إذا كنت من الأشخاص الذين يؤمنون بأن المخاوف من تداعيات التغيير المناخي مبالغ بها، أو من الأشخاص الذين يؤمنون بأن الأمر برمته محض مبالغة، فما عليك فعله سوى زيارة فلوريدا. فقد ورد في تقارير صحف فلوريدا الكبرى يوم الجمعة الماضي: "في القرن الماضي، ارتفع مستوى منسوب مياه البحر بمعدل 23 سنتيمتراً في منطقة (كي ويست)، وخلال السنوات الـ 23 الماضية، ارتفع 8 سنتيمترات أخرى وبحلول العام 2060، من المتوقع أن يرتفع مستوى البحر 61 سنتيمتراً دون أي تباطؤ"، هكذا حذرت الصحف.
أهمية هذا الموضوع مرتبطة بما يمكن انقاذه اليوم وليس بمساحة الأرض التي سنخسرها أو بأن الجزر والمناطق المنخفضة لن تكون قابلة للسكن عند ارتفاع المحيط بمقدار 91 سنتميتراً. ومن منحى آخر، أهمية هذا الأمر مرتبط بكيفية العودةإالى ما كنا عليه من قبل.
يمكنك أن تشهد الأدلة الموجهة ضد الاحتباس الحراري عدة مرات في السنة في منطقة شاطىء ميامي وجزر فورت لودرديل وعلى طول Intracoastal Waterway في شاطئ ديلراي. خلال عملية المد والجزر في الأيام المشمسة، تتدفق فقاعات مياه البحر عبر مصارف العواصف إلى الشوارع وواجهات المحلات. لم يحدث هذا الأمر من 20 عامًا، لكنه سيحدث بشكل أكبر في المستقبل.
قامت صحف عدة بتوحيد صفوفها في مجموعة كتابات وردت في مقال موحد تحت عنوان Invading Sea. الصحف المشاركة هي: Miami Herald وPalm Beach Post و Sun-Sentinel مع مساعدة من برنامج إذاعي يبث على محطة راديو WLRN. جميع وسائل الإعلام هذه قرعت طبول التغيير المناخي منذ سنوات عديدة، ولكن توحيد صفوفهم ينذر بخطورة الموضوع.
ارتفاع مستوى البحر أدى إلى انخفاض أسعار المنازل وازدياد المشاكل الصحية للسكان، وطوفان الشوارع بالمياه بشكل يومي في ميامي. ولكن هذه ليست المشكلة الأساسية: رغم أن الكثير من المقاطعات الأميركية الساحلية والشركات التجارية تأخذ موضوع ارتفاع مستوى مياه البحر على محمل الجد، المشكلة تكمن في تجاهل الأيديولوجيون الجمهوريون على المستويين: مستوى الولاية ومستوى الحكومات الفيدرالية للأمر. حاكم ولاية فلوريدا ريك سكوت أحدث بعض الضجيج حول موضوع التغير المناخي بعد إعصار إيرما في 2017، وهو الشخص نفسه الذي منع قبل بضع سنوات المسؤولين في إدارة حماية البيئة في فلوريدا من استخدام مصطلح "التغير المناخي" أو مصطلح "الاحتباس الحراري." عدم مبالاته دفع ثمانية أطفال إلى رفع دعوى الشهر الماضي اتهموا فيها الحاكم بـ"اللامبالاة المتعمدة". ريك سكوت هو الآن مرشح لمجلس الشيوخ الأمريكي.
لم يكن رأي السياسي الجمهوري البارز في فلوريدا، السناتور ماركو روبيو، في القضية أفضل من بقية الجمهوريين، فخلال نقاش سياسي في العام 2016، وحين سُئل عن الاحتباس الحراري عبر الجمهوري ميامي توماس ريغالادو، تجاهل الواقع ونفي أن لم تلعب الحكومة أي دور في تخفيف وطأة الاحتباس الحراري. دونالد ترامب كان غير مكترث للأمر أيضاً؛ ففي العام الماضي وقع على قرار تنفيذي ونوه أنه ليس بالضروري النظر في ارتفاع مستويات سطح البحر عند بناء البنية التحتية، وهذا يسجل رجوع عن قرارات أوباما السابقة.
تؤكد الافتتاحية Invading Sea أن المسؤولين في ولاية فلوريدا لا يرون أن الولاية محكوم عليها بالبؤس: "على الرغم من أن مستقبل منطقتنا مهدد، فإننا نعبر عن ثقتنا بامكانياتنا التكيف مع الأمر إذا بدأنا التخطيط الآن لرفع مستوى الطرقات مثلاً، ورفع المباني، وتحديث نظام السيطرة على الفيضانات الذي يناهز عمره 70 عامًا، كما ويمكننا شراء العقارات المعرضة للفيضانات واتخاذ خيارات ذكية حول ما يجب توفيره وما يجب الاستثمار به".
يجب أن يقوم أحدهم بتفيذ هذه القرارات لتأخذ شكلاً حقيقياً. يجب أن يكون الأمر في غاية السهولة ومن المستغرب أنه لا يزال محط نقاش اليوم. لا داعي للسياسيين الجمهوريين في فلوريدا أن يصدقوا كلام علماء، كل ما عليهم فعله هو التجول على الساحل في فلوريدا ليرون المياه آتيه باتجاههم.