فرص عمل

لماذا أقضي أسابيع في تجنب المهام التي تحتاج 10 دقائق لإنهائها؟

المماطلة لا تتعلق فقط بإدارة الوقت ولكن بإدارة الحالة المزاجية
Em Cassel
إعداد Em Cassel
Black man in his 30s sitting at desk, checking smartphone, reading messages with bo expression
Collage by VICE staff | Image from Getty

"استغرقت أحد عشر دقيقة لأفعل ذلك الشيء الذي كنت أتجنبه لثلاثة أشهر: كتابة مذكّراتي." تختصر هذه التغريدة من الكاتبة كيمبرلي كينج بارسونز ما نشعره به طوال الوقت حين يتعلق الأمر بتأجيل ما علينا القيام به.

في بعض الأحيان لا يمكننا أن نفرض على أنفسنا القيام بما علينا القيام به. في الشهر الماضي، عندما طلبت من الناس التحدث عن الأوقات التي اختاروا فيها تأجيل القيام بشيء يمكنهم ببساطة القيام به ... وصلني فيضان من الأجوبة منها مثلاً: "لقد استبدلت لمبة خارجية بالأمس، واستغرقت ثلاث دقائق من البداية إلى النهاية. لقد حُرقت منذ عامين." -"لقد اشتريت سيارة منذ عامين وكنت أتجنب شراء ملصق المدينة لفترة طويلة والذي يجب قانونًا أن أحصل عليه من أجل ركن السيارة. كل ما علي فعله هو إرسال بريد إلكتروني واحد فقط. ربما السنة القادمة."

إعلان

سواء كنت تشاهد نباتاتك تذبل لأسابيع دون أن تقوم بتجديد أصيص تلك النباتات (إجمالي الوقت المطلوب لإتمام الأمر: ست دقائق) أو الانتظار حتى يتم إيقافك لاستبدال ملصق تسجيل السيارة الذي انتهت صلاحيته منذ عام، كثير من الناس يأخرون قيامهم بجميع أنواع المهام الصغيرة.

ولكن لماذا؟ عندما يكون فعل الشيء بسيطًا نسبيًا، وعندما تكون عواقب عدم القيام بالشيء خطيرة أو غير سارة إلى حد ما، فلماذا يختار الكثير عدم القيام بما يجب عليه القيام به؟

جوزيف فيراري، أستاذ علم النفس في جامعة ديبول في شيكاغو ومؤلف كتاب "مازالت تماطل؟: دليلك للتوقف عن القيام بذلك" يقول لـ VICE إن الناس لفترة طويلة نظروا إلى هذا النوع من التأجيل أو ما يسمى Procrastinating على أنه كسل أو فوضى، في حين أنه في الواقع استراتيجية تجنب. وأوضح فيراري: "الأمر لا يتعلق فقط بإدارة الوقت - إنه مفهوم أكثر تعقيدًا بكثير."

وتقول فوشيا سيرويس، التي تدرس المماطلة والتأجيل في جامعة شيفيلد وشاركت في تحرير كتاب حول ذلك: "يتحدث الناس عن المماطلة كمشكلة تتعلق بإدارة الوقت لأن هذا ما يبدو عليه ظاهريًا، لكن في الواقع لا يتعلق الأمر كثيرًا بإدارة الوقت. يتعلق الأمر بإدارة الحالة المزاجية."

فيما يلي بعض الأسباب المحددة التي تجعلنا نتجنب المهام البسيطة نسبيًا، وفقًا للخبراء، إلى جانب الطرق التي يمكننا بها محاولة إدارة ذلك وإنجاز الأمور.

أنت تؤجل القيام بمهمة لأنه... لا يوجد سبب لعدم تأجيل المهمة.
يمكن أن تكون هناك عواقب مالية وشخصية ومهنية للتأجيل والمماطلة في تنفيذ الأشياء الصغيرة. لكن في بعض الأحيان لا يوجد أي نوع من العواقب! ضع في اعتبارك صورة جواز السفر التي عليك إرسالها عبر البريد الإلكتروني. سيستغرق الأمر أقل من 10 دقائق. ولكن عندما يكون السفر غير وارد بسبب وباء كورونا المستمر، فقد تشعر أنه لا داعي للقيام بذلك.

