أكثر من ساعة مرت ومئات الفلسطينيين لا زالوا يقفون على حاجز قلنديا الإسرائيلي العسكري الفاصل بين مدينة رام الله والقدس في صباح صيفي حارق يوم الجمعة. هناك ثلاث مداخل رئيسية تشبه علب الكبريت، يصطف فيها مئات الفلسطينيين الراغبين بالصلاة في القدس في آخر جمعة في شهر رمضان. الجميع يشعر بالضغط، النساء يتأففون من درجة الحرارة٬ والرجال يشتمون الإحتلال "يلعن ابوكم على ابو اللي جابكم على هالبلاد…" بينما يتراكض الأطفال بحثاً عن شيء، أي شيء للعب به خلال ساعات انتظار "الفرج."
في يوم الجمعة، تتغير معالم الحاجز كلياً، حيث يتم تقسيم الحاجز إلى قسمين قسم للنساء يسمح بمرورهن بغض النظر عن أعمارهن، وقسم آخر للرجال لا يسمح لمن دون الأربعين من مرور الحاجز إلا إذا كان يحمل تصريحاً خاصاً. بعد انتظار طويل سُمح للذين حصلوا على تصاريح خاصة بعبور الحاجز لدخول مدينة القدس، الأشخاص "المفرج عنهم" تراهم يركضون نحو الباص الذين سيأخذنه للقدس كالطير المحرر من قفص٬ بينما تهنأ النساء بعضها البعض بالمرور بسلام.
نساء فلسطينيات ينتظرن السماح لهن عبور حاجز قلنديا للذهاب الى القدس
بعض الرجال لم يستطيعوا الانتظار على الحاجز أكثر
على الجانب الآخر، يبقى أولئك الشباب الذين تم منعهم من الدخول. أتحدث مع مجموعة من الشبان جاءوا من مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية (تبعد 53 كم عن القدس) لعبور الحاجز بعد أن سمعوا أن جيش الإحتلال الإسرائيلي أعلن عن تسهيلات لمرور المصلين يوم الجمعة٬ إلا أن الجيش منعهم من العبور. يقول أحد الشبان والذي فضل عدم كشف هويته: "طلعنا الفجر من نابلس عشان نصلي اليوم في الأقصى وبعد ما وصلنا الحاجز الجيش منعنا نمرق.. شو مفكرين ازا منعونا يعني راح نرجع! لا هينا هون وبدنا نط عن الجدار وراح نصلي اليوم."يلجأ الكثير من الشبان بعد منعهم من عبور الحاجز إلى محاولة القفز عن الجدار الفاصل الذي شيدته اسرائيل لفصل القدس عن الضفة الغربية. في ظل عدم وجود الكثير من الخيارات، يقوم الشبان بعمل سلم طويل من بعض الأخشاب فيما يراقب آخرون الطريق من الجهتين للتأكد من عدم وجود جنود اسرائيلين. القفز عن الجدار الذي يبلغ طوله 12 متًراً مخاطرة كبيرة، فقد ينتبه الجندي في برج المراقبة ويطلق عليك رصاصة، وقد تكسر بعض العظام خلال تلك القفزة العالية. أما في حال تم القبض على هؤلاء الشبان في القدس بدون تصريح مرور فسيتم مخالفتهم وقد يتعرضون للسجن. ولكن هذا لم يمنع الكثيرين من المحاولة.
إعلان
يحاول بعض الشبابالذين منعوا من الدخول تسلق الجدار الفاصل، والقفز عنه للدخول الى القدس.
يتأكد الشباب من عدم وجود دوريات أو جنود اسرائيلين على الجهة المقابلة.
كل تلك المشاهد تتغير في اللحظة التي تدخل فيها القدس. البلدة القديمة مليئة بالحياة والأغاني الدينية وزينة رمضان، فيما تباع الحلويات والمشروبات الرمضانية في كل مكان في زقاق البلدة القديمة. انتعاش اقتصادي يشعر به تجار البلدة القديمة لشهر واحد خلال العام٬ كما يخبرني مصطفى أبو سنينة٬ 22 عاماً٬ بائع حلويات يعمل منذ ست سنوات في البلدة القديمة: "هذا الرمضان هو الأفضل خلال الأربع سنوات الأخيرة٬ الأجواء حلوة البيع منيح والناس كتير مبسوطين."
أزقة البلدة القديمة في القدس
أما مجد أبو صرب٬ 15 عاماً٬ والذي يساعد والده ببيع القهوة بعد الإفطار، فيقول أن الأجواء الرمضانية هي الأجمل في مدينة القدس: "رمضان في القدس غْير٬ والقدس برمضان غْير٬ أحلى من الأيام العادية، البلد باقي السنة بتكون هادية والمحلات بتسكر بوابها قبل الساعة سبعة، بس برمضان ما منسكر لبعد صلاة الصبح."
مجد أبو صرب
مزيد من الصور من البلدة القديمة في القدس:
باب العامود في القدس.