IMG_7377

ماريا عليان. الصورة مقدمة منها.

مرأة

ماريا عليان: النظام الأبوي "مفوّت الكل بالحيطان"

مقابلة مع مقدمة برنامج "سمعتوها مني" وحديث عن كل شي نسوي

"سمعتوها مني" برنامج خفيف في ظاهره عميق في محتواه يقدم محتوى مختلف يتعلق بقضايا المرأة وكسر الصورة النمطية المتعلقة بها. فاجأني البرنامج بسلاسة الطرح في تقديم مواضيع اعتدت سماعها في محاضرات جامعية ونقاشات جدية. ينطلق البرنامج من لبنان وتقدمه المؤثرة الأردنية ماريا عليّان، ٢٥ عاماً، على موقع خطيرة الذي يسعى إلى تقديم محتوى نسوي من نساء عربيات إلى نساء عربيات أخريات.

البرنامج قدم عشر حلقات تم كتابة الحلقات بالمشاركة بين مخرجة البرنامج اللبنانية أماندا أبو عبدالله وماريا، وناقش عدد من المواضيع من بينها التحرش والعنف الأسري والدورة الشهرية وسوق العمل والعذرية وصحة المرأة. بدأت ماريا بالتمثيل من عمر صغير في المسرح وفي أفلام قصيرة خلال دراستها الجامعية في لبنان، وعُرفت على مواقع التواصل الاجتماعي مع فريق Yallafeed. أجريت مقابلة هاتفية ممتعة مع ماريا وحدثتنا عن خطيرة، "سمعتوها مني" وعن النسوية في العالم العربي.

إعلان

VICE عربية: هاي ماريا، منذ الحلقة الأولى، حقق البرنامج مئات آلاف من المشاهدات والتعليقات على انستغرام ويوتيوب، هل كنتِ متوقعة هالنجاح الكبير لـ "سمعتوها مني"؟
ماريا عليان: أكيد توقعت أن يترك البرنامج أثر جيد على الجمهور، لكن لأكون صريحة لم أتخيل حجم المشاهدات والحب. لقد أصبح لدى "سمعتوها مني" وموقع خطيرة "جيش داعم" من المشاهدين والمتابعين، وهذا كان مفاجئاً. ولكن أعتقد أن البرنامج نجح في طرح قضايا تتعلق بالمرأة والعائلة والمجتمع بطريقة مختلفة، الكثير من هذه القضايا التي ناقشناها كانت على بال كثيرين، أو تهمهم أو يودون معرفة المزيد عنها. وصلتنا الكثير من رسائل تشجيع ودعم من نساء عربيات من كل أنحاء العالم، وكل الرسائل كان مفادها أن البرنامج كان "لازم يصير من زمان" أو " وأخيراً صار في صوت عربي يعبّر عن الواقع الذي نعيشه كنساء." بالنهاية، كل القضايا اللي طرحناها هي قضايا واقعية نعيشها كنساء كل يوم بيومه.

ما هي الصعوبات التي واجهت المشروع في البداية.
قمنا بتصوير أول حلقة من "سمعتوها مني" قبل تقريباً شهر من ثورة 17 تشرين الأول في لبنان. الأحداث التي شهدتها لبنان لاحقاً، تسببت في إبطاء العمل على البرنامج إلى حد ما. لقد تواجدنا كـ خطيرة في هذه المظاهرات التي كان فيها جانب سنوي مهم ومؤثر، فالنساء كانت في الخطوط الأمامية. هذا ما حصل في معظم الثورات العربية، ولكن ثورة 17 تشرين أول كانت أول ثورة أكون فيها بقلب الحدث.  المطالب النسوية التي شاهدناها في الشارع والشعارات التي رُفعت للمطالبة بالعدالة بكل أشكالها، أكدت على أهمية هذا المشروع، الذي اعتبره كنوع من المقاومة، أو الدعم لهذه المظاهرات والمطالبات بالتغيير. لاحقاً، ومع أزمة فيروس كورونا والإغلاق المدن، اضطررنا أن نوقف عملية الإنتاج، كان من المفترض أن نطلق البرنامج في شهر آذار ولكنه تأجل بسبب الجائحة، وانطلقت الحلقة الأولى في يونيو.

