حشيش لبنان: زيت بلدي / ​روني كركر في اليمونة

روني كركر في اليمونة

رأي

ما تعلمته خلال العمل على فيلم "حشيش لبنان: زيت بلدي"

ربما حان الوقت لأن يفسح العالم العربي المجال لمناقشة تفاصيل من الممكن أن تحسن حياتنا بشكل علمي

سمعت كتير قصص عن عالم كان يروحوا ع اليمّونة، إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء بعلبك في لبنان بحثاً عن زيت الحشيش الطبي. حشيش وزيت، وطب، الموضوع أثار فضولي، وظننت أنه سيكون من المهم معرفة تفاصيل أكثر عن هذه الصناعة، (إذا ممكن نسميها هيك) ويكون لدي فرصة للتعرف عن تجار الحشيش بشكل أقرب وأكثر إنسانية بعيداً عن الصورة التقليدية لتجار المخدرات - في الأفلام المصرية مثلاً. بينما كنت وفريق عمل VICE عربية في مرحلة ما قبل الإنتاج، أعلنت الحكومة أنها تفكر في تشريع زراعة الحشيش لأسباب طبية. حلو كتير، هذا الخبر جعل الفيلم أكثر أهمية الآن، ولكن قررنا على تغيير الزاوية قليلاً.

إعلان

خلال تلك الرحلة، خسرت ابن عمي، البالغ من العمر 13 عامًا، لمرض السرطان. بعد كفاح طويل مع السرطان، وبعد رؤية ما فعله به العلاج الكيماوي، وكيف أثرت تلك المعركة علينا جميعاً، وعلى عائلته طبعاً، وجدت أن هذا الفيلم تحول إلى أمر شخصي، فكما يعلم العديد منكم، تشير بعض الدراسات الى أن زيت الحشيش يمكن أن يساعد بعض المرضى ومنهم مرضى السرطان - وحتى إن كان فقط فيما يتعلق بتخفيف آلامهم. مؤخراً، احتلّ لبنان المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً بعدد السكان، بحسب منظمة الصحة العالمية. لقد فقدت ثلاثة من أفراد عائلتي بسبب هذا المرض، وهو الحال في العديد من العائلات في لبنان. وربما حان الوقت لأن يفسح العالم، ولا سيما العالم العربي، المجال لمناقشة تفاصيل من الممكن أن تحسن حياتنا بشكل علمي، وليس فقط عاطفي واجتماعي.

مكان دفن جو فرح - مرج عيون، لبنان

مكان دفن جو فرح - مرجعيون، لبنان

في بداية عملي على فيلم "حشيش لبنان: زيت بلدي" كنت قلقاً من تصورات الناس عن هذا الموضوع الحساس. المجتمع اللبناني والعربي، بارع في تجاهل الأمور المهمة، ويتجنبون المحادثات غير المريحة التي تتطلب منهم الخروج من مناطق راحتهم. لذلك كانت الطريقة التي ناقشت فيها تفاصيل الفيلم مع المشاركين مهمة جداً، طبعاً، بالإضافة إلى حماية هوية بعض المشاركين، الذين فضلوا ذلك. الحديث عن الحشيش أو القنب ليس جديداً، إذا عدنا بالزمن إلى الوراء قليلاً، سوف نجد أن أسلافنا استخدموا هذا النبات لأسباب عديدة، ومن المعروف أيضًا أن هذا النبات محفور في معابد بعلبك. هناك العديد من الأسباب السياسية والاجتماعية التي منعت استخدام القنب بشكل قانوني، ولكن هذا لا يعني أننا نرفض وجوده تمامًاً.

نأمل أن يفتح هذا الفيلم الوثائقي الباب للحديث عن فوائد القنب الطبية بأريحية بشكل أكبر ويمكن أن يساعد في عدم إضافته للتابوهات الجاهزة، ليس لشيء بل فقط من أجل فهمه وإيجاد سبل لمساعدة البشرية على استخدامه بشكل مفيد.

