FYI.

This story is over 5 years old.

سياسة

أربعة أسباب كي لا تشاهد أو تشارك في مسلسل "فوضى"

المسلسل يشرعن جرائم الحرب، كتبه شخصان متورطان ومشاركان بهذه الجرائم

الصورة من نيتفلكس

يطلق عليهم "Mista’arvim،" أو "المستعربين" باللغة العربية. لهذا المصطلح، دلالة عدوانية جداً، عنيفة وخطيرة، وعنصرية للغاية. ذكر كلمة "مستعرب" لوحدها تدب الرعب في نفوس الفلسطينيين لتاريخهم الأسود. تعريف كلمة Mista’arvim بأنهم هؤلاء الذين يعيشون بين السكان العرب، وتحديدًا من اليهود الناطقين بالعربية الذين عاشوا في الشرق الأوسط. المستعربين (من كلمة عرب) هم وحدة "مكافحة الإرهاب" في الجيش والشرطة الإسرائيلية الذين يتصدون للمظاهرات والاحتجاجات الفلسطينية في ثياب مدنية ويعتقدون أنهم يبدون متخفين. يعتقدون أنهم يرتدون ملابس تشبه الفلسطينيون -يرتدون ملابس مهلهلة وبالية ليس لها علاقة بطريقة لبس الفلسطيني لا من قريب ولا من بعيد. يتم تدريب هذه الوحدات على "الاندماج" بين السكان الفلسطينيين والتعامل معهم، ويتم تدريبهم على التسبب في (a lot of shit) باستخدام سلاحهم الرئيسي، وهو: المفاجأة! وهو ما يعني هجوم عنيف غير متوقع ينتج عنه عمليات إعدام شاملة وعمليات اختطاف وإذلال.

إعلان

اثنان من الذين خدموا في واحدة من هذه الوحدات وشاركا في عدد من العمليات ضد فلسطينيين، آفي اسخاروف وليئور راز شاركا في كتابة المسلسل التليفزيوني Fauda أو "فوضى" باللغة العربية، ويلعبان دور البطولة أيضًا في هذا المسلسل الذي تقوم شركة نيتفلكس بعرضه (الموسم الثاني حالياً) وحاز على نجاح عالمي. من الواضح، أن "فوضى" يروى من وجهة نظر صهيونية، فلا يوجد فيه جدار فاصل، ولا هدم للمنازل، ونقاط تفتيش قليلة، ولا يُظهر الاحتلال الوحشي كما هو في الواقع، كما يعيشه الفلسطينيون كل يوم منذ عقود طويلة. حاول كاتبا المسلسل تجميل الحقيقة من خلال إظهار الجانب "الإنساني" "للإرهابي" الفلسطيني عبر تصوير العلاقات الأسرية والحياة اليومية للفلسطينيين. هو مسلسل مليء بالإثارة والأحداث التي تجذب المشاهدين ويبقيهم متحمسين لمتابعته. مسلسل "فوضى" يعرف كيف يتعامل مع عقلية البشر، وهذا أمر يفيد في جذب المشاهدين، لكن الحقيقة مختلفة، فالمسلسل أكثر من مجرد أكشن وترفيه، بل يحمل في مضمونه رسائل سياسية أخرى. المسلسل ليس ما تعتقده كمشاهد، واليكم أربعة أسباب:

أولا: المسلسل يعطي شرعية لجرائم الحرب
في الأساس، من المَشروع تمامًا عمل مسلسل أو فيلم سينمائي أو فيلم وثائقي حول أي قصة وأية فظائع تحدث أو حدثت في العالم، ولكن مسلسل "فوضى" لا يستحق أن يوضع تحت أي بند ضمن هذه القائمة. المسلسل لم يتم كتابته من قبل شخصين أوروبيين أو أمريكيين أو أفارقة، كتبوا مسلسلاً حول ما درسوه أو اكتشفوه عن فلسطين. المسلسل مكتوب من قبل "الجناة" أو المجرمين أنفسهم، إنه مسلسل عن جرائم حرب كتبه شخصان متورطان ومشاركان بهذه الجرائم (من خلال عملهما السابق في وحدة المستعربين) وهذا ليس وضعًا طبيعيًا تحت أي سبب أو منطق. المسلسل بحسب تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية نفسها يهدف الى "تجميل الجوانب الأكثر بشاعة للاحتلال الإسرائيلي." السماح بعرض هذا المسلسل على شبكة دولية مثل نيتفلكس هو نوع من التطبيع والموافقة بشكل ضمني على عملية التطهير العرقي للفلسطينيين. تخيل لو أن اثنين من رجال الشرطة الأمريكيين البيض الذين شاركوا في تعذيب وقتل الأمريكيين من أصل أفريقي انتهى بهم الأمر إلى كتابة مسلسل حول "بطولاتهم" المزعومة وتحقيق نجاح دولي، وإشادات من قبل النقاد بسبب الكتابة السينمائية المميزة، إنه أمر مثير للاشمئزاز.

