جميع الصور والرسومات مقدمة من مشاعل الفيصل
عام 2015 صدرت الطبعة الأولى من رواية "فئران أمي حصة" للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، وكان غلافها مثير للاستغراب بعض الشيء، لأنه أشبه بلوحات مخصصة للأطفال؛ عكس مضمون الرواية إلى حد كبير، لكن اتفق الكثيرون على أن الغلاف هو من يد فنان مبدع بحق. توالت أعمال السنعوسي بعدها، في رواية "حمام الدار" التي احتوت على 11 لوحة داخلية غير الغلاف، وحديثًا جدًا صدرت رواية "ناقة صالحة".
كل تلك الأعمال حملت توقيع فنانة مبدعة لم يعرف الكثيرين عنها سوى رسوماتها المميزة ذات الطابع السيريالي، ولكنها ارتبطت بشكل ما بإصدارات الروائي السالف ذكره، وأصبحت إبداعاته الروائية مرهونة بها، وقد قال عنها في إحدى مقالاته: "لعل ما يجعلني "أُتَوئِم" كُتبي بلوحات الفيصل هو أن مشاعل لا ترسم وفق اشتراطاتي، أترك لها النص ليس من أجل رسم تفاصيله، إنما هي ترسم فهمها للنص وما لم يقله صراحة، عبر غرائبية كائناتها التي تشبه الحقيقة، تمنحني بذلك فرصة قراءة ما كتبت قراءة مختلفة. وإلى جوار ذلك فإن مشاعل وإن تميزت أعمالها التشكيلية ببصمة لا تخطئها عين، فهناك تطور دائم، تُغيِّر ولا تتغيَّر".
وُلدت مشاعل الفيصل في الكويت عام 1987م ودرست في كلية الجيولوجيا، قسم العلوم، وقد بدأت في اكتشاف شغفها بالرسم وهي طفلة صغيرة حين كانت ترسم على حائط منزلها وكان والدها ينزعج مما تفعل، التقيت مشاعل لأسألها عن لوحاتها، ومشروعها الفني، وخططها المستقبلية، وغيرها.
"VICE عربية": حدثينا عن بدء رحلتك مع الرسم، كيف بدأتِ حتى صرتي ما أنت عليه الآن؟
مشاعل الفيصل: في الحقيقة بدأت رحلتي مع الرسم في سن مبكرة جدًا. بدأت باستكشاف هذا العالم بالتلوين والرسم في محاولات خجلى، في البداية كنت أرسم بأسلوب الخطوط مستخدمة الأحبار، حتى اكتشفت نفسي بمرور الوقت والسنوات والممارسة، واستطعت أن أكون أنا وأن أخرج أولى لوحاتي عام 2010، وإلى الآن أستكمل المسيرة التي بدأت. وأشير إلى أنني لم أترك الرسم نهائيًا منذ بدأت شغفي به ولكن عام 2010 كان نقطة التحول في حياتي؛ إذ تفرغت بشكل جدي وكامل، بجانب الإشتراك بدورات مكثفة سنوات متتالية بمختلف الفنون التشكيلية والنحت.
ما سر اختلاف لوحاتك عن باقي أشكال الرسم، وماذا تقصدين بتلك الطريقة التي ترسمين بها شخصياتك؟
ليس هناك قصد معين لنوع رسوماتي أو أشكالها، هي أتت هكذا خطوة بعد خطوة إلى أن اكتشفت نفسي وطورت أسلوبي الخاص الذي ميزني عن باقي الرسامين لتصبح لوحاتي ذات نكهة خاصة.
إلى أي مدرسة فنية تنتمي "مشاعل الفيصل"، وبأي الفنانين تأثرتِ؟
في الحقيقة حين بدأت الرسم لم أهتم كثيرًا بأمر المدارس الفنية ولكن بمرور الوقت وجدتني انتبه لكبار الرسامين وأتأمل فنهم، لذلك لا يمكنني القول بأن هنالك تأثير فني بالمعنى الحرفي لكني بشكل عام أرى أن بابلو بيكاسو مدرسة لوحده، وقد أثر عليّ كما فعل كثير من الفنانين من الناحية الفكرية والفنية مثل رينيه ومارغريت ذو الفلسفه الفنية الخاصة.
هل ميل رسومك للسريالية الوسيلة الأنسب للتعبير عن أفكارك وإن كانت بعيدة قليلًا عن ذائقة جمهور الفن العربي؟
رسوماتي وإن كانت سيريالية بعض الشيء فهي ليست بعيدة جدًا عن الذائقة العربية، ولو أني قُبلت ببعض الآراء الرافضة لأسلوبي بالرسم، ولكن حقيقًة أنا أحتج بأريحية عن طريق لوحاتي وأسلوبي في الرسم بهذا الشكل؛ فأنا أحتج لأفراد هذا المجتمع عبر الهم الشخصي لكل فرد، امرأة كان أم رجلأ أو حتى طفل؛ كل له قضيته وهمه الذي لايستطيع الحديث عنه، وهنا يأتي دور شخصياتي، ذات الطابع المختلف، أن تظهر مشاعر من أعبر عنهم، على مظهرهم الخارجي، فهم واسعي الإدراك يعرفون الحقيقة ولكنهم لا يستطيعون عمل شيء بسبب اليأس.
