ربما لم يتخيل كتّاب عمل غايم أوف ثرونز "صراع العروش" أن يكون مسلسلهم منتشر في بلد تبلغ مساحته 10,452 كلم كلبنان. فكل الحبكات الدرامية التي قدمها القائمون على المسلسل لمتابعيهم لم تكن بقوة ما حصل مؤخراً مع أحد الشخصيات الرئيسية في المسلسل. فبعدما داق جون سنو (كيت هارينغتون) الُمر في المسلسل ومات وأعيد للحياة ثم أقام علاقة جنسية مع عمته، استيقظ منذ أيام وأصبح زعيماً لبنانياً في ليلة وضحاها.
ما حصل هو أن إعجاب الشاب اللبناني فيصل التمراوي، 33 عاماً، بالمسلسل دفعه لتعليق يافطات وسط بيروت لدعم جون سنو في حربه ضد "الوايت ووكرز" قبل أيام قليلة من انطلاق الموسم الأخير من المسلسل الذي سيُعرض في 14 أبريل 2019 في الولايات المتحدة على قناة HBO. وقد استخدم التمراوي طريقة لم تكن بعيدة عن الثقافة اللبنانية إذ أنه لجأ لليافطات التي يهلل من خلالها الشعب اللبناني لزعيم معين لكن هذه المرة توجهت اليافطات لجون سنو نفسه.
إعلان
وقبل أن ندخل في تفاصيل زعامة سنو، تدور قصة مسلسل "صراع العروش" حول سبع عائلات تتصارع للسيطرة على العرش الحديدي للممالك السبعة التي تواجه الخطر من جهة الشمال المتجمد وهذا بسبب وجود مخلوقات خيالية خطيرة والوايت ووكرز أو ما يسمى بالـ آخرون. لا شك أن وصول سنو لمنصب "زعيم لبناني" هو أقوى بكثير من تحقيق السلطة في عالم صراع العروش وأقوى من الفوز على الوايت ووكرز لأن لهذا الأمر العديد من الإيجابيات التي من المستحيل أن يجدها سنو في ويستروس وإيسوس (المكان الذي يدور فيه المسلسل).
أما الحرب على الوايت ووكرز فسيتركها لله كي يحلها، لأن النفايات في البحر والتلوث سيقضيان على الوايت ووكرز والشعب بأكمله قبل أن تندلع الحرب
في حال أصبح جون سنو زغيماً لبنانياً، سيتأمن لسنو طيارة خاصة أو في حالته تنين خاص، وسيتم إقفال الطرقات خصيصاً لموكب أحصنته، ولن يضطر أن يُضحي كثيراً ليؤمن أبسط حقوق المواطنين، فيمكنه أن يرمي مشاكل البلد على الزعماء الآخرين كسيرساي أو أم التنانين فضلاً عن أنه قادر على سجن أي من يكتب عنه منشوراً أو يطلق اشاعة عن علاقته بعمته. أما الحرب على الوايت ووكرز فسيتركها لله كي يحلها، لأن النفايات في البحر والتلوث سيقضيان على الوايت ووكرز والشعب بأكمله قبل أن تندلع الحرب. ولن يقلق سنو من الكارهين ومن الأعداء فالمحبين كتار، وإن ما فعله التمراوي هو مثال بسيط عما سيفعله أي محب لزعيم كسنو وإذا (لا سمح الله) قام الأعداء أو حزب آخر بإزالة اليافطات ستندلع اشتباكات تمتد ليالٍ طويلة.
يافطات الشاب المهندس التمراوي تنبثق من مشكلة حقيقية يعاني منها الشعب اللبناني، فإن التملق والإبتهال لزعيم معين من قبل شخص وأصدقاءه هو أمر سائد في لبنان، خاصة إذا كان هذا الشخص صاحب مصالح ونفوذ يُريد إرضاء الزعيم الذي لا يمكن أن تعمل أي مصلحة في منطقة معينة دون موافقته.
إعلان
قام التمراوي بالرد على ازالة اليافطات وعلق يافطة أخرى متهماً الوايت ووكرز بإزالة اليافطة الأولى
وعن فكرة التمراوي، يقول الشاب لموقع Vice عربية إنه اقترحها على أصدقائه أولاً وقد دعموا الفكرة بشكل كبير وشجعوه عليها وأول ما فعله هو نشر يافطة مكتوب عليها "أهالي بيروت يدعمون جون سنو ضد الوايت ووكرز" مع إمضاء "أصدقاء فيصل التمراوي." علق التمراوي هذه اليافطة عند الساعة الرابعة صباحاً في شوارع العاصمة بيروت، مع يافطات أخرى قبل أن يتم إزالتها فيما بعد. لم يتوقف الأمر هنا، فقد قام الشاب بالرد على ازالة اليافطات وعلق يافطة أخرى متهماً الوايت ووكرز بإزالة اليافطة الأولى.
وقد تضمنت اليافطات دعوات للوحدة فكتب على واحدة منهم "سيرساي كبري عقلك…قوتنا بوحدتنا." "لهذه اليافطة معانٍ كثيرة، فقد توحد سنو مع أم التنانين وعائلات الشمال وجايمي لانستر في معركته ضد الوايت ووكرز، ولكن سيرساي كانت الوحيدة التي لم توافق على الانضمام إليه على الرغم من أنها رأت كالآخرين مدى خطورة الوايت ووكرز،" يشرح التمراوي مشيراً إلى أنه على زعماء لبنان أيضاً التوحد لمحاربة الفساد بدلاً من الاهتمام بالأهداف الشخصية وبالزعامات كما فعل سنو في المسلسل. وهذه ليس المرة الأولى التي يظهر فيها جون سنو في لبنان، فقد تم رفع لافتة تشير الى أن "سنو بعده عايش" خلال الاحتجاجات الشعبية في أغسطس 2015.
لا أعتقد أن ما قاله التمراوي سيكون مغرياً لجون سنو نفسه اذا أصبح زعيماً لبنانياً طالما أن معظم اللبنانيين راضيين بالفساد وسيصوتون لسنو في كل مرة رغم أخطائه، وسيعلقون له اليافطات الداعمة وربما سيدخلون في اشتباكات من أجل فداءه. وأما سنو وسيرساي فسيتفقان بطريقةٍ ما أو بصفقة ترضي الطرفين وتُعيّش اللبنانيين بكذبة الجمهورية.
