ruqaiya

رقية بلوشي ترتدي برقعها الزجاجي

شباب

فنانون عمانيون يتحدثون عن تطلعاتهم للمستقبل

يحقّ للناس أن يختلفوا مع أعمالي، لكنهم لا يستطيعون منعي من الاستمرار بعمل ما أحب

إنها الساعة الخامسة مساءً، وعما قريبٍ ستلقي الشمس بظلالها البرتقالية على الكثبان الرملية الضخمة بين المباني البيضاء في بوشر، وهو حيّ حضريّ يقع بجوار الجامع الكبير في مسقط. هناك سنلتقي الفنانةَ العُمانية رقية بلوشي، 27 عاماً. أخترنا منطقة رملية هادئة بالقرب من بوشر للتصوير، ولكن خلال لحظات بدأ عدد من الشباب بالتجمع بالقرب منا لقيادة دراجاتهم الرباعية، هي هواية عطلة نهاية الأسبوع المفضلة لدى العمانيين. لم تلاحظ رقية الصخب الذي خلفنا فقد كانت تنظر إلى الكاميرا مباشرة وهي تتحدث بحماسة عن مشاريعها الفنية.

إعلان
1565253145471-02-1

بوشر، منطقة سكنية تابعة لمحافظة مسقط في سلطنة عُمان.

1565253000317-06

تجمع عدد من الشباب لقيادة دراجاتهم الرباعية على الكثبان الرملية بالقرب من بوشر.

يشكل الشباب محورَ التركيزِ الرئيسيَّ لبرنامج التنمية الحكومية "رؤية عمان 2040" والتي تم طرحها في يناير الماضي في مسقط، حيث يبلغ عدد سكان عمان اليوم حوالي 4.97 مليون نسمة، منهم 1.2 مليون شاب ممن لم يبلغوا الثلاثين من عمرهم. بعد حُكمٍ شارف على الخمسين عاماً؛ أحدثَ السلطان قابوس تغييراتٍ جوهريةً في البلاد. وكانتِ الجهودُ الكبيرةُ المبذولةُ في البرامج التعليمية المجانية والمفتوحة للشباب من كِلا الجنسين أساسَ التغييرات الرئيسية تلك. وبحسب الذين تحدثت إليهم، ساعدت سياسة "تعمين الوظائف" بخفض مستوى البطالة في المجتمع العُماني، وكان لها آثارٌ إيجابيةٌ فيما يخصّ توظيفَ الأجيال الشابة؛ بمن فيهمُ النساء.

في ظل هذه التغييرات، أردت التحدث مع عدد من الشباب من فنانين ومصورين وصانعي أفلام لأعرف أكثر عن أحلام وطموحات الشباب العُماني، فمن الواضح أن الدراسة والعمل والزواج وإنجاب الأطفال أهدافَ حياتهمُ الوحيدةَ. البداية كانت مع رقية، والتي تتحدث عن ثِقل التقاليد والعادات على الشباب الراغب بخلق مساحات حرة تشبههم. تتحدث رقية عن مشروع مشترك مع غيرها من الفنانين بعنوان Glass Burqa أو البرقع الزجاجي. "لقد أردنا أن نخلق شيئاً عصرياً مع التمسك بهويتنا العُمانية، ومن هنا جاءت فكرة البرقع الزجاجي،" تقول رقية والتي قامت بتصميم هذا البرقع العاكس كمرآة، وتضيف: "هو عمل يعيد تفسيرَ اللباس التقليدي بإبداع، ويُلمح إلى القيود التي تؤثر في المرأة العربية في بعض الأحيان."

1569924542410-ruqaiya-1

رقية ترتدي البرقع الزجاجي.

تشير رقية إلى أنه على الرغم من نجاحها، إلا أن البعض لا يزال لا يتقبلها كفنانة "يتوقعون مني؛ كامرأة عربية؛ أن أكون أكثر تقليدية، ولكني أعيش كإمرأة مستقلة وحرة، وأرتدي الحجاب لأنه خياري. ولكن بصراحة، من الصعب الإعتماد على الفن للعيش حياة جيدة في عُمان. يمكن أن تعمل كفنان كوظيفة ثانوية ولكنك بحاجة إلى وظيفة ثابتة بجانبها."

إعلان
1569924564426-ruqaiya6

في "سلسلة بدون وجوه" (Faceless Series) تتحدى روان المحروقي، 28 عاماً، فنانة ومنتجة للوسائط المتعددة أيضاً العادات القديمة المتمثلة في سَتر وجوه النساء مشيرة إلى أن هذه العادات أنتقلت بطريقة أو بأخرى إلى العصر الرقمي "حيث لا يزال البعض يستهجن نشر صور شخصية على الإنترنت."

تضيف روان أن الفكرة من سلسلة "بدون وجوه" هو شخصي جداً: "قمت مؤخراً بخلع حجابي وهو ما تسبب بمشكلة كبيرة مع عائلتي المحافظة، وتم طرح أسئلة غريبة علي من نوع: ماذا ستفعلين إذا رآك عمك أو أحد أفراد أسرته في مكان عام دون حجاب؟ ماذا سيقول الناس عنا؟ لقد كان وقتًا عصيبًا جدًا وتجنبت الخروج من البيت لفترة من الزمن. لكن في نفس الوقت أردت أن أكون سعيدة وأن أعيش حياتي بشكل طبيعي وهو ما دفعني للقول: أتمنى أن أتمكن من الخروج دون وجه. وهذه هي الفكرة الأساسية من Faceless."

