جولة في متحف الطعام الأكثر قرفاً في العالم

عصير الضفادع من بيرو، جبن متعفن من سردينيا، سمك الرنجة المُخمر من السويد، لحم القرش المتعفن من آيسلندا، ونبيذ الفئران من الصين، هذه مجرد عينة بسيطة من الثمانون طبقاً الذي تم استيرادها خصيصاً من بلادها الأصلية، للمشاركة في افتتاح معرض متنقل في مدينة مالمو السويدية، يتفنن في تقديم 80 طبقاً قد يبدو مقرفاً للكثيرين ويثير اشمئزازهم لدرجة تدفعهم إلى الغثيان والتقيؤ.

سامويل ويست، الباحث والطبيب المختص بعلم النفس والذي يبلغ من العمر 44 عاماً، هو صاحب فكرة متحف الطعام الأكثر قرفاً Disgusting Food Museum. ويست كان له تجربة سابقة بمجال المتاحف حيث أنه هو ذاته صاحب فكرة Museum of Failure أو متحف الفشل في السويد أيضاً، الذي يعرض حوالي 80 منتجاً أو فكرة لم تنجح كطريقة للتعلم من أخطاء الماضي ولأن "قصص النجاح لا تولد إلا من رحم الفشل."

تحدثت مع سامويل عبر الايميل، وسألته عن متحفه الجديد وكيف خطرت الفكرة على باله: "لقد كنت منبهراً بردة فعل زائري متحف الفشل والإقبال الشديد عليه، ففكرت إن كان متحفاً بسيطاً غير من سلوك الناس تجاه ما يسمونه بالفشل فما هي الأفكار الأخرى التي يمكن أن يغيرها أي متحف آخر؟" يضيف ويست أنه يهدف من خلال هذا المتحف المتنقل إلى تشجيع الناس على تجربة ما لا يعرفونه، "فلعل طبق شهي لذيذ لدى الكثيرين يكون مضراً بالصحة بينما طبق آخر قد يبدو مقرفاً لكنه ذو قيمة غذائية كبيرة."

"الكثير من الناس يشمئزون لمجرد السماع لفكرة أكل الحشرات، والبعض يرتاب من تناول اللحوم المصنعة. نحن بحاجة إلى إثارة الجدل حول ذلك، لأننا بحاجة إلى مصادر بروتينية بديلة عن اللحوم، مثلاً من الحشرات،" يضيف سامويل. كما هو معروف، تسبب المزارع الصناعية تلوثاً هائلاً للبيئة، فكل بقرة تخرج من البراز والبول كمية تعادل ما يخرجه 40 شخصاً، ومعروف أن روث الأبقار يفرز الغازات ومنها الميثان الذي يلوث الهواء ويسبب احترار الأرض.

يعرض المتحف أطباقه في صناديق زجاجية لمنع انتشار الروائح الكريهة ويتم تغيير الأطباق أكثر من مرة يومياً، وقد تم تجهيز المتحف من حساب ويست الخاص، فقد كان قلقاً ألا تلقى فكرته إقبالاُ. تكلفة التذكرة 18 يورو ما عدا للطلاب وكبار السن 14 يورو فقط أما الأطفال فيمكنهم الدخول مجاناُ بوجود مرافق راشد معهم.

"سامويل صديق قديم لي، وقد اعتدت على الاستماع إلى أفكاره المجنونة، لكن هذه الفكرة كانت الأكثر جنوناً على الإطلاق، وجاءت صدفة بالتزامن مع رغبتي في تغيير مجال عَملي في التكنولوجيا، فشعرت أنني سأضفي تغيراً جذرياً من خلال تطبيق هذه الفكرة مع صديقي،" يقول أندرياس إيرنز مدير المتحف في إجابته عبر الايميل: "لقد عملنا على تطويرها معاً بالتعاون مع فريق من الباحثين ومصممي الغرافيك والمتطوعين."

شَكل العثور على أطعمة غير عادية تحدياً كبيراً لكل من ويست وإيرنز، وقد قام أندرياس بشراد أطعمة من جميع أنحاء العالم، فالهدف كان إحضار أطباقاً حقيقية وليست مجرد نسخة طبق الأصل. "مفهوم الاشمئزاز هو مفهوم ثقافي بحت، فنحن نحب الأطعمة التي نشأنا عليها، فعلى سبيل المثال، تناول عنكبوت قد يكون سبباً في سيل لعاب بعض الناس وفي ذات الوقت قد يثير اشمئزاز آخرين، وكذلك الأمر بالنسبة للحليب البقري مقارنة مع الحليب البشري، وأيضاً هناك العديد من أشهر الطهاة يقدمون الحشرات كجزء أساسي من قوائم الطعام،" يقول أندرياس.

إن توجهت زائراً للمتحف، قد تجد أكياساً للتقيؤ تقدم إليك مسبقاُ قبل عزمك على الدخول، كي تشعرك سلفاً أن ما خفي أعظم فتحسم أمورك وتأخذ قرارك إما بقبولك خوض هذا التحدي أو استسلامك وتراجعك عنه. "إننا حريصون جداً على ترقب ردود أفعال الزوار فور تذوقهم أو شمهم للأطعمة، فبعد الأسبوع الرابع على افتتاح المعرض سجلنا إحدى عشر حالة تقيؤ فعلي، منهم حالتان لم يستطيعا المغادرة مشياً فتم نقلهما للخارج على كرسي متحرك،" يشير سامويل.

هل يمكن لمفاهيمنا حول الاشمئزاز أن تتغير؟ لن نجد جواباً شافياً إلا من أشخاص قد عاشوا التجربة كما الحال مع سامويل وأندرياس. "الاشمئزاز يمكن أن يتغير مع مرور الزمن، فقبل مائتي سنة كان الجمبري غير مرغوب فيه لدرجة أنه كان فقط يقدم للسجناء والعبيد كنوع من التعذيب لهم، أما اليوم فهو يعتبر من الأطعمة التي لا يتناولها إلا المترفين،" يقول سامويل.

أما بالنسبة لأندرياس فيقول أنه تناول جنين البط الحي المغلي حينما كان يعيش في الفلبين، حيث جربها مرة ثم واظب على تناولها مراراً، كما أعرب عن حبه لكاسو مارزو وهي نوع من الجبن المتعفن المستخرج من حليب الغنم ويتميز باحتوائه على يرقات حية- وقد تم حظر هذا النوع من الجبن من قبل الاتحاد الأوروبي لأن اليرقات قد تبقى على قيد الحياة داخل الأمعاء مما يؤدي إلى إصابة الشخص بحالة تسمى النغف أو داء الدودة الحلزونية.

المتحف مفتوح للزوار في مالمو، السويد حتى سبتمبر 2019، كما له جولة في كل من الولايات المتحدة وألمانيا وانجلترا واليابان، فإن كنت من محبي كل ما هو جديد فلا تسمح لهذه الفرصة بأن تفلت من بين يديك.

تحذير: قد تشعر بالرغبة بالتقيأ عند مشاهدة الصور التالية: