FYI.

This story is over 5 years old.

سياسة

سألنا محلل سياسي عن تأثير قرارات ترامب الأخيرة على موازين القوى في فلسطين والمنطقة

إمكانية تحقيق السلام أصبحت معدومة
فلسطين

اختلفت كل الموازنات السياسية في المنطقة منذ مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم. قرار بعد آخر، يخل ترامب بموازين القوى في المنطقة ويعيد تأجيج الصراعات سواء بقراره نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس في الوقت الذي يحيي الفلسطينيون الذكرى السبعين للنكبة وخسارة فلسطين في عام 1948 أو إعلانه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، ليتوج مجموعة هذه القرارات "الغير مسؤولة،" بحسب الكثيرين. في محاولة لفهم تأثير هذه القرارات على المنطقة وردود الفعل المتوقعة، تحدثنا مع الدكتور علاء أبو عامر، محلل وباحث في العلاقات الدبلوماسية والسياسية، ورئيس الاكاديمية العصرية للدراسات العليا.

إعلان

VICE عربية: قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية الى القدس في يوم ذكرى النكبة هو تحدي واضح للفلسطينيين. كيف ترى هذه الخطوة وما هو رد الفعل المتوقع؟
علاء أبو عامر: أرى أن قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في الوقت الذي يحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة السبعين بينما تحتفل إسرائيل بذكرى إقامة دولتها، هو محاولة لاستفزاز الفلسطينيين من جهة، والاحتفال بصمود الدولة اليهودية التي استطاعت أن تستمر لسبعين عاماً من جهة أخرى. ردة الفعل بالنسبة للفلسطينيين هو استمرار المسيرات المنددة لهذا القرار، والتي قد تتطور إلى صراع بالسلاح ومواجهات متفرقة. لم تعد فلسطين أولوية بالنسبة للكثير من البلدان العربية، الفلسطينيون يواجهون هذا القرار لوحدهم في ظل الصمت العربي وانشغالهم بصراعاتهم الداخلية والحروب مع دول أخرى، وهذا ما شجع ترامب على القيام بتنفيذ هذا القرار على الارض، فالرد العربي لم يكن صارماً وحاداً في ما يتعلق بهذه الخطوة التي هي ضد الإجماع الدولي.

ردة فعل السلطة الفلسطينية أيضاً على قرار ترامب بأنها لا تريدها راعية للسلام لم يكن كافياً!
في البداية، أوهم ترامب الفلسطينيين بأنه رجل سلام من خلال استقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبالاً رسمياً في واشنطن، ورفع علم فلسطين، للحظة اعتقد الفلسطينيون أن هناك مبادرة سلام حقيقة وحل قريب مع إسرائيل، ولكن تفاجئ الجميع بيوم وليلة بأنه رئيس متقلب ولا أحد يستطيع أن يتكهن بما يفكر، وكان قرار نقل السفارة حركة مفاجئة للشعب الفلسطيني والعالم. لقد كان هناك حديث عن نقل السفارة منذ عام 1995 ولكن كل ستة أشهر كان يتم تأجيل هذه الخطوة بإعتبار أنها ضد الإجماع الدولي الذي يرى أن قضية القدس يجب أن تحل ضمن اتفاقيات السلام لتكون عاصمة مشتركة، ولكن ترامب وجد أن الوضع العربي الآن هو الأفضل للقيام بنقل السفارة بدون اعتراضات تُذكر.

إعلان

عدد من الدول أعلنت أيضاً عن أنها ستنقل سفاراتها للقدس منها هندوراس وغواتيمالا فيما تبحث كل من التشيك ورومانيا في الأمر، هل تتوقع أن تقوم مزيد من الدول بذلك تحت الضغط الأمريكي؟
بداية أعتقد أن رومانيا لن تنقل السفارة لأن ذلك يعتبر خرقا ليس فقط للقانون الدولي والشرعية الدولية بل هو اختراق للإجماع الأوروبي، ورومانيا عضو في الاتحاد الأوروبي، وأعلن الاتحاد بأن لا دولة أوروبية سوف تنقل سفاراتها إلى القدس، بمعنى أن رومانيا إذا نقلت سفارتها فمن الممكن أن تخرج خارج الاتحاد الأوروبي. ولكن هندوراس وغواتيمالا هاتين دول في أمريكا اللاتينية وتؤثر عليها الإدارة الأمريكية بشكل كبير جداً. الدول التي ستقوم بنقل سفاراتها قد تحصل على مساعدات من الولايات المتحدة، بمعنى أن الموضوع متعلق بالمال ولا يوجد أي دافع آخر يمكن أن يجعل هذه الدول تصطدم بالموقف الفلسطيني وتقبل في هذا القرار الذي يشكل انتقاصاً للقانون الدولي وتحدي للشرعية الدولية، إلا أن هناك دافع مادي وتطمينات من الإدارة الأمريكية بأن الدول العربية لن تفرض عليهم عقوبات اقتصادية ولن تقاطع الدول التي سَتتبع خطى الولايات المتحدة.

