سياسة

الحريري يدفع 16 مليون دولار مقابل الحب واللبنانيون يحللون

السياسيين اللبنانيين لم يجنوا أموالهم عبر مشاريعهم فقط، بل على حساب الشعب أيضاً
آية ابي حيدر
Beirut, LB
الحريري
Getty Images/امير ضو

يقول حامد سنو المغني الرئيسي لفرقة مشروع ليلى في أغنية شم الياسمين للحبيب "كان بودي خليك بقربي، عرفك عأهلي وتتوج لي قلبي ،اطبخ أكلتك أشطفلك بيتك، دلع ولادك أعمل ست بيتك." كل هذه الأشياء وأكثر كان مستعداً أن يقدمها حامد مقابل الحب. فلا لغة أو طريقة محددة للتعبير عن أي حبٍ كبير نعيشه. أما صديقي علي الذي يبلغ عمره 27 عاماً فقد قرر أن يصرف كل مدخراته التي تبلغ قيمتها 6000 دولار على امرأة واحدة لا تبادله الشعور نفسه. هذه طريقة صديقي السامية كي يعبر عن حبه كرجل فلطالما اشترى الرجل وقت النساء بالمال. أما رئيس وزرائنا في لبنان سعد الحريري فقد اشترى الحب بـ 16 مليون دولار. مش 16 ألف. 16 مليون دولار تتضمن سيارتين وهاتفين ورسالة حب مضمونها "آي لاف يو سعد."

إعلان

نشرت صحيفة نيويورك تايمز منذ يومين مزاعم تُفيد بأن رئيس وزراء لبنان سعد الحريري قام بتقديم أكثر من 16 مليون دولار هدية لعارضة أزياء من جنوب أفريقيا تدعى"كانديس فان دير ميروي" بعد أن تعرف عليها الرئيس في منتجع في جزر سيشل عام 2013. لا نعرف ما كان يعيشه تحديداً الشيخ السعد عندما أخذ هذا القرار المندفع. هل أعماه الحب؟ هل كان في حالة نفسية يُرثى لها؟ هل كانت نزوة أم حب حقيقي؟ جهلة الأربعين؟ تبييض أموال؟ السبب لهذا القرار مجهول.

الأمر أثار ضجة كبيرة بين اللبنانيين خاصة وأن البلد يمر بأزمة اقتصادية حادة، كما أن الحريري قرر إغلاق عدة منشآت يملكها ووسائل إعلام تابعة لها، ما أدى إلى خسارة العديد من الأشخاص وظائفهم، ولا يزال كثير منهم يطالبون بمستحقاتهم. الفضيحة قالت الكثير عن اللبنانيين فمنهم من صفّق للشيخ سعد ومنهم من انتقد قراراته اللا مبالية، ومنهم من اعتبر أن المال ماله وهو حر ومنهم من رأى أن المبلغ هو وسيلة لتهريب أموال عامة مخصخصة.

حقه في صرف أمواله الخاصة هي بروباغندا مرفوضة
"ينطوي الكشف عن علاقة جمعت سعد الحريري بعارضة أزياء جنوب أفريقية على عدة فضائح، وإن كان لم يخرق أي قانون. رئيس الوزراء اللبناني الحالي فضّل دفع تلك الأموال "هدية" على أن يدفع مستحقات الموظفين لديه رغم وقوفهم إلى جانبه وكانوا معه "عالحلوة والمرة." إلا أن الدفاع عنه بحجة "حقه في صرف أمواله الخاصة كما يحلو له" فهي بروباغندا مرفوضة وتستخف بعقول اللبنانيين لعدة أسباب، أبرزها أن السياسيين اللبنانيين لم يجنوا أموالهم عبر مشاريعهم فقط، بل على حساب الشعب أيضاً. كما أنّها حجة منافقة، إذ إنّ تلك "الفضيحة" نفسها لما كانت لتُبرّر لو أنّ من قامت بها امرأة، بل كان المدافعون عن الحريري سيوصمونها بالعار ويستفحلون في الحكم عليها، كونها امرأة. أما بالنسبة لتفعيل نظرية المؤامرة، فهي أسلوب دارج لدى جهات لا تودّ قول الحقيقة لأنها ستدينها بالدرجة الأولى. ليست صحيفة "نيويورك تايمز" صفراء، بل هي من وسائل الإعلام الرائدة حول العالم، كما أن الكاتب برّر سبب نشره المقالة حالياً بكون الحكم القضائي صدر أخيراً." -دجى، 26 عاماً، صحفية