هل أثر ذلك على انتشارك فنيًا أو شهرتك في الأوساط الفنية؟
يمكنني القول أن أسلوبي الفني أسلوب مثير للجدل والنقاشات ولهذا شق طريقه سريعًا بين الأوساط الفنية.
وماذا عن النقد، هل ترين أن أعمالك تلقى الاحتفاء النقدي الذي تستحقه؟
أنا أعتز بكل ما اسمع واقرأ عن لوحاتي وتسعدني كل الآراء حتى الآراء اللاذعة، وبمناسبة ذكر الآراء اللاذعة والقاسية يسعني القول أني أراها شيء جميل جداً بالمناسبة؛ لأنها تُحرك أفكاري الراكدة.
ما أكثر تعليق نقدى على أعمالك أسعدك؟
قد يكون تعليق من شخص مجهول يخبرني بأنه يجلس بالساعات يتأمل أعمالي؛ هذا بالنسبة لي أمر عظيم.
وما التعليق الذي أحزنك أو أغضبك؟
عادة أنا أرسم لنفسي؛ لذلك لم أغضب من فترة طويلة وبصراحة لا يوجد شيء يثير الغضب من اختلافات الآراء؛ فأنا شخصية تمتلك قدر جيد من المرونة، لكن بصفة عامة هناك بعض الآراء تقول بأن شخصياتي مخيفة وهناك من يقول كاريكاتورية، ولأكون صريحة معك أنا لا أرد نهائيًا، فهي آراء وأنا أحترمها كلها.
ما القضايا التي تعبرين عنها في لوحاتك، وهل تعتقدي أنك نجحت في التعبير عن رسالتك؟
مازلت أرى نفسي لم أنتهي من توصيل فكرتي، والقضية التي تهمني هي كل ما يخص هموم لإنسان أيًا كان؛ امرأة أو طفل أو رجل في هذا المجتمع، أرسم عن هموم المجتمع والمعيشة، هموم الفرد اليومية مثل أفكاره وآراءه المكبوتة، مشاعره الحقيقية وتوقه للانطلاق والحواجز التي تحيطه من ظروف ومجتمع وبيئة، جميع من في المجتمع يخصوني ويخصون لوحاتي، ولأني ابنة هذا المجتمع وهذا العالم سأرسم ما يحيط بي وبهموم من حولي.
حدثينا عن تعاونك مع الكاتب سعود السنعوسي، كيف وجدتي مساهمتك معه خصوصًا بعد النجاح الكبير لرواياته؟
بدايتي مع سعود أعتبرها انطلاقتي الرئيسية وسبب اانتشار أسلوبي. فرحت جداً بالصدى الذي أحدثه غلاف رواية "فئران أمي حصة"، والذي اختلف عليه الكثيرون؛ فهناك من يراه ملفت وهناك من يراه مريب، وبشكل عام وصلت إلى درجة لا ينفك الناس أن يفصلوني عن روايات سعود السنعوسي الرائعة، لذلك أنا ممتنة كثيرًا له بسبب تبنيه لشخصية "كتكوت" في رواية فئران أمي حصة وعائلته التي أصبحت تخصني بعد ذلك.
ما أهم الجوائز التي حصلتِ عليها وهل تطمحين لجائزة بعينها في المستقبل القريب؟
حصلت على عدة جوائز من مهرجان الربيع التشكيلي ومهرجان القرين الثقافي، ومعارض هيئة الشباب في الكويت، ومعارض الصيف التشكيلية. وبالنسبة للجوائز، أنا لا أريد جائزة بعينها فأنا لم أطمح لشيء في كل الجوائز التي حصلت عليها.
هل تطمحين بأن تكون لك مدرسة في الرسم يتبعها ويقتدي بها الفنانون؟
أنا بألواني أرسم طرق كثيرة واستقبل المارين عليها لذلك يسعدني لو رأيت من يتأثر بي.
ما الذي تطمحين إليه فنيًا، في سنوات عمرك المقبلة؟
أتمنى أن أرسم كثيراً كثيراً إلى أن أنهي الأفكار التي برأسي أو أنتهي أنا، لدي الكثير من الأفكار التي أرغب برسمها والتي تخص المرأة وأدوارها الصغيرة اليومية المتعِبة وكفاحها المتواصل لتكون الأمورعلى مايرام، مثل معاناتها في أن توازن بين حياتها اليومية وما فيها من واجبات وطموحها الشخصي.
يمكنكم الاطلاع على نماذج من لوحات مشاعل الفيصل هنا: