sleeping pills
Photo by Kinga Cichewicz on Unsplash



صحة

شباب عرب يتحدثون عن معاناتهم مع إدمان الحبوب المنومة

أصبحت تنتابني بعض الهلوسات، مثل أن أسمع صوت أبي المتوفي في أرجاء المنزل

"أسألُهمْ برشامةً تُدخلني في عالم الأحلامْ.. حتى حبوبُ النوم قد تعوَّدتْ مثلي على الصحو.. فلا تنامْ." هكذا كتب الشاعر نزار قباني في قصيدته "يوميات مريض ممنوع من الكتابة." هذه الأبيات قد تعطي وصفًا لما يعيشه شباب العرب في الأيام التي تعودوا فيها على الصحو. اضطرابات عاطفية، تفكير، أرق، هروب من المشاكل العائلية والخوف من خسارة العمل، هكذا لخص الشباب أسباب عدم قدرتهم على النوم، وأصبح ملاذهم هو اللجوء إلى الحبوب المنومة، عادة بدون وصفة طبية، كحل مؤقت يجعلهم يحصلون على بعض ساعات من النوم قبل أن يبدأ صباح جديد.

إعلان

تعمل الحبوب المنومة على تهدئة الجهاز العصبي، وبالتالي تساعد على الاستغراق في النوم خلال وقت قصير، ويختلف مفعولها من دواء إلى آخر، ولكن قد يؤدي استخدامها بكثرة للإدمان عليها. هناك بعض الأنواع تم إدراجها ضمن قائمة المخدرات، لذلك لا يمكن منحها للمريض إلا في حالات قليلة تحت إشراف طبيب، لكن ما يحدث أن كثير من الشباب يستخدمونها بشكل عشوائي، وهو ما ينتهي بهم للشعور بالعديد من الآثار الجانبية كما يخبرونني في هذا المقال.

في الصباح، لا أدري من أنا
" مررت بوقت عصيب في فترة من حياتي، لم أستطع النوم وأصبت بأرق شديد لوقت طويل وكان الحل هو الحبوب المنومة. بدأت بتناولتها بعد استشارة أصدقائي الذين يترددون على الطبيب النفسي لعدم قدرتي على دفع حساب الطبيب خلال تلك الفترة. أصبحت أتناول الحبوب يومياً لأشهر، ونجحت في النوم. ولكن كان لهذه الحبوب الكثير من الآثار السلبية منها طعم المرارة الذي أشعر به فمي طوال الوقت، وتأثير ذلك على مذاق الطعام. كما أن الحبوب المنومة رفعت من شهيتي، مما أدى إلى زيادة وزني بعض الشيء. كما كان لها أثر كبير على معدل تركيزي خاصة في الساعات الأولى بعد الاستيقاظ، فلا أدري من أنا وأين أعيش، كأنني أفقد الوعي لعدة دقائق، وأشعر بثقل في رأسي. كل شيء حولي يبدو غريبًا." -مروة، 27 عاماً، مصر

هلوسات
"بعد معاناتي من اكتئاب شديد وأرق دائم، بدأت تناول الحبوب دون استشارة طبيب منذ حوالي سنتين ومازلت. ولكن هذه الحبوب أوقعتني في مشكلات مع الأصدقاء. فقد لاحظت أنني بعد تناول الحبوب وقبل أن أغط بالنوم، أبدأ بإرسال رسائل لاصدقائي وإفشاء أسرارهم، وتفاصيل لا يُعقل أن أذكرها وأنا واعية تماماً. أكشتف ما فعلته بعد قراءة الرسائل في صباح اليوم التالي. كما أن هذه الحبوب تزيد من شعوري بالعصبية والتوتر والبكاء لأقل الأسباب. لمعالجة تلك الآثار ذهبت للطبيب ووصف لي حبوب أخرى مع المنوم، لمعالجة الاكتئاب، وكان لخلط المنوم مع هذه الأدوية تأثير غريب وسيء، أصبحت تنتابني بعض الهلوسات، مثل أن أسمع صوت أبي المتوفي في أرجاء المنزل، وسماع أصوات لأحاديث غير واضحة بين عدة أفراد، ولكنني أكون بمفردي في الغرفة." -غدير، 29 عاماً، السعودية