إعلان

ما الذي تعلمته عن لبنان
لقد عشت وزرت الكثير من بلدان العالم، ولكن بالنسبة لي، لا تزال لبنان حتى الآن من أكثر الأماكن التي يصعب تنبؤ الأحداث فيها. لا شك أن الدولة اللبنانية تواجه الكثير من المشاكل، وللمرة الأولى خلال عملي على هذا الفيلم، أشعر بتعب الناس، هناك شعور عام بالانهاك من حجم المشاكل المتراكمة في هذا البلد. كشعب، نحن دائمًا نحاول وضع صبغة ساخرة على كل شيء، ولكن هذا لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة … أخشى أنه إذا لم تتغير الأمور للأفضل في وقت قريب، فإننا قد نتورط فيما هو أسوأ. لدى لبنان تاريخ طويل، وفيها الكثير من الجمال والسحر. ولكن بنفس الوقت، البلد ما تغيرت. نحن نعيش في بلد ما بعد الحرب والتي لا يزال يديرها نفس السياسيين الذين قادونا إلى هذه الحرب، والأنكى أنهم لا يستطيعون الاتفاق على أي شيء. وهذا ينطبق على قضية تشريع الحشيش، هل سيتم تشريعه؟ من الحزب الذي سيوافق ومن الذي سيرفض؟ مجدداً، من الصعب التنبؤ بأي شيء هنا.

بعد زيارة روني الى البرلمان اللبناني

بعد زيارة روني الى البرلمان اللبناني

ما تعلمته عن اليمّونة
الكثير. أهل البقاع مَضَاييف وودودون، المدينة تاريخية … وهناك الكثير من المعالم الجميلة التي يجب أن تصبح معالم سياحية، ولكن المشكلة أن القرية مغلقة من جميع الجهات بنقاط التفتيش، واليمونة كما غيرها من قرى في منطقة البقاع مهملة من قبل الحكومة. ولكن القرية رائعة، وأهلها من أطيب الناس وقد تم دعوتي الكثير من المرات للطعام، وكانت المرة الأولى التي أتذوق فيها عصفوراً، نعم هذا ما حدث ولدي الصور لاثبات ذلك. وعلى فكرة، طعمه كتير طيب. كما أن اليمونة مشهورة بسمك السلمون المرقط، وطبعاً، تم دعوتي لتذوقها وفعلت. بخصوص موضوع الحشيش، هو قصة قديمة، ومن يزرع الحشيش لا يعني بالضرورة أنه يدخنه.

إعلان
أهالي اليمونة يستقبلون روني

أهالي اليمونة يستقبلون روني

1553768528999-Screen-Shot-2019-03-27-at-31920-PM

صحن الحمص المقدم من زوجة المختار في اليمونة

ما تعلمته عن نفسي
طيب، وصلنا للجد، كان هذا الفيلم تحدياً صعباً وهذا أقل ما يمكن أن يقال عنه… قمت بالعديد من الأدوار في هذا الفيلم، من الإنتاج، إلى الإخراج، والتقديم والبحث والمونتاج. لقد قمت سابقاً بالإنتاج والتصوير والمونتاج… ولكن هذا كان بالتأكيد أحد الأفلام التي عملت عليها تحديًا بسبب طبيعة الموضوع، لم يكن لدي أي فكرة من أين أبدأ.

لكن واحدة من الأشياء الجميلة حول لبنان، والصعبة في بعض الأحيان، أن لبنان بلد صغير إلى حد كبير، وستتمكن من معرفة كل شيء عند الحاجة، وهذا ما حصل معي خلال عملي على فيلم "جمهورية الأحزاب" العام الماضي، حيث تمكنت من التحدث الى شباب من مختلف الطوائف والأديان والخلفيات. وعلى الرغم من الخلافات في الرأي، إلا أنني وجدت دائماً أموراً مشتركة بينهم، قد لا يرونها هم أنفسهم للأسف. الجميع مضياف، يرحبون بك في منزلهم وكأنك مالك المنزل، يجعلوك تشعر إنك شخص مهم، حتى لو كنت مجرد زائر، وعندما تطلب المساعدة، سيتركون كل ما بيدهم وسيقدمون لك كل المساعدة، كل ما كان علي ّفعله، هو أن أطلب. أود في النهاية أن أقدم شكر خاص إلى كل من آدم شمس الدين ولينا سعدي اللذين ساهما بشكل كبير في هذا العمل.

1553768724585-IMG_20180830_191538

صورة تذكارية مع المختار بعد إنتهاء اليوم الأول من التصوير.