4 زيجات جديدة كل ساعة -ما سبب الإقبال الكبير على الزواج المدني في الإمارات

tiko-giorgadze-cwz9_Pqd8Zs-unsplash

في أواخر ديسمبر 2021، بدأت الإمارات في تطبيق قانون الزواج المدني. في خلال ثمانية أشهر فقط سجلت دائرة القضاء في أبو ظبي أكثر من 2،200 طلب زواج مدني أمام محكمة مسائل الأسرة المدنية للأجانب، بمعدل 25 طلب زواج مدني يومياً، ما يقارب 4 زيجات جديدة كل ساعة. وقد شهدت الشهور الثلاثة الأخيرة ارتفاع بنسبة الطلبات بنحو 100%.

القانون الذي خرج إلى النور أعطى مفهوماً جديداً لقوانين الأسرة للأجانب في المنطقة، وتحتوي اللائحة على 52 مادة مختصة في مسائل الأسرة المدنية. وتقدم محاكم أبوظبي جميع الخدمات القضائية بشكل إلكتروني، حيث قدمت خدمة حضور الجلسة عن بعد عبر الفيديو كونفرانس، فضلاً عن استخدام اللغتين العربية والإنجليزية في المحكمة.

Videos by VICE

ما هو قانون الزواج المدني في أبوظبي؟
طرح القانون مميزات عدة، بداية من طلب الزوج مروراً بحق الحضانة المشتركة للأبناء والحقوق المالية التي تترتب بعد الطلاق والتوصية والتركة، وطلبات إثبات النسب وغيرها، كما جاء في اللائحة، عدم اشتراط وجود ولي أمر للزوجة أو حتى وجود شهود على الزواج.

يقول المستشار كريم هشام طلب، مستشار قانوني في الإمارات، في مقابلة مع VICE عربية إن التطور التشريعي حدث على ثلاث مراحل: “بدأ الأمر بإقرار قانون المساكنة ثم قانون الزواج المدني وقانون الأحوال المدنية. هذه التعديلات والإضافات التشريعية سهلت الزواج على النسبة الأكبر من المقيمين في الإمارات، وهم من الأجانب وغير المسلمين.”

قبل ذلك، كان الزواج بالنسبة للأجانب في الإمارات يكاد يكون مستحيلاً إذ يشمل إجراءات ورقية معقدة، من الضروري إصدارها من بلد الزوجين، وربما يكون الزوجين من بلدين مختلفتين، قد تستغرق أشهر عدة هذه الوثائق.

قبل اعتماد الزواج المدني في القانون، كان السفر لدولة موريشيوس حل بعض الأجانب للزواج ومن ثم اعتماد عقد الزواج في سفارة الإمارات ومن ثم إثبات الزواج عقب العودة للإمارات. في هذه الحالة كان يصطدم الزوجان بإجراءات أخرى معقدة، كما يشرح هشام “أن الآثار المترتبة على الطلاق في هذه الحالة تكون على الشريعة الإسلامية، أو تطبيق شريعة الزوجين وتظهر إشكالية جديدة أن الرجل قد يكون على دين أو طائفة مغايرة للمرأة.”

المميزات التي وفرتها تشريعات الزواج المدني
بخصوص المميزات التي وفرتها تشريعات الزواج المدني، يقول هشام: “بداية من قانون المساكنة والإنجاب خارج الزواج، فالقانون الأول أتاح المساكنة، التي كانت موجودة فعلياً على أرض الواقع، وثاني شيء تم إتاحة توثيق الطفل في حالة الإنجاب خارج الزواج، والوضع يتم بسهولة جداً، إذ أعطى القانون سلطة رفع دعوى لإثبات نسب للأم عبر DNA للأب المشكو في حقه إذ رفض الاعتراف بالطفل، وإذا ثبت أنه الأب يتم إلزامه بمصاريف الطفل كافة وإذا لم يكن والد الطفل، يحصل على تعويض من الأم.”

يقول المحامي الإماراتي إبراهيم التميمي، إن إجراءات الزواج والطلاق في القانون المدني أيسر من الإجراءات ذاتها في الشريعة الإسلامية، وأوضح أن المرأة التي تريد الطلاق “قد ترفع دعوى قضائية مرتين وتثبت الضرر، أما في القانون المدني فيتم الطلاق في جلسة واحدة ويتم إعلام الطرف الآخر خلال 30 يوماً.”

