يوميات المونديال: كرواتيا تُعيد إنجلترا للديار وتتربع على عرش منتخبات "النفس الطويل"

احتفالات لاعبي كرواتيا بالفوز الثمين - التقطت جميع الصور بواسطة أيمن عارف

FYI.

This story is over 5 years old.

كأس العالم 2018

يوميات المونديال: كرواتيا تُعيد إنجلترا للديار وتتربع على عرش منتخبات "النفس الطويل"

تقدم الإنجليز في الشوط الأول لكنهم فشلوا في الحفاظ على هدفهم الثمين ليتنزع الأوكرانيون هدف التعادل الذي مهد للفوز

"من يضحك أخيرًا، يضحك كثيرًا".. هذا المثل البسيط الشهير هو الأنسب لوصف مباراة نصف نهائي كأس العالم بين إنجلترا وكرواتيا. ضَحِكت إنجلترا أولًا واستبشرت، لكنّ الضحكة اختفت حين باغتها المنتخب الكرواتي صاحب النفس الطويل واقتنص الفوز في الوقت القاتل. عبرت كرواتيا إلى النهائي للمرة الأولى في تاريخها لتواجه المنتخب الفرنسي الذي صعد على حساب بلجيكا يوم الأحد المقبل.

لم يُجر المنتخب الإنجليزي أي تعديلات على تشكيلته أو طريقة لعبه. نفس الوجوه التي اعتمد عليها جاريث ساوثجيت منذ انطلاق البطولة ستخوض المباراة، ونفس الأفكار ستحاول تطبيقها بالاعتماد على ثلاثي في الدفاع وثنائي في الهجوم وخماسي في منتصف الملعب. وكرواتيا كذلك ستلعب بطريقتها المعتادة (4-2-3-1) لكن مع تغيير بسيط في منتصف الملعب؛ حيث سيتقدم لوكا مودريتش إلى الأمام ويلعب خلف المهاجم ويترك مركز لاعب الوسط الارتكاز إلى برونوزفيتش ليجاور راكتيتش.

إعلان

هجمة إنجليزية لم تعبر خطوط دفاع كرواتيا - التقطت الصورة بواسطة أيمن عارف

لا تعرف تلك المباريات الكبرى ما نسميه في بلادنا "جس النبض" حيثُ يحاول كل فريق مناوشة الآخر على استحياء في الدقائق الأولى لكنّها تبدأ في الأغلب بإيقاع سريع. وفي الدقيقة الخامسة تقدم المنتخب الإنجليزي بهدف من ضربة ثابتة سددها الظهير الأيمن المتألق كيران تريبيير.

تقدم منتخب الأسود الثلاثة مبكرًا. وكان متوقعًا ومنطقيًا أيضًا أن يندفع لاعبو كرواتيا لإدراك التعادل لكنّهم لم يفعلوا ذلك، وكأنهم كانوا يتحينون اللحظة المناسبة لمباغتة الإنجليز وإرباكهم. في الدقيقة 13 كاد المدافع هاري مجواير يضيف الهدف الثاني لإنجلترا من ركنية حولها برأسه ومرت قريبة من القائم الأيسر.

إنجلترا كانت تعتمد على سرعة رحيم سترلينج، كلما تقدم لاعبو كرواتيا وفقدوا الكرة قام أحد لاعبي وسط أو دفاع إنجلترا بتمريرها في المساحة الفارغة لسترلينج الذي تفوق بسرعته على دفاعات كرواتيا أكثر من مرة. أول تهديد لمرمى كرواتيا كان في الدقيقة 31 عن طريق ريبيتش الذي سدد بين يدي الحارس بيكفورد.

فرصة قتل المباراة بتسجيل الهدف الثاني جاءت في الدقيقة 36 بوصول الكرة لجيسي لينجارد على حدود منطقة الجزاء في مواجهة المرمى، وبدلًا من تسديدها داخل الشباك سدد الكرة بطريقة غريبة بعيدة تمامًا عن المرمى. كانت تذكرة التأهل إلى النهائي بين يدي الإنجليز. كرواتيا لم تنتفض وهاجمت على استحياء خلال الشوط الأول لكنّ هاري كين ورفاقه رفضوا زيادة حصيلة الأهداف.

