سرقة جثث وعظام الموتى في مصر بأمر الطب

طالبا طب يدرسان على جمجمة بشرية حصلا عليها بشكل غير شرعي - التقطت الصورة بواسطة هيثم محجوب

FYI.

This story is over 5 years old.

تحقيق

سرقة جثث وعظام الموتى في مصر بأمر الطب

جثث وعظام الموتى في مصر تتعرض لعمليات سرقة مستمرة لمواجهة نقص واهتراء الجثث في المشارح الجامعية بكليات الطب

كان يومًا حزينًا على عائلة الحمدوني، بدأ بوفاة أحد أبنائها، وانتهى باكتشاف صادم عند توجههم لتشييع الفقيد بمقابر أبو النور في منطقة الظاهرية بالإسكندرية؛ إذ فوجئ "آل الحمدوني" بكسر مدخل المقبرة الخرساني وسرقة عظام موتاهم. "تعمد اللصوص سرقة الجماجم بشكل خاص. "لم نجد جمجمة أبي أو جدتي الراحلين، فضلاً عن آثار عملية الاقتحام على رفات الجثث المتبقية"، تقول "ماجدة الحمدوني" بلهجة يكسوها الحزن.

لاحقًا تكشفت مُلابسات الحادث - الذي لم يكن الأول - أمام العائلة المكلومة مرتين؛ إذ يتعلق الأمر بنشاط ممنهج ضمن سلسلة متعددة الحلقات، تبدأ بالمقابر وتنتهي بمنضدة درس طلاب كليات الطب، لأسباب تتعلق بعدم كفاية الجثث والعظام اللازمة للدراسة، أو اهتراءها نتيجة للتقادم وكثرة الاستخدام، ومن ثم لا يجد الطلاب أمامهم إلا الحصول على الهياكل العظمية، والجثث الحديثة أحيانًا، عن طريق سماسرة ووسطاء يتعاملون مع أشخاص متخصصين في سرقة المقابر.

إعلان

"VICE عربية" استكشفت في تحقيق استقصائي، عالم سرقة وتجارة العظام والجثث البشرية، وتواصلت مع لصوص مقابر يبررون عملهم غير القانوني أو الأخلاقي بأنه خدمة للعلم والبشرية، وطلاب طب محاصرون بين الرغبة في إنهاء الدراسة وبدء حياتهم العملية من جانب، ومهنة تشترط ممارستها أداء قسم أخلاقي يتنافى وفكرة التحصل على جثث أو رفات موتى بشكل غير شرعي، بعد سرقتها في معظم الأحيان، من الجانب الآخر.

"كانت عائلتي تملك هيكلًا عظميًا كاملًا لجثة بشرية، واستمرت تلك الجثة العظمية لدينا حتى قمنا بدفنها منذ عدة سنوات بعد أن اهترأت" هكذا بدأت غادة أشرف، الطالبة بكلية الطب بإحدى الجامعات غير الحكومية (مصر للعلوم والتكنولوجيا)، لتفسر قائلة إن أحد أعمامها قام بنبش قبر بمدينة الفيوم، منذ عدة سنوات ليسرق عظام جثة عندما كان طالبًا بكلية الطب وفي حاجة للدراسة عليه.

ترجع الجثة لسيدة مقتولة بـ"كسر في الجمجمة"، وظل هيكلها العظمي يُورّث في نطاق العائلة التي تضم عدد كبير من الأطباء ودارسي الطب. أما ما تملكه "غادة" الآن، فهو جمجمة لجثة بشرية وبعض العظام، وقد أطلقت على الجمجمة اسم "عصام"، مستلهمة مشهد كوميدي من أحد الأفلام المصرية، يخاطب فيه البطل جمجمة بالاسم نفسه. أوضحت "غادة" أنها تحصّلت على الجمجمة من أحد أقاربها الذي سبقها إلى دراسة الطب، وأضافت أن حالة عائلتها ليس استثنائية، بل إن جميع زملائها من طلاب الطب يلجأون إلى حيل مختلفة للحصول على هياكل عظمية وجثث بشرية خلال سنوات دراستهم.

بدوره يمتلك محمود، اسم مستعار، جمجمة بشرية استعرضها أمامنا على مكتبه مشيرًا إلى علامات خطها فوق مقدمتها بـ "قلم حبر"، وقال: "نحتاج في دراستنا بالتأكيد للتعامل مع جثث وعظام بشرية، لتطبيق ما نقوم بدراسته نظريًا". وأضاف: "لدينا جثة بمشرحة الكلية، لكنها غير كاملة، حيث ندرس الجزء العلوي من الجسد، والذي يبدأ من الرأس وحتى الأكتاف، ولدينا بمشرحة الكلية عظام بشرية تغطي جسد الإنسان كاملًا، وجثتين غير كاملتين.