إعلان

مصرياته وحر فيهن
"من وجهة نظر مطلقة، كل إنسان لديه الحق بأن يفعل ما يشاء، وفي المقابل هو سيتحمل آراء و ردات فعل الناس تجاه تصرفاته. يمكن أصلا مش فرقانة معو… ما حدا بيعرف. نحن كلنا نقوم بتصرفات يتم مقابلتها بردات فعل سلبية وانتقادات من الناس، لكن الفرق أننا لسنا مشهورين. هو مشهور. وهذا المبلغ لا يعني أي شيء لملياردير كالشيخ السعد. مثلاً شخصياً سأدفع 500 ألف ليرة (332$) لعارضة أزياء. الموضوع نسبي. الـ 500 ألف ليرة تساوي 16 مليون دولار بالنسبة للحريري. أما اذا كان حقه أن يتصرف بهذا الشكل؟ فأكيد حقه وإن افلاس شركاته ليس مرتبطاً مصروفه الشخصي، فخسائر الشركة تتحملها الشركة. أما اذا حب أن يعوّض هذه الخسائر من أمواله الخاصة فهذا أمر يعود اليه وليس من حقنا أن نتدخل فيه." -شبلي، 32 عاماً، مدير حانة

شككت بالخبر بس بيعملها
"بطبيعة عملي، أميل إلى التشكيك بأي خبر. بحثت عن القصة أكثر ورأيت أنها قديمة. بعيدا عن نظرية المؤامرة، راودني الشك حول توقيت النشر وحول وثائق القضية التي قالت الصحيفة الأميركية أنها بالمئات ولخّصتها بمعلومات قليلة، إضافة إلى المبلغ الكبير الذي هو، برأيي، غير منطقي أبداً. لكن في المقابل، ليس لدي أدنى شك بأمور عدّة: أولها، أن الحريري، كأي زعيم في لبنان "بيعملها وبيعمل بيها" ولا يأخذ بعين الإعتبار مصلحة شعبه أولا، بغض النظر عن كونها حرية شخصية متاحة له يجب أن يتمتع بها مثله مثل أي مواطن في لبنان، وبغضّ النظر عن أنه لم يكن في موقع المسؤولية حينها. ثانيها، أن ربط الأمور دائماً بالظرف السياسي أصبح حجة ممجوجة، ذاك أن الوضع السياسي لم يكن يوماً مستقراً أقله منذ عام 2005، ودائما ما تبقى المناوشات والاشتباكات السياسية قائمة. ثالثها وأكثرها توكيدا، أن هذه "المعلومة – الفضيحة" إذا صحّت، لن تغيّر شيئا في الوضع السياسي القائم، وستختفي عاجلاً أم آجلا. لن تصبح القضية "نيومي – برلسكوني" أخرى، خصوصا أن شحّ المعلومات عنها والتعتيم عليها في وسائل الإعلام اللبنانية، أمر جليّ وواضح لدرجة فاضحة." -مسعود، 29 عاماً، باحث سياسي

