Heartbroken artwork, my mind i
القلب المكسور

كيف أتوقف عن الانجذاب للرجال المسيئين ولماذا يشكك البعض في قواي العقلية؟ نصائح من القلب المكسور

يجيب القلب المكسور على ثلاثة أسئلة من متابعينا

ما سبب انجذابي لذكور سيئين باردين، وغالباً ما أُفضِّل أن تكون أخلاقهم وكلامهم بذيئاً، ويكرهون التعبير عن مشاعرهم تجاهي، وأحياناً يكونون أصحاب تفكير ذكوري. في الأونة الأخيرة بدأت استوعب أنه هالشي غلط ولازم أصححه، ولكن مو مقتنعة كليةً أنه من الخطأ الانجذاب إلى هكذا أشخاص. 

صديقتي العزيزة،

تهانئي لكِ بأنك قد عثرتِ على النمط Pattern الذي يميّز تعلقك. من أخطر ما نتعرض له في العلاقات العاطفية هو أن يكون لنا نمط ثابت يتكرر من علاقة لعلاقة، دون أن نفهم هذا النمط أو ننتبه إليه. لو كنا محظوظين فيمكن أن يكون هذا النمط شيئًا رائعًا يجذبنا لأشخاص مناسبين ومحترمين، لكن للأسف كثيرًا ما يجذبنا هذا النمط لنفس العلاقات المسيئة، وارتكاب نفس الأخطاء، والاستنزاف في دائرة إساءة لا تتغير وإن تغير الأشخاص. أهنئك أنك اكتشفت النمط الذي يجذبك، ومن ثمَّ يمكنك فهمه، وفهم نفسك، ومحاولة تجاوز أخطاره.

إعلان

في كتابها "عندما تحب النساء أكثر مما ينبغي"، تتحدث المؤلفة روبين نورود عن النساء اللواتي يقعن ضحايا دائمًا للرجال المسيئين، الباردين والمؤذيين، الذين يبخلون بعواطفهم عليها، ويسيئون معاملتها ولا ينظرون لها باحترام. تقول نورود إن علاقاتنا العاطفية تشكلها الطريقة التي كانت عليها علاقاتنا بآبائنا، أو مقدمي الرعاية في طفولتنا. الأطفال الذين كبروا في بيئة لا تسمح لهم بالتعبير عن مشاعرهم، غالبًا ما سينجذبون لشركاء عاطفيين لا يسمحون لهم بالتعبير عن مشاعرهم. النساء اللواتي يبحثن عن رجال مسيئين يتجاهلوهن، غالبًا ما يكن ضحايا للتجاهل في طفولتهن، وتعرضن لضغوط أنضجتهن قبل الأوان.

لكن لماذا نفعل ذلك؟ لماذا لا نعوّض أنفسنا بعلاقات أفضل نكون فيها مسموعين ومرئيين ومُقدَّرين ومحبوبين؟ لأن النفس البشرية تميل للمألوف، حتى عندما يتعلق الأمر بالمعاناة. في اختيارنا لشركاء حياتنا نختار من يشبهون البيئة التي نشأنا فيها، حتى بقسوتها وحرمانها، نعيد إنتاج دائرة الألم التي عانيناها من قبل، لأنها مألوفة ومفهومة ونعرف بالفعل كيف نتعامل معها، وخلال كل هذا يحركنا الأمل في أننا سننجح في تغيير شريكنا، سنجعله يحبنا ويقدرنا، على أمل أن يداوي هذا جرح الطفولة القديمة.

هل هذه هي حالتك؟ لا يمكن لأحد أن يعرف بخلاف طبيبٍ نفسي يفهم شخصيتك، لكن ما أقصده هو أنك طالما أدركت نمط الرجال الجذابين بالنسبة إليكِ، فربما يمنحك كتاب نورود فكرة تجعلك تتقصين ماضيكِ، فكّري في السبب الحقيقي لانجذابك لهكذا رجال، هل تلقيت معاملة شبيهة في طفولتك، وأصبح هذا النوع من الشخصيات ما يشعرك بالحميمية؟ هل يشبهون شخصًا أحببته أو كان يرعاك في سنٍ صغيرة؟ هل تحتاجين لرجل تركضين خلفه ليمنحك فتات الاهتمام وتنفرين من الرجال الودودين الدافئين لأنهم مملون؟ كل هذا سيدلك على طريقة تفكيرك، وعلى الأذى الذي شكّل هذا النوع من المشاعر، وإذا احتجت لمساعدة أكبر يمكنك التحدث مع مشير نفسي يساعدك على فهم نفسك بشكلٍ أفضل. 