إعلان

لماذا الهياكل العظمية؟
السبب وراء اتجاه طلاب الطب للحصول على هياكل عظمية وجثث بشرية، أول سؤال كان لابد من طرحه على "غادة" و"محمود" وغيرهما من دارسي الطب في جامعات حكومية وغير حكومية (خاصة) ممن شملهم هذا التحقيق. لم تختلف الإجابات كثيرًا، وبدأ معظمها أو انتهي بعبارة "علشان تنجح"، في إشارة إلى طبيعة الدراسة العملية في كليات الطب وضرورة اجتياز امتحانات يتعامل فيها الطلاب مع جثث أو هياكل عظمية بشرية، بكل ما تحمله من تفاصيل، على الرغم من نقص إمكانيات الجانب الأكبر من كليات الطب في مصر من ناحية توافر الجثث المخصصة للدراسة، وعدم قدرة الطلاب على الدراسة العملية بالمشارح الجماعية في جميع الأوقات، أو نتيجة لاهتراء الجثث والعظام نتيجة لطول فترة بقائها وكثرة استخدامها في المحاضرات العملية مع أعداد طلاب كبيرة.

يقول مصطفي ناجي، طالب في السنة النهائية بكلية طب القصر العيني، إن الدراسة على جثث وعظام بشرية ضرورة لكل طلاب الطب، حتى يكون الطالب - طبيب المستقبل - على دراية كاملة بتشريح الجسم البشري، والأعضاء الداخلية، ومواضع الشرايين والأوردة والأعصاب، ليتمكن من فحص وتشخيص مشاكل المرضى ومن ثم علاجهم؛ لذلك تتطلب معظم المواد الدراسية بكليات الطب جانبًا عمليًا في المعمل أو المشرحة. وأضاف: "لسنا جزارين أو متعايشين مع الدماء كما يتصور البعض، وهناك كابوس يُطارد معظم طلاب الطب منذ تطأ أقدامهم مبنى الكلية يتمثل في أول دروس التشريح، حيث يتطلب الأمر الالتفاف حول جثة في درس عملي ينتهي بسقوط عدد كبير من الطلاب الحضور فاقدي الوعي". بالتدريج نتعود على مشاهدة الجثث والتعامل معها بشكل أخلاقي، فهي جثة إنسان انتهت حياته فيما بات جسده وسيلة لإنقاذ حيوات أخري".

إعلان

معادلة صفرية
ما بين أول دروس التشريح العملية داخل مبنى الكلية وبدء اتجاه الطلاب للحصول على جثة بشرية أو هيكل عظمي لاستكمال الدروس العملية، رحلة طويلة، تبدأ بنقص الإمكانيات، وعدم تناسب أعداد الطلاب مع عدد الجثث المتاحة في مشرحة ومعامل الكلية، وصولاً إلى سوء حالة الجثث والهياكل العظمية المخصصة للدراسة بسبب التقادم وكثرة الاستخدام. النتيجة الطبيعية لذلك لجوء الطلاب إلى طرق أخرى حتى لا ينتهي الأمر برسوبهم. هنا يظهر الحل في صورة أحد العاملين في المعمل أو المشرحة، حيث يعرض على الطلاب تزويدهم بما يحتاجونه إما بتسهيل دخولهم في غير أوقات الدراسة والعمل الرسمية، وتجهيز ما يحتاجون للدراسة من جثث، أو بتوفير بدائل يمكنهم الدراسة عليها في المنزل، مقابل مبالغ مالية كبيرة، حسب إفادات الطلاب الذين تحدثنا معهم.

يقول مصطفى ناجي: "كان الوضع صعبًا في أول امتحان تشريح، الوقت ضيق وكنت بحاجة للمراجعة العملية، فعرض عليّ عامل المشرحة توفير ما أحتاج وفتح المشرحة أمامنا ليلًا، مقابل 2000 جنيه، وهو مبلغ كبير جدًا وقتذاك، فاتفقت مع عدد من زملائي وجمعنا المبلغ فيما بيننا، وبالفعل فتح لنا العامل المشرحة وأنهينا ما كان ينقصنا". مصطفى الذي بات في السنة النهائية بكلية الطب الآن، أشار إلى أن هذا الأمر لا يفلح دائمًا لأسباب مختلفة، ما نضطر معه لتوفير بدائل أكثر عملية، مثل الحصول على هيكل عظمي، أو أجزاء منه، لتستمر معنا، وقد نتداول أجزائه فيما بيننا بالتناوب".

يشير ناجي إلى أن الأمر ليس بالسهولة التي يبدو عليها، مع ما يمثله وجود عظام أو أجزاء بشرية في منازل الطلاب من إزعاج ورهبة في نفوس الأهل، لذلك يلجأ البعض إلى العمل على النماذج التعليمية الصناعية، وهي جثث كاملة أو نصفية، أو هياكل عظمية وأعضاء مصنوعة من مواد مثل الفايبر والبورسلين ومخصصة لدارسي الطب، لكنه يقول في الوقت نفسه أن ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، وعدم محاكاتها الجثث والهياكل البشرية تمامًا يجعلان حائزيها في حاجة للمراجعة لمرة نهائية - على الأقل - على جثة بشرية.

