FYI.

This story is over 5 years old.

سوريا

عروض زواج تنهال على لاجئ سوري عالق في أحد المطارات

يعيش حسن القنطار في مطار كوالالمبور منذ مارس الماضي مُحاصرًا ببيروقراطية الدبلوماسية
سوريا

الصورة لـ حسن القنطار. 

المكان: مطار كوالالمبور الدولي رقم 2، الذي يضم شركات الطيران المنخفضة التكلفة، الممرات الطويلة تضم مقاعد بسيطة غير مريحة، هواء بارد جداً من المكيفات، مع أصداء لأصوات صاخبة وصوت رفيع غير مريح للأذن. بين كل هذا، يجلس رجل سوري وحيداً وهادئا، ينتظر نهايته الغير متوقعة أبدًا. وجدت حسن القنطار جالساً بجانب عدد من المسافرين، يحدق بهدوء في هاتفه، يبدو أنه بعض الوزن خلال الأشهر الخمسة الأخيرة التي حوصر فيها بالمطار، باعتباره ضحية للبيروقراطية الدبلوماسية. تمك تداول قصة وجوده في المطار في وسائل التواصل الاجتماعي وفي قنوات الإعلام المختلفة، وتلقى عروضاً للمساعدة من جميع أنحاء العالم بما في ذلك عروض الزواج.

إعلان

أدت هذا الشهرة المتزايدة إلى محاولة القنطار الاختباء من الناس في معظم الأيام، فهو يعيش تحت السلم الكهربائي حيث يحتفظ بعدد صغير من المتعلقات وفراش التخييم، التي تلقاها من بعض الأشخاص بعد 50 يومًا من النوم على الكراسي أو على بطانية. يقول القنطار إنه مُتعب ومُستنزف من تكرار رواية القصة نفسها أكثر من مرة، وليس لديه رغبة في أن يصبح نجماً لوسائل الإعلام الاجتماعي. في وسط صالة القادمين الصاخبة، يعيش القنطار حياة انفرادية. تحدثنا لمدة ساعة ونصف، وفي منتصف المحادثة، أخبرني القنطار أن فمه وخديه يتألمان من التحدث لفترة طويلة. يقول القنطار أن مشاكله بدأت مع اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011. قبل الحرب، كان القنطار يعمل في الإمارات العربية المتحدة في عام 2006 في مجال التسويق في قطاع التأمين لكنه اُستدعي للخدمة العسكرية. "رفضت الذهاب لأنه لا يوجد عدو واضح هناك،" يقول القنطار مضيفاً: "هذه ليست وظيفتي أو سبب وجودي في هذه الحياة.. رفضت أن أكون جزءًا من آلة القتل، لقد رفضت الخدمة العسكرية مثلما رفض آلاف السوريين."

يدعي القنطار أن جواز سفره انتهت مدته في يناير 2012، ولأنه لم يكمل خدمته العسكرية، فإنه لم يتمكن من التقدم بطلب للحصول على جواز سفر سوري جديد، مما أدى إلى إنهاء شركته لعقده، وعاش منذ ذلك الحين وحتى يناير عام 2017 كشخص عديم الجنسية، غير قادر على الحصول على وظيفة، لأنه يقيم بشكل غير قانوني. كان يعيش في الشوارع وينام في السيارات والحدائق أو في أي مكان يستطيع فيه أن يضع رأسه بأمان في درجات حرارة تزيد أحيانًا على 40 درجة. في نهاية المطاف، كما يقول القنطار، تم القبض عليه، لكن أحد زملائه السابقين تمكن من تجديد جواز سفره لمدة عامين وسلمه اليه خلال وجوده في السجن، أرادت السلطات الاماراتية إعادته إلى سوريا، لكنه استطاع إقناع مسؤولي المطار بإرساله إلى ماليزيا بدلاً من ذلك.