محاولات متواصلة لتذكر أبسط الأشياء
"عقب وفاة صديقتي في حادث بشع، أصبت بصدمة نفسية، تناولت في البداية مهدئ لأستطيع استيعاب ما حدث، ثم تطور الأمر إلى دوامة كوابيس لها علاقة بالموت وبصديقتي، وقررت الذهاب لاخصائي نفسي في محاولة مني للحفاظ على منزلي وعملي الذين قاربت أن أفقدهم. وصف لي أدوية مهدئة ولكني لم أنم لمدة ثلاث أيام ولم أكن أفعل شيئاً سوى البكاء، فذهبت لدكتور آخر وصف حبوب منومة وبالفعل بدأت أنام. ولكن بعد توقفي عن تناول المنوم كنت أصاب بالأرق مرة أخرى، وكنت أعود لتناول الحبوب المهدئة. بقيت على هذا الحال، سبعة أشهر، مهدئ ومنوم، حتى شعرت بأنني لم لا أشعر بشيء. كان تأثيره مخيف، الهذيان بعد الاستيقاظ، والشعور بأنك غير موجود، التوهان في الشارع ومحاولات متواصلة لتذكر أبسط الأشياء مثل "أنا هون ليه." حينما بدأت أزور والدة صديقتي ومتابعة طفلها، شعرت بضرورة التوقف عن الحبوب، فبدأت أقاطع المنوم، ولكن ظلت المهدئات التي وصفها لي الطبيب السابق، حتى لا أدخل في حالة انهيار كاملة، خاصة أني أصاب بذعر كامل حين يمرض أحد من عائلتي أو تتوتر الأوضاع بيني وبين زوجي." -هاجر، 35 عاماً، فلسطين

قمت بتزويد الجرعة دون الرجوع للطبيب
"بدأت بتناول الحبوب المنومة بمحاولة للهروب من الحياة ومشكلاتها ومن تفكيري المشوش الذي يسبب لي الأرق. على الرغم من أن الحبوب المنومة كانت وصفة من طبيب، إلا أنني أشعر أنني أصبحت مُدمنة، لسنتين تعودت ألا أنام بدونه، وبالفترة الأخيرة قمت بتزويد الجرعة، دون الرجوع للطبيب. المنوم أصبح سبباً مباشراً لإصابتي بالاكتئاب، وكذلك بدأ يؤثر على أعصابي، ومؤخراً بدأت ألاحظ ارتعاشة في أصابع يدي." -سارة، 28 عاماً، المغرب

أطلب أشياء أون لاين دون أن أدري
"أصيبت بمرض نادر وتم تهديدي بالفصل من العمل لعدم انتظامي، إضافة لضغوطات الأهل، حتى وصلت لدرجة أنني لم أعد أنام بالأيام، وكان لابد من البحث عن حل. ذهبت لطبيب نفسي وصف لي مهدئ لا يؤثر على مرضي، وبالفعل استطعت النوم جيداً يومًا بعد يوم حتى بدأ جسدي بالتعود عليه، ولم يعد يعطي النتيجة ذاتها. عدت للطبيب مرة أخرى، وصف مهدئ آخر تأثيره أقوى، ولكن كان له آثار جانبية مثل إنني أصبحت عصبية ولا أستطيع التواصل مع الأصدقاء بشكل طبيعي، إلى جانب تأثيره على الإدراك والذاكرة، حيث أكتشف أنني كنت أطلب أشياء أون لاين دون أن أدري واكتشف ذلك بعد وصول الشحنة." -ماريا، 30 عاماً، تونس