إعلان

كاتبا المسلسل آفي اسخاروف وليئور راز مع جنود إسرائيليين خلال مشاركتهم بحفل لاصدقاء جيش "الدفاع" الاسرائيلي (الصورة من FIDF)

ثانياً: مشاركة ممثلين فلسطينيين في مسلسل يعرض الصراع من وجهة نظر إسرائيلية بحتة
في حديثي مع ممثل فلسطيني أراد إبقاء اسمه سرياً، علمت منه أن صناع المسلسل عرضوا عليه مبلغًا من المال أعلى مما يتوقعه معظم الفلسطينيين للمشاركة في المسلسل -صناعة الدراما التلفزيونية العربية المحلية محدودة جداً في الداخل الفلسطيني. الدور الذي عرض عليه كان قيامه بدور "إرهابي" رفيع المستوى من الضفة الغربية لديه عائلة ومسؤول عن بعض العمليات الرئيسية ضد إسرائيل. كأي شخص ذكي وعقلاني، رفض هذا الممثل الدور، فهو يعلم أن المشاركة بهذا الدور في المسلسل لن يسمح له بالنوم ليلاً وستتدمر سمعته في المجتمع الفلسطيني. للأسف، لا يفكر الكثير مثله. فهناك عدد من الممثلين الفلسطينيين الذين قبلوا بهذه الأدوار ولم يجدوا أي سبب لرفض "هذه الفرصة." بشكل عام، هناك عدد من الفنانين الفلسطينيين الذين شاركوا بأعمال إسرائيلية في السابق ومنهم هشام سليمان، وحنان هيللو، وفراس نصار. في النهاية، المشاركة في هذه الأعمال من عدمها هو خيار أخلاقي يتوقف على الفرد نفسه.

ولكن المشاركة في "فوضى" أمر مختلف تماماً، فالمسلسل تجاوز جميع الخطوط الحمراء بالطريقة التي يتم فيها عرض الصراع من وجهة نظر اسرائيلية واحدة فقط وإعطاء صورة مغلوطة تماماً عن الفلسطيني. إحدى الناشطات (فضلت ابقاء اسمها سرياً لأسباب أمنية) في حركة مقاطعة إسرائيل التي تحدثت ضد المسلسل: "وفقا للمبادئ التوجيهية لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) يمكن للممثل الفلسطيني من فلسطيني الـ 48 أن يلعب دورًا في مسلسل إسرائيلي تمامًا كما يمكنه أخذ المال من المؤسسات الثقافية الإسرائيلية (على الرغم من أننا لا نشجع ذلك) لأنهم مواطنون في هذه الدولة وليس لديهم خيارات أخرى. ولكن "فوضى" قضية مختلفة لأنها تضفي الشرعية على جرائم الحرب ولصورة المستعربين الذين هم في الواقع وحدة عسكرية تستخدم التكتيكات غير القانونية وفقا لقوانين حقوق الإنسان الدولية." ورغم أن الناشطة لا تعتقد أنه يجب مهاجمة المشاركين الفلسطينيين في المسلسل، إلا أنها تضيف: "يجب أن يكون هناك ضغط على جميع الفاعلين لإنهاء مشاركتهم في "فوضى" بشكل جماعي وعدم إعطاء هذا المسلسل أي شرعية من خلال مشاركتهم فيه." في النهاية، الممثلون الفلسطينيون المشاركون في المسلسل يقومون بإعادة تمثيل للأعمال والفظائع المرتكبة ضد شعبهم.