الجناحان في كرواتيا بيرسيتس وريبيتش بدّلا أماكنهما في منتصف الشوط الثاني. الأول ذهب إلى اليسار جبهته المفضلة والثاني إلى اليمين. بيرسيتش استعاد تألقه وبدأ يهدد مرمى الإنجليز وسدد كرة في الدقيقة 65 لكنّ ووكر أبعدها عن المرمى. بدأ الإنجليز قانعين بالهدف. يحاولون فقط حماية مرماهم. والمنتخب الكرواتي بدأ بمرور الدقائق يستعيد خطورته. في الدقيقة 68 جاء هدف التعادل. بيرسيتش نجح في خداع ووكر وانقض على تمريرة عرضية وحولها داخل الشباك.

إعلان

إحباط وخوف
الهدوء والتراخي الإنجليزي تحوّل في لحظة واحدة إلى ارتباك وخوف ظهرت كل ملامحه على وجه الحارس بيكفورد عقب الهدف الكرواتي. في الدقيقة 71، عاد بيرسيتش وكاد يسجل الهدف الثاني. سدد كرة قوية اصطدمت بالقائم ليزداد الارتباك الإنجليزي. استسلم لاعبو إنجلترا لإحباطهم. لم ينتفضوا لتسجيل الثاني أو حتى لإدراك التعادل. كان الهدف الثاني لكرواتيا قريبًا في الدقيقة 83 حين سدد ماندزوكيتش كرة قوية لكن الحارس بيكفورد أبعدها وظل يصيح غاضبًا يطالب مدافعيه باستعادة تركيزهم.

كرة مشتركة لم تسفر عن شئ - التقطت الصورة بواسطة أيمن عارف

انتهى الوقت الأصلي. على كرواتيا الآن أن تخوض وقتًا إضافيًا للمباراة الثالثة على التوالي بعد مباراتي الدنمارك وروسيا في دور الـ16 وربع النهائي. واستعان المدربان بأوراقهما البديلة من على مقاعد الاحتياط. ماركوس راشفورد منح الإنجليزي حيوية منذ نزوله أرض الملعب بدلًا من سترلينج في الدقيقة 72. وكذلك داني روز منح الجبهة اليسرى بعض النشاط والقوة بعد أن تمكّن الإجهاد من آشلي يونج.

مرّ الشوط الإضافي الأول دون أهداف لكن ظهر جليًا أن لاعبي إنجلترا لم يتجاوزوا صدمة الهدف. المدافعون فقدوا تركيزهم وكثرت وتعددت أخطاءهم. وكلما تعرضوا لضغط من أحد المهاجمين كانوا يمررون الكرة إلى الحارس بيكفورد. هاري كين قدم أداءً سيئًا منذ انطلاق المباراة ولم يشكل أي تهديد على مرمى كرواتيا.

هدف العودة
على الجانب الآخر، كان لوكا مودريتش ورفاقه يحاولون قتل المباراة قبل الوصول إلى ركلات الترجيح. في الدقيقة 109، ظهر بيرسيتش مجددًا ولعب رأسية متقنة لتصل إلى ماندزوكيتش الذي تسلل من خلف المدافعين وسددها باتقان داخل الشباك مسجلًا الهدف الثاني القاتل لكرواتيا.

مودريتش يمتص إحدى هجمات إنجلترا ويحولها مرتدة - التقطت الصورة بواسطة أيمن عارف

عقب الهدف حاولت إنجلترا لكنّها عجزت عن التسجيل لتنتهي رحلتها في المونديال عند نصف النهائي للمرة الرابعة في تاريخها. نجحت كرواتيا في مغامرتها، قدمت نفسها باعتبارها من أصحاب النفس الطويل. من تلك المنتخبات التي لا ترفع الراية البيضاء مبكرًا؛ ففي دور الـ16 وربع النهائي وكذلك نصف النهائي تلقت شباكها الهدف الأول لكنّها استطاعت العودة وتحقيق الانتصار سواءً في الوقت الإضافي أو بركلات الترجيح.

وباتت كرواتيا رابع منتخب في تاريخ المونديال يحسم مباراة في نصف النهائي خلال الشوطين الإضافيين. تتبقى الآن خطوة واحدة أمام الكتيبة الكرواتية للتتويج باللقب، لكنّها لن تكون مهمة سهلة أمام فرنسا، خاصة وأنه سبق للمنتخبين أن التقيا في نصف نهائي مونديال 1998 وكان الفوز وقتها حليفًا لمنتخب الديوك.