محمد أبو تريكة.
خلال أيام قليلة أصبح نجما كرة القدم المصرييين محمد أبوتريكة ومحمد صلاح حديث السوشيال ميديا، بعد أن صنعت تصريحاتهما انقسامًا حول قضايا أخلاقية ودينية شائكة في العالم العربي. ظهر أبو تريكة، لاعب منتخب مصر والنادي الأهلي، على إحدى قنوات BeIN سبورت، وتحدث عن المثلية الجنسية واصفاً إياها "بظاهرة الشذوذ الجنسي" التي لا "تناسب عاداتنا وديننا" رافضاً الدعم الموجه لها في الدوري الإنجليزي لكرة القدم. أما محمد صلاح، اللاعب الحالي لمنتخب مصر ونادي ليفربول الإنجليزي، فقد ظهر في لقاء تليفزيوني مع الإعلامي المصري عمرو أديب، وسأله المذيع عن تناول الكحول في بلد غربي يرى الأمر عاديًا، فجاءت إجابة صلاح أنه لم يشعر برغبة في شرب الخمر.اعتبر البعض أن أبو تريكة وصلاح عبرا عن وجهة نظريهما في المثلية والكحول. وفي حين دعم الكثيرون أبوتريكة لتعبيره عن رأيه قوبل صلاح بانتقادات لأنه لم يقل صراحة إنه لا يشرب الكحول لأنه حرام شرعًا.المشكلة الأساسية هنا في وجود فرق شاسع بين التعبير عن الرأي والتحريض ضد فئة معينة أو أقلية، الفرق كبير جداً.تعريف الرأي وفق معاجم اللغة هو الاعتقاد والتدبير، والنظر والتأمل والتعبير عن مشاعر أو أفكار تجاه شيء أو شخص دون الاعتماد على حقائق علمية. أما التحريض لغة وقانونـًا، فتعريفه يتعلق بعملية الحث أو الدفع للقيام بشيء ما سواء كان هذا الحث منبعه كلمات إغواء أو تحفيز للقيام بفعل يؤدى لجريمة.
خطاب الكراهية ليس له تعريف قانوني واضح، لكن التعريف الذي يمكن قوله إنه تعبير عن رأي ما يسعى فيه المتحدث للتقليل أو التحريض لكراهية مجموعة أو طبقة أو شخص بناءً على الخلفية العرقية أو الدينية أو الهُوية الجنسية. خطابات الكراهية تعمد لشيطنة الآخر وتنزع عنه الوجه الإنساني- dehumanisation.ضمن هذه التعريفات، فما قاله صلاح حول شرب الكحول من عدمه، هو اختياره شخصي بحت سواء لأسباب دينية أو صحية، ورفضه للكحول لا يؤثر على غيره من محبي الكحول وشاربيه من المسلمين وغيرهم. وبالتأكيد فهو لم يشجع أحد أو يلمح لأذى أي شخص يشرب الكحول مثلًا بأي شكل. في المقابل، كانت تصريحات أبو تريكة تحريضية وتحض على الكراهية، وفيها الكثير من المغالطات، لنفصل ذلك:
إعلان
خطاب الكراهية ليس له تعريف قانوني واضح، لكن التعريف الذي يمكن قوله إنه تعبير عن رأي ما يسعى فيه المتحدث للتقليل أو التحريض لكراهية مجموعة أو طبقة أو شخص بناءً على الخلفية العرقية أو الدينية أو الهُوية الجنسية. خطابات الكراهية تعمد لشيطنة الآخر وتنزع عنه الوجه الإنساني- dehumanisation.
إعلان
- بداية، اختار أبو تريكة أن يحمل راية الدفاع عن الدين الإسلامي والعادات والتقاليد العربية من خلال منصة يشاهدها ملايين العرب، مما وضعه ببساطة في إطار دعوي، وهذا ليس مجال تخصصه.
- قام باستخدام تعبير الشذوذ الجنسي، وهو تعبير مهين وعنصري ضد المثليين، ويحمل بشكل مباشر معانٍ وأحكام سلبية لدى الجماهير، والمقصود منه توجيه النفور والكراهية تجاه هذه الفئة.
- وصف المثلية بأنها ظاهرة - للتعبير عن كونها منتج غربي وغريب يروج له في مجتمع مختلف يؤمن بأشياء أخرى. في الواقع، العلاقات الجنسية بين الأشخاص من نفس الجنس ممتدة على مدار التاريخ الإنساني وليست ظاهرة مستحدثة. وتوضح الروايات التاريخية للعرب والمسلمين أنها ممارسات المثلية كانت منتشرة في عصور دولة الخلافة الإسلامية.
- أشار إلى تعارض المثلية مع الفطرة الإنسانية بقوله "هذه الظاهرة تغلغلت في مجتمعنا، هذه الظاهرة عكس فطرة الإسلام وعكس فطرة الإنسان." مجدداً، هذه فكرة ساذجة تماماً. الفطرة الإنسانية متغيرة ومتبدلة طوال الوقت، والتاريخ يمتلئ بمختلف أنواع العلاقات الجنسية، وفي حال كانت الغيرية الجنسية فطرة، فهل يمكن أن نعتبر زواج هابيل وقابيل من أختيهما فطرة؟ بالقطع لا، السبب تطوري بحت، من أجل الحفاظ على السلالة البشرية. كذلك، زواج الإخوة من بعضهم بعضًا والمعروف دينيـًا بزنا المحارم كان مقبولاً في السابق - فوالدا توت عنخ آمون كانا أخوين.
إن التعددية الجنسية مسألة عادية في رحلة التطور البشري، ووجود نظام اجتماعي وسياسي وصحي -زنا المحارم مثلًا كان سبباً في الكثير من الأمراض وموت الأطفال- مع مرور الزمن خلق حدودًا أكثر صرامة تجاه كل ماهو مختلف ومخالف لقواعد هذا النظام، فصار الأشخاص غير الخاضعين لمنظومة الزواج مثلًا ويمارسون الجنس دون عقد ديني منبوذين، وهكذا.