ثالثا: يلعب فوضى دوراً في الترويج لحملة الدعاية الإسرائيلية ونيتفلكس تتيح ذلك:
نال مسلسل "فوضى" الكثير من الإشادات والثناء من المنظمات العسكرية والسياسية في تل أبيب ومنهم الرئيس الاسرائيلي روبي ريفلين الذي استضاف فريق العمل فبراير 2018 في لقاء احتفاليّ جمعهم بقيادة وحدة "المستعربين" في جيش الاحتلال "ياماس" والمئات من جنود الاحتلال، وعبر كما غيره من القادة الاسرائيليين عن امتنانه لمنتجي المسلسل باعتباره يقدم إسرائيل بصورة جيدة جداً من خلال إظهار "أخلاق" الجيش الإسرائيلي. ولكن الواقع أن المسلسل هو جزء من حملة دعائية تم إنشاؤها لتغطية جرائم الحرب ضد الفلسطينيين. ومؤخراً، دعت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، شركة نيتفلكس إلى تعليق إنتاج الموسم الثالث من "فوضى" والامتناع عن إطلاق الموسم الثاني أو إزالته من خدمة البث. وتقول المنظمة الفلسطينية لمقاومة التطبيع أن نيتفلكس توقفت عن العمل مع الفنان كيفين سبيسي بعد أن تم اتهامه بالاعتداء الجنسي وإبعاده عن الموسم الجديد من مسلسل House of Cards. علاوة على ذلك، أوقفت نيتفلكس وHBO أيضًا التعامل مع الفنان لويس سي كي وألغت تعاقداتها معه بسبب اتهامه في قضايا جنسية. إلا أنه رغم ذلك تسمح الشركة بإعطاء شرعية لجرائم الحرب والإبادة الجماعية لشعب كامل.

رابعاً: هذا ليس تاريخاً، إنه حاضر
هناك العديد من وحدات المستعربين التي لا تزال تنشط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بمعنى أن هذا المسلسل لا يدور حول الماضي أو حدث تاريخي، الأمر يتعلق بما يحدث حاليًا، على الأرض، يتعلق بصراع دموي وإحتلال غير شرعي لم ينتهي بعد. وهناك العديد من الأمثلة لقيام وحدات المستعربين بإعدام واختطاف فلسطينيين. واحدة من هذه الأحداث كانت قبل أقل من شهرين فقط. في مارس، حيث اقتحمت وحدة من المستعربين الحرم الجامعي لـ جامعة بيرزيت في رام الله -التي كانت ولا تزال ضحية للهجمات الاسرائيلية- متظاهرين بأنهم صحفيين يبحثون عن عمر كسواني، رئيس اتحاد الطلاب، وادعوا بأنهم يريدون إجراء مقابلة معه. خلال لحظات، قامت هذه الوحدة بإختطاف الطالب الكسواني من قلب الحرم الجامعي، وعندما تصدى لها مجموعة من الطلبة وحرس الجامعة، أطلق المستعربون الرصاص على الطلاب وقاموا باحتجاز الحرس الجامعي في غرفة الحرس، ومن ثم قامت قوة عسكرية من قوات الاحتلال بإسناد المستعربين، وأصابت ثلاثة آخرين. هذا ليس جزءً من خيال الكاتب، هذا واقع، يحدث يومياً لبث الخوف في عقول وقلوب الفلسطينيين. هل تعتقد أنه من الطبيعي أن يتم اعتبار هذا الأمر مجرد ترفيه. في نهاية المطاف، "فوضى" ليس سوى جزء صغير من مشكلة كبيرة، إنها تلك القطع الصغيرة التي تحتاج إلى أن يتم تدميرها قطعة قطعة لإنهاء جميع تلك الادعاءات التي يتم اختراعها لتبرير كل ما هو خاطئ وغير أخلاقي فيما يتعلق بالفلسطينيين والنظرة للاحتلال الإسرائيلي. هذا المسلسل يعطي مصداقية مطلقة لأشخاص كانوا وما زالوا مسؤولين عن معاناة أناس آخرين وتدمير حياتهم، لا يوجد أكثر من ذلك لكي نقوله.