التحرش

فليكر

FYI.

This story is over 5 years old.

مرأة

8 فتيات مصريات يتحدثن عن تجربتهن الأولى مع التحرش

معظم من يتعرضن للتحرش في الطفولة لا يخبرن عائلاتهن خوفًا من رد الفعل أو نتيجة لغياب الثقافة الجنسية، وتجاهل تحذير الأطفال وتوعيتهم بحدود أجسادهم باعتباره "كلام عيب"

تعاني المرأة المصرية من الكثير من التمييز في حياتها على كل المستويات. يُنظر لها في الكثير من الأحيان على أنها مخلوق ناقص الأهلية لا يمكنه اختيار تفاصيل حياته لنفسه دون مساعدة أو إشراف، تُعامل في معظم الأوقات على أنها مواطن درجة ثانية لا يحق له مجرد التفكير في التساوي في الحقوق مع مواطن الدرجة الأولى الذي يحمل لقب "ذكر." تُخترق مساحتها الشخصية دائمًا بنظرات الشك والريبة وترقب وقوعها في براثن الانحراف؛ خاصة إذا كانت تمر بظرف اجتماعي حرج كتأخر سن زواجها أو طلاقها أو حتى ترملها. لكن كل ما تمر به المرأة المصرية من متاعب وكل ما يقف في طريقها من عقبات يمكننا وضعه في كفة وفي الكفة الأخرى نضع واقع تعرضها اليومي المستمر للتحرش الجنسي بأنواعه، مع استهزاء الآخرين بهذا الواقع وإنكاره، وعندها ستُرجّح الكفة الثانية بدون أي لحظة تذبذب في الميزان.

إعلان

ما يميز ظاهرة التحرش في مصر، والتي أقرت بعض الإحصاءات على وقوع 94% من نساء مصر تحت وطأتها في فترة ما خلال فترات حياتهن، هو المقاومة المجتمعية الشرسة لمجرد تسميتها ب"الظاهرة" إذ يصر المجتمع بما يضمه من فئات النساء الأكبر سنا والرجال من كل الأعمار، على أن الصارخات ألمًا بسبب التحرش هن فقط مبالغات، إذ تصر نسبة كبيرة من فئات المجتمع على أن حوادث التحرش في مصر هو مجرد استثناء للقاعدة، بينما تصر نسبة أكبر على أن التحرش قد يكون موجود لكن دوافعه كلها سببها المرأة نفسها، إذ أن كل خيوط التحرش تتجمع غالبًا في يد الضحية، فهي التي تثير المتحرش بملابسها وحديثها وضحكاتها وربما بمجرد تواجدها في الحيز الفيزيائي الذي يتواجد فيه دون حياء ولا أدب، فمنذ أن دارت الفتيات على حل شعورهن واستحللن السير في الشوارع و قد انتفت البركة من هذه الدنيا. وهكذا تحتل ظاهرة التحرش الجنسي في مصر مكانًا شديد الغرابة في عرف المجتمع، فهي أولا ظاهرة غير موجودة، جريمة تقوم بها عصابة من الرجال الذين يرتدون "طاقية الإخفاء" لا يراهم أحد ولا يقدر على الإمساك بهم أحد، ولا يشعر بهم أحد اللهم إلا من تتعرض للمساتهم وضرباتهم وتصك آذانها ألفاظهم البذيئة، وفي نفس الوقت فهي جريمة تقع كل يوم لكن ضحيتها هي من ترتكبها، هي السبب والمسبب، هي البداية والنهاية، هي الضارب والمضروب، هي المُتحرشة والمُتحَرش بها.

و بين المطرقة والسندان تقف المرأة المصرية المهانة والملامة على كل ما يقع بها، لذلك فعندما اجتاحت العالم منذ شهور قليلة حملة "وأنا أيضًا" التي كانت تحاول أن تمنح لكل امرأة متحرش بها صوتا للصراخ طلبت من متابعاتي على فيسبوك أن يساهمن بحكاياتهن عن التحرش لعلنا نستطيع أن نوصل صوتنا لآذان وضع أصحابها أصابعهم بداخلها منذ زمن طويل. تحدثنا الى فتيات مصريات عن أولى تجاربهن مع الاعتداء الجنسي أو ما يطلق عليه تخفيفا للوقع "التحرش." نبدأ الشهادات بأكثرها إثارة للفزع، هل تساءلت يومًا عن السن الذي تبدأ فيه الفتاة المصرية المعاناة من التحرش؟ .. هل هو 20؟، 18؟، 15؟. حسنًا.. فكر ثانية، فكل تلك الإجابات خاطئة.