إعلان
SM BTS Still 2.jpg

كواليس التصوير. خطيرة.

في "سمعتوها" مني" يتم تسليط الضوء على مواضيع جدية وجدلية بإطار ساخر. وهو ما وجدته، كما غيري من الجهمور، ممتعاً ومفيداً. هل كان الهدف هو الوصول لأكبر فئة من النساء؟
في البداية، واجهنا بعض التحديات خلال عملية الكتابة من ناحية طريقة سرد القضايا، لأن البرنامج يقدم سردية مضادة ورافضة لكل الصور والتنميطات المتعلقة يتعلق بقضايا النساء في العالم العربي. ولكننا شعرنا أن هناك حاجة لتقديم محتوى نسوي بطريقة صريحة وجريئة وساخرة وبنفس الوقت بعد عن الوعظية، لأنه بالوعظ ما رح نوصل على محل. أنا عندي قناعة إذا استطعت أن أضحكك يعني أقنعتك. أردت أن أخلق علاقة قرب مع الجمهور من دون فوقية، فأنا كامرأة عربية مررت بمعظم التجارب التي مرّ بها جمهوري لذلك أفضل طريقة لإيصال الفكرة هي بساطة الحديث والمصداقية وأن تتحدث بلغة جمهورك. واقتباساً لأماندا، فإن هدف "سمعتوها مني" هو تقديم "نسوية شعبية" متاحة لكل شرائح المجتمع والفئات العمرية، خصوصاً الجيل الأصغر لأنه هم صنّاع التغيير في العالم العربي. وكان من المهم أن نقدم محتوى نسوي متاح للمتحدثين باللغة العربية لقلة الدراسات والمصادر النسوية العربية.

كيف تم اختيار المواضيع المطروحة؟
حاولنا أن نناقش جميع القضايا التي لا يتم مناقشتها عادةً بشكل مفتوح وصريح. جميع المواضيع المختارة تخدم هدف البرنامج الأساسي: وهو أن المرأة لا سلطة لأحد عليها وعليها أن تكون سيدة نفسها وسيدة أعمالها. الحلقة الأولى ناقشت موضوع "قيمة المرأة بالعالم العربي" وكانت بمثابة مظلة كبيرة عامة عن الأفكار والقضايا التي تم طرحها في الحلقات التالية. وتم انتقاء المواضيع من الواقع الذي نعيشه سواء كان موضوع العنف الأسري وجرائم القتل بدعوى  ما يسمى بالشرف، والتحرش، وحقوق النساء بأماكن العمل وفجوة الأجور بين الجنسين، والتمييز الجنسي في القطاع الطبي وغيره من القطاعات. في آخر حلقة تكلمنا عن الذكورية لنربط كل حلقات البرنامج ببعضها ولنظهر للجمهور أننا لا نهاجم الرجل، كرجل، الهجوم هو على النظام الأبوي الذكوري الظالم. بنهاية المطاف نحن بني آدمين، نساء ورجال، لكن النظام الأبوي "مفوّت الكل بالحيطان."

إعلان
SM BTS Still 5.jpg

ماريا مع مو ياسين خلف الكواليس.

من ملاحظاتي، معظم الردود والتعليقات على البرنامج كانت إيجابية.
لا يخلو الأمر من الانتقادات، بشكل عام، معظم النقد أو الرفض كان نابعاً من الخوف، من منطلق أنني أحرّض النساء على أن "يمشوا ويدوروا على حل شعرهم" بالعربي المشربحي وأنني أخلق نزاعاً بين الرجال والنساء. كنت أتوقع هذه الانتقادات لكن المفاجئ هو أنها كانت بنسبة أقل جداً مما توقعت، التعليقات الإيجابية والنقد البناء كانت هي الغالبة. هناك بعض الأشخاص الذين يرغبون باستفزازك، ولكن أنا لدي قناعة وهي أنني إذا قمتُ باستفزاز شخص ما لدرجة أنه أخذ وقته ليكتب تعليق سلبي جداً، فهذا يعني أن الكلام الذي أقوله قد حرّك شيء ما بهذا الشخص، وهذا بالنهاية هدف البرنامج، خلق جدل ونقاش وإعادة التفكير بما يعتبر من المسلمات. ولكن بالنهاية مهما فعلت لن أرضي الجميع، هناك دائماً ناس مع وناس ضد.

