قبل 20 عامًا من الآن، أذاع التلفزيون الوطني، حوارًا مع مواطنٍ مصريٍ يدعي تعرضه للاختطاف على يد كائنات فضائية. كل ما أذكره عن الواقعة أن الرجل كان يدلل على صدق كلامه بالتأثير الغريب الذي يتسبب فيه اقترابه من جهاز التليفزيون. كان البث يتقطع وكأن الجهاز يتعرض لتشويش. وكان الرجل يحكي تفاصيل ما تعرض له بكل يقين، ويصف لمقدم البرنامج كيف خضع للفحص كما لو كان في مشفىً. كيف كان ممدًا على طاولة يحيط به أشخاص مجهولون يرتدون أقنعة، وكيف كانت الأضواء المبهرة في كل مكان تصيب عينيه بالعمى.
على أي حال هذا كل ما أذكره عن الكائنات الفضائية بشكل جِدّي طيلة 30 عامًا تقريبًا. باستثناء أفلام الخيال العلمي ومسلسلات الكرتون، لم يرد أي ذكرٍ جادٍ للكائنات الفضائية في حدود العالم الذي أعرفه وأختبره يوميًا، إلى أن حدث شيء مفاجئ قبل عدة أشهر تقريبًا.
كنت أعمل في منصة إخبارية عربية، وكانت مهام عملي تتضمن ترجمة بعض الأخبار من الصحف العالمية الشهيرة مثل "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" و"جارديان" البريطانية وغيرها من الأسماء المعروفة. من هنا تغيّر كل شيء تقريبًا فيما يتعلق بتقديري لفكرة وجود كائنات أخرى في هذا الكون تفوقنا ذكاءً أو حضارةً.
من بين أخبار كثيرة ترجمتها، استوقفتني هذه الأخبار والفيديوهات، بسبب الجهة التي صدرت عنها. أنت لا تتحدث عن افتراضات علمية أو أحاديث لعلماء قد يتهمهم البعض بأنهم يخلطون بين الخيال والعلم والأحلام. نحن نتحدث عن قادة عسكريين، ومؤسسات عسكرية ذات ثقل. ولعل أغرب هذه الفيديوهات التي تتبعتها هو أحد مقاطع الفيديو المنسوبة لـ وزير الدفاع الكندي الأسبق بول هيلير (Paul Hellyer)، يطالب فيه القوى العالمية بالكشف عن المعلومات التي تخفيها عن الأجسام الطائرة المجهولة التي تعرف اختصارًا (UFOs) وهو اختصار للتعريف (Unidentified flying object) أو الأجسام الطائرة مجهولة الهوية.
قال هيلير أمام حشد من 400 شخص، في حدث نظمته مجموعة تدعى "المعرفة الحديثة"، استضافته جامعة تورنتو الكندية، إن "الأجسام الفضائية الطائرة حقيقية وأنها تنتشر في سمائنا مثلما تنتشر طائراتنا". واتهم هيلير من أسماهم بعصابة تشكل "حكومة ظل" في الولايات المتحدة الأمريكية، تتكون من رجال أعمال وعسكريين، بإدارة اتصالات مع الكائنات الفضائية، وتوظيفها لتطوير التكنولوجيا والأسلحة. يمكنك الاستماع لشهادة هيلير كاملة من خلال هذا الفيديو:
لعل شهادة وزير الدفاع الكندي عن وجود تواصل بين جهات أمريكية نافذة والمخلوقات الفضائية، يقودنا للحديث عن حادث "روزويل" الشهير، الذي يفسره البعض على أنه حادث تحطم طبق طائر شهدته منطقة "روزويل" بولاية تكساس الأمريكية في 8 يوليوعام 1947. لكن السلطات الأمريكية أفادت وقتها أن الحادث الذي شهدته المنطقة مجرد تحطم لبالون عسكري.
يرتبط حادث "روزويل" بأحد أشهر مقاطع الفيديو المتعلقة بنظرية وجود كائنات فضائية. يعرف المقطع باسم alien autopsy، وهو أحد أشهر مقاطع الفيديو المثيرة للجدل. حيث يحتوي على مشاهد لعملية تشريح يخضع لها كائن غريب يُفترض أنه كائن فضائي ممن قضوا في حادث "روزويل".
حادث "روزويل" يقودنا للحديث عن المنطقة 51، هذه المنطقة العسكرية الغامضة التي تقع في صحراء نيفادا، والتي تنكر الحكومة الأمريكية وجودها تمامًا، لكن كم الأساطير التي نُسجت حول هذه المنطقة المحاطة بالغموض، جعلت هيلاري كلينتون المرشحة الرئاسية السابقة عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية من العام 2016، تقطع على نفسها عهدًا بكشف غموض هذه المنطقة حال فوزها بالرئاسة.
"إنها تنتشر في سمائنا كما تنتشر طائراتنا"
في العام 2017 نشرت صحيفة (the sun) البريطانية، جزءًا من حوار مسجل بالفيديو، على موقعها الإلكتروني، لشرطي سابق، يدعي أنه كان شاهد عيان على حادث "روزويل". في الفيديو يدعي تشارلز فوغوس أنه رأى صحنًا طائرًا محطمًا على جانب النهر، وأن طول هذا الجسم الطائر كان "100 قدم" أي أكثر من 30 مترًا. ويصف فوغوس المشهد فيقول: "عندما وصلنا إلى هناك، كانت الأرض مغطاة بالجنود. كانوا ينقلون مخلوقًا كبيرًا". "رأيت أرجل وأقدام بعض الجثث، بدت مثل أقدامنا، وكان لون الجلد بنيًا كما لو أنهم قضوا وقتًا طويلًا في الشمس".
في التاسع من مارس الماضي، نشر كريستوفر ميلون -الذي شغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع للاستخبارات في إدارتي كلينتون، وجورج دبليو بوش. ومستشار أكاديمية النجوم للفنون والعلوم- مقالًا في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تحت عنوان "الجيش يواصل مواجهة الأجسام الطائرة المجهولة. لماذا لا يهتم البنتاجون؟".
يشير ميلون في المقال الذي نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني، إلى مقاطع فيديو مسلجة عبر كاميرات الطائرات الحربية الأمريكية التابعة لسلاح البحرية، أثناء تلبيتها لبلاغات عن أجسام طائرة مجهولة. وينتقد الطريقة التي تتعامل بها وزارة الدفاع الأمريكية، مع هذه القضية، حيث يرى ميلون من خلال تحليله للأحاديث التي أجراها مع القادة العسكريين، أن "البنتاجون" ينظر إلي الأمر باعتباره حوادث فردية لا ترقى لدرجة الظاهرة التي تستحق التعامل معها بجدية.
هل هي طائرات روسية؟
قد يذهب بعضنا إلى تفسير هذه الأحداث، على أنها جزء من سباق التسلح بين الروس والأمريكان، وأن هذه الأجسام الطائرة المجهولة، قد تكون ملكًا للروس، يستخدمونها في عمليات تجسس.
فإذا كنت ممن يؤمنون بهذا التفسير أو يميلون له، عليك أن تشاهد هذه المقابلة التي أذاعتها قناة روسيا اليوم، من خلال برنامج "رحلة في الذاكرة"، الذي استضاف نائب وزير الدفاع السوفيتي وقائد القوات البحرية السابق، فلاديمير تشيرنافين. بالتحديد في الدقيقة 21 و30 ثانية.
حيث سأله مقدم البرنامج خالد الرشد، عن مسألة الأجسام الطائرة المجهولة، وعن مشاهدته لفيلم وثائقي يظهر فيه تشيرنافين ويؤكد من خلاله رؤيته لهذه الأجسام أثناء فترة خدمته في الأسطول السوفيتي. تشيرنافين أكد لمقدم البرنامج أنه بالفعل شاهد هذه الأجسام الطائرة المجهولة، وأن أرشيف الأسطول السوفيتي يضم مئات التقارير عن هذه المشاهدات، وأنه شخصيًا وجه بتشكيل لجنة للتحقيق في الأمر، ونبّه على الطيارين كافة وأفراد البحرية السوفيتية بتسجيل مثل هذه المشاهدات بدقة.
راقب عدوك المحتمل
استنادًا لشهادات الطيارين الأمريكيين الذين تعاملوا عن كثب مع الأجسام الطائرة المجهولة (UFOs)، تملك هذه المخلوقات تكنولوجيا متطورة للغاية. دعونا نرى الأمر من زاوية هذه المخلوقات الفضائية. أنت جنس متطور وذكي، تملك التكنولوجيا والأسلحة، والحضارة. يوجد في النطاق الذي تعيش فيه حضارات أخرى من بينها حضارة كوكب الأرض. أن تراقب هذا الكوكب منذ زمن. لم يكن هذا الكوكب يمثل أي خطر ممكن عليك، فأنت أكثر تطورًا منه، وتستطيع السيطرة عليه في أي وقت، وستنتصر في أي معركة محتملة، في النهاية تستطيع الوصول إليهم بسهولة، بينما يكتفون هم بمشاهدتك ونسج الأساطير عنك.
لكن فجأة، تحوّل هذا الكوكب، من مجرد واحة يسكنها بدائيون، لا يشكلون أي خطر عليك، إلى مصدر للخطر. امتلكوا الأسلحة النووية، وعرفوا الطريق إلى الفضاء الخارجي. حادث "روزويل" الذي يعتبر حجر الزاوية في التاريخ الرسمي للتواصل بين الأرضيين والفضائيين، وقع في العام 1947، بعد عامين فقط من استخدام الولايات المتحدة الأمريكية للقنابل النووية في مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين.
يبدو أن امتلاكنا للسلاح النووي كان نقطة تحول كبيرة في تصنيفنا بالنسبة للذكاء الخارجي، حيث لفت الانتباه لحدوث تغير كبير في موازين القوى. بات لدى الأرضيين قوة لا يستهان بها، قد تحسم أو حتى تجعل من أي معركة في المستقبل، مواجهة ليست بالسهلة.
وفقًا لصحيفة "جارديان" البريطانية، اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بأنها كانت تدير برنامجًا سريًا للتحقيق في حوادث الأجسام الطائرة المجهولة، لمدة خمس سنوات منذ 2007 وحتى عام 2012. وأن المملكة المتحدة، امتلكت 209 ملفات، تضم ما يقرب من 52 ألف صفحة من المعلومات عن الأجسام الطائرة الغريبة، و6 آلاف بلاغ عن مشاهدات تتعلق بالأجسام الطائرة المجهولة منذ عام 1984.
وفي تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "BBC"، عقب وفاة عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج، عن أبرز توقعات ومخاوف هوكينج بشأن مستقبل البشرية، أوردت "BBC" تحذيره من لفت انتباه العوالم الخارجية إلى الأرض، من خلال إرسال إشارات الراديو إلى الفضاء على أمل أن تلتقطها الكائنات الفضائية.
مخاوف هوكينج مرجعها ما شهده التاريخ البشري من كوارث حدثت عندما التقت الأجناس المتفوقة مع الأجناس البدائية، وضرب مثلًا بما حدث بين كريستوفر كولومبوس والسكان الأصليين لأمريكا. وحذر هوكينج من أن ننجح في لفت انتباه جنس فضائي متفوق لكنه عدائي، فيغزو الأرض، وينهب مواردها، أو يدمرها تمامًا.
كيف ستغير الكائنات الفضائية مستقبلنا؟
أعتقد أن أول لقاء مع الكائنات الفضائية سيحدث صدمة حضارية هائلة للبشرية. واستنادًا لتاريخنا البشري وقياسًا على أحداثه. فإن التقاء جنس متفوق مع آخر بدائي أو أقل تفوقًا يعقبه "صدمة حضارية" للطرف الأضعف. ستغير هذه الكائنات مفاهيمنا عن أشياء كثيرة.
قد تكون لديهم إجابة واضحة عن موطننا الأصلي، هل هو الأرض بالفعل، أو كوكب آخر نشأ فيه أسلافنا القدماء ثم تركوه وانتقلوا إلى الأرض، لسبب قهري، مثل الكوارث الطبيعية الكبرى التي مرّ بها تاريخ الأرض.
قد تساعدنا هذه المخلوقات الفضائية في القضاء على الأمراض المستعصية مثل الإيدز والسرطان. من الممكن أن تمدنا بالتكنولوجيا اللازمة لاستكشاف الفضاء، والوصول إلى أبعد نقطة فيه. كل هذا مبني على افتراض التقائنا بكائنات صديقة، لها أهداف مسالمة.
دعونا نأمل أن يكون إدغار ميتشيل (Edgar Mitchell) أحد رواد الفضاء الأمريكيين، الذي شارك في مهمة أرسلتها وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لسطح القمر تحت اسم "أبولو 14" عام 1971، محقًا بشأن آرائه عن هذه المخلوقات.
حيث يؤمن ميتشيل بوجود المخلوقات الفضائية، وأنها زارت الأرض عدة مرات، وأنها ليست عدائية، وإلّا لكانت أبادت الجنس البشري، لأن ما لدينا من تكنولوجيا "يفتقر إلى التطور - lacked sophistication" مقارنة بما تملكه هذه المخلوقات.
حلفاء عسكريون أو شركاء
من الممكن أن يدخل البشر في حلف عسكري مع أحد الأجناس الفضائية المتفوقة، للمساعدة في غزو أجناس أخرى. أو حتى مشاركتنا الحياة على الأرض مقابل مدنا بالتكنولوجيا اللازمة لحل مشكلاتنا التي تهدد وجودنا على الكوكب، وفي مقدمتها الاحتباس الحراري وتغير المناخ العالمي، ومشكلة الطاقة، وندرة المياه العذبة.
أسطورة عصر الآلات
ظهور المخلوقات الفضائية من شأنه أن يمنحنا أملًا في المستقبل القريب، حيث سيضع حدًا لواحد من أعظم المخاوف التي تتعلق بالمستقبل القريب للبشرية، وهو تطور الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence)، ووصوله إلى نقطة امتلاك الوعي الخاص به، ومن ثم السيطرة على الأرض والبشر. حيث سيبرهن ظهور المخلوقات الفضائية على أن التطور التكنولوجي يمكن السيطرة عليه.