عنصرية

تانيا صالح "تتضامن" ضد العنصرية بصورة عنصرية

المشكلة هي ليست في الجهل بحد ذاته ولكن الإصرار على الجهل، ووضع نفسك ورؤيتك قبل الآخرين الذي من المفترض أنك تدافع عنهم
14481897_10153910478416439_4206168856410907551_o-1

قال مارتن لوثر كينغ "ليس من شيء في العالم كله أخطر من الجهل الصادق والغباء حي الضمير." هذا الاقتباس ينطبق بحذافيره على المغنية اللبنانية تانيا صالح التي حاولت التعبير عن رفضها للعنصرية من خلال صورة عنصرية لـ"وجه أسود" لوّنته بواسطة برنامج فوتوشوب، وعلّقت عليها "كل عمري كنت أحلم كون سوداء" في محاولة لإظهار تضامنها مع الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية بعد مقتل جورج فلويد خنقاً على يد الشرطة أثناء محاولة اعتقاله.

إعلان

على الرغم من الانتقادات لاستخدام ما يسمى بـ Blackface والذي له تاريخ عنصري طويل، فإن الفنانة "المتعاطفة" لم تتراجع، بل ونشرت توضيحاً أقل ما يقال عنه أنه "زاد الطين بلة" قالت فيه أنها لم تقصد السخرية من السود بأي طريقة. "وأن بلال، أول مؤذن في الإسلام كان أسود البشرة. أحب ثقافتهم وأحترم فنهم، وكل ما أعرفه أنني مختلفة وكنت أتمنى أن أكون واحدة منهم. الموضوع بهذه البساطة."

من أين نبدأ في تحديد مشكلة هذا التبرير؟ استخدام بلال كمثال، يشبه قول رجل أبيض أن له صديق أسود ليؤكد أنه غير عنصري، وهذه هي العنصرية بحد ذاتها. أيضاً استخدام هذا مثال يعود لبدايات الإسلام، أي قبل حوالي 1،400 سنة يؤكد مجدداً على الجهل بالتاريخ الإسلامي فيما يتعلق بالتعامل مع كان يسمى بـ "الرق" وأيضاً يظهر أن السيدة تانيا، لم تعرف شخصية سوداء واحدة أخرى في حياتها الطويلة لتقدمها كمثال. المشكلة هي ليست في الجهل بحد ذاته (مع أنه مشكلة) ولكن الإصرار على الجهل، ووضع نفسك ورؤيتك قبل الآخرين الذي من المفترض أنك تدافع عنهم.

تانيا ليست الوحيدة، سبقها كثيرون، حيث تزخز الأفلام والمسلسلات والبرامج العربية بالعديد الصور السلبية والعنصرية ضد السود وقام عدد من الفنانين العرب برسم وجوههم باللون الأسود في العديد من البرامج. لنشرح الأمر مجدداً، "الوجه الأسود" عنصري، وقد بدأ الأمر في القرن الثامن عشر في الولايات المتحدة الأمريكية عندما لم يكن يسمح لأصحاب البشرة الداكنة والسوداء بالتمثيل، فكان الممثلين من بيض البشرة يقومون بطلاء أنفسهم وتقمص شخصية سوداء والتي كانت غالباً شخصية كوميدية ولا تمثل حقيقتهم من قريب أو بعيد. "الوجه الأسود" يمسح ثقافة عِرقٍ كامل ويلغي إنسانيتهم وقصصهم لتقديمهم كأغراض للترفيه والتبرّج والتنكر وتعزيز صور نمطية خاطئة عنهم، وتقليلاً من شأنهم. يعتبر هذا الفعل مهيناً للسود وأحد أشكال العنصرية ضد السود. باختصار، لون البشرة ليس غرضاً يستخدم للترفيه أو الفن أو لجني الأموال. لون البشرة ليس خياراً بل سمة جينية أساسية وليست "خياراً" تجميلياً، لهذا عندما يقوم مشاهير (أو غيرهم) بطلاء وجههم أو جسدهم باللون الأسود، فذلك يذكر العالم أن هناك فئة أقوى من الأخرى وفئة تستطيع استباحة تقاليد وعادات وسمات فئة أخرى.. فقط من أجل التسلية.

"الانفحاط" على السوشيال ميديا للتضامن مع السود في الولايات المتحدة يبدو جيداً من الخارج. ولكن الواقع يظهر أن العالم العربي عنصري ومتحيز جنسياً وعرقياً واجتماعياً وثقافياً. هناك الكثير من المواضيع التي كتبت ونوقشت حول هذا الموضوع، بداية من أنظمة الكفالة التي تضطهد العمال في دول الخليج والعاملات المنزليات في بعض الدول العربية حيث يتعرضن لشتى أنواع الأذى الجسدي والنفسي مما يدفع الكثير منهم للانتحار. هذا بالإضافة طبعاً، إلى طريقة تعامل الكثير من العرب مع أي شخص أسود البشرة، وطبعاً العنصرية ضد اللاجئين والعنصرية على المقيمين والعمال العرب، والعنصرة على أهل القرى والفلاحين وغيرها… الأمثلة كثيرة والقائمة تطول.

يجب أن نستغل فرصة ما يحدث في الولايات المتحدة لنفهم أكثر ولننظر لأنفسنا أولاً. ويا ريت، يا ريت، نوقف نتضامن، إذا مش فاهمين على شو عم نتضامن. أفضل للجميع.