قام محمد ياسين (مو) ومحمد سليمان بتقديم بعض الحلقات معك. هل كانت هذه محاولة لشمل الرجال في الحوار النسوي وعدم استثنائهم؟
الحلقات التي شاركني فيها مو ومحمد كانت تتعلق بالأدوار النمطية المرسومة للرجل والمرأة سواء ضمن العائلة أو في المجتمع، وكيف تؤثر الذكورية السامة على الرجل والمرأة ككل، وإن كانت النسب متفاوتة طبعاً. أعتقد أن وجود كلا من مو ومحمد كرجال حلفاء ونسويين مؤمنين بالقضية بقدر إيماني فيها، من الممكن أن يساعد في إيصال بعض الأفكار بطريقة أكثر توازنًا وواقعيةً. كما أرى أنهما يمثلان قدوة للرجال بالعالم العربي كمثال للرجل النسوي المتحرر من القيود الأبوية والمجتمعية المفروضة عليه.

SM BTS Still 9.jpg

محمد سليمان يستعد للحلقة.

بالرغم من وجود مبادرات نسوية عديدة بالوطن العربي ما زالت النساء العربيات تعاني من الاضطهاد والتمييز على كافة المستويات. كيف ترين مستقبل النسوية بالعالم العربي؟
إحدى المعوقات الأساسية التي تعاني منها المرأة في العالم العربي هي العادات والتقاليد. في الأردن مثلاً، معظم جرائم القتل تحت دعوى ما يسمى بالشرف تتعلق بحماية سمعة العشيرة. النظام الأبوي الذكوري المجحف بحق المرأة وبحق الفئات المهمشة هو عائق كبير، وهذا النظام الذي تم تأسيسه منذ قرون وأصبح متأصلاً في التفكير والتصرفات والصور والتوقعات عن الآخرين، يجب أن ينتهي ويتفكك، ولكن هذا الأمر ليس سهلاً والطريق لا زالت طويلة. هناك الكثير من النظريات المغلوطة عن النساء التي يجب أن يتم رفضها ومحاربتها بداية من  "المرأة من بيت أبوها بيت زوجها للقبر" ونهاية بشو كانت لابسة وغيرها وغيراتها.

بالنسبة للمستقبل أرى أن شمس النسوية ستشرق في النهاية، مع كل هذه المبادرات والحملات وكل النسويات الرائعات في العالم العربي اللواتي نجحن بإحداث الكثير من الفرق، وأكملن الرحلة لكل النسويات من قبلنا. ما نفعله الآن هو إكمال لرسالتهم ومسيرتهم مع أدوات أخرى مثل وسائل التواصل الاجتماعي، التي هي واحدة من أقوى أسلحة التعبير والتواصل. لقد خلق برنامج "سمعتوها مني" مساحة آمنة وشجع جمهور المشاهدين والمتابعين على مشاركة قصصهم/ن، والتعبير عن غضبهم/ن وفرحهم/ن ومطالبهم وآرائهم/ن وأنفسهم/ن بطريقتهم/ن وبأدواتهم/ن.

هل سيكون هناك موسم ثاني من "سمعتوها مني"؟
من بعد نجاح الموسم الأول، تم مناقشة إمكانية العمل على موسم ثان، لأنه ما زال هنالك عدة مواضيع لم نتطرق لها في الموسم الأول.  هدفنا أن نكمل المحادثة التي بدأناها في "سمعتوها مني" وألا يتوقف النقاش فيما يتعلق بكل هذه القضايا. حالياً آخذين استراحة.