في الثقة بأحد سواه.

تكون هذه الشخصية عُرضة لتغذية مشاعر طرف آخر يرغب في الاعتماد على غيره، فتصبح العلاقة بينهما عبارة عن شخص يقدم المشاعر والدعم من جهة، وشخص آخر يتلقى هذا الدعم، وعندها توصف هذه العلاقة بأنها علاقات اعتمادية مشتركة codependency. بمرور الوقت تتحول النوايا الحسنة للشخص المصاب بالتعلق المرضي، وقدرته على التضحية والدعم، إلى إشارة خضراء تعزز سلوكيات سيئة عند الطرف الآخر، كما تؤثر بشدة على تقديره لذاته، ويجعلهم يستنزفون أنفسهم وطاقاتهم في علاقات مسيئة ومنهكة. كما يوجد نمط آخر للتعلق المرضي هو احتياج الشخص المبالغ فيه لرعاية الآخرين، وقيادتهم لحياته، واتخاذهم لقراراته الخاصة، وخوفه الشديد من هجرهم، ويعرف باسم اضطراب الشخصية الاتكالية.

ينبع التعلق المرضي من العلاقات الأسرية الهشة والمسيئة، التي تؤثر على رؤية الإنسان لنفسه والآخرين، وللتعلق المرضي علامات مختلفة مثل انعدام التركيز في العمل أو الدراسة، والاهتمام بالآخرين على حساب مصلحتك، والشعور بالذنب والقلق من التخلي عمن تتعلق بهم رغم ما يسببونه لك من مشاكل، واللجوء لشخص واحد باعتباره الوحيد الذي يهتم بك، أو أنه مصدر سعادك، ولوم الآخرين على مشاعرك ومشاكلك. وعادة ما يواجه المصابون بالتعلق المرضي مشكلات في علاقاتهم العاطفية، فالشخص المغرم بإنقاذ الآخرين قد يكون متسلطاً ومتدخلاً في حياة شريكه بحجة الخوف عليه، والسعي لمصلحته، ويرغب في إدارة كل شؤونه وكأنه طفل صغير.

وككل المشاكل والاضطرابات النفسية، ليس من السهل تشخيص التعلق المرضي، حتى وإن كانت بعض الاختبارات النفسية تمنحك طريقاً تسير فيه، بل يُنصح دوماً باللجوء للطبيب النفسي للمساعدة والإرشاد، لتجاوز أزمات إدارة علاقاتنا الإنسانية بشكلٍ صحي يجعلنا أقدر على التعافي والنضج.

الحب والتعلق مشاعر جميلة، ولكن بعض المشاعر إذا تجاوزت الحد الطبيعي تنقلب خنجراً في صدرنا، لهذا إذا كنت تشك في تعلقك المرضي، ابدأ بإدارة مشاعرك جيداً، واحصل على المساعدة الطبية إذا اقتضى الأمر. فما أجمل أن تختار بنفسك من تدخلهم حياتك، بعيداً عن ذلك الشعور الثقيل بأنك لا تقدر على النجاة أو الشعور بالسعادة وحدك.

كل الحب والحرية،