إعلان

هل انجذابك لهؤلاء الأشخاص خطأ؟ ليس بالضبط، التفضيلات الجنسية والعاطفية تتباين من شخصٍ لآخر، وربما يشكّل ستايل الباد بوي عنصر جاذبية بالنسبة لك، لكن من الضروري أن تلمسي الفارق بين رجل يتصرف أحيانًا، وفي ظروف حميمية كباد بوي، لكنه في الأساس يحترمك ويقدرك، وبين باد بوي حقيقي مسيئ ومؤذي في كل أحواله، لأنك تستحقين أفضل من هذا، وتستحقين أن تكوني مع شخص يغمرك بالاهتمام والعاطفة كما تفعلين معه، والأهم ألا يكون ذكوريًّا يخنقك ولا يشاركك القيم والمبادئ.

أنت ذكية وواعية بنفسك، وهذه نعمة كبيرة تبلغها نساء كثيرات بعد العديد من التجارب الحزينة، لهذا أشجعك على التفكير أكثر وفهم نفسك أكثر، واللجوء للطبيب لو احتجت، ولكن لا تقبلي أبدًا بأقل مما تستحقين.

كل الحب والحرية،
القلب المكسور


لماذا لا يفهم بعض الناس الأمراض النفسية ويدعونك بالمتوهم؟ أحياناً أشعر أني حقاً متوهمة، وأستخدم مشاكلي النفسية كأعذار، وأنني أنا المجنونة وهم على حق، ولا يوجد شيء يثبت عكس ذلك.

صديقتي العزيزة،

في نهاية عام 2022، أعلن قاموس ميريام ويبستر عن كلمة العام التي كانت الأكثر بحثًا في السنة الماضية كلها، وهي كلمة Gaslighting، أو التشويش الإدراكي، أو التلاعب النفسي، وقد اشتق المصطلح لأول مرة من عنوان الفيلم سينمائي Gaslight، والمأخوذ عن مسرحية تحمل الاسم نفسه للكاتب الإنجليزي باتريك هاميلتون، وتحكي عن رجل يتلاعب بعقل زوجته وذاكرتها، ليقنعها أنها مصابة بالجنون ويتمكن من سرقة ممتلكاتها. ظلَّ المصطلح متداولاً على نطاق محدود حتى عام 2010، بعدها انتشر على ألسنة الناس، ربما بسبب زيادة الوعي بالصحة النفسية والعقلية في العقد الماضي، ومشاركتنا لمشاعرنا على نطاق واسع عبر الإنترنت، ما جعلنا نرصد تعرضنا لتلك الممارسة بوضوح أكثر من الأجيال السابقة.

إعلان

التشويش الإدراكي والتلاعب النفسي للأسف أمر شائع للغاية بين الناس، وربنا يفيدنا تسليط الضوء عليه قليلاً لنستطيع تمييزه بسهولة. في حالة التشويش الإدراكي يتلاعب بك شخص ما، أو عدد من الأشخاص، ليقنعونك بشيء لم يحدث فعلاً، أو العكس، يقنعونك بتفسير مختلف لحدث عشته بنفسك. فمثلاً حين تعتذرين عن ذهابك مع صديقة إلى السينما بسبب انشغالك، تخبرك هي لاحقًا أنك كنت تتهربين من مواجهتها، أو أن لهجتك أوحت لها بذلك، أو مثلاً يقنعك شخص ما أنك لا تفهمين كلامه جيدًا، وأسأت الظن به وجرحتِ مشاعره ولم يقصد ما ضايقك أصلاً، وفي النهاية يقلب المنضدة لتصبحي أنتِ المجرمة وليس الضحية.

المرض النفسي أيضًا ليس شيئًا مرحبًا به في حياتنا، إنه أمر مستهجن في مجتمع مثل مجتمعنا تسيطر عليه الكثير من الأفكار القاصرة والمضللة، والتي تنظر للمرض النفسي كجنون أحيانًا وتتهمك بأنك تتوهمين ما تمرين به من اكتئاب مثلاً وأنك فقط "نكدية" أو تبالغين في حساسيتك تجاه الأمور، وقد يجعلونك تشعرين بالسوء تجاه نفسك وأنك ظلمتِ الآخرين.

كل هذا كلام فارغ.

