FYI.

This story is over 5 years old.

مجتمع

من هنا يخرج أبطال المنتخب الأردني في رفع الاثقال‎

قصة تأسيس معسكر لأبطال رفع الأثقال في مخيم البقعة في الأردن
أمير ضو
إعداد أمير ضو
Dubai, AE
تصوير نادر داوود

كانت زيارة عادية لنادي رياضي في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، أكبر المخيمات الفلسطينية في الأردن. ولكن تلك الزيارة ومشاهدة قاعة التدريب بسيطة حيث يقوم بعض الشباب بممارسة رياضة رفع الأثقال لم تذهب من بال وليد أبو ندى، 20 عاماً، خريج قانون وإدارة أعمال من جامعة IE University في إسبانيا. لم تمض عدة أشهر، قبل أن يقرر وليد تأسيس أول مدرسة لرفع الأثقال من قاعة التدريب الصغيرة تلك.

"كوني فلسطيني الأصل، شعرت بتعلق خاص بنادي يرموك البقعة، وهو عبارة عن مركز اجتماعي وثقافي ورياضي في قلب مخيم البقعة للاجئين،" يقول وليد ويضيف: "كان النادي يضم قاعة تدريب بسيطة للتدريب على رفع الأثقال الأولمبي يقوم بالتدريب فيه النقيب علي الجابري، الذي كان يعمل ضمن إمكانيات محدودة جداً. شعرت أنني الشخص المناسب للعمل معه وخاصة أن لدي الخبرة في ذلك وأسست نادي شبيه في جامعتي. ومن هنا بدأت فكرة معسكر الأبطال وكيفية تطوير قاعة التدريب البسيطة لتصبح مكانًا آمنًا للتدريبات."

إعلان

تأسس معسكر الأبطال في مخيم البقعة في أغسطس 2017 بهدف المساعدة في اكتشاف لاعبين محتملين في الفريق الوطني الأولمبي الأردني. ويعيش في مخيم البقعة، الذي تأسس عام بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، نحو 200 ألف نسمة، في مساحة 1.5 كم. هذا المخيم الصغير خرج منه عدد من الرياضيين في مجال الملاكمة ورفع الأثقال وألعاب القوى أشهرهم الملاكم محمد أبو خديجة، الذي حصل على عدد من الميداليات الذهبية والفضية في عدة تصفيات.

معسكر الأبطال The Champ Camp، بحسب وصف وليد هو أكثر من مجرد نادي رياضي، فهو كمنظمة غير هادفة للربح، يركز على ثلاثة محاور؛ رياضية وتعليمية واجتماعية. "أفضل أن أصف عملنا في الوقت الراهن كمدرسة، وهدفنا مساعدة الشباب في المخيم بالتعامل مع الحياة والنجاح في حياتهم المهنية والشخصية، بغض النظر عن عدد الميداليات التي يحصلون عليها كرياضيين." يضيف وليد: "نحن لا نريد أن نساهم فقط في بناء الرياضيين الأبطال، بل أيضاً الاحتفال بالناس العاديين." يقول وليد إلى أنه بالاضافة الى التدريب على رفع الأثقال، يقدم المعسكر ورشات عمل ومحاضرات في العمل الاجتماعي والترجمة والفن وتنمية المجتمع، والمهارات الحياتية مثل إدارة الوقت وتدريب الكفاءة والتغذية وغيرها.

نحن نعمل لأكثر منذ أكثر من عام ونجحنا في النمو والتطور في تلك الفترة، ومع ذلك، لا زلنا نبحث عن تمويل مستدام

يحاول المعسكر من خلال تنوع طلابه كسر القوالب النمطية للجنسين حيث غالبًا ما يُنظر إلى رفع الأثقال الأولمبية على أنها "رياضة للأولاد فقط." وعن ذلك يقول وليد: "في مجتمع محافظ، قد ترغب بعض العائلات في عدم مواصلة بناتها هذه الرياضة، ولذلك أحد أهدافنا الرئيسية هو تمكين المرأة، ونحن نواصل التركيز على إشراك الفتيات في هذه الرياضة وغيرها لإظهار أنه لا توجد حدود لما يمكن أن تقوم به الفتاة." يشير وليد أن هناك 14 فتاة في المعسكر، تم اختيار 5 منهم للفريق الوطني في رفع الأثقال.