هل المنطقة مقبلة على فترة صعبة خلال الأيام المقبلة خاصة بعد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران؟
صحيح، الآن تأزمت الأمور بعد إعلان إلغاء الاتفاق النووي، وبهذا الإعلان قام ترامب بجعل إيران عدو وجعلها تدخل على حلبة الصراع كدولة مواجهة مع اسرائيل، لأنه مباشرة بعد قرار إلغاء الاتفاق ضربت اسرائيل اهداف لايران في سوريا وكأنها تستعجل الرد الايراني. هذا الموضوع طبعاً سينعكس أيضاً على حركات المقاومة الفلسطينية في غزة والتي تعتمد على إيران في تمويلها وفي التحالف معها في جانب العداء الإسرائيلي، فالجناح العسكري لحماس كتائب القسام أعاد علاقته قبل فترة مع إيران، فيما صرحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدعمها ومساندتها لإيران. قرار ترامب بإلغاء الاتفاق النووي يوصلنا إلى هذه النتيجة -معركة الصراع المسلح قد اقتربت.

لنعود إلى فلسطين، ما الذي حققه الفلسطينيون خلال سبع عقود بالنسبة لقضيتهم؟
قبل النكبة كانت فلسطين دولة حضارية وكان وضعها الاقتصادي أفضل بكثير من الدول المجاورة، ولكن انهار الاقتصاد مع النكبة وتشرد الشعب الفلسطيني وتشتت. رغم كل العقبات الأمريكية والاسرائيلية ما زال الفلسطيني صامد على أرضه ويحلم بالعودة، وضعنا الآن أفضل مما بعد النكبة ولكن ليس قبل النكبة. في المقابل إسرائيل منذ 70 عام إلى الآن وهي علامة استفهام، هل ستبقى أم لا؟ وكل حرب تخوضها إسرائيل تسميها حرب الاستقلال الجديدة وأنها حرب الوجود، ولا يوجد دولة في العالم تسمي حربها بحرب الوجود إلا إسرائيل لأنه وجودها نفسه يطرح سؤال كبير، وكثير من الكتاب والباحثين الاسرائيليين يتوقعون أنها لن تستمر، لأنها ثكنة عسكرية محمية من الادارة الأمريكية تمارس القمع والإرهاب، وعندما ينتهي دعم أمريكا والغرب لها سوف تزول. إسرائيل أيضاً لديها مشاكل داخلية بين العلمانيين واليهود وبين اليهود الشرقيين والغربيين وهناك حالة صراع وهجرة معاكسة باتجاه الغرب. بشكل عام، إمكانية تحقيق السلام أصبحت معدومة في ظل إغلاق ملف التسوية بسبب إدارة ترامب في موضوع القدس وإلغاء حق العودة وتشريع للبناء الاستيطاني بالضفة الغربية، لم يعد هناك أي تفاصيل يمكن التفاوض فيها مع الإسرائيليين، بالإضافة إلى أن الإدارة الأمريكية سقطت مصداقيتها بالكامل كراعية للسلام، لذلك لا عملية سلمية قريبة. الخيار الوحيد هو أن يستمر الحراك الجماهيري لكي تبقى القضية الفلسطينية حَية في قلب العالم وضميره.

ولكن الانقسام الفلسطيني الفلسطيني لا يساعد الفلسطينيين في قضيتهم أمام العالم؟ الكوريتان كوريا الشمالية والجنوبية تقتربان من الاتفاق وحماس وفتح لا تزالان تتنازعان السلطة!
لا يوجد خيار أمام فتح وحماس إلا المصالحة، ولكن كلما اقتربت المصالحة تتدخل أطراف معينة وتعمل على تعطيلها، حماس وفتح يعلمون جيداً أن لا خيار لهم إلا المصالحة لأنه بدونها لا يستطيعون الوقوف أمام المخططات الإسرائيلية التي تهدف الى تسوية القضية الفلسطينية. الحل الوحيد حالياً هو إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بعد تشكيل حكومة وتمكينها، فمن غير الممكن وجود حكومتين في غزة والضفة الغربية. لا توجد ديمقراطية في فلسطين منذ 11 عاماً بسبب غياب الانتخابات، لذلك الأحزاب السياسية أصبحت مجرد تجمع مصالح للنخب والأقارب، وهناك استمرار لقيادات تجاوز عمرها 80 عاماً. طالما لا يوجد انتخابات نيابية أو تشريعية وحياة برلمانية طبيعية، ستبقى الحال على ما هي عليه.

ماذا عن اللاجئين، هل من عودة؟ هل سيعود الفلسطينيين يوماً ما إلى أرضهم؟
بالتأكيد، قد تبدو العودة كحلم ولكنها ستتحقق، بعد سبعين عاماً لا يزال الفلسطينيون يؤمنون بحقهم ويواجهون الاحتلال بكل الطرق الممكنة، هذا يدل على أنه هناك عودة حقيقية ستحدث يوماً ما، إن كان خلال عملية تسوية أو من خلال صراعات مسلحة سوف نشهدها مستقبلاً أو تغيير في الأوضاع الداخلية في إسرائيل، وربما انهيار في الادارة الامريكية وتغير دورها في العالم، فنحن نرى هناك انسحاب أمريكي من الشرق الأوسط، وهذا سيخلق حالة ومستوى جديد للصراع الفلسطيني والإسرائيلي وأي خلل في إسرائيل سيكون لصالح الفلسطينيين.