إعلان

“أول تجربة تحرش كان عمري اربع سنوات. كان مدرس يحوز ثقة أهلي المطلقة لمظاهر تدينه، كان لسوء حظي يسكن في نفس عمارتنا. ما أتذكره الآن هو حجم الخوف الذي وقع في قلبي كل مرة كان يلمسني فيها، عشت بعدها سنوات طويلة وأنا مرعوبة من فكرة أنه قد يكون أفقدني عذريتي دون أن أنتبه، لصغر سني وعدم فهمي وقتها، عشت بهذا الهاجس سنوات طويلة حتى ليلة زفافي." -عبير، 40

"كان عمري 8 سنوات، وكان هذا الحيوان سائق أتوبيس مدرستي، كان كل أهالي المدرسة يثقون به لمظهره الذي يدل على الطيبة، لكنه كان يحتك بجسدي كلما أتيحت له الفرصة، وكنت حتى في هذا السن الصغير أشعر أن هناك شيء ما شديد الخطأ في تصرفاته لكني لم أكن أستطيع التعبير عنه ولا شرحه لأمي وقتها، لكني كنت في أحيان كثيرة أهرب وأختبيء داخل المدرسة حتى لا أعود لمنزلي بالأتوبيس. كنت أنتظر وحدي مجئ أمي لأخذي من المدرسة آملة أن تفهم وحدها سبب هروبي منه، بعدها تم فصله من عمله في المدرسة دون أن يدري أحد ما هو السبب. بعد 20 عامًا رأيته مرة أخرى، كان عميلًا في البنك الذي أعمل فيه الآن، كنت لا أزال أتذكر ملامحه كأنني قد رأيته البارحة، كل ما استطعت عمله يومها أني عطلت مصلحته وأخرته قدر إمكاني كعقاب ساذج له، لكني كنت لا أزال غير قادرة على مواجهته بما فعله بي، وما سببه لي من جرح لم يندمل عبر السنوات." -شيماء، 28

"كنت في المرحلة الابتدائية وكان مدرس فصلي معتادًا أن يُخرج الأولاد من الفصل وينفرد بالبنات بحجة أنه يقوم بتسميع الدروس لهم ليقوم بلمسهم واحتضانهم دون شهود. وقتها سمعنا أنه اغتصب زميلة لنا كانت قد عادت مع أهلها من الكويت وبعدها اختفت زميلتنا من المدرسة ومن البلد بالكامل، بعد ما أن قامت إدارة المدرسة بتهديد أهلها أن أي إثارة للموضوع ستفضح ابنتهم وتلوث سمعتها. أكسبتنا تلك الحادثة خوفًا على خوف فلم نستطع أن نتكلم أو نخبر أهلنا، إذ أننا خفنا إن نحن فعلنا ذلك أن يتطور الأمر من اللمس للاغتصاب. ذهبت من مدة قريبة لزيارة مدرستي بعد سنوات طوال، لم أكن أتخيل أنني سأراه هناك؟ لكنه لا يزال هناك، يدرس لنفس الفصول ويقوم بنفس الأفعال كما حكى لي بقية المدرسين الذين كانوا يهونون مما كان يفعله، وعندما نظرت لهم بذهول ضحكوا ونصحوني ألا أكبر الموضوع." -هدى، 20