إعلان

بالتعاون مع الكابتن علي الجابري، المسؤول عن التطوير والتدريب الرياضي للأطفال، يعمل موظفيَن يعملون بدوام كامل في المعسكر إضافة مع عدد من المتطوعين،. وليد، باعتباره مدير المؤسسة، فهو مسؤول عن إدارة العمليات والميزانيات والحملات والتخطيط وجميع الأنشطة اليومية.

الكابتن علي الجابري، المسؤول عن التطوير والتدريب الرياضي للأطفال

وليد أبو ندى مع أحد المتدربات

من أين يحصلون على التمويل؟ سألت وليد: "لدينا 3 شركاء استراتيجيين يساعدوننا في تنفيذ عملياتنا. KABS FitFactory توفر لنا المعدات والملابس، كما يزود شركاؤنا التعليميون "أنا أتعلم" I Learn، المعسكر ببرنامج تعليمي يقدم البرمجة واللغات والفنون والمهارات الحياتية،" يجيب ويتابع: "وهناك شريكنا الأخير، نادي يرموك البقعة، حيث تقع قاعة التدريب الخاصة بنا في هذا المركز." يشرح وليد أن مصدر التمويل الرئيسي للمعسكر هو التمويل الجماعي والتبرعات الخاصة والمنح، وهو يحاول الحصول على تمويل مستقر. "نحن نعمل لأكثر منذ أكثر من عام ونجحنا في النمو والتطور في تلك الفترة، ومع ذلك، لا زلنا نبحث عن تمويل مستدام يسمح لنا بالعمل بكامل طاقتنا،" كما يقول.

بسبب الوضع الاقتصادي الصعب للمخيم، يضطر الأطفال في سن مبكرة للعمل، "هذا هو التهديد الأساسي"

يضم المعسكر 25 طفلاً (14 فتاة و 11 فتى) مشتركين في معسكر الأبطال، الذي يضع ضمن أهدافه العمل مع هؤلاء الأطفال بشكل مستدام وليس لفترة قصيرة من الزمن. ولكن لماذا 25 فقط؟ "أنا شخصياً أود أن نترك تأثيراً كبيراً على 25 طفلا أفضل من تأثير بسيط على 1،000 طفل،" يقول وليد مشيراً إلى أنه بسبب الوضع الاقتصادي الصعب للمخيم، يضطر الأطفال في سن مبكرة للعمل، "هذا هو التهديد الأساسي الذي قد يجعل أطفالنا يتركون المسار الرياضي ويضطرهم إلى الانسحاب من النادي."

إعلان

العيش والعمل في مخيم لاجئين ليس سهلاً، ووليد يعلم هذه التحديات عن قرب. "أنا شخصياً أعرف أنه لو كانت الأشياء والظروف مختلفة، لكنت وُلدت في مخيم، أعتقد أن الجميع يجب أن يفهم ذلك لتحفيز التغيير،" يقول وليد: "لقد استمعت شخصياً لقصص من أشخاص أعرفهم يعملون مع بعض الشباب اللاجئين والذين يطلبون تغيير عنوانهم على سيرهم الذاتية لتجنب رفضهم من قبل صاحب العمل. هذه القضية بارزة للغاية في مخيم "البقعة."

وليد أبو ندى مع أحد الأطفال

على الرغم من الصعاب، يؤكد وليد أن خلال عمله مع اللاجئين، لم يجد "سوى أناس قادرين على الصمود والتكيفويريدون التطور على الرغم من العقبات الكثيرة التي يواجهونها بالحياة. لقد جاء بعض أطفالنا من مخيم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بعد الحرب، تخيل ذلك. الانتقال من مخيم للاجئين إلى آخر عبر عدد من الدول، ومع ذلك فلا يزال يحدوهم الأمل، ويعملون معًا من أجل تعلم أشياء لن يتعلموها في أي مكان آخر."

في النهاية سألت وليد عن بعض التحديات التي تواجه المعسكر اليوم، وكان على رأسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نعم، صدقوا أو لا تصدقوا، فالتخفيضات التي قامت بها الإدارة الامريكية على ميزانية وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الأونروا أثرت على المخيم وبالتالي المعسكر. "هذه التخفيضات تؤثر بشكل مباشر على أطفالنا وعائلاتنا، يعيش الكثير من عائلات الأطفال خارج دعم الأونروا من حيث التعليم والصحة والطعام،" ينهي وليد بالقول: "نأمل أن نصل إلى نقطة يكون هناك بديلاً لهذه المؤسسات الداعمة." لنتعلم من هؤلاء الأطفال ونأمل أن يتحقق ذلك.

جميع الصور من تصوير نادر داوود.