1565253320690-rawan2-1

روان المحروقي

وتتابع روان: "أنا مدركة تماماً للهوة الهائلة بين جيلي وجيل والدي الذي نشأ قبل النهضة العمانية؛ ولكني بنفس الوقت أعي تماماً ما هو مقبول وما هو غير مسموح. يحقّ للناس أن يختلفوا مع أعمالي، لكنهم لا يستطيعون منعي من الاستمرار بعمل ما أحب." تشيير روان إلى أن ثقافة الأسرة والقبيلة لا تزال جزءاً من حياة بعض الشباب العُماني. "هناك شباب يحبون التمسك بالتقاليد، وهذا خيارهم، الجميع لديه الحرية في اختيار ما يناسب حياته وتطلعاته للمستقبل."

1565253361020-rawan1-1

ينتمي إلى المجموعة ذاتها عبد الرحيم الكندي (الملقب بـ أبودين) 31 عاماً، والمتخصص في التصوير الضوئيّ والتركيبات الفنية: "بالنسبة لي؛ تُعد الصور ومقاطع الفيديو التي أقوم بها تجسيدٌ ساخر لمحرمات ثقافية واجتماعية لا تتم مناقشتها على الملأ عادة. المشهد الفنيّ في عُمان يتغير نحو الأفضل، ولكني لا زلت أشعر أنني لست حراً تماماً في التعبير عن نفسي."

إعلان
1570007201838-adulrhaim4-1
1569925214870-adulrhaim5

أما المصور عليّ الشارجيّ؛ 24 عاماً، الذي والذي قام بتصوير سلسلة "البرقع الزجاجي" والكثير غيرها، فلديه رؤية مختلفة تماماً للسلطنة ودورها في منطقة الخليج، حيث يقول: "أعتز بكوني عُماني، فنحن نعيش في بيئة آمنة تحت حكم جلالة السلطان قابوس. نحن نعيش في مجتمع عصريّ، ولكننا نحافظ على تقاليدنا ونستطيع أن نوفّق بين الماضي والحاضر، وأن نحافظ على هويتنا، وبنفس الوقت الإستمتاع بحياتنا."

1565253534511-ali2

علي الشارجي

وعن عمله كـ conceptual photographer، يقول علي: "في بعض الأحيان، لم يكن عملي موضع تقدير كبير، غير أنّ قبول الجمهور لما هو جديد يحتاج بعض الوقت." ويشير علي إلى أنه يقوم حالياً بتشغيل منصة فنية تسمى "المجتمع" (The Community) جنباً إلى جنب مع صابرينا البوسعيدي، وسيتم افتتاح معرضهم القادم في أكتوبر هذا الشهر في مطار مسقط القديم. أما فيما يتعلق بحياته الخاصة فهو يجمع بين ما هو تقليدي وما هو عكسه: "سأتزوج بحلول نهاية هذا العام من الفتاة التي أواعدها منذ خمس سنوات."

1569925525735-Ali-5

على الرغم من المساحات والحرية المتوفرة لهم، يفتقد بعض الفنانين في عُمان المساحةَ الكافيةَ لإىصال صوتهم وأفكارهم للعالم، فيتطلعون إلى دبيّ للتعبير عن إبداعاتهم بشكل أفضل، مثل فاطمة البكري، أو نوفمبروس، والتي تبلغ من العمر 26 عاماً؛ وهي أول سفيرة لشركة بوما في الشرق الأوسط، وهي أيضاً مصورة أزياء ومختصةُ تأثيراتٍ ومنسقة موسيقى: "أنا أعيش بين مسقط ودبي، هناك إمكانيات أكثر كمنسقة موسيقى في دبي، غير أني أحلم بالعودة إلى عُمان، وأودّ أن أكون ناجحة كمخرجة musical video art director."

1565253590156-famda4

فاطمة البكري

فاطمة والتي اختارت إسم Dj don’t touch my hair انتهت من إخراج أول فيديو موسيقي للثنائي أكرم وفييرجو المقيمَين في عُمان، والذي صوّره عليّ الشارجي: "تسليط الضوء وتمثيلَ المجتمعات الإسلامية السوداء في العالم العربي واحدٌ من الأشياء المحببة إلى قلبي."

إعلان
1569925678103-fadma2

اتخذ شندي، 28 عاماً، الخيار ذاته أيضاً فهو يتنقل أيضاً بين عُمان وباقي دول الخليج وهو مصور ومصمم أزياء لعلامته التجارية shababintl للملابس الرياضية: "لا يزال يُنظر للفن كهواية في مجتمعنا. المجتمع العُماني مجتمع متحرر، ولكن ليس كالحرية الموجودة في الغرب."

1565253779675-Cindy

شندي

على الرغم من ذلك، يشير شندي إلى أنه يشعر بالامتياز كعُماني وكفنان: "لديّ منزل وعائلة محبة وأفعل ما أريد، وأحظى في الغالب بتقدير لحريتي. ويتمثل حلمي في أن أصبح معروفاً عالمياً لدرجة لا يمكن للناس في سلطنة عُمان أن ينكروا أنّ الفنّ والإبداعَ مهنةٌ حقيقيةٌ."

1569925913246-09

تبدو أن الأمور تسير بشكل جيد لهؤلاء الشباب بالتوافق مع رؤية سلطنة عُمان 2040: "مجتمع من المبدعين. فخور بهويته المبدعة والقادرة على المنافسة عالمياً، ويعيش حياة كريمة ملؤها الرفاهية المستدامة."