قبل بدأ رحلتي واكتشاف نفسي في التصوير الفوتوغرافي كنت منطوياً ومنعزلاً على نفسي، وكنت تَائِهٌ نوعًا ما فيما أود فعله في حياتي. بعد انتقالي إلى القاهرة في العام 2013 ومع تجربتي القاسية مع الغربة والوحدة ما بين 2013 و 2015 تغير شئ بداخلي، شيء ما، جعلني أعيد اكتشاف ذاتي وما أود فعله في حياتي من خلال التصوير الفوتوغرافي. بدأت رحلتي في التصوير بالتركيز على تفاصيل "الحياة اليومية" في الشوارع، أمسك الكاميرا الخاصة بي وأبدأ باكتشاف العوالم التي حولي، وأبدأ بالتواصل مع الآخرين، والتعرف عليهم، من خلال زيارة منازلهم والاقتراب من حيواتهم الخاصة. جميعهم أشخاص غرباء لم أقابلهم من قبل في حياتي، ولكن بعد إلتقاط الصورة يصبحون جزء مني وكأني أعرفهم منذ سنوات. في الشارع أتحدث مع الغرباء في كل شيء، أحيانًا أشعر أنني لم أعد ذات الشخص الذي كنته قبل سبع سنوات.
رجال يرتدون أربطة العنق في شارع باماكو. باماكو، مالي. 2019 (صالح بشير)
الكاميرا غيرتني، لم أكن لأتمكن من فعل هذا -الحديث مع الغرباء والتحدث معهم- بدون كاميرا. عندما أحمل الكاميرا، أصبح شخصًا مختلفًا وكأنني أحمل عصا سحرية. هذه الأريحية والثقة المتبادلة تظهر في الصور التي أختارها. ما أحبه في تصوير الشارع هي هذه الحرية، أتجول حاملاً الكاميرا، وأسمح للصور بأن تجدني وتوقفني، على عكس ما يحدث عندما أعمل على مشاريع شخصية طويلة المدى.
احتفالات صوفية بمولد سيدنا الحسين. القاهرة، مصر. 2020 (صالح بشير)
ما يجذبني في الأشخاص الذين أختار تصويرهم هو ببساطة اختلافهم عن المعتاد، ما لا تراه عيني كل يوم. عادةً ما أصور بالأبيض والأسود عندما أتجول في الشوارع، ويخطر ببالي كيف قد تبدو الحياة إذا كانت بالأبيض والأسود؟ ماذا لو كانت الثقافات والشعوب أحادية اللون؟ كيف ستبدو من خلال أعيننا؟ ماذا سيكون لون قميصي المفضل؟ وكيف أميز السماء الزرقاء عن زرقة لون البحر؟ كيف سنحكم على الأشياء بدون ألوان؟
صبي صوفي في موقع التلاوة في مولد سيدنا الحسين. القاهرة، مصر. 2020 (صالح بشير)
سألت صديقتي عن تلك الأفكار التي كانت تتدفق علي فردت :"دائماً ما تخيلت الحياة في الماضي أو "الزمن الجميل" كما يقولون بالأبيض و الأسود. اعتدت على مشاهدة الأفلام الكلاسيكية بالأبيض والأسود، لهذا نشأت على نقش جميع قصص الماضي بألوان أحادية اللون أعتقد أنه إذا كانت الحياة سوداء وبيضاء فقط، فستكون مشاعرنا موحدة وعواطفنا ستكون مختلفة."
حفل استقبال صوفي في موقع التلاوة في مولد سيدنا الحسين. القاهرة القديمة. 2020 (صالح بشير)
وصول الصوفي، مولد سيدنا الحسين. القاهرة، مصر. 2020 (صالح بشير)
وتقول إيريني ثابت في مقال لها بعنوان "الحياة بدون ألوان" أن الحياة بسيطة بدون ألوان … سنقول الحقيقة … الأبيض أبيض والأسود أسود، والصواب صواب والخطأ الخطأ. ستعكس أحبارنا السوداء على أوراقنا البيضاء كلمات صادقة وشفافة. لن نقوم بتزيين مشاعرنا ولن نحتاج إلى تجميل أنفسنا، لأن العالم سيسوده الوضوح بمثل هذا التناقض الحاسم." هذه الكلمات تعبر تمامًا عن الفكرة التي أحاول نقلها في صوري.
الأم والطفل، جبل انتوتو. أديس أبابا، إثيوبيا. 2018 (صالح بشير)
وجه من مولد السيدة زينب. القاهرة، مصر. 2019 (صالح بشير)