إعلان

اتفق مع ذلك الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء المصرية، مؤكدًا إن البدائل التعليمية الصناعية غير مجدية تمامًا بالنسبة لطلاب كليات الطب، إذ تستلزم دراستهم لمادة التشريح التعامل مع عظام بشرية حقيقية، فهناك تضاريس طبيعية دقيقة جدًا وتفاصيل مهمة في الجماجم البشرية - على سبيل المثال - لا يمكن أن تتوافر بالجماجم والعظام الصناعية وإذا توافرت في جمجمة أو هياكل عظمية صناعية ستكون أسعارها فلكية".

أما البدائل الرخيصة والمطروحة بالأسواق للطلاب، فيقول عنها الطاهر: "دي مجرد شكل جمجمة، يلعب بيها الأطفال ويخوفوا بعض، إنما مش جمجمة لدراسة طالب في طب، علشان أدرس طب لازم أدرس كل تفصيلة وأشوفها بعيني، غير كده إحنا بنعرّض المريض للأذى". وفسر "الطاهر" هذا الأمر قائلاً "مش هانحط راسنا في الرمل"، الطلاب بيشتروا الرفات بشكل غير قانوني وأساليب غير مشروعة، والكليات لن تستطيع توفير البدائل عالية الجودة، ما يضعهم أمام بديل وحيد وهو شراء تلك الرفات أو الهياكل العظمية، لأن البديل هو الرسوب".

ومن الناحية العلمية، قال "الطاهر": دراسة مادة التشريح ضرورية ليعرف طالب الطب التشريح الدقيق لجسم الإنسان. يجب أن يعرف عن كل عضلة في جسم الإنسان، وأن يعرف أنه داخل هذه العضلة يمر عصب ما بشكل وطريقة محددين، فيما يمر وريد رئيسي من المنطقة اليمنى من العضلة بينما يمر شريان من وسطها، وهذه الأمور الحساسة والدقيقة في الدراسة يصعب تدريسها على جثث (موديل)، وإلا سيتخرج الطالب وقد تدرب بشكل خاطيء، ما سيؤدي بالضرورة إلى قيامه بعلاج المرضى بشكل خاطيء".

وأوضح أمين عام نقابة الأطباء أن البدائل الصناعية التي يمكن الاعتماد عليها نسبيًا غير متوافرة في مصر، وأسعارها مرتفعة جدًا، وقد تكلف الطالب الواحد ما يقارب من مليون جنيه مصري لشرائها، وهو أمر خارج عن إمكانيات جانب كبير من الطلاب. وقال إن الكليات تعتمد على جثث مجهولي الهوية، التي كانت تودع بـ "مشارح المستشفيات"، ولكن أعداد تلك الجثث لا يكفي عدد الطلاب المسجلين بكليات الطب البشري، ولهذا لا يوجد أمام الطلبة إلا الطريق غير الشرعي.

إعلان

ارتفاع أسعار النماذج التعليمية للهياكل العظمية والمجسمات البشرية لا يعني أن البديل رخيص، ولكنه أقل تكلفة بكثير، إذ يشير متوسط أسعار الهياكل العظمية وأجزائها إلى مبالغ ليست بالقليلة كذلك على ميزانيات طلاب في مرحلة الدراسة. تقول غدير على، طالبة بكلية طب عين شمس: "الهيكل العظمي كاملًا يتراوح بين 10 آلاف و20 ألف جنيه، فيما تتراوح أسعار الأجزاء العظمية بين 500 جنيهاً، وحتى 5 آلاف جنيه، حسب الأهمية وسهولة التوافر (عظام اليد والساعد الأقل سعرًا والجماجم الأعلى)". أما طرق الحصول على الأجزاء العظمية فتقول عنها: "هناك 4 طرق للحصول على العظام، أكثرها انتشارًا عن طريق العاملين في المقابر، بالإضافة العاملين بمشرحة زينهم (المشرحة الأكبر في مصر)، أو عن طريق العاملين بمشرحة الكلية، ويتم في الأخيرة استعارة العظام من أحد الطلاب الذين انهوا الدراسة بالسنتين الأولى والثانية بالكلية.

داخل المشرحة
نجحنا في الحصول على صور من داخل مشرحة كلية طب عين شمس، إحدى أعرق كليات الطب في مصر (أنشأت عام 1947) حيث وثقنا بالفيديو حال الجثث المخصصة للدراسة، والتي بدت مهترئة أقرب للمومياوات الفرعونية منها لجثث الدراسة البحثية، حيث أكد لقطات حصلت عليها "VICE عربية" تحلل الجثث الموجودة بالمشرحة بصورة أكد معها الطلاب صعوبة الدراسة عليها. فيما قال طلاب إن الكلية يتبعها عدة مشارح تضم ما بين 20 و30 جثة، بعضها مكتمل والبعض الآخر مقسم إلى أجزاء ومحفوظ في مادة الفورمالين.

