علاقات

ماذا تفعل إن كنت في العشرينات من عمرك ولم تدخل في علاقة عاطفية أبداً

هل هذا أمر طبيعي؟ أم علي أن أشعر بالقلق؟
single life
Photo by Gradikaa Aggi on Unsplash



ظهر هذا المقال بالأصل على VICE US من الواضح أن مسار الحياة القائم على الشراكة، ثم الزواج وإنجاب الأطفال قد تغير، ولم يعد إلزامياً على الأقل من الناحية الإجتماعية. غير أن بلوغك أواخر العشرينات من العمر دون الانخراط في أية تجربة عاطفية قد يجعل بعض الناس يتساءلون عما إذا كان ذلك طبيعياً. طبعاً؛ الجواب باختصار هو طبعاً نعم، هو أمر طبيعي تماماً. غير أنّ من يطرح هذا السؤال على نفسه قد يعرف أن الجواب منطقي، لكنه سيبقى يشعر بأنه الشخص الوحيد الذي لم يخض غِمار علاقة جدية على الإطلاق. بمرور الوقت، قد يشعر هذا الشخص بالعزلة الشديدة، وربما لن تجدي الأقوال حول تقبل حياة العزوبية معه نفعاً، وخاصة إن كان يرغبُ في العثور على حبيب ما يشاركه حياته. لا يوجد أيّ "خطبٍ" في عدم مرورك بعلاقة رومانسية، ولكن هناك طرق قد تساعدك على الاقتراب من العلاقة التي تريدها في نهاية المطاف.

إعلان

حاول أن تنظر إلى الوضع بعينَي عالِم اجتماع
تقترح المعالجة النفسية أندريا بونيور النظر إلى الوضع "بعينَي عالِم" ينبغي على الشخص في كل مرحلة من مراحل المواعدة – بدءاً بالتعرف على شخص ما على أحد التطبيقات، والمحادثات القليلة الأولى، والذهاب إلى الموعد الأول - أن يسأل نفسه: "ما هي خصال من جُذبت إليهم؟ ما الذي يبدأ في تعكير الأمر؟ كيف أقابل هؤلاء الناس؟ هل تميل الأمور إلى المضي بسرعة كبيرة؟ لِمَ هذا الأمر جيد، أو لِمَ هو سيئ؟" على سبيل المثال، قد يظن الشخص الذي غالباً ما ينهي العلاقة بعد بضعة لقاءات، أن هناك خطباً ما فيه أو فيمن اختار الخروج معه، لكن الأفضل والأجدر هو التفكير في كيفية شعورك خلال تواجدك مع هذا الشخص.

فكَّر في كيفية سير الأمور في العلاقات الحميمة غير الرومانسية
ترى بونيور أن من لم يخوضوا علاقة في حياتهم ويودون ذلك، قد يستفيدون من التفكير ملياً في علاقاتهم الأخرى، بما في ذلك العلاقات غير الرومانسية، والنظر فيما إذا كانوا يتوقعون ما هو غير واقعي، أو ما إذا كانوا ينهون العلاقة بشخص ما لمجرد رؤية أول علامة على افتقار هذا الشخص للكمال. وتقترح بونيور طرح أسئلة من قبيل: "هل يخبرني أصدقائي أحياناً أن لدي معايير صارمة؟ هل أشعر بأن الناس في عائلتي يخذلونني باستمرار؟" إذا ما كان الشخص يشعر وكأن جميع من حوله سيئون، ثم تراه يبحث بشكل متواصل عمن لن يخيب ظنه أبداً، فلربما من الأفضل أن استشارة معالج نفسي لفهم سبب قطع علاقته بالشخص بمجرد استشعار عيوب صغيرة فيه. كما تنصح بونيور بالنظر إلى المواعدة ذاتها: هل تتخلّف عن لقاء الشخص الذي اتفقت معه دائماً لأنك تتوقع أن المحادثة ستكون مملة؟ هل دائماً لا يروقك من تتعرف عليهم عبر التطبيقات عندما تقابلهم شخصياً؟ إن كان الأمر كذلك، فمن الجيد التفكير في سبب ذلك، وما الذي يمكن القيام به لتغييره.

إعلان

الإفراط في التأمل الذاتي يمكن أن يؤدي في الواقع إلى التخريب الذاتي
يمكن لمن ينسجمون غالباً في علاقات جديدة في الأسابيع القليلة الأولى، ثم يقطعون العلاقة فجأة، أن يبدؤوا في الاعتقاد بأنهم غير مؤهلين للمواعدة، أو أنهم ببساطة يختارون أسوأ الناس. ترى بونيور أن بحثك عن أنماط معينة قد يكون مفيداً، لكن الأهم ألا تتمادى في ذلك كثيراً. تقول سوزان لاكمان، وهي عالمة نفس سريرية، إن اعتقاد المرء بأنه محكوم عليه تكرار النمط ذاته ("أعتقد أني دائماً ما أجذب الشباب الرقيقين غير المتاحين عاطفياً") يمكن أن يشكل نبوءة تحقق ذاتها، كما تقول إن ظن المرء بنفسه بأنه "فاشل" في المواعدة يهدم كل شيء من بدايته، وذلك بسبب شعور الرهبة وربما الاستياء الذي قد يظهر خلال لقاء شخص معين.

