موسيقى

قابلتُ نجوم موسيقى البوب في كوريا الجنوبية، وإليكم ما عرفته عن حياتهم

لقد تحدثتُ إلى كثير من فناني موسيقى البوب الكوري (K-pop) واكتشفت أنَّ الاكتئاب كان القاسم المشترك في جميع هذه الحوارات
Junhyup Kwon
إعداد Junhyup Kwon
Seoul, KR
sulli
سولي تغني على المسرح. الصورة بواسطة SM ENTERTAINMENT

ذكرتني وفاة نجمة موسيقى البوب الكورية والممثلة سولي (واسمها الحقيقي Choi Jin-ri) مؤخراً بإحدى أمسيات أواخر العام 2017؛ فقد كنتُ أعمل في ذلك الوقت مراسلاً ثقافياً أغطي أخبار موسيقى البوب في سيول بكوريا الجنوبية.

بعد انتهائي من عملي ذلك اليوم، ركبتُ الحافلة قاصداً بيتي لأتلقى مكالمة طارئة من محرر الصحيفة يخبرني فيها أن عضو فرقة البوب الكورية SHINee’s Jonghyun واسمه كيم جونغ هيون قد انتحر، فصغتُ الخبر العاجل في عجالة وأنا في الحافلة، وقد قيل أن الفنان كان يعاني من الاكتئاب والتعرض للتنمر على الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وكان في السابعة والعشرين من عمره عند وفاته. انتابني ذات الشعور حين بلغني نبأ وفاة سولي (Sulli) الأسبوع الماضي، والتي كانت في عامها الخامس والعشرين.

إعلان

ضجّت وسائل الإعلام الكورية مرة أخرى بقصص التنمر وقضايا الاكتئاب عبر الإنترنت، كما أكدت وسائل الإعلام على خطورة التنمر عبر الإنترنت وآثاره المدمرة؛ والذي كانت سولي؛ العضوة السابقة في فرقة البنات الموسيقية؛ إحدى ضحاياه التي طالما تحدثت علناً عن مشاكل الصحة العقلية التي كانت تمر بها.

لم أقابل سولي ولا جونغ هيون قطّ، لكني قابلتُ كثيراً من فناني موسيقى البوب الكوري، لأجد من خلال الحوارات التي أجريتها معهم أن الاكتئاب كان قاسمهم المشترك، وقد تكلم كثير منهم عن شعورهم بالاكتئاب، وعن عدد المرات التي تتبادر الأفكار المتطرفة فيها إلى أذهانهم، كما تحدث بعضهم عن استشارتهم للأطباء، وكثيراً ما طلب مدراء العلاقات العامة بأدب منا؛ نحن الصحفيين؛ حذف هذه الأجزاء من الحوارات.

كان معظم من تجرؤوا على الكلام هم من كبار نجوم موسيقى البوب الكوري، فيما لاحظتُ أن نجوم البوب الكوري الصاعدين كانوا أكثر تحفظاً إزاء القضايا والآراء الشخصية، وخاصة أولئك الذين ينتمون لفرق بوب كورية عملاقة، وقد فهمتُ إلى حد ما أسباب تدخل الفِرق الموسيقية هذه، فقد كان مرادها حماية فنانيها من الهجمات الشريرة، بيد أن من البديهي أن تُحدث السيطرة والقيود الهائلة التي يواجهها هؤلاء الفنانون خسائرَ فادحة.

استخدم أحد نجوم K-pop في العام الماضي مصطلحاً غير مألوف، حتى بالنسبة لنا كمراسلين ثقافيين، ألا وهو "سن بلوغ المعبود" idol’s puberty وهي فترة يمر بها معظم الفنانين الذين كانوا أو ما زالوا أعضاء في فرق البوب الكوري، وتنجم هذه المتلازمة عن التعرض لسيل جارف وغير طبيعي من المشاعر المختلطة، كالحماسة والحب والكراهية والوحدة. بعبارة أخرى، يبدو أن هذا النجم يرى أن ما جعل كل شيء قاهراً لهذا الحد لم يكن التعليقات السلبية والتنمر عبر الإنترنت وحسب، بل هي ردود فعل المعجبين والنقاد على حد سواء أيضاً؛ وهي ردود فعل لا يمكن التحكم بها، لا سيما عندما يبدأ فنانو البوب الكوري في التعبير عن أفكارهم وأهوائهم. لقد اتضح التأثير المدمر؛ والمُهلك في بعض الأحيان، لامتزاج الشهرة السامة والقيود الشديدة على هؤلاء النجوم.

إعلان

كانت سولي، والتي كان أول ظهور لها كطفلة ممثلة في عامها الحادي عشر، تتمتع بشعبية كبيرة؛ لتصبح واحدة من ألمع نجوم موسيقى البوب الكوري، غير أنها تعرضت للتنمر الشديد عبر الإنترنت من جرّاء صراحتها المفرطة، فقد أقرّت أنها مع قانون الإجهاض في كوريا الجنوبية وهذا ما تم إقراره في وقت سابق من هذا العام، وكانت تدافع بشدة عن حقوق المرأة، وتؤيد بقوة حركة "لا لحمالات الصدر" (no bra movement)، كما أصرت على أن المرأة غير مضطرة لارتداء حمالات الصدر إذا ما وجدتها غير مريحة. وقد ظهرت في مرات عدة وهي ترتدي قميصاً دون حمالات صدر، وقد جعلتها مواقفها تلك عرضة للنقد اللاذع.

إن K-pop هو أكثر أنواع الموسيقى الشعبية الآسيوية شهرة، ويقصدُ كوريا الجنوبية شباب كثير من شتى المناطق ممن يحلمون بأن يصبحوا نجوماً في المستقبل، غير أن القصص المأساوية لنجوم البوب الكوري قد سلطت الضوء على حاجة كوريا الجنوبية إلى إعادة التفكير في قبولها لتنوع الآراء. لم تلقَ سولي ثناءً على مواقفها تلك إلا بعد رحيلها، وقد عززت وفاتها المطالبات بأن تسنّ الحكومة قوانين جديدة لحماية الناس من التنمر الإلكتروني.

لقدِ ازدهرت موسيقى البوب الكوري تناسقاً وتأليفاً، وذلك أنَّ شهرة الفنانين تنبع من عناصر الموسيقى المميزة، والتناسق التام في خطوات الرقص، ومن صورهم التي تخطف الأنظار، ولكن، ربما علينا جميعا أن نعترف بفناني البوب الكوري، وأن نظهر لهم التقدير كأفراد كل له شخصيته الفريدة.

إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يفكر في الانتحار ، المساعدة موجودة. اتصل بخط ساخن حسب بلدك