إعلان

ماليزيا هي واحدة من عدد قليل من البلدان التي تمنح التأشيرة للسوريين عند الوصول، لذلك كان القنطار قادراً على البقاء في البلاد لمدة ثلاثة أشهر، غير أنه لم يتمكن من العثور على عمل، ولكنه قرر البقاء شهراً بعد انتهاء مدة تأشيرته. تلقى القنطار مالاً من عائلته لدفع الغرامة بسبب تجاوز مدة تأشيرته وتمكن من تمديدها لمدة 14 يومًا أخرى، وخلال هذين الأسبوعين، حاول مغادرة البلاد مرتين. كانت المرة الأولى على متن طائرة الخطوط الجوية التركية المتجهة إلى إسطنبول للذهاب الى الإكوادور، حيث يمكن للسوريين أيضًا الحصول على التأشيرة عند الوصول هناك. ووفقاً للقنطار، فإنه بعد وصوله إلى بوابة المغادرة تم منعه من الصعود على متن الرحلة المتجه إلى اسطنبول ولم يتلق أي تفسير (لم ترد الخطوط الجوية التركية على طلب التعليق على هذا الادعاء). كانت المرة الثانية بالمحاولة للذهاب إلى كمبوديا، وكان هذا المشروع أكثر نجاحًا بقليل حيث أنه وصل إلى كمبوديا، ومع ذلك، أُعيد إلى ماليزيا من قبل مسؤولين كمبوديين الذين قرروا أنه غير مؤهل للحصول على تأشيرة.

لدى وصوله إلى مطار كوالالمبور الدولي 2 في 7 مارس، أدرك القنطار أنه إذا قرر الخروج من المطار، فسيتم نقله إلى مركز اعتقال وترحيله إلى سوريا؛ لأن ماليزيا ليست من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي تحمي حقوق اللاجئين وتجبر الدولة المستضيفة على حمايتهم، وبالتالي، لم يغادر القنطار صالة الوصول أبداً ولا يزال تحت رعاية شركة طيران AirAsia، التي توفر له ثلاث وجبات من الدجاج والأرز كل يوم.

قام القنطار بدراسة القانون الدولي لحقوق الإنسان خلال فترة احتجازه الطويلة، ويشعر بخيبة الأمل بجميع المؤسسات التي أنشئت لدعم النازحين، وبالتحديد وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. يدعي القنطار أنه بعد العاصفة الإعلامية عن وضعه، عرضت عليه الوكالة تصريحًا خاصًا لمدة شهر واحد لماليزيا، حتى بعد أن تم وضعه في القائمة السوداء بسبب تجاوزه لمدة تأشيرته السابقة. ولكن يشير القنطار، أنه لم يرى ذلك بالحل المناسب، لأن ماليزيا ليست من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951: "هم ليسوا على تواصل معي منذ 12 أسبوعا تقريباً، ومع ذلك يدعون أنهم أعطوني الكثير من الخيارات."

إعلان

وفي تعليق أُرسل عبر البريد الإلكتروني، شكك المتحدث باسم المفوضية في كوالالمبور في كلام القنطار وقال: "لقد اتصلت كل من المفوضية وحكومة ماليزيا بهذا الشخص في عدد من المناسبات، وقد قُدِّم له دعم ومساعدة معقولة لدخول ماليزيا، الأمر الذي سيسمح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها بالنظر في وضعه بمزيد من التفصيل واستكشاف الحلول الممكنة له، لقد تم إبلاغه بالعروض المقدمة للدعم والمساعدة في ماليزيا، وقد اختار حتى الآن عدم قبولها، يبدو أن ماليزيا هي مكان للعبور وليس مكانًا يرغب في البقاء فيه، نحن نفهم أنه يفكر في خياراته."

يأمل القنطار في نجاح مجموعة من المتطوعين الكنديين، الذين قدموا التماسات لحكومتهم للسماح له بدخول البلاد كلاجئ وجمعوا أكثر من 17 ألف دولار لتأمين رعايته. ومع ذلك، لا توجد ضمانات، وقد يستغرق الأمر ما يصل إلى 26 شهرًا لاتخاذ القرار حول طلب اللجوء. ويشعر الكثيرون بالقلق من تدهور صحة القنطار العقلية، لكنه عازم على الاستمرار، فعلى الرغم من وضعه، إلا أنه لا يزال متفائلاً، وقد تمسك بحس الفكاهة الذي يظهر عادة بما ينشره بشكل ساخر على وسائل التواصل الاجتماعي. عندما التقيت به، حاول أن يسخر مني، ويخدعني بأن يجعلني أعتقد أنه فقد مفتاحه لباب مخرج الطوارئ، في الواقع، لم يستنشق القنطار سوى الهواء النقي مرة واحدة، بالتحديد في اليوم 122، ولكن هذا المتفائل، لا يزال يجلس في مواجهة مخرج الطوارئ منتظراً أن تُفتح الأبواب مرة أخرى.