وعلّق سمير محمد، طالب بالفرقة الخامسة بكلية الطب جامعة عين شمس، على حال الجثث المحفوظة بقسمي التشريح والطب الشرعي بالكلية، قائلًا "نعاني من محدودية عدد الجثث البشرية المتاحة بثلاجة الكلية، إن لم تكن غير موجودة بالمرة. وقال سمير إن عدد الطلاب في السيكشن الواحد حوالي 150 طالب، يتم تقسيمهم إلى 3 مجموعات، كل مجموعة يفوق عددها 40 طالب، ويكون أمام كل مجموعة أستاذ دكتور يقوم بالشرح، وبالطبع لا تكون عدد الجثث الموجودة بمشرحة الكلية ليرى جميع الطلاب ما يقوم الأستاذ بشرحه، على جزء واحد من أجزاء الجثة. وأضاف: "بنضطر نطلع على ترابيزات الجثث علشان نشوف، الجثث كتير لكن عدد الطلاب أكتر بكتير، علشان تشوف فعلاً محتاج يكون كل 10 طلاب أمام جثة واحدة".

إعلان

أما البديل المتاح أمام طلاب الطب فهو "الكورسات"، وهي "دورس خصوصية مخصصة لطلاب كلية الطب، وتتم داخل منشآت تعليمية غير رسمية تسمى بـ"مراكز الدورس"، أو "السنتر". ووفقًا لحديث الطالب يقوم الأستاذ الجامعي بإحضار أجزاء الجثة التي سيقوم بالشرح عليها إلى المركز، ويتيح العدد المحدود للطلاب المشاركين في "الكورس" أن يرى جميع الطلاب الشرح الذي يقوم به الأستاذ على أجزاء الجثة.

ويتابع سمير: "في عاميّ الدراسة الأولين يطلب جميع الأساتذة بالكلية من الطلاب أن يقوموا بالاستذكار على العظام التي يملكونها: "الدكتور بيقولنا كل واحد يذاكر على عضمه"، ويفسر مضيفًا " في السكشن الخاص بأجزاء الجثة، يضطر الطلاب جميعًا للالتزام بالحضور والتركيز ومحاولة الوصول لمكان يسمح لهم بزاوية رؤية واضحة للجثة، لأنهم جميعًا لن يستطيعوا إعادة ذلك على جزء من جثة بشرية بسهولة، أما ما يخص الاستذكار على العظام، فلا يمثل صعوبة؛ إذ يمتلك جميع الطلاب عظامهم الخاصة. ويضيف “أي حد في طب عنده "عضم"، السنة الواحد بيكون عندنا من 2000 إلى 3000 طالب بالكلية، لازم كلهم يكونوا كلهم عندهم "العضم بتاعهم"، وفي "السكشن" يُسأل الدكتور (المدرس الجامعي) "عضمك فين؟"، فيقوم الجميع باستخراج العظام التي يملكونها. سألنا طالب الطب إن كان أساتذة الكلية يسألونهم عن مصدر حصولهم على العظام، فقال: "الدكتور مش هايفتح معانا تحقيق علشان يعرف جبنا العضم منين، هو مش مهتم أصلًا وكل طلاب الكلية عندهم العضم بتاعهم".

لم يختلف الأمر كثيرًا في مشرحة كلية طب قصر العيني، أول وأكبر كلية طب عربية، حيث يرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1827، من حيث الجثث المهترئة نتيجة لكثرة الاستخدام والتشريح طوال سنوات، ولمحدودية عدد الجثث مقارنة بالطلاب الدارسين. تقول "هبة هاني"، خريجة كلية طب القاهرة - قصر العيني عام 2017، إنها تلقت دروس التشريح بمشرحة الكلية، ومشرحة مستشفى قصر العيني الجامعي (تتبع كلية الطب)، مشيرة إلى أن مشرحة الكلية كان تضم حوالي 6 جثث، فيما كان عدد الجثث في مشرحة المستشفي متغيرًا. وتصف "هبه" حالة الجثث المخصصة للتشريح بقولها: "حالة الجثث سيئة جدًا، حيث مر عليها عدد كبير من السنوات، لمدد تتراوح بين 4 و 5 سنوات". وقالت إن طوال فترة دراستها بالكلية لم يتم تغيير تلك الجثث، مضيفة أن الجثث يتم تجزئتها طبقًا لمراحل الدراسة، وتوزيعها على قوارير حفظ مختلفة، حيث يوضع الجزء العلوي ( الكتف والرأس) في جانب، والزراعين، والأحشاء، والجزء السفلي، كل في قارورة منفصلة.

