Screen Shot 2019-04-21 at 1
تدريب عسكري لنساء عربيات لمواجهة عناصر داعش في العراق - جميع الصور من تصوير أسماء وجيه
مرأة

مصورة مصرية تحتفي بنضال المقاتلات الكرديات في معرض فوتوغرافي

جميع بطلات المعرض مُلهمات يبحثن عن الحرية والتحرر من تطرف داعش وذكورية المجتمع

إذا كانت أول صورة تقفز إلى ذهنك عند ذكر اسم "داعش" تلك الجرائم الوحشية التي ارتكبها التنظيم الإرهابي في البلاد والعباد، خاصة الانتهاكات التي طالت النساء من قتل وسبي واغتصاب؛ هناك أكثر من 40 صورة مختلفة لواقع مليء بالمقاومة وعدم الإذعان رصدتها عدسة كاميرا الصحفية أسماء وجيه، للمقاتلات العربيات والكرديات اللاتي وقفن ضد الاعتداءات البشعة لداعش علي أراضي سوريا والعراق، في معرضها الفوتوغرافي الذي يحمل عنوان" على طريق الحرية" بالعاصمة المصرية القاهرة.

إعلان

تقول أسماء وجيه في مقابلتها مع "VICE عربية" إن المعرض يستهدف تكريم شجاعة النساء الكُرديات والعربيات ونِضالهن ضد داعش، وتوثيق قصصهن المُلهمه في البحث عن الحرية والطريق الثالث للخروج سواء من القبضة العسكرية لداعش وأفكارها المتطرفة، ومن جهة أخرى سيطرة السلطة الذكورية لمجتمعاتهم القبلية، ومن ثم المعرض يوثق تجربة المرأة الكردية في الحياة العسكرية والمدنية باعتبارها نموذج مُلهم للمرأة العربية".

أسماء وجيه مصورة صحفية مصرية، تخرجت من جامعة عين شمس وحصلت على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة لندن، عملت مراسلة حُرة في العراق بعد الغزو الأمريكي لمدة ثلاثة سنوات، وتخصصت في تصوير أخبار النزاعات والاضطرابات مثل حرب إسرائيل على لبنان 2006، والصراع المسلح بين حركتي حماس وفتح على السلطة فى غزة 2007. عملت وجيه في وكالة رويترز للأنباء لمدة ثماني سنوات، غطت خلالها النزاع فى أفغانستان، ثم أحداث الربيع العربي في مصر وليبيا وسوريا، و حصلت فيها على جائزة مصور "رويترز" لعام 2012 كما حصلت على جوائز أخرى منها جائزة الصين الدولية للصور (CHIPP) لعام 2016.

1556200203001-WhatsApp-Image-2019-04-25-at-34434-PM

أسماء وجيه

VICE عربية: متى بدأت رحلتك في توثيق قصص المقاتلات الكرديات حتى ظهورها في معرض"على طريق الحرية"؟
أسماء وجيه: المعرض نتاج رحلتين؛ الأولى سفري للعراق مطلع 2015 بعد عام من مذابح داعش في بلدة سنجار (شمال العراق)، وعندما وصلت هناك كانت نصف مناطق "سنجار" محررة بالتعاون بين قوات الـPKK (partiya karkerên Kurdistan) وقوات البشمركة، وساعدتني الأخيرة في الوصول للفتيات المحاربات بالـ PKK، ولكن بعد صعوبات شديدة واجهتني في الحصول على التصاريح لدخول "سنجار" حتى بعد تحريرها، حيث جأني التصريح بعد انتظار لمدة 20 يومًا، ولم يُسمح لي سوى بثلاث أيام فقط للتصوير.

إعلان
1555840829828-CH1B6421

مقاتلة من حزب العمال الكردستاني تقف بالقرب من موقع أمني في سنجار

والرحلة الثانية كانت في أواخر عام 2017 وسفري كمراسلة حرة لشمال سوريا، ورغم استقالتي من "رويترز" عام 2016، كنت مُصممة على استكمال قصة المحاربات، وخاصة في المناطق المحررة من داعش على أيدي قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع مقاتلات وحدات حماية المرأة ((YPJ Women's Defense Units، وهي مجموعات نسائية كردية مسلحة، في كل من " كوباني، الرقة (المعروفة بعاصمة تنظيم الدولة الإسلامية آنذاك) ، دير الزور، عين عيسى وعين العرب" وأمضيت هناك عدة أسابيع، وأنجزت فيها قصتي المصورة، التي انبثق عنها المعرض.