إعلان

يقول فيراري إلى أننا لا نعيش في مجتمع يشجعنا على إنجاز الأمور في وقت مبكر وبشكل سريع: "في ثقافتنا؛ نُعاقب على تأخرنا.. ولكن لا نحصل على مكافأة كوننا نقوم بإنجاز أي شيء في وقت مبكر،" وعندما تدرك أنه لا فائدة من أن تُبكر بعمل شيء، فتتعود أن لا تقوم بذلك.

ويقول تيم بيتشيل، الأستاذ المشارك في قسم علم النفس ورئيس بحثي متخصص في المماطلة أو التسويف في جامعة كارلتون، إن الاحتفال بالأشياء التي قمت بها يمكن أن يساعد في التغلب على هذا الأمر: "علينا أن نركز على المشاعر الجيدة التي ستكون لدينا عندما نحقق الهدف بدلاً من المشاعر السلبية التي نشعر بها في الوقت الحالي."

قد يبدو الأمر تافًها، ولكن حتى إذا لم يكن لديك قائمة مهام، فقم بتدوين المهام التي أكملتها - أو المهام التي بدأتها، تحقق منها وتعامل معها على أنها مكاسب. يمكن أن يمنحك هذا أيضًا شعوراً إيجابياً يساعدك على فعل المزيد. ويشير بيتشيل: "إنجاز الأمور سيعطيك إحساسًا بالكفاءة والفعالية."

هناك شيء ما يتعلق بالمهمة نفسها - والطريقة التي تشعر بها حيالها
"المماطلة هي وسيلة لتجنب التأقلم.. ولكن كيف يمكنني التعامل مع المشاعر غير المريحة حول تلك الأعمال المكتبية التي يتعين عليّ القيام بها؟ سأضع المهمة جانبًا وأشعر بتحسن حيال ذلك. حسنا، أشعر بتحسن بالفعل. لقد تمكنت للتو من إدارة حالتك المزاجية من خلال التأجيل،" تشير سيرويس.

توضح سيرويس إن إحدى الطرق الشائعة للمماطلة هي عندما نشعر بالحيرة والقلق، وعندما تكون مهمة جديدة بالنسبة لنا، أو غير مألوفة، أو تبدو كبيرة وهامة - مثل التقدم بطلب للحصول على بطاقة ائتمان أو تعديل السيرة الذاتية - فمن غير المرجح أن نتعامل معها بحماس. إنها معادلة بسيطة إلى حد ما: الثقة الأقل تعني المزيد من التجنب. قد تشعر بعدم الكفاءة أو القلق بشأن مهمة ما لأنك تشعر بالقلق بشأن الطريقة التي سيحكم بها الآخرون عليك لتنفيذها.

إعلان

نسمع الكثير عن احترام الذات، لكن فيراري يشير إلى أن الاحترام الاجتماعي لا يقل أهمية. "جميعنا نشعر بالقلق بشأن شعور الآخرين تجاهنا، والبعض يعتبر أنه من الأفضل أن يعتقد من حولي أنّي أفتقر إلى الجهد بدلاً من افتقاري إلى القدرة." هذا الخوف يمكن أن يمنعك من أن تبدأ بتنفيذ أي شيء أصلاً - حتى لو كان الأمر بسيطًا مثل قضاء خمس ثوانٍ لكتابة رسالة نصية أو الرد على بريد إلكتروني. 

قد يكون الأمر بسيطًا مثل حقيقة أن المهمة ليست ممتعة. وفقًا لـ سيرويس، البشر يبحثون عن المتعة، مما يعني أنه إذا كان الشيء الذي تؤجله غير سار إلى حد ما أو يتطلب جهدًا - إذا انحرف قليلاً إلى اليسار المحايد إلى منطقة "ليس ممتعا للغاية" - فمن السهل أن تقوم بتأجيل الأمر، حتى لو كنت تعلم أنه يمكنك أن تفعلها في وقت بسيط.

هناك العديد من أسباب تأجيل تنفيذ الأمور لها قاسم مشترك: إنها مرتبطة بالعواطف السلبية. ويقول بيتشيل أن التسويف والتأجيل في جوهره هو "إستراتيجية تأقلم تركز على العاطفة، نحن نواجه مهمة تجعلنا نشعر بالفزع." 