إعلان

وعلى الرغم من سوء حالة كليتي الطب الأقدم والأشهر في مصر، يبدو أن طلابهم أفضل حالًا من حال طلاب كلية الطب بأسوان (افتتحت عام 2014)، حيث لا يوجد بمشرحة الكلية إلا جثة واحدة مخصصة لدروس التشريح، فيما تمت الاستعاضة عن الأجزاء المخصصة للدراسة بـ "موديل" صناعية نتيجة لنقص الإمكانيات. وتقول ماجدة، طالبة بالكلية، إن مسؤولي الكلية يتعاملون مع الجثة بحذر شديد لأنها الوحيدة المتاحة، حيث لا يتم أداء الامتحانات العملية عليها، بسبب طول مدة حفظها واستعمال مادة الفورمالين والكحول عليها بكثرة، فيما تخشى إدارة الكلية أن يتسبب أداء الامتحانات العملية على الجثة الوحيدة التي تمتلكها الكلية في ضرر يمنع التدرس عليها.

الكليات الخاصة.. سيناريو مكرر
ولا يختلف الوضع كثيرًا في بعض كليات الطب الخاصة التي يدرس طلابها مُقابل مصروفات مرتفعة مقارنة بالكليات الحكومية، إذ أفاد طلاب كلية الطب بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن مشرحة الكلية تحتوي على 10 جثث. وتقول مني، إحدى طالبات الكلية، إن عدد الطلاب الدفعة التي تدرس بها حوالي 400 طالب، وأن عدد الجثث لا يكفي للدراسة، حيث يتم تدريس المواد العملية على جثتين، ويتم تأدية امتحان العملي على جثتين أخريين. وتضيف: تقدمنا بشكاوى عديدة لإدارة الجامعة لعدم كفاية الجثث، فبعد فترة من حفظ الجثة بالفورمالين، ومع تعامل الطلاب مع الجثة أثناء التدريب العملي والشرح، تهترئ الأنسجة وتتساقط عن الجثة، بسبب طول مدة حفظها..

ووفقًا لحديث"غادة" فالوضع في الجامعات الخاصة أفضل كثيرًا من الجامعات الحكومية، حيث قالت: "سكشن التشريح في كليتي لا يزيد عن 30 طالب، وترفع الجثة من حوض الفورمالين وتوضع على منضدة مصنوعة من الستانليس ستيل، تتوسطها فتحة تتخلص من بقايا الفورمالين والسوائل المتساقطة من الجثة". وأضافت: "مع هذا العدد يضطر الطلاب للتدافع للوصول إلى أفضل زاوية رؤية للشرح. لكن في جميع الأحوال يُضطر معظمنا إلى حضور الدروس الخصوصية لدى أساتذة الجامعة". وتشير "غادة" إلى قيام الأساتذة بتوفير جثث للدراسة في هذه المراكز، عن طريق نقلها من مشرحة الكلية في أحواض مملوءة بالفورمالين إلى مركز الدروس، ثم إعادتها عقب انتهاء الدرس، وقالت إن بعض الطلاب يلجأون إلى نفس الحيلة، بعد دفع مبلغ مالي لعامل المشرحة، ثم نقل الجثة إلى منزل أحدهم، لكنها قالت إن من يمكنهم المخاطرة بمثل هذا التصرف جانب قليل من طلاب الكلية "الذكور عادة"، فيما يبقى حضور الدروس الخصوصية البديل الآمن للفتيات.

إعلان

أما سماء، الطالبة بكلية طب الأسنان بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، فقالت إن مشرحة الكلية توفر لطلاب طب الأسنان جثث بشرية حقيقية، يتم تقسيمها إلى جزء علوي يحوي الرأس والكتفين، وجزء الأحشاء ويحوي البطن، وجزء سفلي ويحوي الحوض والقدمين. وأضافت أن طلاب كلية طب الأسنان بالكلية يدرسون فقط على الجزء العلوي الخاص بالرأس، حيث يتعرفون خلالها على تفاصيل الوجه البشري الذي سيتعاملون معه بعد عملهم، معلقة "علشان نعرف مواضع وكيفية الحقن لتخدير المرضى وتركيب وتشريح عظام الفك".

لا يهتم طلاب كلية طب الأسنان بشراء عظام الجزء السفلي من الجسد البشري، حيث أوضحت سماء أنها استعارت فقط الجمجمة البشرية من أحد الطلاب، ولم تسأله عن مصدرها، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى قيامها بشراء "أسنان وضروس" يشترط أن تكون بشرية حتى تتمكن من أداء الامتحانات العملية. "نتوجه لبعض المحال التي تتخصص في بيع الأسنان والضروس لطلاب كلية طب الأسنان، وهي محال متخصصة في بيع الأدوات التعليمية لطلاب الطب". وأضافت: "جميع الأستذة يعلمون أننا نشتري الأسنان والضروس البشرية، وفي الامتحانات قد يرسب الطالب الذي لا يستطيع شراء أسنان وضروس، أو يشتري أسنانًا وضروسًا غير سليمة".