كم كانت أعمار المقاتلات تقريبًا؟
من أعمار مختلفة. قوات الـ PKK بالعراق كانت تُجند الفتيات في سن صغيرة تبدأ من 16 عامًا إلى 20 عامًا، بينما كانت القائدات أكبر في السن لالتحاقهن بحزب العمال الكردستاني منذ فترة طويلة، أما التحاق الفتيات العرب وليس الكرديات لوحدات YPJ كان غير مرتبط بسن معين كما يُسمح لهن بالزواج والإنجاب، عكس قواعد شروط انضمام المقاتلات الكُرديات من عدم الزواج والقسم بالولاء لوطن يحمي الأكراد.

وماذا عن مدة التدريب التي يخضع لها الفتيات ليُصبحن مقاتلات؟
لم أسال بدقة عن المدة، ولكن لا تزيد عن بضعة أشهر، لأنه عندما وصلت للرقة (شمال سوريا) للتصوير، كانت هناك مجموعة من المقاتلات أمضوا ثلاث شهور وكانوا ينتظروا شهرين آخرين لإنهاء التدريب.

ما هي أنواع الأسلحة التي يستخدمونها؟
لاحظت أن الأسلحة تتناسب مع القوة الجسدية للفتيات وقدراتهن على حملها، لذا كانت المقاتلات تحمل الهاون، الـ "آر بي جي" الكلاشنكوف سواء الرمي أو القنص، وكانت السيدات القناصات يتمتعن بتفوق ودقه في القنص من المقاتلين الرجال.

1555839796045-CH1B2917

مقاتلة من وحدات حماية المرأة تنام في بيت بمدينة الرقة يستخدم كمركز إقامة وتدريب للمقاتلات أثناء تحرير المدينة من داعش

حدثيني عن قصص المقاتلات وأسباب انضمامهن لهذه الوحدات العسكرية؟ وهل قابلت فتيات تعرضت للعنف الجنسي على أيدي داعش؟
ليس بالضرورة، كما صوَرت الميديا، أن جميع المقاتلات تعرضن للاغتصاب على أيدي داعش، بل كانت ظروف وقصص الفتيات مختلفة؛ منهم من تركت عائلتها، انفصلت عن زوجها، تركت عملها، رفضت النزوح مع أهلها وفضلت التجنيد للمشاركة في تحرير المناطق من قبضة داعش. معظم مقاتلات الـ PKK بشمال العراق من الفتيات الكرديات والإيزيديات، بينما وحدات YPJ في شمال سوريا كانت تضم عرب، سريانين، تحت إدارة الأكراد، حيث تأثرت الفتيات العرب بالفتيات الكُرديات. ولكن بصفة عامة جميع الفتيات اللاتي قابلتن التحقن بالقوات العسكرية بحثًا عن الحرية وإثبات الذات والانتقام، بعد سنوات عانوا فيها من سطوة داعش بصفة عامة على المناطق التي كانت تحت قبضتهم، والذي كان يفرض على النساء مثًلاعدم الخروج بدون محرم وارتداء النقاب.

إعلان

هل تقصدين أن المقاتلات كن يبحثن عن الحرية بصفة عامة ليس من داعش فقط؟
بكل تأكيد، لأن حتى قبل وجود "داعش" الفتيات قادمات من خلفيات اجتماعية شديدة المحافظة والانغلاق والالتزام بالعادات والتقاليد، فمثلا " الرقة – شمال سوريا " هي مدينة قبلية تُعتبر امتداد للقبائل العراقية بالموصل، كانت تعاني فيها الفتيات من الهيمنة الذكورية من الأب أو الأخ أو العائلة التي كانت تُحرم الفتيات من التعليم وتجبرهن على الزواج في سن مبكرة، وتُهلل لتعدد الزوجات ومن ثم جاء التحاق الفتيات بالجيش رغبة في الانتقام سواء من داعش الذي فرض عليهم نظام أكثر صرامة من عائلاتهن وكبَت حُرياتهن، وأيضًا للانتقام من العادات والتقاليد الذكورية التي كانت تسيطر على هذه المناطق مثل دير الزور، عين عيسى، الرقة، وغيرها.

