علاقات

هل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بديلاً عن تطبيقات المواعدة؟

"وسائل التواصل حقًا تساعد بالتواصل، في الحقيقة وفي الخيال"
designecologist-ACt2UZwHsIk-unsplash
Photo by DESIGNECOLOGIST on Unsplash

"أنا عارضة نفسي للزواج على فيسبوك، وعارفة إن ده قرار مش سهل وهيجبلي مشاكل كتير، بس أنا قد القرار ده ودرسته كويس أوي، وأتحمل الحلو والوحش."  بتلك الكلمات تحدتث المصرية مها أسامة، 32 عامًا، عبر مقطع فيديو نشرته على حسابها الشخصي بموقع فيسبوك عن رغبتها بإيجاد شخص مناسب للزواج. ما أعلنته مها تسبب بموجة من الجدل، بين من وصف تصرفها بالشجاع والجريء وأنها كسرت تابوًتا مجتمعيًا وبين من رأى أنها تقلل من قيمة المرأة وترسخ للأفكار النمطية التي تصور المرأة العربية "ككائن مهووس بالزواج."

إعلان

ما فعلته مها التي تخرجت في كلية التجارة جامعة عين شمس، كان بمثابة إلقاء حجر في بركة من المياه الراكدة، إذ اصطدمت بتابوت عادات وتقاليد الزواج في المجتمعات العربية بشكل عام والمصري بشكل خاص. لكن في الوضع السياسي والاقتصادي الصعب والأزمة الصحية بسبب فيروس كورونا، وجد بعض الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي طريقة للبحث عن شريك مناسب- وخاصة أن كثيرون لا يثقون بـ تطبيقات المواعدة. وتشير عدد من الدراسات إلى انخفاض شعبية تطبيقات المواعدة بين الشباب ويشتكي كثيرون من أنه من الصعب ايجاد شريك مناسب عليها، كما أن هذه التطبيقات تحوي ملفات تعريف مضللة وخادعة، إضافة إلى مخاوف تتعلق بالسلامة والتعليقات العنصرية أو المخلة.

منذر، 27 عامًا، مُحاسب، يرى أن تويتر هو وسيلة رائعة للتعارف بشكل مريح وبدون أي تعقيدات مقارنة بتطبيقات المواعدة التي جربها وتركها بعد فترة قصيرة: "في تطبيقات المواعدة أنت لا تعرف أي شيء عن الشخص سوى شكله الخارجي، صحيح أن هناك معلومات أخرى، ولكن لا أحد يهتم بنوع الأكل الذي تحبه أو الكتب التي قرأتها. التركيز هو على الشكل الخارجي فقط." يقول منذر أن جميع اللقاءات التي تمت عبر تطبيق تيندر -قبل الكورونا بالطبع -كانت فاشلة تمامًا. "أنا شخص غير اجتماعي، وكان من الصعب أن أتعرف على أي شخص في مكان عام. لا أستطيع القيام بذلك. اعتقدت أن تطبيقات المواعدة ستساعد ولكن على العكس، شعرت أنني غبي. ولكن الأمر مختلف على تويتر، لأنك يمكن أن تعرف كيف يفكر هذا الشخص من تغريداته، ويمكن أن تتوقع شخصيته كذلك." يشير منذر أنه تعرف على "حب حياته" عبر تويتر وخلال الحجر الصحي، وأن لديه صديقات وأصدقاء في العالم الإفتراضي أقرب من أي أحد في الواقع. "وسائل التواصل حقًا تساعد بالتواصل، في الحقيقة وفي الخيال."

إعلان

في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة لن يكون هناك فارس على حصان أبيض أو حتى حمار أسود

شيماء، 35 عامًا، التي تعمل في قسم العلاقات العامة، تقول أنها تستخدم حساب مزيف للدخول إلى غروبات التعارف على فيسبوك، وهي جروبات ينشئها بعض الباحثين عن الزواج أو مالكي مكاتب مخصصة للتعارف بين الجنسين بهدف الزواج. تقول شيماء أنها تخفي الأمر حتى عن أقرب صديقاتها بسبب "خوفها من نظرة الدونية والتنمر عليها لأنها ترغب بالزواج" وتضيف: "استخدم فيسبوك كطريقة للتعارف واعتبر أنها وسيلة أكثر أماناً وجدية من تطبيقات المواعدة. البعض يعتبر أن الزواج موضة قديمة، ولكن ليس بالنسبة لي."