مدافن مؤقتة أحيانًا
انتقلنا لمعاينة مقابر في عدة مناطق بالقاهرة والإسكندرية، حيث المصدر الأكبر للجثث والهياكل العظمية، حسب شهادات المصادر التي تحدثنا معها. تتنوع أشكال المقابر في مصر، حسب الموقع الجغرافي، حيث تبني مقابر القاهرة الكبرى (محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية) على طراز غرف الدفن الأقرب للنمط الفرعوني. حيث تتكون المقبرة من غرفتين أو ثلاثة غرف للدفن، تخصص إحداهما للرجال والأخرى للنساء، فيما تسمي الثالثة - حال وجودها - بـ "العضامة"، وتنقل إليها عظام الموتى بعد أن تمتلئ غرف الدفن الرئيسية بها. أما مقابر الوجه البحري المتعارف عليها في الإسكندرية وجانب كبير من مدن الدلتا فتتكون من قبوة، أو غرفة إسمنتية تتراوح بين ثلاثة أمتار طولًا ومترين عرضاً، يدفن داخلها المتوفى على سطح الأرض، وتفتح من الجانب الأصغر "رأس القبر" عن طريق فض الأتربة والطوب اللبن" لفتح المقبرة، ثم إعادة "رص الطوب" لغلق باب المقبرة بعد إنهاء عملية الدفن.

إعلان

“معظم سرقات الجثث تستهدف مقابر مجهولي الهوية، بالإضافة إلى الجثث التي يتم إيداعها في مشارح الكليات"، هكذا تحدث سعد، اسم مستعار لأحد العاملين بالمقابر، عن الأهداف الأسهل لـ "نابشي المقابر". ويضيف: "نُسمي تلك المقابر بـ (المقابر الزفرة) وهي تتبع وزارة الداخلية، ويُدفن بها ضحايا الحوادث الذين لم يتم الاستدلال على ذويهم، فيتم حفظهم بمشرحة زينهم ثم دفنها أو إيداعها بمشرحة إحدى الكليات، حسب حالة الجثة. وقال إن من يقومون بنبش القبور هم في الغالب هم بعض العاملين بالمقابر "التُرَبيّة"، وهؤلاء نطلق عليهم اسم "تُرَبيّة شِمال"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الأمر ليس بالسهولة التي يبدو عليها، بعد تشديد الرقابة على مناطق المقابر، على خلفية تعدد سرقاتها، ونتيجة لسكنى جانب ليس بالقليل منها بمن يُصطلح على تسميتهم بـ "سكان المقابر"، حيث يكتشف هؤلاء في كثير من الأحيان محاولات نبش القبور وسرقة الجثث والهياكل العظمية.

اتفق مع ذلك حسين، اسم مستعار لأحد نابشي القبور، مؤكدًا أن سرقة الجثث كاملة لم يعد بالشكل الذي كانت عليه بالسابق،مع تشديد الرقابة على المقابر، فأصبح طلاب الكليات يبحثون عن عظام فقط تقليلًا للمخاطر. وقال سعد أن أسعار العظام أًصبحت مرتفعة جدًا، فالجمجمة وحدها قد تتجاوز الـ4 آلاف جنيه، وعظام الذراع بالمرفق تصل إلى 5 آلاف جنيه، حسب حالتها، فيما قد يصل سعر الهيكل العظمي إلى ما يقارب الـ 50 ألف جنيه. وأشار إلى أن اللصوص غالبًا ما يختارون فتح المقبرة بعد حوالي شهرين من الدفن، ليضمنوا سلامة حالة الهيكل العظمي وتماسكه؛ إذ يؤدي كثرة فتح وغلق المقابر إلى تحلل العظام وتحولها إلى ما يشبه التراب، ولكن غالبًا ما تبقى عظام الجمجمة لسنوات طويلة.

إعلان

لا يرى نابش القبور الشاب ما يقوم به مشينًا إلى الدرجة التي يبدو عليها الأمر، مستندًا إلى إنه لا يُضر بأحد، على العكس يساعد طلاب الطب على إتمام دراستهم ويستفيد من ذلك، بينما لا يتضرر الموتى من الأمر في شئ "ما هو كده كده ميت"، يبرر "حسين"، ويضيف: "المثل بيقول الحي أبقى من الميت، وإحنا مش بنساعد (حي) واحد بس، لكن أحياء كتير، طلاب وعيانين ووسطاء، الكل بيستفيد ومحدش بيشتكي".

وحول أوقات استخراج العظام من المقابر يقول "حسين أحمد"، اسم مستعار لأحد نابشي القبور بترب الإمام، فقال أن الوقت الأمثل لاستخراج الجثث، يبدأ من الثالثة فجرًا وقبيل الشروق، حيث لا يمر أحد بالمقابر، وأضاف"حسين" أن المقابر التي يتم نبشها هي المقابر القديمة، والتي مر على فتحها سنوات عدة، ولا يقوم أصحابها بزيارتها، مضيفًا أن عملية استخراج العظام من الترب لا تستلزم أكثر من ساعة واحدة، ولا يبحث خلالها عن عظام محددة، بل يستخرج العظام من التربة ويضعها داخل جوال ثم يسلمها للطالب داخل المقابر.