1555839949502-CH1B3039

مقاتلة كردية من أفراد وحدات حماية المرأة تقف حراسة بالقرب من أفراد عائلة يشبه بها الانتماء لداعش خلال هجوم أكتوبر لاستعادة الرقة

هل هناك قصة لفتاة مُقاتلة تأثرت بها عن الأخريات؟
لا توجد قصة محددة، فجميع الفتيات مُلهمات يبحثن عن الحرية وطريق ثالث للخروج سواء من القبضة العسكرية لداعش وأفكارها المتطرفة أو سيطرة السلطة الذكورية لمجتمعاتهن، الفتيات كن متعطشات للحريات، وتحدي أنفسهن أكثر ضد العادات والتقاليد االتي تفرضها هذه المناطق القبلية، لذا قررت تسمية المعرض "على طريق الحرية".

ولكن في ظل هذا المناخ المحافظ، كيف نجحت الفتيات في تجاوز صعوباته؟
لم يكن التحاق الفتيات بالوحدات العسكرية سهلاً، فهن دفعن ثمن ذلك، سواء بترك عائلتهن أو الانفصال عن أزواجهن، لأن الأهالي سواء العرب أو الأكراد كانوا رافضين تجنيد الفتيات لعدة أسباب؛ خوفًا من فقدان السيطرة على البنات، الاختلاط بين الفتيات والذكور في معسكرات التدريب، رغم أن هناك فصل كامل في المعسكرات ليلًا. ولكن تبقى عقلية الأهالي تقليدية محافظة تجاه الفتيات، وهو ماقررن تحديه بقوة بحثًا عن الحرية وتمردًا على مافعلته داعش والعادات والتقاليد بحيواتهن الماضية. ولاقت هذه الأفكار دعم وتشجيع من وحدات YPJ والإدارة الجديدة للأكراد في المناطق المحررة بشمال سوريا والتي كانت تحت الحكم الذاتي، حيث تمتعوا بالانفتاح والثقافة والسعي نحو تأسيس الدولة المدنية التي تقوم على المشاركة بين الرجال والنساء سواء في الحياة المدنية أو العسكرية.

إعلان

هل تختلف مهام مقاتلات الـ PKK عن YPJ ، فالأولى مثلًا عسكرية على الجبهة والثانية مع المدنيين؟
المهام متشابهة تبدأ بالقتال وقدرة الفتيات على استخدام الأسلحة المذكورة سابقًا وهو ما لعب دورًا كبيرًا في تحرير هذه المدن من قبضة داعش فكانت الفتيات تُقاتل على قدم المساواة مع الرجال، مرورًا بدروهن في نقاط التفتيش الأمني للنساء المدنيين بدلًا من عناصر القوات الرجالية. فمثًلا تلك الصورة التي يضمها المعرض لإحدى مقاتلات YPJ تقف في حراسة أسرة مُشتبه انتماءها لداعش. كما تتولى "وحدات حماية المرأة" أيضًا مسؤولية الأزمات النسائية وتقديم الدعم لهن سواء كانت من المدنيين أو مقاتلات، مثل اغتصاب سيدة على أيدى داعش وتوفير الدعم الأمني والنفسي لها.

ماهي رسالتك من معرض "على طريق الحرية"؟
لكل امرأة في العالم حرب تخوضها وتُقاتل بطريقتها، والمعرض يوثق لدور المرأة الُكردية في معركتهن ضد داعش وتحرير المناطق التي احتلوها، وأيضًا نضالهن في الحصول على حُرياتهن بصفة عامة. كانت معركة وجود لهن، وتجربة المرأة الكردية في الحياة العسكرية والمدنية نموذج مُلهم للمرأة العربية. فالفتاة الكردية أو العربية التي حاربت العادات والتقاليد الذكورية تتشابه مع كل النساء في منطقة الشرق الأوسط.