إعلان

"مر على هذا الصيف ما يقرب من 20 عام ومازلت غير قادرة على تجاوزه، كان عمري 4 أو 5 سنوات، ورأى أهلي أن أفضل استغلال للصيف هو أن أذهب مع أخي للمسجد الذي يحفظ فيه القرآن لأحفظ معه. المُحفّظ كان شابًا وكان يطلب أن نذهب إليه في ميعاد هادىء لا يوجد أحد غيره فيه في المسجد حتى أتمكن أنا وأخي من الحفظ في هدوء وكان أهلي شاكرين له ذلك. في إحدى المرات في يوم حار طلب المُحفّظ من أخي أن يدخل ليحفظ في حجرة صغيرة بحجة أن بها مروحة، بعدها جالت يده في أنحاء جسمي لامسه كل ما لا يجب أن يلمس بينما كان صوتي يعلو بتسميع سورة قصيرة من سور القرآن. كان يطلب مني أن أعيدها مرة بعد أخرى بصوت مرتفع حتى يظل أخي يسمع صوتي من مكانه ولا ينتبه لحدوث شيء. ما زلت أتذكر ارتعاش صوتي وقتها وما زالت تلك اللحظة تزورني مرارًا في كوابيسي وحتى في يقظتي." -تسنيم، 24

"كان عمري 8 أو 9 سنوات وكنت بصحبة أمي وخالتي وزوجها في طريقنا للأسكندرية. غلبنا جميعًا النوم في القطار لأننا كنا نسافر ليلًا، استيقظت على إحساس قدم تعبث بين ساقي، وحين فتحت عيني فوجئت أن القدم الغريبة كانت قدم زوج خالتي الذي يجلس في الكرسي المقابل لي ومستغلًا انطفاء أنوار القطار ونوم الجميع، لم يثنيه حتى أنني حاولت ضم ساقي حتى أوقفه، قام بدفع قدمه بقوة، لم أستطع اخبار أحد، وظل هو وخالتي في حياتنا بشكل عادي وأنا أموت في كل لحظة أراه فيها. " -منى، 24

"كان عمري 8 سنوات، وكنا نقيم في السعودية وأتى خالي لزيارتنا والإقامة معنا لفترة من الوقت، يومها كانت أمي تستحم ونزل أبي وأخي الأكبر إلى المسجد للصلاة، توضأت لأصلي أنا الأخرى وبمجرد وقوفي على سجادة الصلاة جذبني من فوق السجادة وحملني ووضعني على السرير. أتذكر مقاومتي له ورائحة أنفاسه وملمس شاربه الكث على وجهي، وكلما أفلت منه و ذهبت لأقف على سجادة الصلاة ظنا مني أنه قد يشعر بالخجل، يضحك بسخرية و يجذبني مرة أخرى، مر على هذا الموقف 30 عامًا، ولا زلت أتذكره وأخضع لعلاج نفسي على إثره، وأدعو كل ليلة على هذا الشخص الذي لم يراع طفولة ولا قرابة ولا صلة دم." -هند، 28

"أعيش في مدينة صغيرة من مدن الأقاليم، وبينما كنت في التاسعة من عمري طلبت أمي من إبن جارنا المراهق الذي يقطن معنا في نفس العمارة أن يوصلني لأحد مراكز الدروس الخصوصية لأني لم أعتد المشي وحيدة في الشارع، في الطريق إنتحى بي جانبا في مدخل عمارة و قرر أن يستكشف جسدي بيديه، أتذكر أنني استجمعت قوتي و دفعته بعيدا و جريت عائدة إلى أمي لأحكي لها و أنا أبكي، بعدها بيومين قررت أمي أن تجري لي عملية ختان، إذ اتهمتني أنني قد أكون أنا التي أغريت من تحرش بي، و أن الختان هو من سيعلمني الأدب." -لبنى، 26

"أذكر أنني مررت بـ 5 تجارب تحرش، قبل أن أتم عامي العشرين، لتترك أثرًا لم يفلح مرور السنوات على بعضها في علاجه. في كل مرة كنت أذهب شاكية لأمي، وكانت تسمعني صامتة، حتى جاء اليوم الذي نظرت فيه إلي بشك وهي تقول: "مافيه بنات كتير أحلى منك، إشمعنى إنتي يعني اللي بيجرالك كده؟". لم أخبرها أي شيء بعدها، و قررت أن أحتفظ بجراحي لنفسي." -تغريد، 19