4
لقطة من توحدنا الحلقة ٢. المصدر: ستافروس أنتيباس، توحدنا.
صنع في أبوظبي

منصات فنية نسائية في طليعة الإنتاج الفني في أبوظبي

"نهدف لتوفير مساحة للمبدعات من قبل مُبدعات"

على مدى السنوات الخمس الماضية، شهدت أبوظبي إطلاق عدد من المبادرات الفنية الشعبية التي عززت نمو الإنتاج الثقافي في دولة الإمارات. العديد من هذه المبادرات الفنية تقودها منصات لفنانات محليات ونساء رائدات على المستوى المحلي. هؤلاء المبدعات حددن الثغرات في المشهد الثقافي لدولة الإمارات وقمن بملئها بالمحادثات والحوارات المثمرة من خلال الأعمال والتجارب الفنية.

بعد عودتها إلى أبوظبي من دراستها الجامعية في لندن، شعرت المنسقة والفنانة الإماراتية الهندوراسية، سارة بن صفوان أن "هناك حاجة للتحدث بصراحة وبكل حرية عن المرأة والنسوية وكان هناك حاجة لتوفير مساحة آمنة للتعبير الإبداعي. حفزها ذلك على إنشاء "بنات كوليكتيف" عام ٢٠١٦ وهو "مجتمع إبداعي يناقش أوجه التقاطع والتشابكية، والنسوية، والجندرية، وسياسات الهوية في العالم العربي."

إعلان

وتهدف المجموعة إلى مساعدة المجتمع على إعادة التفكير في طريقة النظر إلى النساء العربيات من خلال عروض للفن المعاصر والشعر وأشكال أخرى من الكتابات الإبداعية. وتركز على موضوعات تُعنى بالمرأة ونظرية التقاطعية، وهي عبارة عن إطار تحليلي يحدد كيفية تأثير النُظُم المتشابكة للسلطة في أكثر الفئات تهميشاً في المجتمع.

1. Sara bin Safwan, curator at Guggenheim Abu Dhabi and founder of Banat Collective. Photo courtesy of Banat Collective copy.jpg

سارة بن صفوان، أمينة متحف جوجنهايم أبوظبي ومؤسس بنات كوليكتيف. المصدر: بنات كوليكتيف.

وتشير سارة، التي تعمل أيضًا قيّمة في متحف جوجنهايم أبوظبي أن "القواعد الشعبية مهمة جدًا للمشهد الثقافي في الإمارات العربية المتحدة. هذا يعني أن الناس مستقلون ويتحملون المسؤولية بأيديهم. إنهم يسعون إلى العمل الاجتماعي والتغيير الإيجابي ويوفرون صوتًا لمن لا صوت لهم."

منذ عام 2016، قامت بنات كولكتيف "بإبراز المحادثات والممارسات الفنية والبحوث التي يتم إجراؤها غالبًا في أماكن خاصة،" تقول سارة العقروبي، ٣٢ عاماً، الفنانة الإماراتية متعددة التخصصات والمنسقة المشاركة في "بنات كولكتيف" وتضيف: "المنصات التي تقودها النساء مثل "بنات كولكتيف" "تضخم الأصوات النسائية وتعمل على تفكيك وإعادة صياغة الخطابات والسرديات احادية التفكير. من خلال هذه المبادرة الإبداعية، تعمل بنات كولكتيف على توفير مساحة للمبدعات من قبل مُبدعات واستعادة سردية المرأة من قبل المرأة."

إعلان
IMG_7892 copy.jpg

سارة العقروبي، الفنانة والمنسقة المشاركة في "بنات كولكتيف." المصدر: بنات كولكتيف.


وعلى نفس الموجة، تركز دار إنتاج رواية القصص التي نشأت في أبوظبي "توحدنا" على سرد قصص الفنانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما تقوم أفلام توحدنا الوثائقية في المناطق الريفية والاستوديوهات المحلية بتأصيل تراث الفنانات المحليات. لتأتي مرحلة ما بعد الإنتاج، والتي  تقوم فيها "توحدنا" بعرض الأفلام الوثائقية في المعارض الفنية التي تستضيف معارض عامة لأعمال الفنانين. 