تقدم العديد من النصائح الشائعة حلولاً منطقية لاجتياز هذه المعضلة: قسّم المهمة إلى أجزاء صغيرة، وأعد ترتيب جدولك، اذهب للمشي قليلًا، لا تضغط نفكس لانجاز الأمور مرة واحدة، يمكن أن تكون هذه الأشياء مفيدة - أحيانًا، إلى حد ما، ولبعض الأشخاص. 

لكن المشكلة هي أن هذه حلول عقلانية لمشكلة عاطفية غير عقلانية. وتقول سيرويس: حسنا، "يمكنك أن تجعل بيئتك أقل مماطلة. لكن لا تعتقد أن هذا سيكون هو الحل." إذا كان الافتقار إلى الثقة هو الذي تسبب في تأجيل مهمة ما، تقول سيرويس، أن عليك أن تبدأ بالتأكد من أن لديك كل المعلومات والموارد التي تحتاجها. هل التعليمات واضحة؟ هل لديك أسئلة؟ إذا كنت غير جاهز منذ البداية، فمن المحتمل أنك لن تستمر. تعامل مع هذا أولاً، وستعمل على تقليل عدم اليقين لديك وتسهل على نفسك مواصلة الطريق.

إعلان

أنت عالق في دوامة الشعور بالذنب 
وفقًا لـ سيرويس، فإن المماطلين يميلون إلى أن يكونوا أقل تعاطفًا مع الذات. إنهم قساة مع أنفسهم. يعتقدون أن لا أحد آخر يماطل وأن ميلهم إلى التلكؤ يجعلهم أناسًا فظيعين.  في حال كنت تتجنب مهمة ما لأن لديك بالفعل مشاعر غير جيدة حيالها، وأنت قلق بشأن الطريقة التي سيتم الحكم عليك بها - فأنت تتجنبها أكثر وفجأة يستيقظ ناقدك الداخلي ويقول لك: "لماذا لم تقم بفعل ذلك؟" وستجد نفسك تسأل "لماذا أنا في هذه الفوضى من جميع النواحي؟" 

وتشير سيرويس: "كل ما يفعله النقد الذاتي هو توليد المزيد من المشاعر السلبية حول المهمة، مما يجعلك ترغب في تجنبها أكثر من ذلك. قد تبدأ في التفكير أكثر في الانتظار بحد ذاته عوضًا عما تتجنبه، وهو نمط يسمى "الإدراك المماطل"  procrastinatory cognition." وأضافت سيرويس إنه عندما يتبنى الناس السلوك الاجتنابي، فإنهم يميلون مباشرة إلى طرح هذا السؤال "ما هي مشكلتي؟" وهو ما يؤدي إلى عدم حل المشكلة أو تقديم أي رؤية حقيقية. بدلاً من ذلك، يجب أن يسألوا أنفسهم، "لماذا أجد صعوبة في تنفيذ هذه المهمة؟"

أنت لا تطلب المساعدة
المماطلة هي عادة صراع منفرد، ولكنك ليست وحيداً في ذلك. تقول سيرويس: "أدرك أنك لست أول شخص يماطل، ولن تكون آخر شخص.. الجميع يفعل ذلك. أعتقد أن هذه رسالة مهمة حقًا من المهم جعلها أمرًا طبيعيًا والتخلص من الشعور بالذنب والخزي."

الحديث عن ذلك يمكن أن يساعدك على تجاوز الأمر. ساعدت سيرويس في إجراء دراسة وجدت أن الدعم الاجتماعي يمكن أن يقلل من بعض التوتر الذي تسببه المماطلة. لن يكون من السهل طلب هذا الدعم. ولكن كونك تتعامل بلطف بدلًا من انتقاد نفسك سيجعل من السهل طلب المساعدة.

لا تتوقع أنك ستتخلص من الميل إلى المماطلة في العشر دقائق التي استغرقتها لقراءة هذه النصائح، ولكن حاول ألا تقسو على نفسك. كما قالت سيرويس: "ستدفع نفسك إلى المماطلة أكثر."

إذا أصبح هذا السلوك أمرًا معتادًا ويعيقك في حياتك الشخصية والمهنية أو يمنعك من تحقيق أهدافك، فقد يكون الوقت قد حان للتحدث إلى أحد المتخصصين. يمكن أن تكون المماطلة المزمنة من أعراض اضطرابات القلق والاكتئاب واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، سيتمكن متخصص الصحة النفسية من إخبارك بالمزيد.