رأي

كوبي براينت ليس لاعب كرة سلة عظيم فقط، بل الأهم أنه كان أب مثالي

ماذا عن أولئك الذين دفنوا أحلام الكثير من الفتيات وتحججوا فيهن بالعيب والعار؟ أليسوا هم أولى بهذه الميتة البشعة؟
GettyImages-1196594255
GettyImages

"لقد كان مثلي الأعلى! لماذا انتهت قصته هكذا؟" هذا ما تم يردده صديقي ويل الذي لم يستطع أن يستوعب القدر القاسي الذي انهى حياة لاعبه المفضل وأسطورة كرة السلة الأمريكية كوبي براينت، 41 عاماً، الذي حيث لقي حتفه يوم الأحد الماضي في تحطم مروحية في كاليفورنيا.

معرفتي الأولى بكوبي كانت من خلال فيلمه "Dear Basketball" الذي حاز على جائزة الأوسكار في فئة أفلام الأنيمشن القصيرة في عام 2018 . كنت أراقبه مراقب من بعيد، لكنه لم يغب عن بالي منذ سماعي عن الحادثة، خصوصًا بعد معرفتي بأن أحد بناته وهي جيانا أو جيجي براينت، 13 عامًا، كانت برفقته ولم تنجو هي الأخرى. رحلت هي وأحلامها في مواصلة ما أورثها والدها من حب لكرة السلة. توقفت لدقيقة وأنا أرى صورهما معا وكسر ذلك فؤادي وتعكر صفو يومي. تلك اللحظات عكست الكثير، حلم فتاة بالاحتراف في رياضة تحبها، حلم أب أرادها بأن تحمل اسمه وتُكمل مسيرته، وأخيرًا رابطة خيالية قد لا تراها إلا في الأفلام بين أب وإبنته وحب يجمعهما في حب كرة السلة.

إعلان

أردت حقاً المضي قدمًا ومتابعة حياتي بشكل طبيعي، والعودة إلى عملي مع تراكمات مواعيد التسليم لدي، لكن دون جدوى، لم أستطع المرور عن تلك الرابطة الجميلة التي ربطت كوبي بابنته. وحينها كرهت القدر لدقيقة أو اثنتين، فرجل كـ كوبي لم يفترض بأن يرحل. ماذا عن أولئك الذين قطعوا أجنحة الحرية لبناتهم؟ ماذا عن أولئك الذين دفنوا أحلام الكثير من الفتيات وتحججوا فيهن بالعيب والعار؟ أليسوا هم أولى بهذه الميتة البشعة؟ لكن لا أستطيع أن أعارض القدر فلا تعلم النفس بأي أرض تموت.

تلك الرابطة التي جمعت كوبي بابنته وعائلته ستترسخ في ذاكرتي للأبد، وأدعو من كل قلبي لكل أب ملهم مصر على تقديم الدعم والحب لبناته في ظل كل الرفض والضغط المجتمعي… قلبي معاكم

في هذا المقطع من مقابلة كوبي في برنامج "الليلة مع جيمي كيمبل" يمكنك رؤية الفخر في عينيه وهو يتحدث عن ابنته جيجي، حيث يقول أنه صادف بعض المعجبين الذين أثنوا على مسيرته و وتساءلوا إذا سيقرر بأن ينجب ذلك الولد الذي يحمل اسمه ويكمل مسيرته، فقاطعتهم جيجي قائلة "أنا أستطيع فعل هذا! لا يحتاج صبي لهذا، أنا أستطيع." حينها التفت إليها والدها وقال "أعلم أنك تستطيعين."

السؤال هنا، هل بإمكاننا ترسيخ اسطورة كوبي كأب مثالي؟ مثال أعلى يلهم الآباء عن كيفية معاملة بناتهن على إنهن أكبر من مجرد عرائس مستقبلية و "مكاين ولادة"؟ لا أريد اثارة الجدل، لكن ماذا سيحدث لو كان كوبي شرقيا منفتحا؟ هل سيغرقه الناس بالمديح؟ هل سيرضخ لضغط المجتمع وسيحاول طمس هوية ابنته؟ الجواب الذي في بالك هو ما سيعكس الواقع الذي نعيش فيه. هناك الكثير من الآباء الشرقيين ممن يسهل عليهم دفن أحلام بناتهم ووصفها بأنها "عالة." أو وضعها في قالب جاهز، وكأن واجبها في الحياة هو فقط التنفس وخدمة أهلها وزوجها. "من كفيل لكفيل." لكن ليس هذا موضوعنا.

لقد وقعت في غرام علاقة كوبي وجيجي، وشعرت بالحسرة على من لم تتلقى هذا الحب والدعم من والديها، وحينها "يستوي الهم همين." في مقالي هذا، لم أرد أن أخلد كوبي كلاعب كرة سلة أسطوري، بل كأب مثالي. تلك الرابطة التي جمعته بابنته وعائلته ستترسخ في ذاكرتي للأبد، وأدعو من كل قلبي لكل أب ملهم مصر على تقديم الدعم والحب لبناته في ظل كل الرفض والضغط المجتمعي… "قلبي معاكم."

لم أرد التعليق على قضية التحرش التي تم إتهام كوبي بها قبل أن يتم إسقاط التهم عنه، ويصعب علي صراحة تصديق بأن شخص مثل كوبي يمكنه فعل هذا لكن لا أستطيع تكذيب الضحية فلا نعرف ما قد تمر فيه الآن، و أتساءل أحيانا إذا كانت" الكارما" هي ما أنهت حياته، لا أعرف و لن نعرف لكن بالنهاية لا نستطيع نكران تلك الثغرة السوداء في حياة كوبي.

اختتم مقالتي بمشاركة صورة للثنائي الجميل كوبي وجيجي، كأن الله لم يرد بأن يفرقهما حتى عند رحيلهما عن هذا العالم.