ومن خلال عرض الجهات الراعية للفن الخليجي للجماهير الدولية، تضيف "توحدنا" فارقًا دقيقا إلى خطاب هوية المرأة العربية، كما يقول المخرج السوري اليوناني ستافروس أنتيباس، ٢٧ عاماً، مؤسس دار "توحدنا" المولود في أبوظبي ويضيف: "تسعى توحدنا إلى سرد القصص التي تم تجاهلها.. نريد أن نمنح الفنانات الفرصة لاكتشاف المواهب التي يمكن أن تشكل المشهد الثقافي لدولة الإمارات، وهي برأيي الخطوة الأولى لتشكيل هذا المشهد بجميع تفاصيله." مع استمرارها في إنتاج الأفلام الوثائقية والدفع باتجاه الظهور والبروز في الفضاء الرقمي، تعمل دار الإنتاج التي تم إنشاءها في أبوظبي على تشجيع ورعاية وتعزيز مجتمع مشترك للنهوض بالفنانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

9. Aliyah Al Awadhi. Photo by Sumayya Al Marzouqi.JPG

عالية العوضي. تصوير سمية المرزوقي.

خارج هذه التجمعات، تستلهم الفنانات المقيمات في أبوظبي من المشهد الاجتماعي والبيئي للإمارة لإثراء ممارستهن. تلتقط الفنانة والكاتبة الإماراتية الأمريكية عالية العوضي، ٢٥ عاماً، في أعمالها الأبعاد والتفاصيل الخاصة بالنشأة في أبوظبي. في لوحاتها الفنية، التي غالبًا ما ترسم فيها أوصاف أجساد النساء في سياق التنشئة الإماراتية، تعترف أيضا بدور هويتها الواصلة وتجربتها مع اللغة العربية في إبداع أعمالها.

إعلان

وتقول عالية: "أعتقد أن عدم قدرتي على تحديد هويتي الإماراتية يلعب إلى حد كبير دورًا فيما أقوم به كفنانة. أنا أستخدم فني في التوفيق بين الأشياء بالاعتماد على مشاهداتي الخاصة وأيضاً عدم تأقلمي وارتباطي بكثير من الأحيان بالممارسات والتقاليد الثقافية. لم أكن أعرف كيف أتحدث العربية بطلاقة مثلاً، أو فهم الرسوم الكرتونية على قناة سبيستون."

هكذا، تستخدم عالية عملها لخلق لغة بصرية لا تجرؤ على عزل واستبعاد الآخرين بالطريقة التي كانت عليها عبر اللغة المنطوقة.

7. 🤟 (2020), 25 x 35 cm, Acrylic on Canvas by Aliyah Al Awadhi. Image courtesy of the artist.jpg

اكريليك على قماش رسم للفنانة عالية العوضي. الصورة بإذن من الفنانة.

في السياق ذاته، ترتكز أعمال الفنانة الإماراتية عفراء الظاهري، ٣٣ عاماً، على نشأتها في أبوظبي والإمارات، مستخدمة صناعة الفن "للفت الانتباه لمفاهيم الزمن والتكيف والتشدد ومواطن الضعف والهشاشة" كما تقول. يسمح عمل عفراء باستبطان المادية والأهمية المادية للهوية الأنثوية في سياق المدن المتغيرة مثل أبوظبي. عفراء هي ناشطة في المشهد الفني في الإمارات العربية المتحدة، وهي أيضًا المؤسس المشارك لـ "بيت 15" التي ينظر إليها باعتبارها "القلب النابض للمشهد الفني الناشئ في أبوظبي" وهو استوديو يديره فنانون وساحة عرض في منطقة الزعفرانة في أبوظبي. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، استضافت مجموعة الفنانين عددًا من معارض الفنانين وقدمت أماكن إقامة للفنانين المحليين مما أدى إلى خلق مساحة فنان مستقلة غير مرتبطة بمؤسسة.

ضمن  هذه الساحات الجماعية المشتركة في أبوظبي تجد الفنانة الإماراتية زهور الصايغ، ٢٤ عاماً، مكاناً لها. كعضوة جديدة في بيت 15، تعمل زهور، بشكل أساسي بالألياف والخزف، حيث تستلهم من تربيتها بالقرب من سواحل أبوظبي في الألوان والأشكال التي تستخدمها في أعمالها. ينعكس الحنين إلى أبوظبي التي نشأت فيها في الطابع المادي الواقعي لأعمالها الفنية، التي تأخذ في الاعتبار بيئة وموارد أبوظبي كمكان طبيعي.

هؤلاء ليسوا سوى بعض الفنانات والمبادرات الإبداعية التي تبعث الحياة في المشهد الإبداعي في أبوظبي. من وجهة نظرهم، نمت أبوظبي لتصبح مكاناً أوسع للحوار النسوي بشكل يتقاطع مع السياق والبيئة. إن وجود الهويات الواصلة نتيجة لكونها مدينة عالمية غير متجانسة، يجعل المحادثات أكثر ثراءً ودقة حول الهوية والانتماء. ومع ذلك، فإن الاستدامة والدعم المستمر لهذه الاستقصاءات والاستفسارات الفنية أمر بالغ الأهمية مع استمرار تطور المدينة وعبورها نحو المستقبل.