IMG_1780 (1)
القلب المكسور

كيف أتخلص من شعوري بالفراغ والعدمية؟ وكيف أسامح من تخلى عني؟ نصائح من القلب المكسور

ربما علينا عيش الحياة بخفة، لا نبني توقعات عظيمة غير واقعية، ولا نبالغ في سحق أنفسنا إرضاءً لأي أحد

أشعر بالعدم.. بالفراغ، لا صداقات حقيقية أو مزيفة.. لا حب حقيقي أو مزيف، ولا هدف.

صديقي/صديقتي التي تصارع الفراغ

أفهم تمامًا إحساسك بالعدمية والفراغ، وأن لا شيء سيؤدي إلى شيء. أفهمه تماماً. العدمية قد تكون حالة مؤقتة تمر بها بعد فترة طويلة ومرهقة من الصراعات، وهي فلسفة حياة سبقك إليها كثيرون منذ عصر فلاسفة اليونان، الذين أسرفوا في مناقشة ما المعنى من حياتنا، وكل الصراعات التي نخوضها باستمرار، إذا كانت المحطة النهائية أن ننتهي ونتوقف عن الوجود. وما المعنى من العلاقات والحب والمشاعر إذا كان كل شيء إلى تغير وزوال. حسناً، دعني أصارحك أن هذا ليس خاطئاً تماماً وليس صحيحاً على طول الخط. بالتأكيد كل شيء مصيره الانتهاء يوماً، لكن لا يعني هذا أن نبقى في مكاننا بانتظار أن ينهار كل شيء، وأن نفرّط في تجارب الحياة، ونتنازل عن بهجة المغامرة، باعتبارها تحصيلاً حاصلاً. ربما علينا عيش الحياة بخفة، لا نبني توقعات عظيمة غير واقعية، ونهنأ بكل مكسب نخرج به، ولا نبالغ في سحق أنفسنا إرضاءً لأي أحد.

إعلان

سأذكرك بالمقولة التي ابتذلها كثيرون والتي تقول "الكنز في الرحلة." جمال الحياة ليس دائماً في وجود معنى واضح وجاهز لما نفعله، بل في رحلتنا لاكتشافه، وفي تبلور حياتنا حوله عندما نعرفه، وفي قدرتنا على تغيير أهدافنا وقناعتنا متى نضجنا وتجاوزنا مرحلة ما، لننتقل إلى مرحلة أخرى. بعض الناس وجدوا معنى حياتهم في إنقاذ الحيوانات من الشارع، والبعض الآخر وجده في الاستمتاع بكل يوم دون تفكير في اليوم التالي، والبعض يضع خططاً ليحتل العالم ويغزو البحار.

ربما تكون تلك العدمية والفراغ نتاجاً لتجارب صعبة مررت بها. جيلنا رأى الكثير فرفقاً بنفسك كأحد أفراده، ورغم سخافته وثقله كما تشعر، فقد يكون شعوراً صحياً يدفعك لبناء حياة جديدة أفضل. ربما عليك احتضان هذا الشعور بالعدمية والسعي لفهمه، فقد ينبهك أن أولوياتك لم تعد كما كانت، وأنك بحاجة لبداية جديدة، في مكان جديد، ربما أنت بحاجة لحلم جديد تجد من خلاله معنى حقيقياً. هناك جانب مشرق في حياتك "الفارغة" هذه هي قدرتك على ملئها بما تحب، وأن ترسم فيها كل شيء قد يخطر في بالك ويحرك مشاعرك. ابق مع نفسك فترة طويلة، صالحها، تحدث معها فيما تريد، ولا تضع قيوداً على رغباتك. وستعرف إلى أي طريق يجب أن تمضي. الطريق دائماً موجودة، صدقني.

نتمنى لك دهشة الاكتشاف وسعادته في القريب.

أنا أعاني من القلق الاجتماعي (Social anxiety) من فترة، بس مش بشكل دائم، يعني في الأماكن المزدحمة أو حوالين أشخاص معينين، يعني في المواقف الاجتماعية بشكل عام.. يعني ما في أي طريقة تهدّي من خوف حكم الناس علي وزيادة ثقتي بنفسي؟ واللي زايد على الموضوع انّي يعني insecure كثير!

إعلان

صديقي/صديقتي القلق

لست وحدك. أعرف تماماً ما تعنيه بالقلق وسط الآخرين، فهي أعراض اضطراب القلق الاجتماعي التي عانينا منها جميعاً بدرجات متفاوتة خلال حياتنا. اضطراب القلق الاجتماعي هو اضطراب مزمن يجعل صاحبه يعاني من خوف وهلع غير مبررين من التعرض للإحراج أمام الناس، وهو يختلف عن الشعور بالتوتر في المواقف الاجتماعية الضاغطة، أو مع بعض الأشخاص الثقيلين على القلب، لأنه يخفض جودة حياة صاحبه بسبب خوفه من مواقف ربما لن تحدث أبداً، فقد يتوقف المصاب بالقلق الاجتماعي عن حضور الحفلات والمناسبات الاجتماعية، أو يرفض ترقية مهمة في وظيفته، كي يتجنب التعرض للناس والتحدث أمامهم، ظنّاً أنهم سيحرجونه.

في الظروف العادية قد تساعدنا بعض النصائح مثل الاسترخاء والتنفس بعمق، والتحدث بثقة، وعدم التفكير في الآخرين وآرائهم. لكن تلك النصائح لن تفيدك لأن قلقك مزمن كما ذكرت، ويلازمك في "المواقف الاجتماعية بشكل عام." هذا ليس قلقاً عاديّاً بسيطاً بل حالة طبية تستدعي تدخل الطبيب، حتى لا تعاني من ردات فعل جسدية بشكل يفوق قدرتك على التحمل أو التركيز. يمكن للقلق الاجتماعي أن يسبب نوبات من التوتر الشديد، وصعوبة التنفس، والدوار، والغثيان وآلام المعدة، والشعور بالرجفة والتوتر العضلي وزيادة ضربات القلب والعجز عن التركيز، وقد تصل إلى الإغماء، وكلها أعراض جسدية يشخصها الطبيب النفسي ويمنحك العلاج المناسب للسيطرة عليها والحد منها، وكلما جاء تشخيصك مبكراً كان الشفاء أسرع. أمَّا الشق المتعلق بخوفك من حكم الآخرين عليك، وأخذ نظرتهم لك في الاعتبار بشكل مبالغ فيه، والذي قد يدفعك لتجنب الحياة الاجتماعية بالتدريج، فله علاج معرفي سلوكي يساعدك على تجاوز تلك الأفكار والتحكم فيها، سيحدده طبيبك لأن كل حالة تختلف عن الأخرى في طريقة العلاج.

إعلان

نتمنى لك كل الهدوء والتعافي بأمان.

حاولت أنتحر مرتين، وفي شخص قريب مني كان عارف بس تركني وبعد عني، وحتى ما وقف معي، مش عارفة كيف أسامحه، وكيف ممكن أرجع أوثق بحدا، وكل حد بعرفه تركني بأكثر وقت صعب.

صديقتي الخائفة

هناك مشكلتان في كلامك، أهمهما ليست تخلي الآخرين عنك، بل تخليك أنتِ عن نفسك. محاولتك للانتحار مرتين هي المشكلة الحقيقية التي تأتي منها كل المشاكل الأخرى، وعليكِ التركيز عليها أولاً. لماذا حاولت الانتحار مرتين؟ هذا هو السؤال. في السنوات الأخيرة عانينا من تفشي ظاهرة الانتحار بين جيل الشباب، ويمكننا قراءة بعض الأسباب في ضوء ما مررنا به من تغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية قاسية وعنيفة صدمتنا في العالم المحيط بنا، ورؤيتنا لجانب مظلم للحياة، جعلت البعض غير راغب في الاستمرار. أغلب الرسائل التي كتبها المنتحرون عبرت عن خيبة أملهم، وعجزهم عن التأقلم مع ضغوط الحياة وكوارثها، أو شعورهم بالفشل واللا جدوى من المحاولة، والبعض كان يعاني اكتئاباً شديداً لم يتلق العلاج اللازم. أنتِ لم تذكري السبب الذي دعاك لمحاولة الانتحار مرتين، لكنك بحاجة للتوجه إلى الطبيب النفسي فوراً، والتحدث معه باستفاضة، وكيف تشعرين حيال نفسك أولاً، قبل مشاعرك نحو الآخرين. الآخرون يأتون ويرحلون لكنك أنتِ الباقية، وأنتِ الأكثر أهمية، فابدئي بحماية نفسك الآن من الأفكار الانتحارية، واكسبي حياة جديدة. سواء كانت محاولاتك للانتحار بدافع الاكتئاب، أو يأساً من مواصلة الحياة، أو حتى تصرف يائس لتشعري بحب من حولك وعاطفتهم، فأنت بحاجة لزيارة الطبيب ليساعدك على تجاوز هذا الخطر.

أمَّا بخصوص الشخص الذي رحل، قد يكون رحيله لأنه لم يهتم بك كفاية، وهذا لا يقلل منك ولا منه، وقد يكون ظنك تتعمدين لفت الانتباه بحديثك عن الانتحار فلم يأخذ كلامك بجدية، وقد يكون اهتم بك لدرجة أنه لم يتحمل البقاء، لأن لكل إنسان قدرة على التحمل ليس لنا أن نطالبه بأكثر منها، وفكرة أن تكوني مسؤولة عن حياة شخص فكرة مرعبة قد تدفع البعض للهروب هلعاً. أسباب رحيله لا تهم، لا يهم من يرحل ولا لماذا يرحل، تجاوزيه، وانسي، واذهبي للطبيب وابدئي طريق التعافي.

أنت بحاجة لعلاج الأفكار والمشاعر التي تدفعك للتفكير في التخلي عن أعظم كنز تملكينه، الحياة، وأنتِ بحاجة لأن تحبي نفسك كفاية، وتحترمي حقها في الوجود والسعادة، عندها ستحظين بعلاقة صحية مع نفسك، والعلاقة الصحية مع نفسك هي ما ستقودك لعلاقات صحية مع الآخرين.. هذا هو الطريق الوحيد.

نتمنى لك حياة مديدة، صحية وثرية بالحب والتقدير المتبادلين.