أول فضيحة جنسية يلقى فيها اللوم على الرجل وليس المرأة
"قد يكون الشيء الايجابي الوحيد بفضيحة سعد الحريري مهما كانت ملابساتها هي أنها أول فضيحة جنسية لرجل في لبنان، أو الأصح أنها أول فضيحة جنسية يلقى فيها اللوم على الرجل وليس المرأة، فيكون هو بطل الانتقادات على الرغم أن عارضة الأزياء لم تسلم من الأمر، لكن لم يتم توجيه اللوم لها، بل البعض كتب مفتخراًَبقدرتها على جعل رجل يدفع لها هذا المبلغ. أي رجل آخر لكان تلقى الدعم الكامل كما حصل مع الفنان اللبناني وائل كفوري وزوجته، الدعم في قضية الحريري أتى من مبدأ إستهداف موقعه السياسي لا من مبدأ انه ما بيعملها، لكن هذا لا يعني أن الرجال والنساء أصبحوا متساوين بنظرة المجتمع إليهم إن ارتكبوا ما يسمى الفضيحة. القصة بالتوقيت، ففي الوقت الذي يخسر الآلاف من موظفي الحريري وظائفهم، وتمر البلاد بأزمة اقتصادية تأتي هذه الحادثة وكأنها تبرر لما أفلس الحريري ولماذا افلسنا جميعاً." -عبد الرحيم، 38 عاماً، ممثل ومخرج

الموضوع سيتم نسيانه مثل أي فضيخة ثانية في لبنان
"في ظلّ الواقع الاقتصادي الذي يعيشه البلد والنفق المظلم الذي دخلنا كانت قضية سعد الحريري ودفعه ملايين الدولارات لعارضة أزياء كصب الزيت على النار. فوق كل المآسي اليومية التي نعيشها، نرى انعدام للمسؤولية وحركات صبيانية من الجميع وليس حصراً بسعد الحريري. ومع كل التبريرات التي سيقت بعد نشر الخبر ان كان لجهة ضخامة المبلغ أو أنه دفع من ماله الخاص أو أنه لم يكن بموقع رئاسة الحكومة يومها، لكن هذه القضية أزعجتني بأكثر من محلّ: توقيتها جداً مزعج بحيث أن أي مواطن يعيش حالة قلق لجهة تأمين مصدر دخله اليوم نتيجة الظروف المالية الصعبة، ثانياً بالفترة نفسها هناك اتهامات ضده بهدر أموال عامّة (الهندسة المالية التي قام بها مصرف لبنان)." -فارس، 27 عاماً، ناشط سياسي

الأمر سيتحول إلى نكتة
"على الرغم من أن المال ماله، لكن وجود هذه الثروات الضخمة بين طبقتنا السياسية وفي ضوء الفساد المتفشي في البلاد يدعو المرء لسؤال كل أولئك الموجودين في السلطة من أين لك هذا؟ ولكن نظرًا لأننا على ما يبدو عاجزون، فإننا نستخدم النكات لتخفيف خيبات أملنا من النخبة الحاكمة. كل ما نستطيع فعله هو الحديث عن الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام الميمز كأداة للفكاهة والتنكيت على القصة." -ندين، 29 عاماً، صحفية

أما أنا فأرى أن ما فعله الحريري غير مسؤول بحق منصبه أولاً وبحق دولته ثانياً، وإن هذه اللامبالاة ليست موجودة لدى الحريري فقط بل لدى الطبقة السياسية بأكملها. أنهي هذا المقال وأفكر بالعديد من الأمور: ماذا كانت ردة فعل زوجته الأولى حيال الأمر (مش بإيدي بحب الدراما التركية) هل كان اللبنانيون والعرب سيرحمون عارضة الأزياء لو كانت لبنانية أو أنهم سيصفقون لها كما صفقوا لكانديس، لأنها استطاعت أخذ هذا المبلغ من سعد؟ هل سننسى هذه القصة غداً كما نسينا غيرها؟ هل سيكفيني راتبي هذا الشهر، أم كالعادة سيبقى معي 16$ في منتصفه ما يجعلني أفكر يمكن صار بدها سفره إلى سيشل.