"هناك الكثير من المؤيدين والكثير من الناس الذين يهتمون ويرسلون لي الكثير من الرسائل،" يقول القنطار: "عندما أشعر بالإيجابية، أشارك ذلك عبر الإنترنت، من الأفضل أن تكون مصدراً للسعادة، كنت أفكر أن كل إنسان لديه نقطة انكسار، لكن لا.. إذا كنت إيجابياً، فليس هناك نقطة انكسار، إذا كان لديك الأمل، فسوف تستمر فيما تفعله، وهناك الكثير من الأمل، فقد قضى نيلسون مانديلا 27 عاماً في سجن مُظلم لمدة وعندما خرج لم يكن معه شيء سوى الحب."

إعلان

لا توجد مطاعم أو مقاهي أو حتى آلات بيع في هذا القسم الصغير الحزين من مطار كوالالمبور، ويجب على القنطار أن يدفع لأحد الأولاد الذين يحضرون العربات ليقدم له بعض الطعام من ستاربكس أو ماكدونالدز، لأنه لا يستطيع دائماً أن يأكل الطعام الذي تقدمه شركة الطيران. "هم أصدقاء مع منافع" كما يسميهم القنطار، حيث أنهم يفرضون ضرائبهم الإضافية على سعر الطعام. القنطار ليس لديه أصدقاء دون منفعة في المطار.

ومن المفارقات، أن النوع الوحيد من المتاجر في صالة القادمين في مطار KLIA2 هو متاجر للهواتف المحمولة، والتي كان على القنطار أن يستفيد منها لأن شاحن هاتفه قد سُرق عدة مرات، وقال: "آمل أن يكونوا في حاجة للشاحن الذي قاموا بسرقته مني، أقول لنفسي. آمل أن يكونوا في حاجة إليه فعلاً."

القنطار مهووس بفكرة أن يُصبح وضعه قانونياً وهذا هو سبب رفضه عروض الزواج التي تأتيه من جميع أنحاء العالم كما يقول. أحد هذه العروض كانت من هي ليلو ري، التي كتبت على فيسبوك: "هل يمكن أن نتزوج في هذا المطار؟ إذا كانت الإجابة بنعم، سأكون هناك قبل الشتاء! اقتراحي جاد."

"بالأمس كان هناك عرض آخر من ميامي، توجد عروض زواج من أستراليا، أمريكا، كندا، دول الاتحاد الأوروبي، حتى تاهيتي، هاواي وجزر المالديف … الكثير،" يقول القنطار ويضيف: "ولكن هذا غير قانوني، أن أتزوج لغرض الحصول على تأشيرة، كل ما أطلبه هو أن يكون الأمر قانونيًا. أعرف إنها الطريقة الوحيدة التي يمكنهم تقديمها لمساعدتي، وهو أمر رائع."

في الوقت الراهن، ينتظر القنطار سماع الموافقة على طلبه المقدم إلى كندا، ويأمل في أي فرصة للمغادرة إلى بلد موقّع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، ويقول: "لست يائسًا، هذا سينتهي، سأحصل على مكان للعيش. سأكون في أمان." أنهمرت على القنطار عروض لإلقاء ندوات، وكذلك صفقات لكتب وأفلام وثائقية، ولكنه يركز أكثر على الملذات البسيطة في الوقت الحالي: "لدي حلم بأن أتمكن من شرب القهوة، والاستمتاع بدُش لطيف، والذهاب إلى العمل، ومقابلة مجموعة جديدة من الأصدقاء، ومقابلة فتاة، ودعوتها للعشاء، والعيش بأمان."

قبل مغادرتي، سألت القنطار كيف يمكن للراغبين في وطنه أن يقدموا المساعدة له، وأجابني: "الأشخاص الذين يهتمون لا حول لهم ولا قوة، أما الأشخاص الذين في السلطة.. فهم لا يهتمون بالأمر من الأساس." القنطار يدرك تماماً وضعه، فهو رجل من المفارقات الغريبة، متفائل لكنه مكتئب، صبور ولكنه قلق، مدعوم من مؤيدين من جميع أنحاء العالم، لكنه معزول تمامًا.

عندما تركت القنطار في ذلك المطار الصغير، شعرت كم أنا محظوظة لكوني مواطنة بريطانية وأحصل على جميع المنافع التي يحصل عليها البريطانيين، هناك حيث كنت أجلس مع القنطار، علمت أن حقوق الإنسان الأساسية تعتمد على حظك في الموقع الجغرافي الذي ولدت فيه.

ظهر هذا المقال في الأصل على موقع VICE UK

@nyimapratten