1555840860548-ED8A3142

إحدى أفراد الشرطة الكردية تلعب مع طفل وسط زميلاتها

ماهي أكبر مخاوفك أثناء التصوير في مناطق النزاعات؟
"أن تصيبك رصاصة من أي اتجاه ولا تُكمل مهمتك في التصوير". الإصابة كبدتني مايقرب من عام من العلاج بعد فض اعتصام رابعة (اعتصام جماعة الإخوان المسلمين/ مصر- أغسطس 2013) وكذلك إصابتي بشظايا "هاون" من طائرة أسقطتها داعش في مواجهات مع قوات الرد السريع العراقية بالموصل (شمال العراق) مطلع 2017، وأمضيت شهر للعلاج في أربيل .ولكن في النهاية "مفيش صورة تستحق حياة بني آدم" وعلى المصور ألا يكون الخبر، ولا يجب أن يكون في الصفوف الأولى فهو لايحارب يل يُغطي الحرب.

إعلان

مع مشاهد القتل والدمار التي ترصدها كاميرتك باستمرار.. كيف تتعافين نفسيًا من هذا المناخ؟
التعود ثم التعود، المراسل الحربي يُصبح مثل الجَراح، لن يترك الطِب ويبكي عندما يزروره مريض سرطان. تأقلمت مع مشاهد القتل والخراب، وأصبحت في حالة تأهب وتوقع دائم للخطر أو الإصابة أو الطلق الناري. وطالما المصور يمسك بالكاميرا أثناء الضرب والمواجهات لن يتذكر هل هو حزين أم سعيد ولكن سيُكمل عمله فقط. لن أنكر أن هذا المناخ الدموي، غيَر وجهة نظري في كثير من الأمور، يجعلك تُدرك أن الموت قريبًا دائمًا، وأن المشكلات اليومية الصغيرة تُصبح تافهة ولا قيمة لها وسط عالم يُقتل فيه الأطفال بلا رحمة.

هل واجهت تمييز في عملك كمراسلة حربية لكونك امرأة؟
أحيانًا، ولكن لم يكن فجًا أو معرقلاً لمهمتي الصحفية، فمثلا أثناء الحرب على أفغانستان أو العراق، الجيش الأمريكي يتعامل باحترافية شديدة مع المصوريين سواء نساء أو رجال، طالما انتي موجودة في تغطية منطقة نزاع إذًا انتي عارفة بتعملي إيه؟!، أنتِ جئتِ لثكنة عسكرية وعليك أن تلتزمي بالتعليمات، عندما يُخبروني بميعاد الدورية، أذهب دون تأخير دقيقة. لكن القوات العربية، التمييز كان يأخذ شكل الخوف عليكِ، لكونك امرأة، كانوا يرغبون في مساعدتي وحمايتي لكوني مصرية، فلن أنسى تعاون الثوار في ليبيا، وأتذكر أحدهم كان ينصحني بعدم التقدم لتفادي الإصابات والهجوم.

أين رحلتك القادمة؟
اليمن، ذهبت مرة واحدة، ولكن اليمن بلد كبير، وهناك الكثير من القصص الإنسانية التي أرغب في رصدها.

يمكنكم متابعة صور أخرى لـ"أسماء وجيه" عبر حسابها على إنستجرام

وفيما يلي مجموعة أخرى من صور أسماء وجيه "على طريق الحرية"

1556199813729-sinjar-1

أسماء وجيه (جالسه أقصى اليمين) مع مجموعة من المقاتلات الكرديات

1555840992022-ED8A1947

مقاتلات من وحدات حماية المرأة اثناء الاحتفال بإعلان الرقة مدينة محررة من داعش في الاستاد الرياضى الذى شهد آخر معركة بين داعش وقوات سوريا الديمقراطية

1555841013985-ED8A4995

نساء يحاولن استقبال شبكة الجوال بالقرب من المناطق الخاضعة لنظام الأسد، في منطقة تم تحريرها للتو من داعش في دير الزور

1555841028936-CH1B1676B

مقاتلات من وحدات حماية المرأة يتدربن في ساعات الصباح الباكر في مدرسة تستخدم كمركز تدريب على أطراف مدينة الحسكة شمال سوريا