وتتراوح أسعار الهيكل العظمي كاملًا بين 6 آلاف جنيه ويصل إلى 10 آلاف جنيه، حسب حالته، فيما تباع الجمجمة بما يتراوح بين 3 و 5 آلاف جنيه. وأشار "حسين" إلى أن عملية استخراج العظام من المقبرة تستلزم الانتظار بعد الدفن لـ 3 أشهر على الأقل، لتنتهي عملية تحلل الجسم لتتبقى العظام فقط.

يُعاقب نابشي القبور وفقًا لمواد قانون مكافحة الاتجار بالبشر، حسب تأكيد المحامي الحقوقي أحمد عبد اللطيف، الذي أوضح أن عقوبة نابشي القبور بغرض السرقة وفقًا للقانون تتراوح ما بين الحبس لمدة 5 سنوات وحتى السجن المؤبد (الحبس مدة 25 عامًا)، لكل من يرتكب مثل تلك الجرائم. أما عن مسؤولية الطلاب، فأكد عبد اللطيف أنه معرضين لنفس العقوبة باعتبارهم شريك في الجريمة (ما بين 5 سنوات و25 سنة) حسب تقدير المحكمة.

إعلان

البديل مرفوض لاعتراض الأزهر
من جانبه، طالب إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، بضرورة وجود تشريع قانون لتنظيم آلية لنقل جثث ناقصي الأهلية والتبرع بالجثث والأعضاء بعد الوفاة لصالح المرضى والبحث العلمي، وهو الاقتراح الذي أجمع عليه طلاب الطب، لحمايتهم من التورط في مشاكل قانونية خلال رحلة بحثهم عن بديل للجثث والهياكل العظمية، لكن محاولات إقرار قانون مثل ذلك أجهضت في المهد مع قانون آخر متعلق بالتبرع بالأعضاء، لاعتراض مشيخة الأزهر على المبدأ لأسباب فقهية، حسب ما تأكيد النائب إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة بالبرلمان المصري، والتي قالت "قانون نقل الأعضاء كان المستهدف منه إنقاذ حياة إنسان يعاني مرض ما، وهي فكرة موجودة في جميع دول العالم، لكن القوانين المصرية ملتزمة لمرجعية التشريع، فالمصدر الوحيد للتشريع هو الشريعة الإسلامية، لذا فقد أفضى رفض مشيخة الأزهر لقانون نقل الأعضاء إلى موت مشروع القانون تمامًا".

أما البديل المطروح أمام طلاب كلية الطب للدراسة دون الاضطرار لمخالفة القانون واللجوء لطرق غير مشروعة للحصول على جثث أو عظام، فيقول عنه إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء: "الحل يكمن في خيارين لا ثالث لهما، الأول وهو إقدام أشخاص أحياء على التبرع بأجسادهم بعد الوفاة لصالح البحث العلمي، وهو أمر بالغ الصعوبة في مصر ويحتاج لتوعية حتى يتقبل المتبرعين المفترضين بالفكرة. أما البديل الآخر فهو إقرار ميزانيات حقيقية لكليات الطب، لتوفير الجثث بشكل شرعي عن طريق استيرادها من الخارج من بعض الدول التى تمتلك منظومة قانونية تسهل عمليات التبرع وتجهيز الجثث لأغراض البحث العلمي، مثل الصين وألمانيا. وعلق قائلاً " إذا كنا عاوزين نعمل دراسة طب بجد، وبحث علمي بجد، لازم نعرف إن دي أشياء مكلفة تكاليف ضخمة، ولازم الدولة توفر ميزانيات للجامعات لتستطيع توفير الجثث للطلبة بشكل شرعي".

بدائل عربية
تبقى ظاهرة سرقة جثث الموتى ظاهرة مصرية بامتياز؛ إذ لم تسجل أي حالات مماثلة في الدول العربية التي لا يمتلك معظمها آلية قانونية لتخصيص جثث الموتي لكليات الطب، أو تبرع الأحياء بجثثهم بعد الوفاة، لكنها توفر الجثث عن طريق استيرادها من الخارج، وبأعداد تتناسب وأعداد الطلاب، ما يغلق الباب أمام أي محاولات لخلق سوق مواز لتجارة الجثث والهياكل العظمية البشرية؛ ففي المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، تستورد كليات الطب الجثث من الخارج، الصين على وجه التحديد، والتي تعد المصدر الأول للجثث التعليمية في المملكة، حسب الدكتور طلال إكرام، مدير الطب الشرعي والوفيات بصحة جدة سابقًا، والذي أكد أنه يتم التخلص من الجثث أو الأجزاء البشرية بعد الانتهاء من الدراسة عليها بطرق شرعية.

وحسب تصريحات سابقة للدكتور عبد المنعم الحياني، أستاذ تشريح العصب في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز رئيس قسم التشريح سابقًا، تحتاج كل كلية طب في المملكة 20 جثة بشرية تعليمية تقريبًا، وأوضح أن طرق الحصول على تلك الجثث لاستخدامها في المجال العلمي يكون من قبل المنظمات التي تعنى بتدريس التشريح والاهتمام به وفقًا للضوابط والشروط المتعارف عليها حيث تتكفل هذه المنظمات بتوفير متبرعين؛ ولذلك تكون التكلفة بسيطة جدًا، وتتمثل في تكلفة الشحن والتكلفة الإدارية، وكشف أنه يتم الحصول على هذه الجثث وعلى العينات البشرية بطرق نظامية وأخلاقية، حيث لا تؤخذ العينات إلا بعد موافقة الأهل. وأشار إلى أن آلية التعامل مع تلك الجثث تتم عبر اتفاقيات أخلاقية تتعهد فيها الجهات العلمية بحفظ كرامة الإنسان واحترام العينات، ومن ثم دفنها بطريقة لائقة بعد الانتهاء من تشريحها بالتنسيق مع الجهات المختصة، كالأمانات والشرطة، ومن ثم يرسل تقرير من قبل الجامعة إلى الجهات الموردة للجثث.

أما ضوابط واشتراطات جلب واستخدام الجثث التعليمية في دولة الكويت فقال عنها الدكتور وليد محمد رنو، الأستاذ المشارك بقسم التشريح بكلية الطب جامعة الكويت، في تصريحات صحفية: "نحصل على الجثث في جامعة الكويت من ألمانيا، حيث نتعامل مع شركات هناك ولديهم معهد خاص للتشريح وتجهيز الجثث، ونستطيع أن نستورد جثثًا كاملة أو أعضاء مُشرحة ومحفوظة بطرق علمية سليمة». وقال: "في كل عام نوفر من 12 الى 15 جثة، وتشرح من قبل طلبة الطب، والدراسات العليا، وطالب الماجستير لدينا لابد أن يشرح الجثة كاملة، كي يحصل على شهادة الماجستير"، موضحًا انه "يتم تشريح الجثة، بمعنى أن يدرس الطالب تفاصيلها الدقيقة، وتكون أمامه جثة كاملة لا قطع فيها، ويبدأ بالتشريح بطرق علمية، وخطوات مدروسة ومعلومة". وأشار الدكتور وليد رنو الى أن الجثث تأتي من أماكن ومعاهد خاصة لا تقبل الا بالجثث التي وافق أصحابها وأهلها على التبرع بها لخدمة العلم والعلماء، وعلى سبيل المثال هناك عقد ضمن رخصة القيادة الخاصة بالمرور في أميركا يقضي بالتبرع بالأعضاء في حال وفاة السائق بحادث مروري.

حاولنا التواصل مع مسؤولي عدد من كليات الطب المصرية، حكومية وخاصة لمعرفة آلية حصولها على الجثث المخصصة حاليًا للدراسة، وأعدادها، ومدى تناسبها مع أعداد الطلاب، لكن طلبنا قوبل بالرفض، فسألنا عدد من الطلاب حول مصدر الجثث والعظام الموجودة بالكلية، فاتفقت إجاباتهم على إنه هناك مصدرين رئيسين، الأول هو الجثث مجهولة الهوية التي تستقر في مشرحة الكلية وتستخدم في دروس التشريح حتى تبلى فتستخدم عظامها، والثاني جثث من تم تنفيذ أحكام الإعدام فيهم، بعد أن تمر بنفس الدورة.

لكن القانون وإجراءات عملية تنفيذ الإعدام تنفي صحة الجانب المتعلق بجثث المدانين المنفذ فيهم الأحكام، حيث تتولى السلطات مسؤولية دفن الجثة، إذا لم يكن هناك من يتسلمها من ذوي المدان. وتنص المادة 1456 من قانون العقوبات المصري على أن "تدفن الحكومة على نفقتها جثة من حكم عليه بالإعدام ما لم يكن له أقارب يطلبون القيام بذلك ويكون الدفن بغير احتفال ما".

وحول تخصيص جثث مجهولي الهوية لكليات الطب، قال الدكتور هشام عبد الحميد، كبير الأطباء الشرعيين والمتحدث الرسمي باسم مصلحة الطب الشرعي بمصر، أن المصلحة لا تتدخل في إجراءات تخصيص جثث مجهولي الهوية أو أية جثث، بل إنه دور تقوم به النيابة العامة. أما عن دراسة الطب الشرعي، فقال "عبد الحميد" يتم تعيين الطلاب بعد تخرجهم بمصلحة الطب الشرعي، ويقوم بعمله كاملًأ داخل مصلحة الطب الشرعي، ولا دخل للمصلحة بعملية الدراسة للطلاب، معلقًا "أنهيت دراسة الطب منذ عام 1981، ولا أعلم كيف يقوم الطلاب بالدراسة العملية في مواد التشريح حاليًا".

تم تغيير جميع أسماء طلاب الطب الواردة في التحقيق بناء على طلب أصحابها

Tagged:مصر