كن حذراً عند البوح عما يجول بداخلك أمام الأصدقاء
غالباً ما يؤدي الشعور بالإحباط من عدم "النجاح" في المواعدة إلى بوح المرء بمشاعره أمام أصحابه، أو حتى طلب رأيهم. إن للأصدقاء مستويات مختلفة من الاستعداد لقول الصدق، ولذلك تقول بونيور إن من الجيد أن تبدأ بالقول إنك مستعد لسماع الحقيقة كاملة، حتى لو كانت مؤلمةً. غير أن بونيور تقترح إجراء هذه المحادثات مع من يستحقون الثقة فحسب، وأنه لا ينبغي حتى مع هؤلاء أن نسلّم بكل ما يقولون؛ وتقول: "لكل صديق من الأصدقاء وجهة نظر خاصة به، كما أن هناك عامل تحيز." قد يكون تشجيعهم لك المدفوع بحسن نيتهم من قبيل قولهم "أنت مثالي وتستحق الأفضل" لكن هذا ليس دائماً أكثر الأشياء نفعاً لك حينما تتعرض للهَجر للمرة الرابعة على التوالي.

تذكر أن عدم الدخول في علاقة لمجرد أنك تريد علاقة هو أمر جيد
إن كل ما سبق لا يعدو عن كونه إجراءً عاطفياً مكثفاً عليك القيام به من أجل أن تدخل في علاقة قد يجعل المرء يصل إلى نتيجة مفادها أنه لا يريد في الواقع أن يكون في علاقة! يعتقد الناس في بعض الأحيان أن "الشخص المناسب" سيجعلهم فجأة راغبين بالزواج، وإن كانوا يشعرون في الحقيقة بالرضا عن وضعهم كعازبين.

بيلا ديباولو، وهي عالمة اجتماع تدرس حياة العزوبية، تقول: "إننا نعيش ثقافة لطالما كانت مهووسة جداً بالزواج والاقتران الرومانسي منذ زمن بعيد." بدلاً من التفكير في العزوبية الدائمة تدمّر الذات، تقترح ديباولو اعتبارها "إنقاذاً للذات" – فهي اختيار عدم الالتزام بما يعرف المرء أنه لن يرضيه أو يسعده (هو أو الشخص الآخر)، وتضيف قائلة: "ليس من الطبيعي أن يبلغ المرء الثلاثين من عمره دون خوض أية علاقة رومانسية طويلة، ولكن مع إعلان المزيد من الناس أنهم عاشوا حياتهم بأكملها دون أن يدخلوا في علاقة جدية، سيكون من الأسهل على الآخرين أن يحذوا حذوهم." كثير من الناس يبدؤون علاقاتهم الأولى بعد سن الثلاثين أو قد لا يرغبون بالقيام بذلك البتة.

عند الحديث عن الأصدقاء والعائلة، تنصح لاكمان بوضع حدود صحية مع أي شخص يحشر أنفه قليلاً (حتى لو كان على سبيل "المزاح") كأن نقول شيئاً من قبيل: "أعلم أنك لا تقصد ذلك، لكن سؤالك لي متى سيصبح لدي أحفاد يشعرني بالقلق."

صحيحٌ أن الضغط من أجل الزواج أو الاستقرار وإنجاب الأطفال لم يعد سائداً كما كان من قبل، لكن مجتمعنا لا يزال يركز إلى حد كبير على الشراكة والزواج باعتبارها "أسمى أهداف الحياة." قد يكون هذا أمراً صعباً، سواء أراد المرء أن يظل عازباً إلى أجل غير مسمى أو أراد أن يدخل في علاقة حقيقية يوماً ما. إن التحدي الأكبر - والأهم - هو محاولة التخلص من بعض هذه الصور النمطية،، وإيجاد سبلٍ لجعل عملية البحث أقل إحباطاً.

توصي بونيور بمحاولة إعادة صياغة طريقة تفكيرك حيال المواعدة، والتركيز على التجربة ذاتها –أي ما هو الجيد فيها- حتى لو لم يؤدّ ذلك إلى نتيجة ما. هل يمكن أن تعلمك المواعدة المزيد عن نفسك؟ هل يمكن أن تقدم لك المزيد من المغامرات؟ وبهذه الطريقة، لا تغدو المواعدة بنظرك مجرد عمل رتيب تؤديه بملل. لا يكمن بيت القصيد في أن المرء "سيجد الشخص عندما لا يكون بصدد البحث عنه" بل في تجربة المواعدة والافتاح على الآخرين وأيضاً الحياة خارج المواعد فهي حياة جديرة بأن نعيشها بصرف النظر عن كيفية تطور الأمور.