وأضاف: “بالنسبة للأجانب لا يوجد مهر، وقبل ذلك كان مفروضاً على الزوج دفع أو إثبات أنه دفع المهر لأن الزواج في المحكمة طبقا للشريعة الإسلامية على المذهب الشافعي، وبالنسبة للثقافة الغربية هذا الأمر غريب.”

يقيم الإمارات فيها نحو عشرة ملايين نسمة 90 في المئة منهم أجانب. وكانت الإمارات سمحت بالمساكنة وخففت القيود المفروضة على الكحول وسهلت الحصول على تصاريح الإقامة، بموجب تعديلات أجريت مؤخراً.

ترحيب بقانون الزواج المدني
عبر كثيرون عن ترحيبهم بسن قانون الزواج المدني. وتقول زهرة عبد الرحمن، 27 عاماً، تونسية تعيش في أبوظبي، تعمل في الدعاية والتسويق: “بالنسبة للإمارات القانون مناسب بسبب وجود أغلبية غير إماراتية. الأغلبية في الإمارات ساكنين ومقيمين وشغلهم دائم هناك والقانون سوف يوفر لهم مميزات لم تكن موجودة من قبل، وما أعجبني بشكل خاص في القانون هو جزئية حضانة الأولاد المشتركة للأم والأب.”

ويرى عمر حسني، 29 عاماً، كاتب محتوى من مصر، يعيش في دبي، إن “القانون يتناسب مع عصرية الإمارات التي تسعى دائمًا لتوفير حياة مستقرة للسكان. ويضيف: “هناك أكثر من 190 جنسية من مختلف دول العالم موجودة في الإمارات وهذا العدد الضخم من الثقافات والأعراق يحتاج لقانون يتناسب مع هذه الاختلافات.”

عامر الصوامعي، 26 عاماً، يعيش في دبي ويعمل في مجال الاستشارات القانونية، يشيد بالقانون ويقول إن الزواج المدني سَهل حياة الكثير من المقيمين، ويضيف: “سكان الإمارات من غير المسلمين لا يوجد لديهم أحكام خاصة تتعلق بالطلاق أو الميراث وكان يتم تطبيق الشريعة الإسلامية عليهم. مع هذا القانون، يمكن لهم اختيار القوانين المدنية التي تتناسب معهم، مثلاً يمكن للمرأة رفع قضية للخلع أو للطلاق للضرر أو الهجر، وهذه الخيارات متوفرة في القانون المدني بشكل موسع.”

على الرغم من أن القانون واضح وصريح بشأن مخاطبته لغير المسلمين تحديداً إلا أنه لاقى هجوماً من بعض العرب. وكان مبرر الرفض أن هذا القانون قد يسمح بزواج المسلمة من غير مسلم، إذ لا يجيز فقهاء الإسلام مثل هذا الزواج، في المقابل، يلعي للزواج المدني الفروقات الدينية والمذهبية والعرقية بين طرفي الزواج، وبنفس الوقت يضمن المتزوجون مدنيًا حصولهم على حقوقهم المدنية والاجتماعية.

دول عربية أخرى تطبق الزواج المدني
بشكل عام، الزواج المدني مرفوض من منظور الأديان السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلامية). الزواج المدني تحكمه كل دولة حسب قوانينها الخاصة.

في مصر قضايا الزواج المدني مرتبطة بالأقباط، إذ إنها تصدر بشكل أساسي عن الأقباط الذين يعانون فيما يخص الطلاق والزواج مرة ثانية.

في لبنان، الوضع معقد بسبب غياب قانون موحد للأحوال الشخصية، حيث يتم التعامل مع قضايا الزواج والطلاق وحضانة الأطفال عبر المحاكم الدينية التابعة لكل طائفة. وعادة ما يلجأ اللبنانيون الراغبون في إتمام الزواج المدني، إلى قبرص أو اليونان، إذ أن القانون اللبناني لا يجيز اتمام الزواج المدني داخل البلاد، لكنه يعترف به في حالة إتمامه خارج الأراض اللبنانية.

الجزائر تقف في المنتصف، حيث يعتبر الزواج هناك مدنياً دينياً، فيجرى توقيع عقد مدني يتوافق فيه الأزواج على شروط بينهم، ويُسجل العقد المدني قبل العقد الشرعي الذى يُعقد بحضور رجل دين.

الاستثناء يرجع إلى تونس وهي الدولة العربية الوحيدة التي تعترف بالزواج المدني. ففي عام 1956 أقر الرئيس الحبيب بورقيبة إصلاحات في قانون الأحوال الشخصية نصت على منع تعدد الزوجات، ومنع أي صيغة خارج الزواج المدني.