Tomb Raider: Underworld
تحتفل سلسلة Tomb Raider بذكراها الخامس والعشرين هذا العام بعد مسيرة طويلة تخللتها العديد من النجاحات منذ صدور الجزء الأول منها سنة 1996، وإن لم يخلو الأمر من بعض العقبات التي كادت أن تعصف بها.بهذه المناسبة، قرر الناشر Square Enix مع المطور Crystal Dynamics الإحتفال بهذه السلسة عبر إطلاق موقع خاص، والإعلان عن سلسلة أنمي جديدة على Netflix والتفاعل مع المعجبين عبر منصات التواصل الإجتماعي ومشاركة أعمال المعجبين الفنية ونشر بعض التدوينات المتعلقة بتاريخ السلسلة ككل. من المهم العودة إلى هذا الحدث بالذات لأنه الفيصل في تفسير الشرخ الحاصل اليوم فيما يتعلق بهوية اللعبة القديمة ولارا كروفت بالأساس، كما أنه السبب الرئيسي في تغيير المطور من Core Design إلى Crystal Dynamics. هذه الأخيرة بدورها أعادت وهج السلسلة نسبيًا، وحققت نجاًحاً مقبولاً مع ثلاثية Legend, Anniversary و Underworld إلا أنها قد إنتهت بمنعرج آخر كاد أن ينهي وجودها وسط ضياع هوية السلسلة، وبروز عدة ألعاب ذو جودة عالية مثل Uncharted. من هذا المنطلق، قرر المطور Crystal Dynamics البدأ من الصفر مجددًا، والعمل على إعادة إنتاج ثلاثية جديدة تعرّف ببدايات لارا كروفت. الهدف الأساسي كان إحياء السلسلة والعمل على خلق نظام لعب سينمائي شبيه بالأساليب الرائجة لدى ألعاب المغامرات والأكشن. استمتعت باللعب بهذه الثلاثية وأعترف بجودتها من الناحية التقنية ومستوى الإنتاج ككل، ولكنها ليست Tomb Raider.بمعنى آخر، فَضّل المطور قولبة السلسلة عبر استعارة أشهر أنماط اللعب المعتمدة في السوق من أجل كسب أكبر قاعدة من اللاعبين. والنتيجة؟ نجاح باهر جدًا بالبداية، لكنه سرعان ما تحول إلى خليط هجين من ألعاب مختلفة أفقدت السلسلة خصوصيتها ومع الوقت، إهتمام المعجبين الأوائل بها. كان من المهم التمسك بتوجه واضح عوضاً عن الاتكال على قرارات براغماتية وتجارية. ليس هذا فقط، بل أنني لا أفهم حتى المقصد من إعادة الإنتاج منذ البداية. لطالما كررت Crystal Dynamics رغبتها في تطوير شخصية لارا كروفت من الفتاة العادية التي وجدت نفسها أمام منعطفات خطيرة وحاسمة إلى المغامرة ومكتشفة القبور، التي أحببناها كلنا إلا أن ذلك لم يحصل أيضاً.لارا، وعلى إمتداد آخر ثلاث ألعاب، فقدت كل مكنوناتها ومميزاتها التي جعلت منها أيقونة ألعاب الفيديو لتصبح شخصية باهتة وسط قصة مكررة وضعيفة، لم تنته برسم ملامح واضحة لما هو قادم. وهنا أتساءل، ما هو القادم حقًا؟ كل ما نعرفه هو نية المطور دمج التسلسل القديم للبطلة الأصلية مع قصة الثلاثية الأخيرة وهو ما يعكس محاولة العودة إلى جذور السلسلة وتلبية طلبات جزء كبير من قاعدة اللاعبين القديمة. هنالك العديد من التصورات والإحتمالات لمستقبل رائدة القبور المحبوبة. في نفس الوقت، لا أعرف إذا أمكن النظر إلى هذا المجهول على أنه بداية جديدة قد تحمل في طياتها مفاجآت وتغييرات سارة، أو إذا كان إنعكاسًا لعدم فهم المطور خصوصية اللعبة وعدم إنشغاله بتحديد مسار مستقبلي منذ البداية.الأمر المؤكد هنا هو أن إسم Tomb Raider لوحده قد أنقذ السلسلة عدة مرات، وأننا أبعد ما يكون على نهاية السلسلة. ويظل الرهان هنا هو مدى التوفيق بين مواصلة إصدار أجزاء جديدة دون السقوط في فخ فقدان الهوية الذي أصبح يحيط بها.
يأتي كل هذا في إطار دعوات متكررة لإعادة إصدار الألعاب القديمة (كجزء Anniversary الذي صدر سنة 2007 ويعد إعادة إصدار للجزء الأول القديم) أو الإعلان عن جزء جديد بعد الثلاثية التي اختتمت Shadow of The Tomb Raider في 2018. كمحب وَفي لهذه السلسلة التي تعتبر انطلاقتي في عالم ألعاب الفيديو، لا يسعني إلا التساؤل عن مستقبل هذه السلسلة التي تجد نفسها في منعطف غريب حالياً. على الرغم من تتالي الإصدارات خلال العقد السابق، فإن ذلك لا يخفي غياب تصور واضح لماهية اللعبة وعلاقتها بماضيها والأهم من كل هذا، كيف يبدو مستقبلها أمام ابتعاد العديد من المحبين السابقين عنها.لا يشك اثنان في أهمية Tomb Raider والدور الكبير الذي لعبته الأجزاء الأولى في تنميط الألعاب الثلاثية الأبعاد. ولا أبالغ أيضًا إن قلت أن بطلة السلسلة "لارا كروفت" هي أشهر وأهم شخصية نسائية في مجال ألعاب الفيديو، حتى وإن خفّ بريقها مؤخرًا. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما سبب كل هذا التخبط في رسم ملامح السلسلة رغم شهرتها وقيمتها لدى اللاعبين؟ في الواقع، عانت السلسلة منذ بدايتها وأكثر من مرة من تقلبات مرتبطة برغبة المطورين الإلتزام بتصورهم الخاص أمام متطلبات السوق وضغط الناشرين. ويمثل الجزء السادس The Angel of Darkness نقطة تحول كبيرة بعد فشله الذريع على المستويين التجاري والفني، وهو ما كان أمرًا محتمًا بعد التأجيلات المتتالية والتقارير المشيرة إلى وجود خلل كبير في إدارة عملية التطوير من قبل Core Design، المطور الأصلي للسلسلة.لارا كروفت فقدت كل مكنوناتها ومميزاتها التي جعلت منها أيقونة ألعاب الفيديو لتصبح شخصية باهتة وسط قصة مكررة وضعيفة
إعلان