تقول شيماء أن هناك مشكلة في عزوف كثيرين عن الزواج بعد أزمة فيروس كورونا في الوقت الذي ترتفع فيه نسب البطالة وتدني الأجور وتضيف: "أنا أعلم تماًما أنه في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة لن يكون هناك فارس على حصان أبيض أو حتى حمار أسود. نحن نعيش وباء عالمياً، أثر على كل مناحي حياتنا وقلص من مجال الاختلاط بالآخرين على أرض الواقع، مقارنة بالخيارات في العالم الافتراضي."

مروة، 35 عامًا، معلمة بمدرسة خاصة، هي واحدة من الأشخاص الذين تعرفت على زوجها محمد من خلال فيسبوك: "كنت عضوة في صفحة تناقش قضايا المجتمع السياسية والاجتماعية ولفت نظري تعليقات محمد على المنشورات ومنطقيته في الرد ووجهات نظره في بعض الأمور، خاصة في عمل المرأة وازاي لازم تبني مستقبلها، وأن مكوثها في البيت بيقتل شخصيتها وكينونتها. هذا ما جذبني إليه وبدأت في التفاعل مع تعليقاته ومع مرور الوقت قرر أن يحدثني على الخاص."

انعدام الثقة بين الطرفين تتسبب في صدع أي علاقة، فهي بمثابة أول مسمار في نعش العلاقة

إعلان

تضيف مروة أنها قبلت طلب محمد بالتحدث عبر الخاص، وتطور النقاش حول مزيد من القضايا، وتقول: "خلال هذه المناقشات ظهر توافقنا وتآلف وجهات نظرنا تجاه كثير من الأمور وهو ما زاد من إعجابي به وبعد فترة قررنا الزواج، ولدينا اليوم طفلين. الفيسبوك كان وسيلتنا للقاء." تشير مروة إلى أبرز مشاكل العلاقات التي بدأت عبر السوشيال ميديا هي قلة الثقة بين الطرفين: "أحيانًا كثيرة يعتقد الطرف الآخر أن شريك حياته قد يتعرف على شخص آخر بنفس الطريقة التي تعرفا بها. انعدام الثقة بين الطرفين تتسبب في صدع أي علاقة، فهي بمثابة أول مسمار في نعش العلاقة."

ريهام، 32 عاماً، معلمة بمدرسة خاصة، تستخدم أيضـًا غروبات التعارف على فيسبوك وتشير إلى أصبحت خبيرة في أنواع الراغبين بالتعارف. تقول ريهام أن هناك الذي يبحث عن تعارف عابر أو صديق/ة مؤقتة يتبادلان الأحاديث والنصائح وما إلى ذلك، والثاني فضولي يرغب/ترغب بتمضية الوقت، لكنه لا يريد تأسيس علاقة. أما النوع الثالث، فكل ما يريده هو علاقة جنسية، أما الرابع فهم الذين يبحثون عن شريك حياة. "الأكثر إصرارًا هم الفئة الثالثة. فقد يستمرون بالمحاولة لشهور،" تضيف ريهام.

مي، 26 عاماً، مترجمة، تعرفت على واحد من الفئة الثالثة كما تقول. بعد فترة من التعارف في العالمين الواقعي والافتراضي، عرض أحمد على مي أن يتزوجا عرفًيا لأنه لن يستطيع أن يتقدم لخطبتها لان ظروفه المادية لا تسمح له بذلك الآن: "حاول أحمد اقناعي عدة مرات بالأمر وقال لي أن دافعه الوحيد وراء ذلك هو الحب والحب فقط، حاولت إقناعه أن يتقدم إلى أهلي، وأخبرته بأنهم سيوافقون على الزواج بدون أي متطلبات، ولكن بدون نجاح. كان واضحًا أنه يبحث عن الجنس وليس الحب."

تقول مي أنها أغلقت جميع حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لأشهر بعد ما حصل: "لقد تأكدت أن فيسبوك بيئة غير آمنة للبحث عن حبيب أو شريك حياة مناسب. ولكني كل فترة، أعيد التفكير في الأمر كلما وجدت شخصين خطبا أو تزوجا وقالا أنهما تعرفا عبر فيسبوك."

همام، 29 عامًا، أيضًا قرر إغلاق جميع وسائل التواصل بعد عدم نجاح علاقته التي بدأت برسائل على انستغرام وفيسبوك: "العالم الافتراضي قد يكون مغريًا، وقد تعتقد أنك ستعيش قصة حب، ولكن نحن لا نشبه أنفسنا في ذلك العالم. أنت دائمًا تظهر بشكل ألطف أو أقسى من حقيقتك. والكذب أسهل في ذلك العالم. نصيحة، تعرف على الناس في الواقع، تجرأ وتحدث معهم."