مشاعرك هي الفيصل الوحيد في الحكم على الأمور يا صديقتي، وهي الإثبات الذي تحتاجين إليه، ما دام تصرف ما يضايقك فهو يضايقك، ولا يهم تفسيرات الناس، ولا تهم أعذارهم، أنت متضايقة وعليهم أن يحترموا حدودك. ضعي حدودًا حاسمة مع الناس، دافعي عن مشاعرك، وضحي ما تنزعجين منه، ولا تتراجعي نهائيًّا، ولا تخجلي مما تشعرين به، لأن مشاعرنا هي بوصلتنا الأولى في تحديد مصلحتنا، وما دمت تشعرين بكل هذا القدر من التأذي فمشاعرك صادقة، اتبعيها، وقاتلي لأجل نفسك.

ولأن الأمراض النفسية ليست أمرًا يسيرًا في مقاومته، فبالتأكيد سيفيدك اللجوء إلي اختصاصي أو طبيب نفسي، يمنحك مفاتيح فهم مشاكلك، وكيفية التعامل معها، والأهم، كيف توقفين إيذاء الآخرين لك، واتهامهم لك بأنك واهمة. المرض النفسي ليس وهمًا، وأقل ما نساند به صاحبه أن نكف عنه أذانا.

إعلان

كل الحب والحرية،
القلب المكسور


صديقي المقرب يريد ممارسة الجنس معي، فرفضت فتركني ولم يعد يكلمني، عادي؟

عادي؟ طبعًا عادي.. ألف ألف مبروك، وشكرًا له لأنه أعفاك من تلك العلاقة المشوهة.

لا يمكننا أن ننكر وجود الصداقة بين الجنسين، ففي حياة كل منا صديق/ة على الأقل من الجنس الآخر، ورغم ما تفرضه الصداقة من حدود وقواعد معينة في التعامل، فبعض الرجال يتعاملون مع صديقاتهم باعتبارهن "فرصة" محتملة لممارسة الجنس، مثلما فعل صديقك السابق، ويجب هنا أن أضيف أنه لم يكن صديقًا من الأساس. ربما كان صديقك، لكنك بالتأكيد لم تكوني صديقته.

العلاقات الجنسية العابرة/الكاجوال أصبحت أكثر انتشارًا في جيلنا مما كانت عليه سابقًا، ومنها علاقات الصداقة الجنسية Friends with benefits، وقد تشجَّع كثير من الرجال على أن يسوقوا لها باعتبارها "عرض وطلب"، والتظاهر بالبراءة والكيوتنيس وهم يقولون: "أنا عرضت فقط وبإمكانك أن ترفضي"، لكن هل يتعاملون مع رفضك بشكل متحضر، كما "يعرضون" بشكلٍ متحضر؟ الإجابة غالبًا: لا. كثيرًا ما تكون ردود الفعل عنيفة، من عصبية وسخرية واستهزاء بكِ، ونحن لا ننسى الكلاسيكيات الكوميدية مثل: "أنا مش زعلان إنك مش واثقة فيّا، أنا زعلان إن الثورة ما غيرتش تفكيرك"، وكأن الثورة والتحضر هو أن نفتح سيقاننا فقط! في أفضل الأحوال يقابل الرجل رفضك بالمعاملة الباردة، والصمت العقابي، والانسحاب من حياتك، وللأسف كثير من الفتيات يقعن ضحايا لهذا السلوك، ويأسفن على "الصداقة" الوهمية ويحاولن إعادة المياه إلى مجاريها، وبهذا يُدخلن شخصًا مسيئًا إلى حياتهن، قد يمارس عليهن التلاعب والابتزاز ليقنعهن بقبول ما رفضن من قبل، ومن يدري ماذا قد يفعل لو اتيحت له الفرصة ليجبرها على شيء ما.

هل خرج صديقك من حياتك؟ ألف ألف مبروك، الباب يفوِّت جمل، والعقبى للباقين ممن هم مثله. شخص يخلط الصداقة بالجنس ويعجز عن تقبل الرفض هو شخص غير ناضج، وغير مسؤول، ولا يستحق الثقة ولا الاحترام، وعليكِ أن تحذري منه، وأن تقطعي سبل التواصل معه لتتفادي أي إيذاء مستقبلي. هذا الشخص لم يكن صديقًا حقيقيًّا، ولم يكن أيضًا رجلاً محترمًا Gentleman يحترم أن لكِ حق الرفض ويعاقبك بالانسحاب من حياتك. سربرايز.. حياتك الآن أفضل، استمتعي بها.

أتمنى لك الكثير من الصداقات الطيبة في المستقبل، والمزيد من الوعي والقوة لتقولي دائمًا "لا" بكل حرية وإرادة، وألا تخضعي أبدًا لأي شخص مهما كان قريبًا منك بفعل شيء لا تريدينه.


كل الحب والحرية،
القلب المكسور